دراستان تضيئان في فكر الإمام الصدر في ذكرى التغييب: د. نعمة: فكر الإمام الصدر أكثر سطوعاً وحضوراً من الأمس د. الجوهري: حاجة دراسة الإمام الصدر اليوم أكثر من ضرورة

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 31 آب 2015

في سياق نشاطات الذكرى السنوية لتغييب الإمام موسى الصدر وأخويه وتحت عنوان "الحرية أملنا" خصّص الإعلامي خليل حمود فقرة حوارية استضاف فيها على قناة "NBN" كلا من الدكتور ناصيف نعمة والدكتور عبد الإله الجوهري اللذين انطلقا من دراستيهما الأكاديمية للتحدث عن فكر وخطاب الإمام الصدر وأهمية هذا الفكر في تنمية الإنسان. وهذا هو نص الحوار كاملاً:
حمود: مستمرون معكم في هذه التغطية مشاهدينا الكرام ودائماً مع ضيوف كرام ويسعدنا أن نرحب في هذه الفقرة بضيوف كتبوا عن فكر الإمام وقراءة في سيرة وفكر هذا الإمام السيد موسى الصدر، وتقنيات التعبير والأسلوب الإقناعي في كتابات أيضاً الإمام الصدر. 

ويسعدني أن أرحب بضيوفي في الإستديو بالدكتور ناصيف نعمة، أهلاً بك دكتور.. وبالدكتور عبد الإله الجوهري، أهلاً بك أيضاً دكتور..
أبدأ معك دكتور ناصيف سؤال ربما يعني سؤال شخصي ولكن شو اللي خلّاك تعمل هذه الأطروحة عن فكر الإمام السيد موسى الصدر؟
د. نعمة: بسم الله الرحمن الرحيم، بدايةً كان لا بد من أن نطرح هذا الفكر على مستوى الجامعة اللبنانية وكان ذلك بتشجيع من الأستاذ الدكتور الذي كان يعلّمني في الجامعة اللبنانية الدكتور خليل أحمد خليل، أنه يفترض أن نتحدث عن مشروع الإمام الصدر السياسي، الاجتماعي، الثقافي، التربوي، الديني والسمات هذه الحركة التي انطلق بها منذ العام 1959 عندما استقر في لبنان بعد وفاة السيد عبد الحسين شرف الدين، هذه القيادة الدينية التي لم تبقَ قيادة دينية فقط إنما توزّعت أطُرها ونشاطاتها أكثر، على أكثر من صعيد، على المستوى الاجتماعي، على المستوى السياسي، على المستوى الديني، على المستوى التربوي، على المستوى الإنمائي، على مستوى زيارة المناطق المحرومة التي لا تعرف طائفة أو منطقة معيّنة، كل هذه الدوافع كانت سبباً حقيقياً ورئيسياً وأساسياً للكتابة عن هذا الإمام العظيم الذي كان مُجدداً أو اعتُبِرَ مُجدداً في هذا القرن بعد أن غاب السيد عبد الحسين شرف الدين عن الساحة اللبنانية فكانت كل العيون والأنظار متجهة للإمام الصدر كي يتولى هذه القيادة في لبنان.
حمود: دكتور ناصيف يعني ما ترددت لمّا عم تحكي عن شخصية استثنائية نادرة في تاريخ لبنان لا بل تاريخ العالم العربي والإسلامي، لا بل العالم لأنه الإمام الصدر وضع لمساته في هذا العالم وبقاع العالم؟ ما كان عندك تردد من نتائج هذه الأطروحة، يعني ربما إنك ما تعطي هذه الشخصية حقها من خلال هذه الأطروحة وبالتالي كان يعني هون في تخوّف من إنّي أنا بادر تأتحدث عن هذه الشخصية، البعض بيقول لك إنه أنا يا خيّي بكتب عن كتير أشخاص بس ما بقدر أكتب عن الإمام السيد موسى الصدر وما بقدر لخِّص هذا الإمام بأطروحة أو بكتيّب..   
د. نعمة: صحيح..
حمود: أو بمجلّد..
