لِعِلْمِكَ موسى الصَّدرِ...

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 31 آب 2016 الكاتب:عبد الغني طليس

لِعِلْمِكَ موسى الصَّدرِ أَنـَّا على الهوى
حَملناكَ رؤيا والقصيدةُ راءِ
وأنّ بَلاغَ الحقِّ أنتَ صُرَاخُهُ
وقد هـزَّ في الدنيـا عظيمَ نـداءِ...

لِعِلمكَ ما زالت يداكَ هُنَـا، بمَنْ
بَقَـوا، وبمن غابوا من الفُقَـرَاءِ
وما زالَ عُنوانُ الحُسيْـنِ مكانَـهُ
...وَغَضْبَـةُ لاءِ الرّفضِ أجملَ لاءِ

لِعِلْمكَ يا ذا العقــلِ، هذي بلادنا
بنا لَبِسَتْ من بَعْدِ طولِ عَراءِ
إذا الفجرُ نادانا لرقصةِ عِـزّةٍ
مَشَيْنَا على أُهزوجةِ الشُّعراءِ
نُرقِّصُ أرضاً روحُها فوقَ روحنـا
وما رَقَصَتْ أرضٌ، بلا شُهداءِ..

لِعِلْمكَ موسى الصّدرِ أَنَّ مُعمَّراً
وكان مليكاً من ملوكِ عَمَـاءِ
قضى النَّحْبَ مضروباً بقبضةِ شعبهِ
وشرُّ المنايا كُـنَّ خيرَ دواءِ
مِنَ الظلْـمِ ما يبْدُو ... ظَلاماً مُؤَبَّـداً
فيُمحَـى كما يبدو .. بِجـرَّة ماءِ!

فماذا نقولُ اليومَ في خيرِ أُمَّـةٍ
أرادَ لها الباري، عَزيزَ بَقَـاءِ
أنعرفُها من قاتلينَ تجمَّعُـوا
كَسَرْبٍ من الشُــذّاذِ والسُّفَهَـاءِ
يظنُّونَ أنّ اللهَ أَكرمَ خَلْقَهُ
بِهِمْ، وهْـوَ سمَّاهُـمْ من الخُلفاءِ
لِوَاؤُهُـمُ أَنْ «لا إِلــهَ»... ســوى لهــمْ
فَيَـا نِعْمَ ما خَطُّـوا... بِبئْسِ لِـواءِ
خِلافةُ سكِّينٍ تُـريـدُ مُحمّداً
يُصفِّي مع الإنسانِ غِلَّ عَـداءِ!
وليسَ لَهُ في كلِّ هذا... مُحمّدٌ
يَـدٌ أو كلامٌ أو حروفُ هجـاءِ
محمّدُ في القرآنِ يُوصَفُ رحمةً
ويُعْرَفُ من قلبٍ على الضُّعَفاءِ
وأَمَّـا هُمُ، فالقتـلُ أَرْأَفُ صَنْعَـةٍ
لديْهِـمْ، بِفِقْـهٍ نَـازِفٍ، وَخَـوَاءِ
وتَضْحَكُ إسرائــيلُ وهي طَبيبُـهُمْ
كما يضحَـــكُ المجنونُ فَـوقَ بُكَـاءِ
فلاَ كانَ في الدنيا مُحمّدُ هادياً
ولا الوحْيُ ناداهُ بغارِ حِـراءِ
ولا سُنَّـةٌ كانت ولا شيعةٌ أَتَتْ
إذا كانَ في الإسلامِ، فِقْـهُ دِماءِ!

وماذا نُجيبُ اليومَ عَـنْ خيرِ أُمَّـةٍ
هي الغارُ مَضفوراً على النُّبَـلاءِ
أَنَعْرفها من حاكمينَ تَجَمَّــدوا
مِنَ الألِفِ الأولى لآخِرِ يـــاءِ
فصارتْ على المجهولِ تَغْـلي شعُوبُهُمْ
وترجـو من... الشيطانِ أيَّ شِفَـاءِ؟
ومِن نُخَبٍ أسعارُهـا في عيونـها
كَـوَهْمِ ذكاءٍ تَحتَ صِرْفِ غباءِ!
وشاشاتُ تلْفزيونَ سابَ ضميرُهَـا
تَطيرُ بها ديباجـَةُ الجُهـلاءِ
لقد فَسَدَ المِلْحُ النَّبيـلُ ولمْ يَـزَلْ
يــرى عَرَبٌ، في الشّرقِ عُرْسَ هَنـاءِ!

لِعِلْمكَ موسى الصّدرِ أَنَّا على الهَوَى
وأنك فوق الرأس تاجُ إباءِ
نَفَضْتَ غُبَـارَ العقلِ، حَرَّرْتَ أُفْقَــهُ
بفكركَ.. لا في بَيْعَـةٍ وشِـراءِ
فكلُّ كلامٍ قيلَ فيكَ، ولَمْ يُقَلْ
أَنينٌ، ولكنْ فيهِ روحُ غِنَـاءِ
لتُصبِـحَ وجهاً ناطِقَــاً بِـأَمَانِهِ
يقاومُ في ذكراكَ شِبْـهَ رِثـاءِ
أردتَ لنا أرضاً ودولةَ قُوَّةٍ
على قَدَرٍ من صُنْعِنَـا.. وقَضَاءِ
وهذي هي الأحلامُ مكتوبةٌ علـى
جِبَاهٍ هُنَـا، من معدنِ الشُّرَفَـاءِ
نَشَقْنَا الهَواءَ البِكْـرَ حُرّاً وهكذا
نَشَقْنَاكَ موسى الصّدرِ مِثلَ هَـوَاءِ
فَمِنَّــا رجالٌ زَانَ لبنانَ حُبّهُـم
وطوَّقَهُ بالورْدِ... عِقدُ وَلاَءِ
رجالٌ على مَجْـدٍ قديمٍ تفتّحُــوا
فرافَقَهُـمْ في العُمْرِ... شَعُّ ضِيَـاءِ
فإنْ حَاوَروا دَلَّت عَليهِمْ شَهَامَـةٌ
ومَنْطِقُهُـمْ حَاكَـى كَلامَ سَـوَاءِ
وإنْ خَاصَمُوا كانَ الخصامُ مُشرِّفاً
وإنْ حالفوا فالحِلفُ فِعْلُ وَفَاءِ
وإنْ أمْسَكُـوا عنقَ السياسةِ قُلْ هُمُ:
عَدالةُ ميزانٍ... وسيفُ بِناءِ
وإنْ أخذوا بالعلْمِ أخْصَبَ عِلْمُهُمْ
كزيتونةٍ... مَحْرُوسةٍ... بِدُعَاءِ
وإن أبْحَـروا في الدِّيـن كَـانوا كمَنْ رأَى
روائعَ وجْهِ اللهِ... دونَ لِقَـاءِ
وإنْ قَحَمُــوا حَرْباً ... فنصرٌ مُتوَّجٌ
ويحلو بقلبِ النَّصرِ طيْفُ حَياءِ
يقودونَ مجرى الريح حَسْبَ أَكُفِّهِـــمْ
وَأَصْلَبُ ما يَبْنُون.. حَبْلَ رَجَاءِ
إلى قِمَــمِ التَّاريخِ يمضونَ، مَا هَوَتْ
لهُمْ هامةٌ... إلاّ بحِضْـنِ سَمَـاءِ

source