استضاف الاعلامي عمرو ناصف على قناة المنار الاستاذ كريم بقرادوني في برنامج "ماذا بعد" بمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه تطرقا في الحوار إلى الحديث عن الإمام الصدر.
المذيع: ... تفرض هذا العداء لسوريا من قبل البعض, هل توجد أُسس وشواهد تستلزم هذا التفاوض على ايران, هذه الأسئلة وغيرها نطرحها في هذه الحلقة أعزائي على ضيفنا الأستاذ كريم بقرادوني رئيس حزب الكتائب. أهلاً وسهلاً بك, قبل أن ندخل في التفاصيل يعني ونحن اليوم عشية الذكرى الثامنة والعشرين لتغييب الإمام موسى الصدر. أدعوك للحديث عن الذكرى وصاحبها وخاصة أنّ صداقةً ومعرفةً قد جمعتك به, تفضّل.
الأستاذ كريم بقرادوني: أنا أريد أن أشكرك على اتاحتي الفرصة أن أتكلم في هذه الذكرى الثامنة والعشرين عن شخصية هذا الانسان الذي انا اعرف ان الكثير من اللبنانيين وخاصة من الشباب ما عادوا يعرفونه منذ 28 سنة من الغياب. أنا أريد أن أقول أنه كان رجلاً يتمتع بنموذج قيادي جديد, حتى أنقل الموضوع دائماً أقول أن هناك الكثير من الشبه بينه وبين السيد حسن حول مسألة الصمود, مسألة الصدق, مسألة الصبر, وخاصة مسألة الانفتاح. أنا بذاكرتي أريد أن أخبر وأنا آسف اريد ان اقول لك أنه نحن من المقصرين كان يجب أن نكتب عن الإمام الصدر ويمكن أعد أن أكتب. ولكن في ذاكرتي حادثتين لا بدّ من الاشارة وأنا أعرف أن هاتين الحادثتين القليلون يعرفوها.
الحادثة الأولى كانت في مطلع السبعينات, في اتصالات التي كنا نقوم بها, كنت أستشعر دائماً أن الإمام له ثقة بالمؤسسة العسكرية أكثر مما له ثقة بالمؤسسة السياسية. وكان عنده صديق علّمه اللغة العربية, علّمه اللغة العربية هو الأستاذ ميشال أسمر مؤسس الندوة اللبنانية. كنا نجتمع في الندوة اللبنانية يعني هو مركزها كان الى جانب كلية الحقوق شارع ---- في بيروت. كنا نجتمع أسبوعياً, وكان يضم هذا الاجتماع, كان يضمه.. كان يأتي معه السيد حسين الحسيني, وكان يأتي الأستاذ غسان تويني, كان هناك ميشال أسمر كان من حين الى آخر كان يدعو بعض العسكريين وأكثر العسكريين الذين يدعوهم كان نائب رئيس هيئة الأركان العميد موسى كنعان وهو عسكري مثقّف جداً, أنا أتكلم في السبعينات.
كانت نظرية الإمام موسى الصدر بسيطة جداً كان يقول على المقاومة أن تقاوم وعلى الجيش ان يحمي, أتركونا نقاوم وأنتم شيّدوا الملاجئ, احموا المدنيين بالملاجئ ونحن نواجه اسرائيل. وأعتقد وقتها أنا أذكر تماماً أنه كان قد وضع خريطة وكانوا قد وضعوا خرائط للملاجئ التي لم تُبنَ أبداً. ولكن نظريته كانت واضحة المقاومة هي باتجاه العدو, أما الجيش فهو لحماية المدنيين.
نحن نقاوم وأنتم احموا الملاجئ واحموا المدنيين. أنا أريد أن أذكر ذلك لأقول أنه يا ليتنا بنينا الملاجئ, وهذا لم يحدث. لأنه اعتقادي ان هناك نوع من فكر سياسي يقول بأنه لن تحدث حروباً بين لبنان واسرائيل خاصة ما كانت حدثت أي حرب, يعني حروب الـ 48 والـ56 والـ67 لبنان لم يكن مشاركاً فيها ثم فجأة كانت كل الحروب في لبنان.
