الجنوب بين السلاح الفلسطيني والتدخلات الاسرائيلية

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 26 حزيران 1978 الكاتب:موسى الصدر

حاوره هدى المر
*يجب العمل على تطوير الاتفاقات السابقة للتوفيق بين السلاح الفلسطيني والسيادة اللبنانية.
* ليس من مصلحة المقاومة الفلسطينية أن تحل محل السلطة اللبنانية.
* أرفض الزعامة لنفسي ولغيري، فالناس بلغوا سن الرشد وهم بحاجة الى قيادات تعبر عن مشاعرهم.
*ان اختلاف الرؤيا حله الوحيد هو الحوار والأخذ برأي الأكثرية.
*منظمة أمل وجدت لردع ومحاربة واقع دخول الاسرائيليين العمق اللبناني ساعة يشاؤون.
*الدولة العادلة، وليس السلاح، هي الحل.


الامام موسى الصدر رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، كان خلال السنوات الأخيرة موضع جدل في الأوساط السياسية اللبنانية التي يضع بعضها علامات استفهام كثيرة حول مواقفه وتوجهاته، وخاصة بالنسبة الى الموقف الدقيق في الجنوب. ومع أن الصدر انطلق من الجنوب في بداية ظهوره السياسي على المسرح، بتأييد من جهات معينة في الجيش اللبناني كما ذكر في حينه، إلا أن قوته الفعلية لم تكن في الجنوب حيث القوة الأساسية للأحزاب التقدمية من جهة وللإقطاع التقليدي ممثلاً بكامل الأسعد من جهة ثانية. وبالرغم من أن الموقف من الامام الصدر كان موضع جدل بين قراء "الدستور" في الآونة الأخيرة، فقد رأت "الدستور" نزولاً عند رغبة بعض القراء أن تجري حواراً مع الامام الصدر انطلاقاً من ثلاثة معطيات جارية: مصالحته الأخيرة مع رئيس مجلس النواب كامل الأسعد، انسحاب اسرائيل من الجنوب وتسليمها المناطق التي كانت تحتلها الى ميليشيا سعد حداد وهو أمر يعارضه الامام الصدر بصفته أحد زعماء الطائفة الشيعية، وأخيراً ما تردده "الجبهة اللبنانية" وبعض الأوساط الأخرى عن عدم رفض الزعامات الإقطاعية الشيعية التعاون مع إسرائيل عبر ما يسمى "الجدار الطيب". وفي ما يلي الحوار مع الامام الصدر:

*هل تعتقد أن اسرائيل ستنسحب كلياً من الأراضي اللبنانية؟
- إذا تركت اسرائيل وشأنها، حتماً لن تنسحب. إذا انسحبت ستترك أثراً في الحزام الأمني. ومن كان يسميهم الاسرائيليون في السابق حلفاء، هم في الواقع عملاء لها. وهم بعض أبناء الجنوب، أو في الواقع بعضهم ممن أتى من مناطق أخرى لبنانية وغير لبنانية. وهؤلاء تدربوا في اسرائيل وشكلوا ميليشيات. من هذه الزمر تحاول اسرائيل أن تبقي تشكيلات بدلاً من جيشها داخل الحزام الأمني في المنطقة الحدودية. وإذا فشلت هذه المحاولة فسوف تحاول اسرائيل إبقاء خطوط استراتيجية سهلة الوصول عليها. وفي النهاية، اسرائيل تحاول فرض شروط أمنية وغير أمنية في منطقة الجنوب. بمعنى أوضح، اسرائيل ليست الخصم السهل؛ ولكن لا بد من السعي وخاصة أن ميزان الجو الدولي يعمل لمصلحة لبنان ضد اسرائيل.

*في العموم، كيف تنظر الى وضع الجنوب بعد انسحاب اسرائيل منه؟
- إذا حاولنا دراسة الجنوب بمعزل عن الاحتلال الاسرائيلي، فهو أيضاً موضع مطالعة وتدقيق لأن مسألة السيادة اللبنانية في الجنوب أصبحت أمراً ضرورياً. فالفراغ الأمني وعدم وجود الدولة صاحبة الأرض يخلقان مطامع في العالم. لأن العالم، اليوم، لا يترك منطقة فراغ حتى ولو كانت في بطون المحيطات. فكيف اذا كانت هذه المنطقة على الشاطئ شرق البحر المتوسط، أي قلب العالم. إذاً، من الضروري ألا يبقى الفراغ في الجنوب، شمال الليطاني وجنوبه، ورغم التعقيدات السابقة والعلاقات التي تنوعت وتوترت بين المقاومة الفلسطينية المتواجدة في جنوب لبنان وبين السلطات اللبنانية، وبعد تجارب مريرة مرت على المقاومة وعلى لبنان، أجد أننا نعيش داخل مشكلة لا بد من حلها.

