سعيد غريب: مساء الخير مشاهدينا الكرام، في زمن العنف والاضطراب والخوف والقلق الذي يعم العالم نفتقد اليوم القامة المديدة والهامة المرفوعة على امتداد الوطن نفتقد تلك اليد الممدودة إلى النضال من اجل الحق والحقيقة، من اجل الانسان والمجتمع، من اجل وطن يشبه نفسه واحلامه واهله الطيبين.
موسى الصدر العلامة الفارقة أبداً في تاريخ لبنان الحديث، لا ينتمي إلى فكر مضى ولا يمثل نهجاً ولى زمانه ويبقى هو هو المقاوم والإنسان الحالم بوطن للانسان فيه كرامته وللأرض سيادتها وللمجتمع عزته. غيابه المحير يجعله الحاضر دوماً بفكره الهادئ والثاقب معاً. بحكمته القوية والدمثة في آن، بمبادرته الجريئة والطموحة. ان اعتصام الإمام موسى الصدر في العام 1975، لبنن الازمة للمرة الأولى عن طريق القول ان اللبنانيين مسؤولون عن الأزمة أكثر من غيرهم وانهم قادرون أكثر من غيرهم على حلها والخروج منها اذا قرروا التضحية بذواتهم. الإمام الصدر من اوائل الذين ساهموا في اطلاق الحوار الاسلامي المسيحي في لبنان فكان مع رفاقه المطران جورج خضر والاب يواكيم مبارك والشيخ صبحي الصالح وحسين صعب والاب فرنسوا دوبريه لاتور ويوسف ابو حلقة ونصري سلهب اول من وقعوا بياناً في الثامن من تموز في العام 1965 في اطار المحاضرات التي نظمتها الندوة اللبنانية عن المسيحية والاسلام في لبنان. هذا البيان يشكل نقطة البداية الفعلية للحوار الإسلامي المسيحي في لبنان لما تضمنه من تأكيد على الثوابت المشتركة في المسيحية والاسلام. وضيفنا الليلة بل مضيفنا، كل ما فيه يشير إلى تفوق ورفعة ورصانة وهيبة ومقدرة على الاستيعاب وقوة في الذاكرة ودقة في الملاحظة، وسعة النظرة إلى الفوارق وقدرة على المحاجّة والاقناع وتوليد الافكار. غسان تويني واحد ممن أعارهم الله من معرفته ومن احبهم واعزهم وفضلهم على سائر خلقه رغم اخضاعهم لتجارب التي هي في الغالب قاسية قاسية ومرّة مرّة. كبير يتحدث عن كبير. مساء الخير استاذ غسان.
غسان تويني: مساء الخير، أنا سعيد جداً ان نلتقي مرة ثانية للحديث عن الإمام.
غريب: أنا اشكرك استاذ غسان، وأعرف كم يعزّ عليك هذا البلد ويهمك امره.
تويني: هذا تحصيل حاصل.
غريب: ما أشبه البارحة باليوم، نحن نقرأ مقطعاً من السيد الإمام من 29 و30 سنة كأنه اليوم، أخبرنا ... لو سمحت.
تويني: أنا قرأت اليوم مقالاً للسيد هاني فحص.
غريب: في صحيفة النهار.
تويني: في صحيفة النهار – بتصير دعاية.
غريب: مش ناقصك.