د. نعمة: صحيح، هو واقعاً كان لا بد من أن ندخل في هذا المجال لكي يعني نكمل هذه الأبحاث في أبحاث لاحقة فيما بعد. عندما يكتب أي كاتب عن شخصية كالإمام الصدر يرى بأن هناك عدد كبير من الثغرات التي انتابت هذه الكتابات لأن شخصية قيادية مجدِّدة وفاعلة في الإطار العام وفي الإطار الخاص وعلى مستوى أكبر من لبنان لا بد من أن تكون يعني متردداً بعض الشيء وبنفس الوقت ينتابك الخوف بهذا المجال وفعلاً يعني كان التشجيع من عدد كبير من أساتذتي إنه لا بد من أن نطرق هذا المجال في الجامعة اللبنانية وفعلاً يمكن كانت من الأطروحات الأوائل التي كتبنا بها عن الإمام الصدر. بالتالي يعني إذا نظرنا إلى تاريخ الإمام الصدر في انطلاقته نرى بالعام 40 يعني وقت اللي كان عمره 40 سنة الإمام الصدر إنه شو هيّ الأبواب اللي كان يعني.. يدخل فيها إن كان على مستوى المرجعية اللي هيّ شجّعته لحتى يجي على لبنان وإن كان على مستوى القيادة الدينية اللي ما اعْتُبِرت قيادة دينية، وقت اللي منقرا مقدمات افتتاحيات غسان تويني بـ "النهار" وبغيرها من الصحف اللبنانية منلاحظ عظمة هذه الشخصية اللبنانية التي وحدّت كل اللبنانيين..
حمود: صحيح..
د. نعمة: إن كان في عام 1974 في مهرجان القسم وإن كان بعد وفاة السيد محسن الحكيم المرجع الطائفة في النجف الأشرف ومَن رشّح الإمام الصدر بأن يكون مرجعاً وهذا كُتب في المانشات العريض في بعض الصحف اللبنانية ومن ضمنها صحيفة "المحرر"، إنه الإمام الصدر هو المُقترح لأن يكون مرجعاً يعني مع مقتبل عمره بالأربعينات كان الإمام الصدر في وقتها بسنة 1971 واقْتُرِح أن يكون مرجعاً، وبعدين بيعلن الإمام الصدر من بيروت عن مرجعية السيد أبو قاسم الخوئي الذي خلف السيد محسن الحكيم هذا إن كان على مستوى القيادة الدينية. أمّا على المستوى المناطقي والحِراك الذي قام به الإمام الصدر فكان مفاجئاً لجميع السياسين وجميع الدينيين وبنفس الوقت لجميع اللي كانوا عم بيفكّروا بحركات تحررية أو ثورية..  
حمود: صحيح..
د. نعمة: في ذلك الوقت..
حمود: سنعود إلى هذا الدبلوم مضمونه.. يعني كيف جمّعت هذه المواد إلى..، يعني مين الأشخاص اللي استندت إلهن ربما بعض المناطق، بعض الأشخاص الذين على يعني.. اللي لا يزالون على قيد الحياة ممكن استندت إليهم إلى قراءتهم.. د. عبد الإله ليش الإمام السيد موسى الصدر يعني؟ عم نحكي عن أطروحة دكتوراه أو ماجستير البعض ممكن ينقّي شخص موجود، بقصد فيها يعني منّو مختطف منّو مُغيّب بعض الأشخاص بيحاول إنه يختار شخصية تكون معاصرة يعني من عصره، حضرتك ليش اخترت الإمام السيد موسى الصدر؟    
د. الجوهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الإمام الصدر حاجة في يومنا الحالي الإمام الصدر صاحب الفكر اللجّي كما يقال وهو نبراس الاعتدال في هذا العصر، الاعتدال السخيّ الذي نفتقده نحن اليوم. عندما بدأت بكتابة أطروحة الدكتوراه عام 2005 كانت الحاجة ماسّة إلى أمثال الإمام الصدر، إلى فكر الإمام الصدر في عصرنا، هذا الفكر الذي يغطّي التشوهات الكبيرة التي حصلت والتي أُلصقت بالدين الإسلامي من جهة والتي ألصقت بالسياسيين اللبنانيين من جهة أخرى، هذا الإنسان الذي استطاع من خلال فكره أن يُعدّ المتلقّي اللبناني آنذاك قبل الاختطاف ليكون مشروعاً إنسانياً بعيداً من الفئوية، بعيداً من الطائفية، بعيداً من المناطقية، أكثر من ذلك ليكون بعيداً من دوائر الانتماء، ليكون إنساناً بكل معنى الكلمة، هذا الإمام الصدر الذي استطاع أن يُعَد المتلقّي ليكون شريكاً في البناء، لا ردّة فعل كما هو متلقي اليوم للأسف، الإمام الذي استطاع أن يُعِد المتلقّي ليكون مساهماً في إعلاء شأن أنسنة الفكر، فالفكر عند الإمام الصدر ليس مجرد فكر مغلق، مقفل، بل هو فكرٌ منفتحٌ محافظ على ثوابته، منفتحٌ على الآخر إلى أقصى الحدود. حاجة دراسة الإمام الصدر في هذا اليوم هي أكثر من حاجة وأكثر من ضرورة، فالإمام الصدر لم يعد وهو في السجون مجرّد رجلٍ يلبس عمامة بل هو الآن يؤسس بفكره للبنان الحالي وللبنان المستقبل..  
