انطباعات حول الحركة العلمية في ايران والعراق

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 29 كانون الأول 1965 الكاتب:موسى الصدر

 

محمد قره علي
من نعم الله سبحانه على لبناننا أن ينتظم كل أبنائه في مواسم أفراحهم الدينية والوطنية بروح من الإلفة والمودة والأخوة وصلة الرحم ومواساة الضعفاء والمتعبين. ولا أحسب أنّ لبنانياً واحداً يجهل أن بقاء وطنه رهن بهذه الأخوة وهذه الروح التي تسوده وخصوصاً متى جعل همه المحافظة على قيمته الروحية وسمته الأخلاقية بعيداً عن الكراهية والترف والتبذير قريباً من إنسانيته ووظيفته الصادقة الكريمة.


*ما دمنا في شهر الصيام فما هي نصيحتكم وما هي الواجبات المترتبة على الصائمين؟
- أعتقد أن النبي محمداً صلوات الله عليه في خطبته التي افتتح بها شهر الصيام قد أوضح الجواب حين أكد أن شهر رمضان إنما هو شهر الله سبحانه وأن الناس في ضيافة الله وأنهم أصبحوا مكرمين من الله عز وجل وهذا أجمل توكيد لايقاظ الناس ودعوتهم إلى تأدية الواجب نحو ضيوف الله سبحانه، كما يذكّر النبي الصائمين بتأدية وظائفهم الذاتية من تطهير القلوب وتهذيب النفوس والتعرف على الفقراء والاكثار من صلة الرحم والمحافظة على الأخلاق العامة مع ما يعتري الصائم من ضيق في الخلق واشمئزاز في الطبع.
ثم قال السيد الصدر: لقد أراد الله سبحانه أن يجعل من الصوم محركاً جديداً في إصلاح الفرد وتشديد الروابط الاجتماعية، وأن يكون الصوم دورة تدريبية للروح ودعوة جديدة للتكامل والانتاج والعطاء بعيداً عن الكَلِّ والاتكال والتجهم، كما أحل له الطيبات من الأكل والحديث ليكون بمنأى من العقد النفسية والصغائر التي تتردى فيها النفوس الصغيرة.

*ما هي انطباعاتكم عن زيارتكم إلى ايران البلد الذي ولدتم فيه ونلتم العلم من جامعاته؟
- أول شيء لفت نظري وهزني ما رأيته في مدينة "قم"، التي تعتبر الجامعة المركزية للعلوم الدينية والزمنية، وفي مختلف الجامعات الايرانية من وثبات علمية جديدة يسهم في تطويرها والأخذ بأسبابها نخبة من الشباب الجامعي الايراني على أيدي نخبة من رجال العلوم الدينية والفلسفة الاجتماعية. ولا أحسبكم تجهلون ما لهذه اليقظة الروحية في زمن المادة من أثر بالغ حين يعمل على محاربة مشكلة العصر التي هي ابتعاد عن القيم الروحية واقتراب من الشكوك والمادة!.

ثم قال: لقد رأيت في "قم" مؤسسة جديدة عنوانها "دار التبليغ الاسلامي" مهمتها تهيئة نهضة جديدة تقوم على أسس من الفن الديني والتربوي بما يتفق وروح العصر. وقد اتفقت مع مؤسسها سماحة آية الله شريعتمداري على تخصيص جناح فيها للطلاب الافريقيين بمعاونة المهاجرين اللبنانيين في تلك الديار.

*إن لكم برنامجاً يهدف إلى تعزيز الصناعة اليدوية والزراعة والتربية في لبنان فما هي الخطوات التي خطوتموها في هذا السبيل خلال رحلتكم هذه؟
- إن المؤسسة الاجتماعية التي أسستها جمعية البر والاحسان في صور بالتعاون مع مصلحة الانعاش الاجتماعي ما زالت تهتم بتدريب الشباب العاملين اليدويين وغير اليدويين مما سيكون له أطيب الأثر في عمران المنطقة وخاصة بعد انتهاء مشروع الليطاني.
وبهذه المناسبة يطيب لي أن أقول بأنني وقّعت اتفاقية مع فريق من الخبراء في صناعة السجاد العجمي وأنه لن يمضي وقت حتى يكونوا في "صور" ويبدأون بصنع السجاد. واتفقت مع بعض الخبراء من مزارعي الشاي ممن سيأتون إلى لبنان للتدريب في بعض المناطق الصالحة لهذه الزراعة الحيوية. وإني لأرجو أن أجد من وزارة الزراعة اللبنانية تجاوباً ملحوظاً لتحقيق هذه الأمنية.

*في طريق عودتكم من ايران مررتم على النجف الأشرف في العراق واجتمعتم إلى سيادة المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم الطباطبائي. فما هي انطباعاتكم؟
- ما زال النجف الأشرف يؤدي رسالته على أكمل وجه ومازال يُعنى بتخريج أفواج العلماء والمجتهدين في مختلف الحقول العلمية.
ومما يفرح ذلك السيل من المؤلفات العلمية والأدبية والاصلاحية والتربوية التي يطل بها علماء النجف وأدباؤه على العربية وقرّائها، وشيء آخر، تلك الجامعات والكليات التي تقوم هنا وهناك في دورة كل عام، لقد أحدثت تطورات العلم الحديث انقلاباً شاملاً في مناهج التدريس والتوجيه والتثقيف العلمي المعاصر يوماً فيوماً.
ولقد تشرفت بلقاء سماحة المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم في الكوفة فوجدته ينعم بصحة تامة ومضطلعاً بكل مهامه التي أخذ على عاتقه الأخذ بها والعمل على تدعيمها وتحقيقها والتصدي لكل ما يعترض سبيلها.

source