أخطار النزوح

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 07 نيسان 1978 الكاتب:موسى الصدر
"فوزي..."

*ان طريق التحرير اليوم أن يتحرك اللبنانيون أنفسهم حكومة وشعباً ضد الاحتلال الاسرائيلي.
*ان استمرار المقاومة الفلسطينية في استراتيجيتها السابقة خطأ كبير.
*ان الواجب الاعتماد على السلطة اللبنانية والمقاومة اللبنانية طريقاً للتحرير.
*الفراغ البشري يضع الجنوب على كف عفريت والعودة ضرورة وواجب في مطلق الأحوال.

الذي يلج الى مكتب الامام موسى الصدر هذه الأيام، يكاد يضيع بين جمهور المهجرين الجنوبيين، الذين يؤمون يومياً مبنى المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية، بحثاً عن عون، أو مساندة، أو في أقل الحالات عن "بسمة" من ثغر إمام الشيعة الفارع الطول.. والذي لا ينفك عن شد أزر أبناء المنطقة الحدودية المحتلة بالابتهال حيناً، وبالتشجيع حيناً آخر. مع أن النكبة التي ابتلي بها ابن الجنوب هي أكبر وأطول من أي لبناني كان وفي أي موقع كان.

*طبيعي القول أنك معنيٌ بالجنوب كغيرك من أهل الحل والربط. لذا سنباشر الحوار معك كالآتي: هل تتوقع انسحاباً في المدى القريب من الأراضي التي اجتاحتها اسرائيل في الجنوب؟
- لم تعودنا اسرائيل على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة. بل إنها خبيرة في استغلال ثغرات الطرف الآخر. واليوم ثغراتنا في لبنان وفي العالم العربي، وفي المقاومة الفلسطينية كثيرة. لذلك فإن عنصر التفاؤل يبدو ضعيفاً من هاتين الناحيتين. رغم أنه يتمكن الانسان من خلال مشاركة أميركا في تقديم القرار بعد التشاور مع الأطراف، ومن خلال مشاركتها في تنفيذه - أي القرار - وتشاورها مع السوفيات ومن خلال مشاركة فرنسا في جيش الأمم المتحدة، يتكهن أن يكون الموقف أكثر تفاؤلاً، ويتذكر الى حد ما قرار الأمم المتحدة بعد الاعتداء الثلاثي على مصر واضطرار اسرائيل الى الانسحاب.

*ما رأيك في قول الرئيس شمعون: إذا كان الفلسطينيون يريدون القيام بعمل ضد اسرائيل، فإن ردة الفعل الاسرائيلية هذه المرة ستكون أقوى بكثير من ردة فعلها الأولى؟
- لا يمكنني تحديد موقف اسرائيل والتحدث عما ستفعله، وأترك اكتشاف الأمر لغيري. إلا أن طريق التحرير اليوم أن يتحرك اللبنانيون أنفسهم حكومة وشعباً ضد الاحتلال الاسرائيلي. إن استمرار المقاومة الفلسطينية في استراتيجيتها السابقة خطأ كبير. لذلك فإن الواجب تغييرها والاعتماد على السلطة اللبنانية والمقاومة اللبنانية طريقاً للتحرير.

في مؤتمر الخرطوم عندما حمّل العرب شعب فلسطين مسؤولية تحرير فلسطين، واكتفى قادته بالمساندة، فإنما قام العرب بسياسة سليمة ومنطقية. والآن يجب على العرب أن يعتبروا أن تحرير الجنوب مسؤولية لبنانية، حكومية، ديبلوماسية، سياسية، عسكرية وهي بالتالي مسؤولية لبنانية شعبية، ويبقى العرب من فلسطينيين وغير فلسطينيين عندئذ مساندين. هذا هو الخط إذا أراد العرب والفلسطينيون واللبنانيون تحرير الجنوب، وإلا فإننا نعيد الفرصة لإسرائيل.

*اتهمك الرئيس كميل شمعون بأنك كنت المسؤول عن كارثة الجنوب؟
- لا جواب.

*ولكن يقتضي أن تدافع؟
- أجبت عن ذلك في الصحف.