تويني: الآن يحضرني الإمام موسى الصدر – الإمام الصدر، كم العنوان بحد ذاته معبّر بمعنى الحضور. الإمام المغيب نتمنى دائماً كلنا ان يرجع من غيبته، لكن اصبحنا نستلهم تراثه ومواقفه وحضوره إلى درجة ان كلمة المغيب لم تعد تنطبق اليه. الإمام حاضر دائماً، اعرف انك تريد ان تسألني عن ذكريات وقصص لن نتكلم في الذكريات كثيراً لكن سأقول كيف تعرفت على الإمام تعرفت عليه اول مرة عام 1964 عندما أبّن الشهيد كامل مروة، الصحافي زميلنا في قرية نائية في الجنوب في الزرارية لم اعد اعرف اذا لازالت موجودة او ماذا حصل لها. اقرأ كصحافي ما هذا الكلام؟ من هو هذا الشخص؟ من اين جاء. الكلام أكبر من المناسبة ولسنا متعودين عليه من رجال الدين لا المسيحيين ولا المسلمين. سأقول لك: "الحرية هي المكان الملائم لنمو طاقات الانسان". انا تلميذ فلسفة، من اين هذه الافكار التي كل كلمة فيها تحتاج إلى كتاب؟ "اما كيف تسلب الحرية؟ فمن التقزيم إلى الاستبداد إلى الاستعمار، ومن الاقطاع إلى الارهاب الفكري وادّعاء الوصية على الناس وادّعاء انهم لا يفهمون. الحرية هي في آن واحد الانسان ولبنان". هذا الكلام .. انا كنت ادخل واخرج من السجن في 1964 وكامل مات .. اطلقوا عليه النار لأنه دافع بحرية عن المبادئ التي يؤمن بها ولم تكن هي مبادئ السلطة المستبدة في العالم العربي. وفجأة صرت ابحث عن كيفية التعرف عليه عبر اتصالات وقصص وسألت عنه وإلى آخره... ثم حكوا لي كيف جاء من ايران.
فنشأ في نفسي شيء ابعد من الحشرية الصحفية. الصحافي دائماً حشري أحسست بحاجة ملحة إلى ان ألتقيه واجلس معه وتدخل بعض الاخوان وتحضر اللقاء في منزل السيد ميشال اسمر تكلمت عن ... كان ينظم سنة 1965 اول سلسلة عن الحوار بين المسيحية والاسلام. ذهبنا واجتمعنا هناك واذكر ان المطران جورج خضر كان حاضراً والمونسينيور يوحنا مارون، ولا اعتقد ان يواكيم مبارك كان هناك واعتقد انه كان، كنا عندما نجلس معهم لا نميز المسيحي عن المسلم. عندما يحكي المطران جورج نعتقد ان الإمام هو الذي يتكلم اذا تكلم الإمام نعتقد ان المطران جورج. مرت الايام واذا اردت ان اقول التاريخ الاهم المحوري في مسيرته اقول انه في 19 شباط 1975 يوم جاء إلى الكبوشية. لا احد سواه ولا من قبله منذ ان كان الاسلام تجرأ رجل دين مسلم وفي مركزه وبعد ان تأسس المجلس الشيعي الأعلى وجاء وقف ليدشن موسم عظات الصوم، لازلت أراه كأنه امامي الآن وكان في القاعة رئيس الجمهورية السابق شارل حلو، وقف هكذا استظل صليب معذّب على الحائط وبدأ يوعظ.
غريب: كان رئيس الجمهورية هو سليمان فرنجية...
تويني: نعم ولكن شارل حلو حاضراً، الرئيس فرنجية لم يكن يحضر كثيراً إلى الكنيسة عندما يأتي الإمام.
غريب: لماذا؟
تويني: (يضحك)...
"نحمدك اللهم ربنا رب المستضعفين، الحمد لله الذي يؤمن الخائفين ويرفع المستضعفين ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين. نحمدك اللهم ربنا على ان وحدت قلوبنا برحمتك ونحن نجتمع بين يديك، في بيت من بيوتك، في اوقات الصيام من اجلك. فإلى بابك اتجهنا وفي محرابك صلينا. اجتمعنا من اجل الإنسان الذي كانت من اجله الاديان، وكانت واحدة يبشر بعضها بعض فأخرج الله الناس بها من الظلمات إلى النور، وعلمهم السلوك في سبيل السلام". طبعاً صوتي انا غير صوت الإمام. عليك ان تتصور هذا المارد الحاضر من اللانهاية واقفاً على المنبر والصليب المهم في الكبوشية معذّب ولا اقول معلقاً على الحائط، معذّب على الحائط. "كانت الاديان واحدة، لأن البدء الذي هو الله واحد، ولأن المسيح الذي هو الكون واحد. ولما نسينا الهدف نسينا الله، فابتعد عنا فأصبحنا مزقاً، وخدمنا مصالحنا الخاصة وعبدنا آلهة من دون الله".