حمود: صحيح.. نعم.. دكتور ناصيف لفتني بعنوان الدبلوم قراءة في سيرة وفكر الإمام موسى الصدر..
د. نعمة: نعم..
حمود: إذا بدنا نقول قراءة في السيرة ممكن، السيرة مين ما كان بيجمّع سيرة الإمام الصدر..
د. نعمة: نعم..
حمود: زياراته، جولاته، مواقفه السياسية، الدينية، الاجتماعية، التربوية.. ولكن في فكر الإمام السيد موسى الصدر..  
د. نعمة: نعم..
حمود: عنوان بيستوقف الجميع يعني..
د. نعمة: نعم..
حمود: يعني كيف عبّرت بهذه الأطروحة عن هذا الفكر.. يعني ما عم نحكي عن شخصية عادية، قلنا شخصية استثنائية؟
د. نعمة: نعم، عندما نتحدّث عن مسؤوليات الإمام لا بد من أن نتحدّث عن هذا الفكر، هذا الفكر لم يأتِ من فراغ جاء من القيادة الدينية التي أسست على هذا المنهج، سواءً في النجف الأشرف أو في حواضر قُم أو في الحوزات العلمية التي تلقى بها الإمام الصدر علومه الدينية، إضافة إلى جامعة طهران التي كانت عِمّته أول عِمّة تدخل هذه الجامعة هذا على مستوى السيرة، وطبيعة الحال أن والد الإمام الصدر وجدّه إن كان على مستوى الأب أو على مستوى الأم هو من عائلة دينية تبوأت المراتب الأولى في الحوزات العلمية في النجف وخاصة إذا علمنا أن أجداد الإمام الصدر الذين هاجروا من جبل عامل أمثال السيد صالح شرف الدين أيام أحمد باشا الجزار عندما نكّل بهؤلاء العلماء وأُحرِقت مكتبته وقتل إبنه هبة الدين أمام عينيه فكان لا بد من أن يضطر من الهجرة إلى فلسطين ومن ثم إلى العراق وإلى النجف لكي يؤسس هناك عائلة الصدر التي هي بالتالي عائلة شرف الدين والتي تعود أصولها إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، فهذه الشخصية على المستوى الفكري لم تكن خافيةً على أحد كان لا بد من إظهار هذا الفكر، هذا الفكر الديني وهذا الفكر السياسي، هذا الفكر المنفتح على جميع الطوائف وعلى جميع المناطق. ولذلك عندما نرى في انطلاقة الإمام الصدر الأولى وفي تأسيسه لحركة أمل لم يرد كلمة إسلام، لم يرد كلمة تشيّع، كانت هذه الطموحات الكبيرة التي أسس عليها الإمام الصدر لجميع الطوائف لأنها كل هذه الأديان هي أديان توحيدية وكان إطاره العام هو ضمن هذا الفكر التوحيدي توحيد في القيادة وتوحيد في العبادة وتوحيد في الرؤية وتوحيد التأسيس أيضاً على قاعدة متينة ضمن مجتمع لبناني يضم أكثر من 17 طائفة، فلم يكن هذا التحوّل أو هذا التوجّه في رؤية القيادة