المجتمع الأفضل

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 11 أيار 1972 الكاتب:موسى الصدر

"إن مفهوم المجتمع بمعزل عن التفاسير العلمية المعاصرة أو التفاسير المنطقية القديمة هو الإنسان زائد العمل المتبادل". هكذا عرَّف الإمام الصدر المجتمع منطلقًا من قاعدتين أساسيتين هما: العمل والإنسان. وبمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني نستعرض نصّ الإمام "المجتمع الأفضل" وهي المحاضرة التي ألقاها في "دار الفن والأدب" بدعوة منها:

* محاضرة للإمام الصدر ألقاها في "دار الفن والأدب" بدعوة منها، ونشرتها جريدة الحياة بتاريخ 11 أيار 1972.
كيف نبني مجتمعنا؟ ما هو المجتمع المطلوب؟ ما هو العامل لبناء المجتمع؟ هل في لبنان ظروف تؤثر في المجتمع المطلوب؟
إن مفهوم المجتمع بمعزل عن التفاسير العلمية المعاصرة أو التفاسير المنطقية القديمة هو الإنسان زائد العمل المتبادل. ليس هنالك مجتمع من فرد أو أفراد غير متفاعلين. المجتمع يتم بأفراد يجمعهم عمل متبادل، إنه مرحلة من حياة الإنسان. الإنسان يعيش في مرحلتين: المرحلة الفردية والمرحلة الجماعية. والمجتمع يبنى بواسطة الإنسان ولأجل الإنسان. كيف يمكن أن نعطي لمجتمعٍ ما شكلًا إنسانيًا؟ الإنسان موجود حر التصرف ولو نسبيًا، وبهذا يختلف عن باقي المخلوقات. إنه يتصرف عن إرادة وتفكير والبعد الآخر للإنسان هو المجتمع.

الإنسان يتكوّن مع الغير، فهو منذ البداية بحاجة للآخرين: إلى بني نوعه، وثقافته مرتبطة ارتباطًا كليًا بوجود الغير.
وكذلك المستقبل، فإنه يؤثر فيه وفي وضعه وفي حركته، فالإنسان رغم حريته في التصرف فهو ذو بعد آخر ألا وهو المجتمع.
وحتى نتمكن من تكوين مجتمع منبثق عن واقع الإنسان، علينا أن نحافظ على البعدين. فإذا اعتبرنا أن المجتمع هو الأصيل وأن الفرد جزء منه وليس هو الأصيل، فإننا نكون قد ظلمنا الإنسان بتجاهلنا حريته الفردية وتصرفه الناتج عن الإرادة المنبثقة عن التفكير.
وهنالك المدرسة التي تعتمد على الفرد باعتباره هو الأصيل -ولذا فهو يملك- وبذا تصبح مصلحة الجماعة مُصانة عندما تصان مصلحته ومن هنا نكون تجاهلنا البعد الثاني.
ونحن بين هذا وذاك نكتشف أن الأصيل هو الإنسان ببعديه.
إذًا، لكي نبني المجتمع فإننا بحاجة إلى الإنسان زائد العمل المتبادل، فالركن الأساسي للمجتمع هو العمل.
ما هو العمل؟
العمل نوعان: عمل مقابل عوض (مال، جاه، خوف، تهديد) وعمل وراءه دافع. إذا كان العمل مستندًا الى جذر عقائدي (دافع واحد) كان منسّقًا. وإن كان مقابل أجر فهو غير منسق.
العمل الصادر عن الدافع يختلف في صفته عن العمل الصادر لقاء أجر. لذا فإن العمل الفني هو العمل الذي يكون هادفًا.
إن العمل جزء من الإنسان، الإنسان يكتمل بالعمل لأنه ينمي فيه النزعة والشعور والصفة، وذلك عندما يصبح العمل عبادة.
الإنسان خليفة الله في الأرض، أي أنه يكمّل الخلق. الروابط التي هي الأعمال المتبادلة بين الأفراد كمال للإنسان، بينما العمل المأجور ينمي الاعتماد على الأجر فيتحول الإنسان إطارًا مطلقًا للمصلحة المادية التي تتحكم اليوم بالعالم، ويصبح الإنسان غريبًا وحيدًا لا يشاركه أحد.

source