حياتهم السرية (الحلقة الثالثة) شواهد وأدلة من أحاديثه وخطبه القذافي حرّف القرآن وأساء تفسيره

calendar icon 28 حزيران 2004 الكاتب:محمد الحربي

يزخر تاريخ الامم والشعوب بسير ذاتية لكثير من الشخصيات الرئيسية التي لعبت دورا رئيسا في صناعة التاريخ سلبا او ايجابا.

وشخصيات ثانوية اخرى لا تكاد تذكر الا لماما عن دور بسيط ادته في صناعة هذا التاريخ بصورة غير مباشرة.

تتباين هذه السير الذاتية من حيث النشأة ما بين الفقر والبيئة القاسية والقهر والاضطهاد وبين الرفاه والبيئة المدنية وحياة القصور والرفعة والشرف.

كما تتباين من حيث الدور السياسي الذي لعبته في صناعة التاريخ ما بين القوة والامانة وخدمة مصالح الامة وبين العمالة والخيانة وممارسة الادوار المشبوهة التي لا علاقة لها بنفع الامة وخدمة مصالح شعوبها وليس لها في امر الشرف ناقة ولا جمل.

بعض هذه الشخصيات نشأت نشأة غامضة مشبوهة ومختلفا حول اصولها وانتماءاتها وتوجهاتها في البلاد الاسلامية بالذات.. وكيف استطاعت ان تعتلي سدة الحكم في هذه البلاد مثل صدام حسين في العراق ومحمد علي في مصر واخيرا وليس آخرا معمر القذافي في ليبيا.

ان الحرب التي يشنها معمر القذافي على الاسلام والمسلمين في كل مناسبة وحين تكشف بما لايدع مجالا للشك في ان هذا المعتوه يمارس ما يمارسه من سخافات وسفه وفق مخطط مرسوم له بعناية فائقة, فالقذافي منذ وصوله الى الحكم 1969م اظهر نفسه كرجل ملتزم بالاسلام يسعى الى تطبيقه في المجتمع الليبي, ولكن ما ان ثبت نفسه في الحكم حتى بدأ شيئاً فشيئا باظهار مخططه الشيطاني وبرنامجه اليهودي لزعزعة عقائد الشعب المسلم في ليبيا ولاحلال عقائد كفرية اخرى محل عقيدته الاسلامية وعلى رأسها كتابه الاخضر ونظريته الجاهلية (النظرية العالمية الثالثة) كما يسميها.

كما ان من يقرأ سيرة معمر القذافي بدقة يكتشف بوضوح ان هذا المعتوه يكن في نفسه المريضة بغضا شديدا لشخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما يظهر في كل خطاباته ولقاءاته مما يدعو الى التأكد من يهودية اصل معمر القذافي, بل انه وفي اكثر من مناسبة كان ينسب نفسه الى بعض الفرق الباطنية الكفرية كالقرامطة والفاطمية, ويصرح في خطبة عيد الفطر في ابريل 1992م انه قد يعلن بنفسه قيام الدولة الفاطمية الثانية!.

علما بأن الدولة الفاطمية الاولى او الدولة العبيدية التي يريد القذافي ان يجددها كانت دولة باطنية كفرها علماء الاسلام وائمة الدين بسبب ما اظهرته من الكفر والزندقة واستحلال المحرمات كنكاح المحارم ونحوها.

وقد نقل القاضي عياض المالكي في كتابه ترتيب (المدارك وتقريب المسالك) فتوى العلماء الذين عاصروا دولة العبيديين في تكفير هذه الدولة فيقول: (وقال يوسف بن عبدالله الرعيني في كتابه.. اجمع علماء القيروان ابو محمد بن ابي زيد وابو الحسن القابسي وابو القاسم بن شلبون وابو علي بن خلدون وابو محمد الطبيقي وابو بكر بن عذرة ان حال بني عبيد حال المرتدين والزنادقة, فحال المرتدين بما اظهروه من خلاف الشريعة فلا يورثون بالاجماع, وحال الزنادقة بما اخفوه من التعطيل فيقتلون بالزندقة قالوا: ولا يعذر احد بالاكراه على الدخول في مذهبهم بخلاف سائر انواع الكفر لانه اقام بعد علمه بكفرهم فلا يجوز له ذلك الا ان يختار القتل دون ان يدخل في الكفر, وعلى هذا الرأي كان اصحاب سحنون يفتون المسلمين).