الدينية والسياسية والاجتماعية في لبنان يعني استفزازاً لأحد أبداً، على الإطلاق، إنما كانت إطاراً جامعاً يتوحّد حوله جميع الأطياف والأطراف في لبنان ضمن مجتمع يعني كان في زمن السبعينات يعني مجتمع منفتح على الشرق وعلى الغرب وكان قسم ينادي بالفدرالية وقسم ينادي بالكونفدرالية وقسم ينادي بوطن متعدد الانتماءات وقسم ينادي أيضاً بالتقسيم وبالتوطين وهذه الإرهاصات الفكرية التي كانت ضمن الساحة اللبنانية يعني موقع تجاذب لأكثر من طرف يعني حُوِّلت كل هذه الأنظار إلى شخصية الإمام الصدر الذي استطاع أن يجمع أكثر من 77 ألف من 75 ألف مواطن.. في أكثر من.. من مهرجان من بعلبك إلى صور إلى صيدا إلى كل المناطق اللبنانية إلى الكنائس وإلى المساجد وإلى الجامعات وطبعاً يعني المستقبل الذي كان ينتظر الإمام الصدر وما زلنا نحيا في هذا الوهج حتى الآن وفي هذا الحضور بعد 36 عام على غياب الإمام الصدر ما زلنا نستمِّد من هذا الفكر.. حركة أمل لم تشُت.. لم يكن لديها خطاب سياسي يعني متناقض ما بين الأمس واليوم، ما زالت تعيش وهج حضور الإمام الصدر..        
حمود: صحيح..
د. نعمة: إذا سمعت الإمام الصدر في تحدثه عن الإرهاب في الخطابات التي ألقاها في العام 1950 وكأنه يعيش المرحلة اليوم، كأنه يعيش هذا الصراع العالمي الذي يؤسَس له لكي يكون هناك خارطة أو عدّة خارطات لطرق في شرق أوسط متنازَع عليه ونحن نفقد كنّا هذا الحضور يعني وهذه الرؤية وهذه الأبعاد التي عمل على تأسيسها الإمام الصدر والذي انطلق من أجلها لكي يتوحّد لبنان ويتوحد جميع اللبنانيين.
حمود: صحيح..
د. نعمة: نحن نعيش هذا الحضور اليوم بقوّة ولو عدنا واسترجعنا خطاب الإمام الصدر وحركة الإمام الصدر وفكر الإمام الصدر لوجدنا هذا الحضور أكثر سطوعاً اليوم من الأمس ونحن بأمسّ الحاجة لكي يُنَفّذ ويطبّق جميع مقولات الإمام الصدر لكي نجد هذا الأمان وهذا الاطمئنان وهذا الواقع الذي نرغب به ونصبو إليه..     
حمود: نعم.. دكتور عبد الإله يعني كنت عم تحكي عن تقنيّات التعبير والأسلوب الإقناعي، البعض ممكن يعتبر هذا العنوان إنه عنوان جيّد، البعض ممكن يعتبره شوي استفزازي.. يعني مش استفزازي إنه الإقناع يعني إنت عم تأكد إنه كل كتابات ومحاضرات الإمام الصدر عندها أسلوب إقناعي، يعني الإمام الصدر عم بيوصّل الرسالة اللي بدّو إياها بأي أسلوب وبأي معنى ولكن الرسالة عم توصل..
