هناء نور الدين الموسوي: وكلُّنا أمل في أن نلقاك

calendar icon 20 أيار 2023 الكاتب:هناء نور الدين الموسوي

كتبت السيدة هناء نور الدين الموسوي عن ذكرى لقائها الإمام موسى الصدر لأول مرة في المدرسة العاملية، وعرضت لهذه الذكرى بأسلوب وجداني يتسم بالحنين والأمل للقاء الإمام من جديد. معًا نستعرض ما كتبته  السيدة عن هذه اللقاء:
من دفاتر أيامي ...
لا زلت أذكر عندما كنت في الحادية عشر من عمري، كنت تلميذة في الثانوية العاملية وما زال صرحها موجودا حتى الآن في منطقة رأس النبع في بيروت.
وفي أحد الأيام كنت أرى ترتيبات خاصة تجري في الملعب والإدارة، وتعالت صور الزينة بألوانها الزاهية الجميلة. وأُقيمت حملة تنظيف واسعة في الممرات الداخلية وترتيب للصفوف كأحسن ما يكون الترتيب. أنا وزميلاتي لم نكن نعلم ما الأمر، ولم هذا الاهتمام العظيم اليوم؟ ونشأ في داخلي إحساس كبير بأن شخصية عظيمة قادمة الينا لزيارة المدرسة.
أنا الوحيدة بين زميلاتي انتابني هذا الشعور. وبقيت فترة بعد الظهر في المدرسة.
كنت أنتظر والدي ليأخذني أنا وإخوتي الصغار إلى البيت بعد انصرافه من المحكمة الشرعية في رأس النبع في بيروت. وقتها تأخر لانشغاله بالكثير من الأمور الطارئة عليه، وحدثت نفسي ما الأمر؟ لماذا تأخر والدي ومن هو هذا الزائر؟
وما هي إلا دقائق معدودة، وكانت المفاجأة عندما شاهدت عالمًا جليلًا زائًرا صرح المدرسة بمفرده. وفي انتظاره عدد لا بأس به من أعضاء الإدارة وجمع من المعلمين يسلمون عليه. ولحسن حظي وقفت إلى جانبه. رفعت رأسي محدقة إليه. وقتها قلت في نفسي من هو هذا السيد القادم إلينا؟ وبعد برهة قصيرة إذ بي ألمح والدي (رحمه الله) بطلعته النورانية مقبلًا من الباب الرئيسي للمدرسة... التقيا، وسلما على بعضهما سلام حفاوة وترحيب... سلامًا ممزوجًا بالحب وعبق الحنين... وأنا أتأمل المشهد، خنقتني العبرة لم أعرف لماذا؟ نظرت إلى عيني الزائر الكريم السابحتين في المدى، وإلى هامته الممشوقة علوًا وارتفاعًا بحجم القضية التي حملها والرسالة التي قدسها، وإلى هيبته التي منحها الباري عزًّا وجلالًا، وحدقت بعدها مليًّا في وجه والدي وهو يبتسم في وجهه ابتسامة أمل ورجاء. ودعاء له بالتوفيق والسداد...
وعند رجوعنا إلى البيت وأنا أفكر في الزائر الجليل واللقاء الذي جمعه بوالدي.
سألت والدي: من هو هذا السيد؟ أجابني هو الإمام السيد موسى الصدر مؤسس حركة المحرومين، وناصر المستضعفين، وحدثني عنه بما يتناسب مع إدراكي ووعيي في تلك الحقبة الزمنية من عمري.
وما زالت تلك الصورة تتراءى في مخيلتي عندما وقفت إلى جانبه، ورفعت رأسي لأنظر إليه. سيماء الصالحين بدت على محياه، وأوراد العارفين تسبيح يجري بين حناياه. وخشوع الصالحين بعض من آيات تجلت في مزاياه.
وكلنا أمل في أن نلقاك. ..

source