الأمر الثاني الذي أريد أن أذكر فيه أنه كان دائماً يشعر بالحدث ويريد أن يكون فاعلاً فيه, أذكر تماماً أنه على الرغم من الخلافات التي كانت بينه وبين منظمة التحرير, وبين أبو عمار بالذات في الـ76 عندما سقط مخيّم تل الزعتر, كان هناك صديقاً الله يرحمه اسمه احمد قبيسي وكان هو ملازماً للإمام وكان أحمد صديقاً حميماً للرئيس امين الجميل وخاصة كانا يسكنان البناية نفسها في شارع بدارو. وكان الإمام عندما يأتي عند أحمد قبل أن يصير اماماً, كان لا زال في صور, تعرف عليه الرئيس الجميل بِحُكم الصداقة مع أحمد قبيسي. عندما حلّ مكاني في تل الزعتر تدخّل بشكل مباشر مع الرئيس الجميّل وكان الرئيس الجميل مسؤول الكتائب عن المتن في تلك الفترة وكان نائباً.. نائباً عن المتن هو المسؤول عن جبهة المتن عسكرياً. وتدخّل وواريد ان اقول لك ان التدخل كان في أصعب الظروف لأنه كان هناك طفرة كبيرة, كان هناك امكانية مجزرة مدنية كبيرة, تدخل مباشرة, نزِل, أرسل مساعديه, أدخلهم الى المخيم, طلب من الشيخ أمين مباشرةً أنّ هؤلاء الفلسطينيين في ذمتك ومع الصليب الأحمر أخْرج من البوابة، الشيخ امين (كان عامل دفرسوار خارجي)، أخرج العديد من الفلسطينيين وما كان باتصال مع منظمة التحرير. أنا عشتها بتفاصيلها، واحدى المشاكل كانت أنه من يستطيع أن ينقذ هؤلاء. الشيخ أمين أمّن شحنات وأوتوبيسات ولكن تريد سائقاً القادر على أن ينتقل من الشرقية الى الغربية وكان هناك في طائفة واحدة الأرمن, واستخدموا كل سائقي الأرمن واستمر مدة 36 ساعة, لم ينم، لم ينم.. حتى انهى، بواسطة الصليب الأحمر وبواسطة البوسطات وبواسطة الرئيس الجميل اخراج جميع... آخر فلسطيني من المخيّم.
صعدت اليه وقلت له : أنت تغامر, كانت مغامرة كان ممكن أن يصير أي شيء ويحملونك المسؤولية, يعني أخرجتهم, أخرجتهم عن يد الكتائب, أخرجتهم عن يد الشيخ أمين.
قال لي:" أنا إما أن أخرجهم، إما أن أترك لبنان, أنا لا أقدر أن أرى بشراً يُقتلون وأنا أتفرج عليهم", وقد قال أنا بعباءتي أغطي كل لبناني وكل فلسطيني.
يعني أنا أريد أن أذكر هذا الكلام لأقول أنه كان نموذجاً حقيقياً جديداً في القيادة, وكان ناسه وجماهيره مصرون دائماً على اتباع ارشاداته بدون مراجعة علماً انه كان الى الصبر والصمود، كان متواضعاً جداً. ما كان يُغلق بابه بوجه أي شخص, كان بالاضافة الى ذلك يؤدي حساباً. كان دائماً عندما نجتمع يسأل هل أنا على الطريق الصواب, يعني نحن لسنا متعودين في العالم العربي على زعيم يقول هل أنا مخطئ, هل أنا على خطأ أو على صواب.
كان دائماً يسأل وعندما أسس حركة المحرومين أصرّ أن يكون هناك مسيحيين بعددِ كبير لتأسيس الحركة. وحركة أمل، التي هي حركة المحرومين أسسها مسيحيون ومسلمون وكان يصر على ذلك.