هذا كلام غير اعتيادي من رجل دين، وانا ذاهب نهار الجمعة إلى اجتماع في روما لرؤساء الاديان في العالم بحضور البابا ورئيس الجمهورية الايطالية. هذه السنة العشرون التي يعقد فيها اجتماع من هذا النوع، بدأها يوحنا بولس الثاني، والسنة الماضية كان هناك شخصاً لم اعد اذكر اسمه لأن ذاكرتي لم تعد تخدمني، عالم ايراني مهم تكلم ساعة وربع عن الاسلام بلغة مهمة جداً. طبعاً يقول الواحد نحن نتحاور ولا زلنا في مكاننا. هذا ليس صحيحاً. نحن لسنا في مكاننا.
غريب: انها تفعل.
تويني: طبعاً تفعل، على الاقل نضع مُثلاً نطمح اليها. هذا المارد الجبار نفتقده، طبعاً نفتقده، لكن هذا الافتقاد ليس بالمقارنة مع اي احد آخر لأن في هذه الايام هناك اكثر من المناظرات.
غريب: هل هناك خبرية تتذكرها بينك وبينه؟
تويني: نعم، اتذكر خبرية اساسية جداً، يوم اعتصم في الكلية العاملية لأن الحرب كانت دائرة، وهو سيبقى معتصماً وصائماً حتى تقف الحرب. اعتصم كم يوم ثم تألفت الحكومة التي كنت انا عضواً فيها – حكومة رشيد كرامي وكان فيها عن الشيعة الرئيس عادل عسيران- عندما انتهينا من المراسيم عند رئيس الجمهورية في بعبدا. خطر في بالي ان ننزل انا وعادل بك وكان صديقي باعتبارنا وزيرين لا نمثل فرقاء الحرب. لا هو مع احد ولا
أنا مع احد. ذهبت عند سليمان بك وقلت له فخامة الرئيس لدي اقتراح تشاورت فيه مع عادل بك قال تفضل دائماً لديك اقتراحات قلت له نعم، سوف ننزل على الكلية العاملية عادل بك وانا لنقول للإمام موسى الصدر ان يفك اعتصامه لأن هذه الحكومة متبنية دعوته للسلام. هل يجوز ان يبقى معتصماً معناه اما أنه غير مصدق للحكومة او انه ينزع الثقة منها. واذا اخذنا زخمه فهذا الزخم يساعدنا كثيراً ان نوقف الحرب. قال نعم لا مانع وسلموا عليه. وكان واقفاً الرئيس كميل شمعون وكان وزير الداخلية ويمثل الفريق المسيحي المحارب، وقال سلموا عليه من قبلي انا ايضاً. قلنا له هل تنزل معنا قال لا، انزلوا انتم لكن انا معكم بالروح. نزلنا وصلنا إلى الجامع. لا يمكننا الدخول طبعاً عادل بك يستطيع الدخول ولكن عليه ان يخلع حذاءه. سألنا شيخاً نعرفه هناك: هل تستطيع ان تبلغ سماحة الإمام أننا أتينا، عادل بك وأنا، تألفت الحكومة الآن ونحن أتينا كوزراء لنراه. نزل تكلم معه وطلع هو من صحن الجامع، انا (نقزت) رأيت المطران خضر معه في صحن الجامع. قلنا له سماحة الإمام نحن أتينا الآن تألفت الحكومة الجديدة. قال سمعت بالراديو. مبروك. قلت له لا "مش مبروك" نريدك الآن ان تفك صيامك واعتصامك وتعلن هذا الشيء لأن رئيس الجمهورية كلفنا نحن قلنا له إننا آتون اليك باعتبارنا اصدقاءك، وكلفنا ان ننقل لك هذه الرسالة والتمني من قبله. قال اعطوني بعض الوقت لأنزل واستشير. نزل جلس مع مجموعة مشايخ واشخاص ثم خرج وقال نعم. قلت: انا الذي يشغل بالي كثيراً ان الناس في الخارج مسلحة ايضاً وانت تعتصم هنا من اجل السلام، والشباب في الخارج يحملون السلاح. فقال لي انا معتصم لأني ارى الناس تحمل السلاح أكثر فأكثر. وقتذاك اطلق رسالة السلاح زينة الرجال شرط ان يكون من اجل السلام. الآن كل الناس يستشهدون بالنصف الأول من الجملة لا اله، يبقى هناك الا الله، السلاح زينة الرجال من اجل السلام.
