اعترافات عبد الرحمن العمودي بوجود مؤامرة ليبية لاغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز السعوديين لم ترق لمستوي المفاجأة وبنفس القدر لم يفاجيء موقف الإدارة الأمريكية السعوديين أيضا رغم الحرج الذي تعاني منه وزارة الخارجية الأمريكية لتسريع تطبيع العلاقات بين البلدين ورفع العقوبات عن ليبيا رغم وجود مؤامرة تحت أيديها تكشف ضلوع ليبيا في دعم وتشجيع الإرهاب. الكاتب محمد صلاح الدين يري أن الموقف الأمريكي ليس مستغربا في ظل سياسة الكيل بمكيالين أو عشرة التي عرفت بها واشنطن التي تريد استخدام النموذج الليبي الذي سلم لها بكل شيء بشأن ملفه النووي في إظهار أن سياستها القوية في العراق أحدثت نجاحا وعلي الآخرين الالتزام حتي لايجدوا أنفسهم في هذا الموقف. وليس بخاف أن أمريكا تحاول التلويح بهذه الورقة في تعاملها مع كوريا الشمالية وإيران التي بدأت إعادة إنتاج أجهزة الطرد المركزي لعدم التزام أوروبا بمواقفها معها حيث يبدو للمسئولين الإيرانيين أن الخضوع لأمريكا يعرضها لمزيد من الابتزاز وأن التجاوب مع المطالب مهما كان لايغير من المواقف والسياسات شيئا. وكان العمودي قد اعترف بصفقات تمويل غير شرعية مع ليبيا واتهامات أخري في قضية كشفت مشاركته في مؤامرة ليبية مفترضة تهدف إلي اغتيال الأمير عبد الله بن عبد العزيز. وتتناول الاتهامات الموجهة للعمودي رحلات وأنشطة تجارية مع ليبيا من دون موافقة السلطات وتصريحات كاذبة في استمارة الهجرة ومخالفات ضريبية بهدف إخفاء صفقاته مع ليبيا.
وقام العمودي بعشر رحلات علي الأقل إلي ليبيا حيث التقي مسئولين حكوميين.
وأثناء أحد هذه اللقاءات في مارس2003 تطرق الحديث إلي كيفية إثارة اضطرابات وإرباكات في السعودية واغتيال ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز. ويري السعوديون أن إعلان أمريكا عن القلق لمزاعم عن تورط النظام الليبي في المؤامرة نوع من النفاق السياسي لذر الرماد في العيون لأنها لايمكنها أن تتراجع الآن عن تبييض وجه القذافي الذي قدم لها ورقة إنقاذ مرحلية إبان ضرب جنودها بشدة في العراق خرجت بها علي العالم محاولة إقناعه بنجاح سياستها للقضاء علي أسلحة الدمار الشامل علي الرغم من أن القذافي لم يكن قد دخل النادي النووي بعد باعتراف البرادعي وأمريكا نفسها. ولعل المعقولية التي بدا عليها السعوديون في طرح المشكلة وعدم الانجراف إلي توجيه الاتهامات لأمريكا بالكيل بمكيالين ترجع إلي التجربة الصعبة للسعودية مع أمريكا فمنذ أحداث 11 سبتمبر التي لم تظهر تحقيقاتها للعلن يوجه الأمريكيون اتهاماتهم للسعوديين بدعم الإرهاب رغم تقرير الكونجرس الأخير الذي نفي أي علاقة للسعودية بدعم الإرهاب. يقول المحلل علي التواتي ليس مستغربا أن يقدم النظام الليبي علي مثل هذه المحاولة فهوالذي يغتال مواطنيه في كل مكان كما أنه نظام متهورلم يقدر الجهود السعودية المضنية لرفع العقوبات عنه فضلا عن أنه لم يعمل في يوم من الأيام لمصلحة الأمة العربية بل عمل دائما لتعميق الخلافات فيما بينها.
