كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان في افتتاح مؤتمر "كلمة سواء" الثاني عشر ممثلًا بسماحة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان
قضية الإمام الصدر أولوية لازمة
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
لأن القلّة من الرجال هم الذين يفككون روح الحرف الرباني، ليتراكم غيثًا تحيا به الذوات والأوطان، فإن الإمام الصدر أعاده الله تعالى، وهو يحج مطافات الإنسان، أرّخ لهذا النحو بشرح عميق حول بناء الوثيقة الاجتماعية السياسية في مدار مصالح الإنسان التي تتقاطع مع فقه الوجود، فعند قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ﴾ قرر الإمام أن لسان هذه الآية أعلن رئاسة الإنسان في الأرض وزعامته عما فيها من إمكانات وموارد وطاقات، وهو مما لا شك فيه مقام شريف خصّه الله به. إلا أنه يعني بذلك اشتباك المصالح بين أفراد نوعه وأطره، وعلى رأس هذه الخلافة موضوع السلطة والثروة كمحور للشراكة البشرية وطريقة للنفع العام. وهذا ما أكده الله تعالى بقوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾. ولازم هذا المعنى أن الاستبداد السلطوي بالثروة وأنماط وكيفيات الحكم هو كفر بالأخلاقية الوجودية، وعدوان صارخ على الله والإنسان. وقد أرّخ الإمام هذا المعنى كمبدأ في قول الله تعالى لنبيه داود (ع) ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾، وللإمام الصدر طيلة مطالباته الجذرية بتكريس قيمة الإنسان كلمات في غاية الأهمية فهو كرر أن يد الكون والطبيعة تدين تكريس الطبقية كمركز للإحتكار السياسي والإفقار الاجتماعي.
وزمن فتنة الدم اللبناني، طالب الإمام مرارًا وتكرارًا بتكريس المواطنة وهي الإسم الآخر للأنسنة عند الإمام كمحور لخدمات السلطة التداولية وبرامجها، مصرًا على ضرورة التداول الجبري لمركز القرار كطريقة تمنع الإثرة السلطوية، وتحد من مقولة البيوتات كسقف للعمل السياسي، مكررًا الحديث النبوي "إن الملك يدوم مع الكفر لكنه لا يدوم مع الظلم" [...]
أيها الإخوة الأعزاء،
تذكروا جيدًا أن لبنان هو طين الإمام الصدر، وعمّته، وبندقيته، وثأره الإلهي على أعتاب التاريخ، وأن الصدر هو من نسج حروف سلاحه بدم الشهداء ودموع الثكالى ليضع لبنان على سكّة أعظم مقاومة عرفها التاريخ المعاصر.
من هنا إننا نطالب الحكومة الليبية الجديدة بضرورة العمل على تحرير الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي السيد عباس بدر الدين وإعطاء هذه القضية الأولوية اللازمة لأن قامة بحجم هؤلاء العظام تحيا بها الأمة وتُغاث بها الأوطان، وهذا الواجب آكد وأوثق بحق حكومتنا اللبنانية. ويكفي أيها الإخوة الأعزاء الإمام الصدر أنه من الأمة التي تأتي يوم القيامة والناس جاثون على الركب فتقول افسحوا لنا فإننا قد بذلنا كل ذواتنا في سبيل الله فيقام لهم منبر من نور تحت العرش فيجلسون عليه لا يجدون غمّ الموت ولا يقيمون في البرزخ ولا تفزعهم الصيحة ولا يهمهم الحساب ولا الميزان ولا الصراط ولا يسألون الله شيئًا إلا أعطوه ولا يشفعون في شيء إلا شفعوا فيه ويتبوأون من الجنة حيث شاؤوا.
والسلام عليكم ورحمة الله.