*وكيف ترى الحل؟
- إعادة الثقة بين الطرفين عن طريق حسن النوايا والحوارات المجدية. وذلك عبر مشاركة بعض الدول الشقيقة حتى تتمكن السلطات اللبنانية، وكذلك المقاومة، من الوصول الى وضع اتفاق جديد يكون بمثابة تطوير للاتفاقات السابقة، بحيث يصبح الوجود الفلسطيني المسلح منصهراً ضمن السيادة اللبنانية بشكل أو بآخر. وفي هذا المجال - حسب معلوماتي - هناك صيغ بعضها مطروح من قبل المقاومة وبعضها الآخر من قبل أصدقاء المقاومة، من أجل حسم الموقف والوصول الى حل نهائي.

*هل أنت من أنصار الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب أم لا؟
- خلال السنوات الماضية مررنا بمراحل مختلفة، ومواقع أيضاً مختلفة، وهذه المواقف أعلنت عنها في ذلك الوقت.

ولاشك أن الوجود الفلسطيني في الجنوب كان في البدء منسجماً تمام الانسجام مع مشاعر الجنوبيين الذين كانوا يعتبرون أن اسرائيل عدوهم المشترك، فكان لهذا الوضع دوره الأساسي في خلق متاعب لإسرائيل(!). وبالتدريج تطور هذا الدور. فانسحاب الدولة اللبنانية من الجنوب وضع الفلسطينيين أمام مسؤولية سلطوية. وعندما أصبحوا سلطة في الجنوب تحملوا مسؤولية الأمن في الداخل، إضافة الى سائر شؤون الدولة، كما تحملوا مسؤولية الدفاع عن الحدود.

هنا كان رأيي الذي كنت أعلنه غالباً، إنه ليس من مصلحة المقاومة الفلسطينية أن تحل محل السلطة. والسبب أن أية مشكلة تحصل في الداخل أو من الخارج - من اسرائيل - فالمقاومة عملياً هي المسؤولة، لأن في ظلها حدث هذا الأمر.

لكن التجارب المريرة التي مرت فيها المقاومة الفلسطينية في دول عربية معينة وسلوك بعض الحلفاء للمقاومة وبعض الأحزاب اللبنانية التي كانت تستفيد من المقاومة سلباً أو إيجاباً، إذ بعضها استفاد من قوة المقاومة لتمكين وتمتين سيطرتها على الناس، والبعض الآخر تاجر بوجود المقاومة من أجل تثبيت سيطرته على الناس عبر شحنهم ضد المقاومة وعدائهم لها - كل ذلك جعل العلاقات تتوتر بالتدريج بين المقاومة وأبناء الجنوب.

*وما كان دور المقاومة الفلسطينية في هذه اللعبة؟
- في العام 1973 أو قبله بقليل، كانت السلطة اللبنانية تعتبر أن هناك نوعاً من الاتفاق الضمني بينها وبين المقاومة على ألاّ يتم أي تسلل الى اسرائيل عبر الجنوب. إذ كانت اسرائيل وضعت شريطاً شائكاً يفصل بينها وبين الجنوب بعدما كانت ترمي مسؤولية التسلل الفدائي الفلسطيني على لبنان.
*لكن اسرائيل كانت لها مطامع في احتلال الجنوب حتى الليطاني؟
- هذا منطق مرفوض، إن اسرائيل تحتل الجنوب لأنها تريد ذلك. صحيح ان مطامع اسرائيل التاريخية معروفة في الدول العربية، لكن ليس من واجبنا اعطاؤها المبرر العالمي. على كل، لم يكن التسلل الفدائي هو السبب خاصة أن العملية التي نفذت في تل أبيب ثبت أنها لم تتم عبر الجنوب. لكن اسرائيل في ظل الظروف الداخلية والسياسية تتمسك بهذه الذرائع وتستفيد منها الى أقصى الدرجات.

غير أن المشكلة لم تكن في التسلل الفدائي، بل كانت في إطلاق الصواريخ والقنابل على اسرائيل عبر الجنوب. وهذا أمر غير مسموح به على الإطلاق. فإطلاق الصواريخ والقنابل لا يعد عملاً فدائياً أو ثورياً أبداً. ومعنى ذلك أن لبنان في حالة حرب مع اسرائيل. من الذي يطلق النار؟ هذا غير مهم. خلاصة الأمر ان الأرض اللبنانية أصبحت قاعدة لإطلاق الصواريخ والقنابل.