هذا أكثر لقاء أثّر فيّ ثم بقيت أراه، وكنت أتأثر كثيراً عندما نذهب لنسهر في منزله في المزرعة او في المجلس الشيعي الأعلى او في الحازمية. عندما اراه كإنسان يضع طفلته على ركبته ويدللها بوجودنا، ابداً انسان. ما هذا الإنسان وما هذه الخرافة الموجودة؟ شخص تعتبره غير حقيقي لا حجمه يجعلك تنظر انه مثله مثلك ولا كلامه ولا شيء وبنفس الوقت يدلل طفلة صغيرة بهذه العاطفة.
غريب: استاذ غسان، اذا اردت ان اطلب منك ان تقرأ موسى الصدر اليوم بعد 28 سنة على تغييبه ما الممكن ان تقوله؟ غير الذي قاله السيد هاني فحص، غسان تويني ماذا يقول؟
تويني: غسان تويني ... اريد ان اقول شيئاً ثانياً، اريد ان اقول ما هي الوصية التي تركها لنا. وصيته الاساسية كانت انشاء جبهة للدفاع عن الجنوب، والآن هناك الكثير من الاجتهادات التاريخية التي تقول ان هذه الجبهة صارت حزب الله او صارت المقاومة او صارت حركة أمل، لا مانع، تحدث هو عن الحالة الاسلامية او الحالة الشيعية وهذا هو الواقع، نحن اولاً لا نختلف عن غيرنا من الشعوب، عندما سقطت برلين، او دخل ديغول وحرّر فرنسا، اخذت الكثير من الوقت حتى يأتلفوا ان كانوا من المانيا وكلهم من جنس واحد او في فرنسا كله من جنس واحد ولكن انقسموا احزاباً واخذوا وقتهم. نحن نريد ان نخترع وطننا على ضوء شيء أسميه ليس الحالة الشيعية، الثورة الشيعية، هذه الثورة ضد العدو المشترك، الآن هناك الكثير من التعليقات، ولكنها صحية ويجب على السيد حسن نصرالله، الذي اشكره لأنه استشهد بي المرة السابقة....
غريب: عن الدولة المقاومة.
تويني: عن الدولة المقاومة، ولكنه استشهد بها دون ان يضعها في الاطار الذي قيلت فيه ولكن على كل حال صحيحة كنا نتشارع عن المقاومة وعلاقتها بالدولة. قالت له: سماحة السيد نحن لا نريد المقاومة ان تكون مقاومة في الدولة مع الامر الوحيد الذي يحل الازمة ان تصبح الدولة ليس المقاومة –المُقَاوِمَة يعني – انا بنظري تصبح الدولة تقتبس الآن من هذا الاختبار.
غريب: بكسر الواو.
تويني: لهذا السبب قال بمجلس خاص ووصلتني الرسالة وايضاً اشكره أكثر انه غسان تويني حكى أكثر منا في الموضوع. ليست القصة أكثر او اقل منه، لا احد يستطيع ان يسايره نحن نحتاج إلى دولة جديدة الآن، واذا لم نعمل دولة جديدة لن نستطيع ان نعيش ... هناك الجسم الاجتماعي، الناس لا تعرف ما هي الدولة ... لا زال الكثير منا وخاصة اخواننا الشيعة او بعض اخواننا الشيعة يتكلمون كلاماً غير علمي انه نحن والدولة. لا، نحن الدولة، نحن اللبنانيون كلنا الدولة ما هي الدولة؟ الدولة ليست الدولة العثمانية، لازلنا نعامل الحكومة او السلطة كأنها سلطة عثمانية او سلطة فرنسية او سلطة شاهنشاه في ايران او ما شابه. نعيد صناعة الاستقلال كل يوم والا فإنه لن يتبقى لنا لا استقلال ولا دولة.