د. الجوهري: لأن الإمام الصدر كان في خطابه بعيداً من الفئوية، أيضاً عمد إلى احترام عقل المتلقّي، عمد أيضاً إلى توجيه المتلقّي إلى تعليمه بشكل مباشر وبشكل غير مباشر. التعليم المباشر يكمن في المضامين التي يتلقاها هذا المتلقّي؛ أمّا التعليم غير المباشر فهو يكمن في سمة منهجية خطاب الإمام الصدر، في التقنيات التعبيرية التي استخدمها الإمام الصدر وقت كان فذاً في هذا الاستخدام، نعم! في جميع مقالِه، في خطابه وفي ندواته وفي مقالاته الصُحفية حتى في اجتماعاته الضيقة مع الكوادر، كان يستخدم التقنيات التعبيرية والأساليب الإقناعية المنطقية البعيدة من الشحن والبعيدة من التأثير العاطفي، لأن التأثير العاطفي ولأن الشحن له مدّة زمنية وتنقضي، أمّا هذا التأثير العقلي يكمن ويتمم بناء المتلقّي في أي عصر كان، لذلك من يقرأ الإمام الصدر اليوم وهو لم يرَ الإمام الصدر من الجيل الجديد هو يقنع ويقتنع ويتأثر بالشكل العقلي وبالشكل المنطقي. هنا لا بد لنا من نظرة إلى خطاب الإمام الصدر الذي كان له 7 خاصيات و5 أبعاد؛ أما الخاصيّات والتي أثبتُّها في الفصل الأول من كتابي تقنيات التعبير فهي خاصيّات علمية ومنطقية متعارف عليها يدرسها الدارسون اللغويون والألسنيون في عصرنا اليوم وقد سبق الإمام الصدر هؤلاء بزمن طويل ومديد. عندما نقول خطاب الإمام الصدر لا يُستهلُّ مباشرة بالمضمون بل يعمد الإمام الصدر إلى التمهيد إلى موضوعه وهذا التمهيد ليس خارجاً وبعيداً عن الوظيفة الدلالية للموضوع لكنه يشارك المتلقّي في طرح إشكاليات سيجيب عنها الإمام الصدر في خطابه وهنا احترامٌ لبناء عقل هذا المتلقّي أيضاً عندما يعمد الإمام الصدر إلى تحديد النقاط التي سيعالجها في خطابه هذا دليل الوعي والثبات في الفكر وهذا دليل الطريقة غير المباشرة التي يعلّم بها الإمام الصدر المتلقّي عندما.. وعادة ما نسمع عند علماء الدين دعاء الاستهلال ودعاء الخاتمة إلا إنه عند الإمام الصدر حقيقةً يفترق كثيراً عن غيره من العلماء فهو لا يذكر الدعاء في الاستهلال وفي الخاتمة إلا توظيفاً للهدف وللغاية التي من أجلها قال هذا الخطاب. هنا ميزة خطاب الإمام الصدر وهنا ميزة التقنيات التعبيرية عندما نرى بأن الإمام الصدر لا يطرح موضوعه من دون إشكالية ومن دون فرضٍ علمي، هنا نرى بأنه يحاول أن يبني عقل المتلقّي هذا البناء الذي يجعل المتلقّي ليس متلقياً فحسب، ليس متأثراً فحسب بل يجعل من هذا المتلقّي إنساناً فعّالاً في البناء وفي هذا الخطاب بالذات، لذلك نرى في الخطاب الشفهي وقلمّا نجد ذلك عند المبدعين وعند كبار الأدباء، نجد في خطاب الإمام الصدر تبويباً وحاشيةً وهذا ثمرة القناعات الفكرية التي وجدت وكأننا في خطاب الإمام الصدر أمام لوحة مرسومة مسبقاً، مقررة مسبقاً بقناعاتٍ ثابتة يأتي الإمام ليعلّمها للمتلقي أكان هذا المتلقّي مقتنعاً وقابلاً للفكرة أو كان معارضاً لها وهنا تظهر قيمة الأبعاد.. الأبعاد الذاتية والأبعاد الإصلاحية في خطاب الإمام الصدر. الأبعاد الذاتية إذ لا نرى في خطاب الإمام الصدر ضمير المفرد الـ (أنا) وهنا لا أغرق أنا..      
حمود: صحيح
د. الجوهري: كثيراً في الدراسة ولكنه وفي إحصاء بسيطٍ قمت به للجزء الخامس من مسيرة الإمام الصدر وجدت بأن نسبة ضمير جمع المتكلمين تتعدى الـ94 بالمئة..
حمود: صحيح..
د. الجوهري: وهذا التشظّي للذات وذوبان في وجدان الجماعة..
حمود: كان عطول يركز (إننا).. (إننا ندعو) (إننا نتحدث).. إننا كذا
د. نعمة: نعم..
د. الجوهري: يقول مثلاً الإمام الصدر..
حمود: مع العلم إنه هو عن نفسه..
د. نعمة: "إننا الآن أكثر استعداداً..
حمود: صحيح..
د. الجوهري: لتحمل المسؤوليات الوطنية..
حمود: صحيح
د. الجوهري: نعم يقول
حمود: إننا، إننا صحيح..
د. الجوهري: "لن نسمح لعاطفتنا المجروحة بأن تستحوذ علينا"
حمود: صح.. وما كان عم بيقول لن أسمح
د. الجوهري: بعد الانفجار.. نعم..
