أعتقد أن خير طريقة لإنهاء التغييب الذي مني به سماحة الإمام السيد موسى الصدر، بل مني به العالم العربي والإسلامي أجمع، هو السير على منهجه الذي كان يسير عليه ويدعو الناس جميعاً إليه. ولعل خير طريقة للوقوف في وجه السعي الى تفشيل جهاده، هي سعينا الدائم الى تحقيق غاياته التي كان يرمي إليها. والذي أعرفه أن منهجه كان يتمثل في الحوار مع الآخرين. والذي أعلمه أن غايته من وراء هذا المنهج، بعد الإيمان بالله عز وجل حقاً، هي تحقيق أقدس ثمرة لهذا الإيمان، ألا وهي وحدة الأمة. وأنا عندما أدعو الى استحضار منهج الإمام لإنهاء تغييبه لا أقصد من ذلك أن نقلده حباً، وأن نسعى وراء منهجه تعصباً، ولكن أحب أن نقتنع بما اقتنع به الإمام، وأن نعلم أنه لم يلتزم بذلك المنهج إلا لأن الضرورة اقتضته لذلك، وأنا الآن أفتح ملف البيان لهذه الضرورات التي لا أقول تحوجنا بل تضطرنا الى الحوار.
الضرورة الأولى ان هذا الحوار هو العمل الذي لا بد منه لتنفيذ الواجب الرباني الذي خاطب به عباده جميعاً، وأعتقد أن هذا جامع مشترك ولا أحب أن أقول قاسماً، هو جامع مشترك بين ذوي الأديان السماوية أجمع، فالكل يعلم أن الله سبحانه وتعالى حاور عباده ليحاور بعضهم بعضاً في نطاق التعاون على البر والتقوى والابتعاد عن الإثم والعدوان.
لذلك فأنا أختلف عمن أوهمنا بالأمس أن الحوار مطلب اجتماعي تدعو إليه ضرورات التعايش، نعم، هو مطلب وفيه فائدة جلى لمجتمعاتنا، لكن إذا خلا السير الى تحقيق هذا المطلب من الدافع الديني، فلسوف يكون الطريق الى ذلك مغلقاً. لا بد أن نستشهد أن مولانا وخالقنا الذي نقف جميعاً تحت مظلة العبودية له، يدعونا الى الحوار. هذا الدافع ينبغي أن يكون هو المحرك لنبضات قلوبنا لعملية الحوار، فهذه هي النقطة الأولى التي تضعنا أمام ضرورة الحوار.