الشهيد الحاضر

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 27 حزيران 2008 الكاتب:حسن قبلان

نعيش اليوم ذكرى علم من أعلام الجهاد والعلم في دنيا الإسلام، رجل حفر اسمه عميقا في وجدان شعبنا اللبناني، فأبى الرحيل دون ان يحتل الموقع المتقدم بين الأشخاص الأكثر تأثيرا في بلادنا وأمتنا.
بفخر عظيم نكتب اليوم للثائر المسلم، والعابد العرفاني والرجل الذي باع جمجمته إلى الله وأعطى اعز ما يملك في سبيل المحرومين، مؤمنا بأن الحياة ليست الا جبهة مفتوحة بين الحق والباطل. نحيي ذكرى الشهيد القائد الدكتور مصطفى شمران.. وهو علم استظل به جيل كامل من الشباب اللبناني الذين لبوا نداء الإمام المغيب القائد السيد موسى الصدر، يوم دحض الإمام الصدر ورفيق دربه الشهيد القائد الدكتور مصطفى شمران المقولات اليائسة وخاضا المغامرة التي كان نجاحها ضربا من المعجزات.
تجربة إطلاق المقاومة الشعبية المسلحة ذات البعد الإيماني والالتزام الإسلامي في مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة فكانت أفواج المقاومة اللبنانية "أمل" التي أعدها ودربها الشهيد القائد الدكتور مصطفى شمران، وقاد مجموعاتها وأقام كمائنها وخاض بها أروع ملاحم المواجهة مع العدو الصهيوني على محاور جبل عامل حدود فلسطين في الطيبة ورب ثلاثين ومارون الرأس وشلعبون وبنت جبيل يوم كان العالم العربي أنظمة وأحزابا وتنظيمات تهوي سريعا إلى قاع مشاريع التسويات والاستسلام. واليوم نرى ان البذار الذي زرعه الشهيد القائد الدكتور مصطفى شمران مع الإمام السيد موسى الصدر قد أينع ملحمة الانتصار الوحيدة واليتيمة في الصراع مع إسرائيل. فهؤلاء الذين حرروا الأرض هم الذين تربوا على يد شهيدنا الخالد القائد او أولادهم. إننا في استعراض لبعض صفات هذه الشخصية الفذة، نرى ان الشهيد القائد الدكتور مصطفى شمران قدم الانموذج والتجربة الحية لما يجب ان يكون عليه المثقفون المسلمون فهو.. الأكاديمي العالي المستوى والذي وصل إلى أهم المراكز العلمية والذي كان يستطيع ان يعيش في بذخ ورخاء وجاه، في حياة دعة واستكانة.. لكنه رفض كل مباهج الدنيا وانطلق في مسيرة جهادية مع المحرومين والمهمشين والأيتام في لبنان. عاملا على تنظيم الصفوف والتواصل وتأمين مستلزمات النضال للكثير من الثوار في إيران من أبناء الثورة العظيمة التي أطلقها إمام الأمة روح الله الخميني "قدس سره" ضد أعتى أنظمة الجور والتبعية للاستعمار الغربي في منطقتنا، فأعطى الشهيد القائد شمران الثورة كل ما تبقى له من العمر. فكان القائد الذي نال ثقة الإمام الخميني "رضوان الله عليه" فأوكل إليه المهام الجسام... فكما في لبنان كذلك في إيران كان القائد الذي يتقدم الصفوف، قمر الجبهات الذي يحث الرجال ويقودهم ويزرع في "خونين شهر" ملاحم الشهادة والانتصار لتبقى خالدة على مر الزمن.. القائد الدكتور مصطفى شمران يعلمنا ان موقع المثقف والأكاديمي المسلم هو في خوض الجهاد والعيش بين شعبه والذوبان في خدمة المحرومين ، وليس العيش في الصالونات والغرق في الترف الفكري، أليس هو القائل: "أنا غبار أحذية الفقراء..."
الشهيد القائد مصطفى شمران هو التجربة النقيضة لما يعانيه واقع المثقفين في بلادنا الذين ينسحبون من المعارك عندما تقع، من ثم يأتون لسرقة الانتصارات وعطاءات الدم بعد انتهاء هذه المعارك... في تجربة الشهيد القائد الدكتور مصطفى شمران، نقرأ تجاوز العصبيات والقوميات، فكان بحق الثائر المسلم العابر للقوميات وللحدود من إيران إلى مصر إلى لبنان إلى سوريا والى كل موقع كان يشعر به ضرورة ان يكون موجودا. وهو التطبيق الحي لمقولة "كل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء" فعمل على بث الوعي الإسلامي والثوري فوق كل شبر تطأه قدماه... ففي كل قرية ومدينة في لبنان تجد أشخاصا يقولون بتفاخر علمنا القائد مصطفى شمران.. دربنا وثقفنا القائد الشهيد مصطفى شمران..
الإسلام والثورة المباركة التي قال قائدها عند زيارة وفد "حركة أمل" إلى إيران مع الشهيد القائد شمران: "أتيتموني بأغلى الهدايا" أي الشهيد القائد شمران... وطلب منه البقاء لخدمة الثورة وتحصين النصر. باستشهاده ربح الثوريون والمجاهدون المسلمون مثالا يحتذى وقدوة تسير على هدي أدائها مواكب المجاهدين في كل بلاد الإسلام.. وخسر المسلمون رجلا لو أطال الله بعمره أكثر لقدم من النماذج الحية والممارسة والسلوك الأمثلة الأروع، ولعلم أكثر الكوادر السالكة في درب ذات الشوكة أسرار العشق الإلهي والذوبان في الإسلام المحمدي الأصيل... الأخ القائد الشهيد شمران.. نم قرير العين فالجنوب اللبناني وكل حبة تراب من جبل عامل وأخوتك وأبناؤهم الذين دربت وأعددت في "حركة أمل" مع الإمام السيد موسى الصدر يحفرون على شغاف القلوب اسمك... والعهد هو ان نبقى كما كنت تريد، طليعة المقاومين للمشروع الصهيوني... وغبار أحذية الفقراء.

source