حمود: لن نسمح صحيح.. نعم، دكتور ناصيف يعني سؤال ذو شقيّن، الشق الأول هل إنك كنت يعني مطّلع على فكر الإمام الصدر ومن خلال الأطروحة تعرفت إلى الإمام أكثر فأكثر، ومين ساعدك بـ.. يعني بتكوين هذه الأطروحة؟ هل لجأت إلى عائلة الإمام، إلى المقربين؟ أشخاص عايشوا الإمام؟ زُرت بعض المناطق اللي زارها الإمام يعني في مناطق اليوم إلها رمزية خاصة؟
د. نعمة: نعم..
حمود: صور، مهرجان القسم في بعلبك، مسجد الصفا، القاع، دير الأحمر، شليفا يعني في، في.. كنيسة الكبوشية يعني إذا أردنا أن نسرد يعني نحن بحاجة إلى حلقات..    
د. نعمة: نعم..
حمود: وحلقات، ولكن كنت تعلم وتتعرف أو كنت يعني بتعرف شخصية الإمام ولكن تعرّفت أكثر لما درست وأنجزت هذه الأطروحة؟
د. نعمة: يعني بالتالي أنا إبن الجنوب وعندما يعني واكبنا إنطلاقة الإمام الصدر بالسبعينات كنا نتردد بشكل دائم تقريباً إلى مؤسسة جبل عامل المهنية..
حمود: في صور.
د. نعمة: واكبنا حركة الدكتور مصطفى شمران والإمام الصدر والتقيناهم أكثر من مرّة هناك يعني كنت في مقتبل العمر وكان يشجعنا عندما كنا يعني صغاراً في العمر وكان يقول أنتم شبابنا هنا يعني تفهمون ماذا نقول، ماذا نتحدث، فكنا نذوب يعني في حب هذا الشخص إن كان على مستوى الكاريزما، إن كان على مستوى الحضور، إن كان على مستوى التواضع، واكبته أيضاً في مدينة الزهراء الثقافية والمهنية عندما كانت مؤسسةً لرعاية الزهرات قبل أن تتحول إلى جامعة إسلامية فيما بعد وأيضاً في المحاضرات وفي أوتيل (لاروات) في بعلبك، وكنا يعني.. ننطلق حيث يكون، يعني إن كان على مستوى العاطفة أو اندفاع لهذا الشخص القائد العظيم وزار المنطقة التي أنا كنت فيها أكثر من مرة وكنا نعلم بحضوره أحياناً عدّة وكان يأتي في أكثر من مرّة متأخراً وما كنا نشاهده أو نتفاجئ به أنه مكان حضوره يتحول إلى مهرجان من كل الناس.     
حمود: الحشود الشعبية اللي كانت في استقباله، صح..
د. نعمة: نعم، أنا عندما كتبت هذه الأطروحة عن الإمام الصدر استعنت بكل الذين عاصروا وواكبوا هذا الإمام إن كان على مستوى رجال الدين أو عائلة الإمام الصدر أو الأماكن التي زارها وحاضر بها وفعلاً كنا نرى يعني التعجّب من هذه الشخصية وأيضاً يعني هذا الحضور القوي الذي ما زال يؤثّر بهؤلاء الأشخاص الذين التقاهم، سواءً على مستوى الطائفة الإسلامية الشيعية أو باقي الطوائف في لبنان، لأنه نادراً يعني ما كان يعني يدخل الإمام الصدر إلى مكان ولا يؤثر به، هذ التأثير ما زال وهجه وحضوره حاضراً حتى الآن يعني.
حمود: نعم، انطلاقاً من هذا الكلام يعني دكتور عبد الإله أيّ أكتر موقف أو خطاب أو زيارة أو وقفة لفتتك بالإمام السيد موسى الصدر؟   
د. الجوهري: حقيقة ما يلفت في الإمام موسى الصدر زياراته المتعددة والكثيرة وهناك مشهديات يمكن أن تكون لمراحل خاضها الإمام، أكانت وقفة الإمام في الكنيسة الكبوشية، أو أكانت زيارته إلى روما إلى البابا بروما..
حمود: زيارة البابا، صحيح..