*لكننا بالفعل في حالة حرب مع اسرائيل؟
- لا. نحن نعيش ضمن هدنة عقدت بيننا وبين اسرائيل حتى إشعار آخر.

*ألا تعتقد أن السلطات اللبنانية هي المسؤولة عن إباحة إطلاق الصواريخ عبر الاتفاقات المعقودة بينها وبين المقاومة؟
- إتفاق القاهرة لم يُعْطِ الجنوب للفلسطينيين.

*بل منحهم جزءاً من الجنوب للتحرك فيه حسب ما يتناسب ومصلحة المقاومة الفلسطينية؟
- اتفاق القاهرة منحهم حق التواجد العسكري، وحق التسلل عبر الجنوب الى عمق الأراضي المحتلة من أجل تنفيذ العمليات الفدائية، وليس من أجل إطلاق الصواريخ.

*سماحة الامام، لنعد الى بدء الحديث حيث قلت إن اسرائيل شجعت وساعدت على إنشاء بعض الميليشيات لتحل محلها - كما حصل - إذا ما اضطرت الى ترك الأراضي اللبنانية. مع العلم أن بيار الجميل قال لنا إن الشيعة تعاملوا مع اسرائيل قبل الموارنة. ما رأيك في هذا القول؟
ــ هذا كلام غير صحيح ولا أساس له من الصحة. فقد عرض على الشيعة أكثر من مرة التعامل مع الميليشيات الموجودة على الحدود. ومع الأسف، فهذه الميليشيات معروفة أنها بقيادة ضباط لبنانيين. صحيح أنهم قليلو العدد، لكن تعاملهم مع العدو مرفوض. وقبل الاحتلال الاسرائيلي حاولت هذه الميليشيات السيطرة على شريط الحدود الذي سمي في ما بعد "الشريط الأمني" لكنهم لم يوفقوا في ذلك نتيجة صد الشيعة لهم. والشيعة دافعوا واستشهدوا في مقاومة تأمين "حزام أمني" لإسرائيل، وكذلك رفضوا التعاون والتعامل مع اسرائيل.

أرجو وأتمنى ألا يعيد بيار الجميل هذا الكلام لأنه غير صحيح. وهذه محاولة طعن معنوي لأبناء الطائفة الشيعية بعدما خسروا ممتلكاتهم واستشهد عدد كبير من شبابهم في تأدية واجبهم الوطني. وأقولها صراحة: بيانات الطائفة الشيعية معروفة، وتجمّع نوابهم معروفة أهدافه وشهداؤهم مشاعل رفض ضد اسرائيل.

*وما العلاقة التي تربط بين الشيعة من أبناء الجنوب وبين الجنود الإيرانيين المتواجدين، حالياً، ضمن القوات الدولية؟
- لا علم لي في ذلك. لكن الذي أعرفه أن الشيعة على صلات متينة بكل القوات الدولية، إذ يعتبرون أن هذه القوات جاءت من كل أقطار العالم لحمايتهم ولتسهيل الانسحاب الاسرائيلي الكامل في أقرب فرصة.

*وهل كان لك دور - كما قيل - في مجيء القوات الايرانية؟
- هذا مستحيل، خاصة أن علاقتي بإيران سيئة جداً.

*وما السبب في سوء علاقتك بإيران؟
- هذه أمور لا أحب النقاش فيها حالياً.

*في الماضي كانت الزعامة الشيعية موزعة بين ثلاثة أشخاص: صبري حمادة وكامل الأسعد وسماحتكم. فإلى من انتمت جماعة صبري حمادة؟
- أنا شخصياً أرفض الزعامة لنفسي ولغيري. إذ أعتبر أن الناس قد بلغوا سن الرشد، وأنهم لا يحتاجون الى الزعامات. الناس بحاجة الى قيادات تعبر عن مشاعرهم وتتجرأ على إعلان حاجاتهم. فهذه القيادات متوفرة لدى الطائفة الشيعية، كما أنها متوفرة لدى الطوائف الأخرى. بالنسبة لي: الواقع انني لست قائداً سياسياً بالمفهوم التقليدي في لبنان. مهمتي كرئيس للمجلس الأعلى للطائفة الشيعية، معروفة ومحدودة حسب القانون: تنظيم الشؤون الدينية، تنظيم العلاقات بين أبناء طائفتي ومواطنيهم، كذلك تنظيم العلاقات بينهم وبين أبناء الطائفة في الخارج وتوفير الخدمات الاجتماعية غير المتوفرة من قبل الدولة اللبنانية.