أنا أعتقد وأريد في هذه الذكرى وأنا أشكرك أن استضفتني عشية هذه الذكرى لأقول هذا النموذج هو النموذج الذي يجعل لبنان وطناً وهو الذي قال للتاريخ "لبنان وطن نهائي" الكلمة الموجودة في الطائف هو الذي قالها. أتيته نهاراً قال لي أنا أسمع خطابات, كان عندنا خطباء كبار لويس ابو شرف, الياس ..., قال أنتم تستعملون وتقولون لبنان أبدي سرمدي, يا أستاذ كريم أبدي سرمدي هذه صفات لله, ليست للبنان قولوا لبنان وطن نهائي. وهذا الكلام في السبعين بعد 19 سنة في الطائف توافق اللبنانيون على كتابة لبنان وطن نهائي.
المذيع: طالما بدأنا الحديث عن السيد موسى الصدر, كان من المفترض أو رُسم للبنان مخطط جُهنّمي في ما لو نُفّذ منع هذا المخطط بصراحة في السبعينات, منعه, منعته سوريا والسيد موسى الصدر وقلة من القوة اللبنانية هنا, هذا الكلام صحيح أم خطأ؟
الأستاذ كريم بقرادوني: تتكلم عن التقسيم..
المذيع: والترحيل والطرد
الأستاذ كريم بقرادوني: لا شك كان هناك مخططاً ما زال موجوداً, يمكن قلّ الكلام عنه ولكن ليس معناه أنّ المشروع اذا توافرت ظروفه لا يأتون به. يعني أنا أقول فكرة الشرق الأوسط الجديد أنا تخيفني, أنه اذا كان هناك تغيير أنظمة وتبقى الدول ثابتة, هذه مسألة شعوب ومسألة....وتغيير أنظمة شيء طبيعي. لكن أخشى ما أخشاه أن يكون تغيير الحدود بين الدُوَل, يعني تغيير الدُوَل. أفضل تغيير للشرق الأوسط أنت تعرف يكون إمّا على أساس إثني أو ديني. الإمام الصدر كان يقول كلاماً مهماً, كان يقول " إنّ لبنان أصغر من أن يُقسّم وأكبر من أن يُقتلع." وأعتقد أن هذه النظرية هي التي وقفت ضد مؤامرة التقسيم ودائماً مؤامرة التقسيم فلنتذكر هذا مشروع اسرائيلي دائم, يعني تقسيم المنطقة حتى تصبح تشبه اسرائيل بدلاً من أنّ اسرائيل تشبه المنطقة, هذا واضح. والأميركيون يدعمون, أنت تعلم, الأميركيون يديرون العالم, لكن عندما يتعلق الموضوع باسرائيل, القرار يصبح لاسرائيل ولأميركا, طبعاً فقط في ما يتعلق باسرائيل. طبعاً اسرائيل لا تستطيع أن تأمر أميركا في علاقاتها مع الصين مثلاً , ولكن في ما يتعلق بالأمن القومي الاسرائيلي لا شك الأميركان يمشون كما تريد اسرائيل. من هذه الناحية لا شك أن مشروع التقسيم الذي وقف ضده الامام, عندما شعر بأن الأمور وصلت الى حدود ممكن ان تنهار المؤسسات, نزل الى المسجد وصام, حمل عباءته ونزل. وبقي صائماً حتى أوقف احدى جولات الحرب في لبنان. أنا أعتقد بأنه ولا شك كان يعي خطورة التقسيم, أمر ثانٍ كان يعي أهمية دور الشيعة في لبنان, ويعتبر أن هناك عموداً فقرياً يشكله الشيعة في لبنان للحفاظ على الوطن الموحد والوطن النهائي. من هذه الناحية كان استراتيجياً الى النهاية, وأنا أعتقد أنه يمكن تغييبه أطال حرب لبنان , وأنا من القائلين لو كان الإمام موجوداً لكان قصّر عُمْر الحرب.