د. الجوهري: ثم تلك الرحلات التي قام بها في مناطق جرود البقاع وكلّكم يعلم بأن الثلوج كانت تغطي تلك الضِيَع حتى تكاد تلك الضيع لا تحصل على رغيف خبز، فكان الإمام ممن يحاولون ويسعون جاهدين بكل ما آتاهم من قوة بالتعاون مع ما أمكنه من الدولة آنذاك بأن يفتح حدود تلك القرى وأن يوصل المؤن إليها وفضلاً عن المشروعات الكبيرة التي قام بها، مأسسة العمل التنظيمي الذي قام به أكان على مستوى الجنوب أو كان على مستوى لبنان عامةً. لكن حقيقةً ما يلفت عند الإمام هو البعد الإصلاحي الموجود في خطاب الإمام موسى الصدر، أكان قد ألقاه في البقاع أم في أفريقيا أم في الكنيسة الكبوشية أم في أي مكان، البعد الإصلاحي الذي أعلنه الإمام الصدر هو بعدٌ إصلاحي يسعى في البداية إلى إصلاح الهوة الكبيرة الموجودة في الأديان ثم إلى إصلاح الواقع الاجتماعي ثم أخيراً إلى إصلاح الواقع الجدلي لذلك الإمام في خطابه كان يسعى إلى إصلاح الدائرة الدينية عامةً فكان يقول بأن الأديان واحدة، تهفو إلى غاية واحدة كان يقول بأن الله واحد.      
حمود: صح الطوائف نعمة ولكن الطائفية نقمة..
د. نعمة: ما يجمع أكثر مما يفرق..
حمود: صح، صح..
د. نعمة: حتى على المستوى السياسي عندما أُتيح للإمام الصدر بأن يلتقي جمال عبد الناصر وكان الشخص الذي يقرب الإمام الصدر أو الذي هو سبب هذه الزيارة محمد حسنين هيكل، كان يعتقد أن هذه الزيارة ستدوم ثلث ساعة أو نصف ساعة على حدٍ أكثر يعني فاستمر اللقاء إلى أكثر من ثلاث ساعات، يعني كل المحافل التي زارها الإمام الصدر أو كل المؤتمرات التي سعى إلى انعقادها من مؤتمر عرمون، إلى مؤتمر جنيف، إلى مؤتمر لوزان وهي كانت سبباً مباشراً يعني في إيجاد مؤتمر الطائف فيما بعد، يعني كان يفاجِئ الجميع بهذا الطرح الذي كان يستشرف المستقبل. أيضاً في القضايا التي أسس لها "إسرائيل شر مطلق والتعامل معها" حرام في قضايا المواطنية على مستوى الداخل اللبناني، في قضايا العدل الذي افترضه للحكام "اعدلوا قبل أن يتحول لبنان إلى مقبرة من مقابر التاريخ"..
حمود: صحيح..
د. نعمة: هذا.. هذا الإطار الفكري المؤسس للبنان الحقيقي..
حمود: نعم..
د. نعمة: نفتقده اليوم.
حمود: هيدا السؤال
د. نعمة: ونفتقد الشخصيات القيادية..
حمود: هيدا السؤال اللي كان بدي إسأله اليوم..
د. نعمة: نعم..
حمود: إلى متى يعني نفتقد إلى مثل هذه الشخصية اليوم إن كان على صعيد لبنان أو على صعيد العالم العربي والإسلامي وعم نشوف الأحداث والتطورات اللي حاصلة وكأنه الإمام حاضر بيننا اليوم، كل من قاله الإمام يتحقق اليوم، كل من نبّه منه الإمام يتحقق اليوم، الإمام الصدر حكي عن إنه نحنا سنصل إلى مرحلة يكون في عنا أزمة مياه اليوم نحنا بأزمة مياه، كان عم يحكي عن التطرف، عن العنف، كل هذه الأمور عم نشوفها اليوم إلى أي مدى نحنا اليوم بأمس الحاجة إلى العودة إلى دستور الإمام الصدر ونهج الإمام الصدر من أجل حّل هذه المشاكل؟   
د. نعمة:
يعني هذه المنطلقات التي انطلق بها الإمام الصدر كانت سبباً لوعينا ولحضورنا ولحضور هذه الحركة بقوّة. جميع الأحزاب التي طرحت شعارات، هذه الشعارات زالت بعد فترة من الفترات، إلّا أن الشعارات التي طرحها الإمام الصدر كانت شعارات استمرت لأن الانطلاقة كانت من الواقع لم يأتِ بواقع مغاير ولم يستورد فكر مغاير لهذه الأرض ولهذه المنطقة، كان يُدرِك تماماً أن لإسرائيل أطماع وأنها عنصر دخيل على مستوى الشرق الأوسط فلذلك كان يؤسس لوحدة عربية وكان يؤسس لمواطنية حقيقية وكان يقول لجميع الأحزاب في لبنان عندما بدأت الحرب الأهلية في العام 1975 ما حدن يعزل الآخر بيوم من الأيام بدكن تقعدوا على طاولة وحدة وأكبر طائفة في لبنان لا يمكن أن تقضي على أصغر طائفة..