*لكنك في فترات متقاربة كنت تتعاطى السياسة أيضاً؟
- صحيح. تعاطيت السياسة في مراحل كان الخطر خلالها يهدد الجنوب، لا بل الوطن ككل. في ساعات الخطر لا فرق بين سياسي وشيخ أو رجل وامرأة. ففي تلك المرحلة بذلت جهداً معروفاً من خلال حركة المحرومين والمظاهرات لدفع الناس الى اختيار الوضع الصحيح. وربما هذه الأمور كونت لدى الناس انطباعاً بأنني أسلك خطاً سياسياً، أو أنني أطمح في أن أستولي على الزعامة الشيعية.

*وما الأسس التي ارتكزت عليها مصالحتك مع كامل الأسعد؟
- الخلاف بيني وبين كامل الأسعد لم يكن حرداً أو زعلاً. لكن هناك تفاوتاً في الرؤيا، وبالتالي في الممارسات. وقد قمت بزيارة الرئيس الأسعد، خلال مناسبة وفاة أم كامل، لم يكن جائزاً أن تمر دون أن أقوم بواجبي فيها. ولم يكن هذا اللقاء مصالحة، مع العلم أنه لم يكن قبل هذا اللقاء حرد أو زعل - كما قلت. للرئيس الأسعد وجهة نظر في القضايا السياسية والقضايا الوطنية تختلف مع آرائي. غير أن هذه الآراء لا تدعو الى الخلاف والمقاطعة.

*لكن المقاطعة كانت واقعة بينكما؟
- صحيح أننا لم نكن نلتقي في اجتماعات أو جلسات موحدة، وكثيراً ما تحدث هذه الأمور بسبب مشاغل الفرد.

*وبعد انعدام المقاطعة ووصل شعرة معاوية بينكما، هل مازالت رؤياك تختلف عن رؤيا كامل الأسعد؟
- حتماً، فاللقاء لا يؤدي الى توحيد الرؤيا. واختلاف الرؤيا له حل واحد، وهو الحوار والأخذ برأي الأكثرية كما يحدث في العالم.

*وهل حاولت اجراء الحوارات من أجل توحيد رؤياكما؟
- بشكل مباشر، لم يتم ذلك. لكن من خلال لقاء مع نواب الشيعة وتوافق رأي بعض النواب ورأينا.

*هناك قول كنت تردده هو: السلاح زينة الرجال. هل ما زلت تعمل به؟
- في الواقع، عندما قلت إن السلاح زينة الرجال، كما قلت هو حديث نبوي شريف للرسول عليه السلام في تفسيره للآية الكريمة ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد﴾ ]سورة الاعراف، 31[ يقال "السلاح زينة الرجال". وأنا نقلت هذا الكلام في صيدا ضمن الحديث. لكن في تلك الفترة كان اليمين المسلح، وقد تسلح حتى أسنانه، يحاول أن يتحدى الآخرين بما ارتكب هو. طبعاً، اليمين تسلح من أجل حماية نفسه من الوجود الفلسطيني المسلح. لا أريد أن أدخل في هذا الجدل، خاصة إنني عندما قلت هذا الكلام كان السلاح منتشراً في لبنان انتشاراً رهيباً، كانت كميته لا تقل عن 800 ألف قطعة. كما إن "السلاح زينة الرجال" في وجه العدو وليس في وجه أبناء الوطن الواحد.

*تقول إن اليمين تسلح حتى أسنانه منذ بداية السبعينات، وهذا صحيح إذ يقول الشيخ بيار الجميل: "على المسلمين أن يعطونا كل ما نطلب حتى نشعر بالاطمئنان ونحن وسط دول تتحكم فيها الطائفية".
- ما أريد قوله الآن أرجو ألا يؤخذ على محمل التحدي، فعندما تكتمل معطيات شخصية الانسان لا يعود هناك قلق على ذوبانه. ومثال على ذلك: في أول عهد الاسلام كان على المسلمين ألاّ يتعاملوا أو يتعاطفوا إلا مع من اتبع دينهم. إلى أن كانت "حجة الوداع" حيث اعتبرت الشخصية الاسلامية مكتملة. فاذاً الاسلام من خلال الآية المعروفة﴿"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دين﴾"[المائدة/3] بالتعامل والتعاطف باعتبار أن الشخصية الاسلامية قد اكتملت ولا خوف من ذوبانها في الشخصيات الثقافية والحضارية الأخرى فكيف بالإيمان الذي جذوره عميقة؟ قطعاً لا يخشى عليه على حد التعبير الحديث: المؤمن كالجبل الراسخ لا تهزه العواصف. وإذا عدنا الى تاريخ المنطقة نجد أن هناك تكريساً للوجود المسيحي. ففي عهد المأمون الخليفة العباسي تم بناء أحد عشر ألف كنيسة في أقطار العالم الاسلامي. إذاً ليس هناك إطلاقاً ما يبرر قول بيار الجميل سوى أن القضية هي مصالح ذاتية ومحاولة للسيطرة على المناطق وعلى مراكز النفوذ ومرافق الاقتصاد.