كما ان معمر القذافي وفي اكثر من مناسبة انكر السنة النبوية وحرق كتب الحديث, وقام بتحريف القرآن وفسره تفسيراً باطنياً يلائم اهواءه, وهو الذي سخر من رسول الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه ساعي بريد.

واستهزأ بمقدسات المسلمين, فوصف الحج بأنه عبادة ساذجة, والحجاب بأنه من عمل الشيطان, وانكر المعراج, وادعى النبوة, وزعم ان فرقة اللجان الثورية هي نبي هذا العصر, وغيرها كثير وكثير من الكفريات والسخافات التي لا يمكن ان يقول بها عاقل بينه وبين نفسه فكيف بهذا المخبول الذي يتشدق بها على الملأ بدون خجل او خوف من الله.

ليس هذا فحسب, بل قام القذافي بمحاربة المسلمين وطرد الموحدين وتعليقهم على اعواد المشانق وقت افطار المسلمين في شهر رمضان المبارك, كما قام هذا الشيطان بقتل الدعاة والعلماء لانهم دعوا الى الحق فقط.

ويوضح الاستاذ الباحث ابراهيم بن عبدالعزيز صهّد موقف معمر القذافي من الاسلام وتطاوله على القرآن الكريم وسنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام والصحابة الكرام رضوان الله عليهم فيقول: فعلى امتداد حكم القذافي لم تنج مقدسات الشعب الليبي وقيمه ورموزه من تطاول القذافي عليها عبثاً واستهتاراً, لم ينج من ذلك حتى ما كان موضع اجماع الشعب الليبي على اختلاف شرائحه واجياله.

هذا المسلك انما تكمن وراءه نوايا دفينة ومخططات مرسومة واهداف محددة تتمثل في هدم كل الصروح والقلاع التي تحفظ للشعب الليبي هويته وتصون وحدته وتحافظ على تاريخه وتعزز مستقبله.

ولقد كان الاسلام ابرز ما استهدفه عبث القذافي واستهتاره ومحاولاته المستمرة لنقض عراه ووشائجه وهدم اركانه وركائزه, ومن ثم ابعاده عن دائرة التأثير في كل ما يرتبط بشؤون الشعب الليبي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والتشريعية بل وابعاده حتى عن دائرة الشعائر التعبدية المحضة.ومما لا شك فيه ان القذافي تطاول على الاسلام وحاول طمس معالمه وحارب دعاته وسعى لفك ارتباط الناس به, وحملات القذافي التي شنها على الاسلام قد اتصفت بالاستمرارية وشملت كل مفاهيم الاسلام واركانه: عقيدة وشريعة, وعبادات ومعاملات, وعلماء ودعاة, وتاريخا ومواقف وقضايا.

ولقد خاض القذافي معاركه ضد الاسلام متبعاً اسلوباً يغاير الاساليب التي اتبعها من سبقوه. ويتمثل هذا الاسلوب في التظاهر بتبني المفاهيم الاسلامية ورفعها كشعارات براقة والعمل على تفريغها من محتواها الحقيقي, وهذا الاسلوب ينطوي على خبث بين, فهو يخدع العوام, ويقدم ذرائع للمنافقين والمنتفعين, ويعطي غطاء لضرب كل من يمارس دوراً في التصدي لهذا المخطط باعتباره معادياً للشعارات المرفوعة.

وقد حرص القذافي على تبني المغالطة والسوقية المبتذلة اسلوبين في مواجهة المفاهيم الصحيحة للاسلام, الى حد النيل من هذه المفاهيم وتحقيرها والسخرية منها, وانتهاجه العنف والارهاب وسيلة لفرض آرائه السقيمة وتصوراته الفاسدة ولقهر وقمع كل من حاول التصدي لها حتى ولو باسداء النصح.

source