حمود: صحيح..
د. نعمة: وأكبر حزب في لبنان لا يمكن أن يقضي على أصغر حزب، التفاهم والحوار والشراكة الحقيقة هي التي تؤسس لوطن يكون فيه العدل أساس للمساواة بين هؤلاء المواطنين وأن يأخذ كل ذي حق حقه وإنه اعطوا فرص لجميع هؤلاء المواطنين..
حمود: صحيح..
د. نعمة: كي لا يهاجروا يعني خوفاً من جوع أو طمعاً في وطنٍ بديل..
حمود: صحيح.. يعني الحديث معكم شيّق وممتع ولكن الوقت انتهى. بختم معك دكتور عبد الإله، كيف بتدعي اليوم يعني زملائك الطلاب اللي هنّي عم بيحضّروا أطروحات، إن كانت دبلوم أو الماجستير أو الدكتوراه إنهم ياخدوا ويتحدثوا عن فكر الإمام الصدر وما يترددوا لا بيوم من الأيام إنه يتناولوا هذا الموضوع وهذه الشخصية وهذا الفكر؟
د. الجوهري: نعم، انطلاقاً من الأبعاد الكثيفة الموجودة في فكر الإمام الصدر، أنا اقترحت على مجموعة كبيرة من طلاّبي وأنا أدرّس الماستر 1 هذا العام، فأنا اقترحت على مجموعة كبيرة من طلاّبي موضوعات كثيفة وغنيّة جداً بإمكانهم أن يدرسوها في فكر الإمام الصدر، أكانت من ناحية تقنيات التعبير الشفهي، وأكانت من ناحية دراسة الأبعاد الإصلاحية، الإصلاحية في الدوائر الدينية الكبرى وفي الدائرة الإسلامية خاصة والدائرة الشيعية أيضاً، فنحن اليوم إن عدنا إلى فكر الإمام الصدر سنجد بأنه نبّه وحذر كثيراً مما يُدعى التشيُّع الأسود وهذا موافق مع ما قاله الدكتور شريعتي وأيضاً دعا إلى مواجهة التسنّن الأسود (دواعش اليوم) وما إلى هنالك..
حمود: صحيح..
د. الجوهري: هذا الأمر قيل منذ عشرات السنوات..
حمود: اليوم يتحقق..
د. الجوهري: على لسان الإمام موسى الصدر..
حمود: صحيح..
د. الجوهري: لكننا للأسف وقعنا به.
حمود: أنا بدي أتشكرك الدكتور عبد الإله الجوهري على هذه الاستضافة وعلى هذا الحضور على أمل اللقاء بك مجدداً في حلقات متتالية والحديث عن الإمام الصدر يعني بحاجة متل ما أشرت إلى حلقات وحلقات..
د. الجوهري: نعم.
حمود: وأيضاً الدكتور ناصيف نعمة أنا بتشكرك على هذه المشاركة..
د. نعمة: شكراً لكم..
حمود: على أمل إنه نلتقي بك ونتناول عدة ملفات وعلى رأسها عنوان أطروحة حضرتك وأطروحة الدكتور عبد الإله.
د. نعمة: إن شاء الله رب العالمين..
حمود: الخاصة بالإمام الصدر. شكراً لكم جزيلاً. مشاهدينا الكرام "الحرية أملنا" شعار هذا العام. فاصل قصير ونعود بعده لمتابعة هذه الفقرات فابقوا معنا. 

source