* "الجبهة اللبنانية" أو بالأحرى بيار الجميل يقول ان المسلمين لا كلمة لهم الا بعد المشاورات إما مع بعض الدول العربية أو مع قادة المقاومة؟
- هذه اتهامات لا تستند إلى ركائز، والشيخ بيار أخبر الناس بأن هذه الأمور غير صحيحة. لكن في مجال التراشق والنقاش الحاد يقال هذا الكلام، ويقال عكس هذا الكلام من قبل الزعماء المسلمين. أما أنا فلا أتهم قادة اليمين ولا قادة اليسار بما يقول الشيخ بيار. وفي محنة الوطن، المطلوب منهم جميعاً البعد عن الأنانية والالتفاف حول الوطن قبل أن يضيع كلياً.

*الجنوب، حالياً، في أشد الحاجة الى العمل. أين أصبحت "حركة المحرومين" أو "منظمة أمل"؟
- "حركة المحرومين" أو على الأصح "منظمة أمل" موجودة وتعمل. أما بالنسبة الى التنظيم العسكري فكان تعبيراً عن رفض الكومندوس الاسرائيلي في الأراضي اللبنانية. فهذه معاناة جنوبية ما كان يحسها أو يشعر بها سوى الجنوبيين عندما كان الكومندوس الاسرائيلي يدخل العمق اللبناني في الجنوب ويأخذ من يشاء ويهدم ما تيسر من المنازل. من هنا جاءت فكرة "منظمة أمل" لردع ومحاربة هذا الواقع المخزي في الجنوب. إذاً، تنظيمنا يعمل بصمت لأننا كلنا يعرف أن البلاد بحاجة الى أيادٍ مخلصة تقدم الخدمات بمعزل عن التجارة في العمل السياسي أو العسكري.

*وما الحل في رأيك؟
- يجب إعطاء الفرص للكفاءات. وإعطاء الكفاءات حقها هو الحل الأمثل لعدم حصول هذا التخوف والقلق. والا فالتسلح الداخلي والضمان الخارجي يخلقان الحصانة الروحية الغذائية. فهذه الأمور جربت في التاريخ ولم تنفع، بل خلقت مضاعفات داخل الوطن الواحد والأمة الواحدة. والسلاح ليس هو الحل إطلاقاً، بل علينا أن نكون الدولة العادلة، ولنطلب منها أن تحمينا وأن توفر لنا هذه الكفاءات.

*ما رأيك في القرار الذي اتخذ حول إرسال الجيش اللبناني الى الجنوب؟
- موافق مئة في المئة على نزول الجيش في الجنوب مهما كانت هويته السياسية. المهم أن يكون لبنانياً وأن يتسلم من اسرائيل جزءاً هاماً من وطننا، وهو المرتفعات. وهذه أهم المواقع الاستراتيجية في لبنان وفي العالم العربي على الاطلاق. ولمعلومات القارئ أقول: إن "الحزام الأمني" الذي احتلته اسرائيل هو أهم موقع استراتيجي. وعلينا أن نسترده، ففيه روافد نهر الأردن (الحاصباني والوزاني) وينابيع بحيرة الحولة.

وأعود وأكرر القول: أنا موافق على دخول الجيش مهما كانت هويته، باستثناء سعد حداد وسامي الشدياق وهما عميلان لإسرائيل. فأي لبناني يستلم هناك أرحب به ترحيباً حاراً. طبعاً مجيء الجيش الى الجنوب ليس بكافٍ بل علينا بسط السيادة اللبنانية على الدامور وصيدا ومنطقة ما بين الزهراني والليطاني. وكذلك يجب بسط السيادة اللبنانية في المنطقة الشرقية ابتداءً من الأشرفية وانتهاءً بجونيه مروراً بكسروان وجبيل وكل المناطق.

source