*كيف تقارن بين الدعوة الى مهجري الجنوب بالعودة في ظل الاجتياح الاسرائيلي، وبالتالي في إطار الوضع المتوتر الذي ما زال قائماً؟
- العودة مطلب وطني، وليس لأجل سلامة العيش وتوفير لقمة الحياة. فالفراغ البشري يهدد الجنوب بمطامع اسرائيلية (مستوطنات)، وبمطامع طائفية (كوريدورات)، وبمطامع عربية (مشروع بيغن للاستيطان الفلسطيني). ولذلك فإن العودة ضرورة وواجب في مطلق الأحوال.

*هل ترى أن فك عقدة الوفاق، يتأمن بإيجاد حكومة سياسية في هذه المرحلة الدقيقة؟
- الوفاق اليوم هو الشرعية نفسها، بل هو الميزان والواجهة، وتأييد الرئيس وحده هو طريق الوفاق. ولا شك أن حكومة السياسيين عندما تتبنى سياسة الرئيس سركيس ونهجه تساهم في الوفاق.

*ما أبعاد مصالحتك مع الرئيس كامل الأسعد؟
- لم تكن العلاقة بيننا كما يتصور البعض، حرداً ومقاطعة. بل كان هناك تفاوت في وجهات النظر. وهذا يصبح ثانوياً مع تهديد العدو للأرض وعندما تطرح القضية الوطنية على هذا الشكل. ثم إن اللقاء كان مناسبة اجتماعية دينية.

*قيل إنك أبديت في البدء تحفظات على دخول القوات الدولية الى الجنوب؟
- كلا، فلقد كان دخول القوات الدولية موضع قناعتنا التامة. وتحدثت مع كبار المسؤولين في لبنان ومع قادة العرب منذ ستة أشهر أو أكثر بهذا الخصوص.

*ما رأيك في دعوة الرئيس كامل الأسعد الى زيادة عدد هذه القوات وجعلها رادعة؟
- هذه الدعوة سليمة وواقعية وجيدة. حيث إن دور القوات الدولية ليس الفصل في خط واحد، بل إن مهمتها صيانة الأمن أمام أخطار متنوعة. يكفي أن العدو الاسرائيلي له بصورة مباشرة، وغير مباشرة، ألف سلاح وسلاح. ولذلك فإن اجتماع قوة دولية كبيرة مع قيادة حكيمة، ومساندة واعية لبنانية، ودعم مجرد قد تعالج المحنة برمتها.

*ألا تعتقد أن كثرة التجمعات والتحالفات السياسية من هنا وهناك تزيد من تشنج الوضع الداخلي بدلاً من أن تؤدي الى تسهيل مسيرة الوفاق؟
- لا يمكنني إطلاق الكلام بوجه مطلق. ولا بد من استعراض الكتل وأهدافها ودوافعها للحكم عليها.

*لو طلب منك في هذه المرحلة الصعبة أن تسهل مهمة الرئيس الياس سركيس في جمع كلمة اللبنانيين، وتوحيد إرادتهم فما الخطوة العملية التي كنت تقوم بها؟
- لقد سبق وقلت ما يلي: طرح صيغة واضحة من قبل الرئيس، ومخاطبة الناس مباشرة دون توسيط القيمين، ودعوة القمم الروحية والسياسية والخبرات وغيرها لديه، وعرض الأمر عليهم ومطالبتهم بتبنيها ثم طرحها على الرأي العام.

*هناك من يحمل على فرنسا، ويعتبر أن لها دوراً مميزاً في إطار قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب. فماذا ترى؟
- لا أرى موجباً لهذا التحامل، سوى أن نكون أسرى الماضي القريب والبعيد.

*ما رأيك في الدعوة الى عقد مؤتمر قمة عربي في الخرطوم، بغية توحيد الصف، وإعادة إحياء التضامن العربي. وهل تحصر مثلاً تهمة نسف هذا التضامن بالرئيس أنور السادات وحده؟
- المهم وحدة الموقف قبل الاجتماع. ولا أرى أنها متوفرة حتى الآن رغم أن التضامن العربي هو سلاح العرب الأول وخصوصاً عندما يستعمل ضمن هدف واضح وليس لمجرد اللقاء.

... الذي لم أقله للامام الصدر، وهو أنني رشحته لأن يكون ديبلوماسياً من الطراز الأول. فهو يجيد بطريقة أو بأخرى لهجة الدبلوماسيين وخصوصاً عندما يدهمهم الاحراج، فعندئذ يعتذرون مثلاً عن الرد على الرئيس شمعون، أو المساهمة في اتهام الرئيس المصري بأنه كان وراء نسف التضامن العربي... فاقتضى التنويه.
source