غريب: سنتكلم عن الدولة ومفهومك لها استاذ غسان لأن الكل ينادي بالدولة لم نعد نعرف مفهوم هذه الدولة ويهمني ان اسمع شرحاً من قبلك بالنسبة للسيد موسى الصدر انت التي عاصرت تلك المرحلة بكل تفاصيلها تقريباً، ليس تقريباً، بكل تفاصيلها حسب رأيك من بعد 28 على هذا الحدث لماذا غُيب الإمام ورفيقيه الذين كانوا معه، وهل قدر الكبار ان لا يستمروا وبالتالي هل شرط الاستمرار هذا التطرف؟
تويني: الحقيقة هو غُيّب لأنه أتى بنظرة جديدة للكيان والوطن اللبناني .. غير مقبولة
غريب: غير مقبولة!!
تويني: نعم، نعم، نعم، ومن ثم لا انسى جاء في رسالة منه كنت في نيويورك وهو في طريقه إلى ليبيا.
غريب: حضرتك كنت في نيويورك.
تويني: سفير لبنان.
غريب: نعم
تويني: نعم، في هذه الرسالة يحكي الكثير من الاشياء، لكن من هذه الرسالة انا استوحي دون ان اذكر ماذا يوجد في الرسالة، مع ان الرسالة تحدث عنها ذاك اليوم السيد حسين الحسيني وتفاجأت انا ان لديه نسخة منها، فالإمام كان منظماً ويعمل نسخاً عن رسائله.
غريب: جيد ان نطلع عليها كجمهور.
تويني: انا لا املكها، الرسالة في مكان سري آمن خارج لبنان.
غريب: ما مضمونها؟
تويني: مضمونها عذابه الشيعي والجنوبي واللبناني لم يكن يميز نحن كلنا كنا نشعر معه اننا شيعة، وكلنا اعضاء في طائفة الشهادة وكلنا لدينا طموحات. ثم يذهب في الرسالة – اخذت بعض الملاحظات – انه مضطرب في رحلته وانه يذهب مضطراً ليخلص مشكلة. ناس يقولون وساطة بين سورية والمقاومة وناس يقولون وساطة ... لا ادري شيء من هذا النوع يعني كان هناك قصة عربية كبيرة هي الي ادت إلى تغييبه.
غريب: عبر عن اضطرابه في هذه الرسالة؟
تويني: احسست باضطرابه لم يعبر من كتاباته، لما انسان صديقك ولو كان هناك تفاوت، هو امام وانت لا شيء صحافي او سفير، تحس انه ذاهب وغير مرتاح ومستعجل للعودة. سألني اين اكون هل سأكون في نيويورك في باريس لأننا كنا نلتقي في باريس احياناً.
غريب: هل قدَّر شيئاً ما؟
تويني: تعرف هو رجل كتوم جداً.
غريب: ما العبارة التي جعلتك تقدر انه كان مضطرباً.
تويني: الايام الصعبة التي تنتظرنا. وابقَ شديداً، وابقَ في الأمم المتحدة حارساً اميناً حتى تنفيذ القرار 425 وله كلام عن القرار 425 يا ليت الذين يستهترون بقرارات الامم المتحدة ان يسمعوا ويتعلموا منه. كان عنده ايماناً بالشرعية الدولية وان الانسان لا يستطيع ان يعيش معزولاً عن العالم وكان مرتاحاً كثيراً. وعندما تم التصويت على القرار 425 اتصل بي من بيروت وكان هو او ريمون اده اول شخص يتصل وهنأني.
غريب: هذه قبل 5 اشهر من عملية تغييبه ... هل كان يقوم بوساطة؟ هل هذا هو السبب برأيك او هناك شيء آخر.
تويني: سأقول لك لماذا افترض انه هو السبب؟ لا أعرف .. انا افترض ...
غريب: بعد 28 سنة ماذا نستطيع ان نقول للعالم؟
تويني: اعرف اني التقيت به مرة في الشام وكان ذاهباً في وساطة جلسنا انا وهو، جاء إلي وكنت في اوتيل المريديان، واذكر ان المناسبة كانت مأتم البطرك الياس الرابع، بطرك الروم، مركزه الشام. فجئت من نيويورك على المأتم، وتفاجأت انه هناك لم يأتِ إلى المأتم شو مبين هون سماحة السيد؟ قال لي: نعم هناك مسعى. أراك مساءً ونتكلم. فقلت له انا لن اتحرك. فقال لي لا تتحرك. جاء عندي في الاوتيل وجلسنا في زاوية في الصالون واخبرني انه يعمل وساطة مع سورية، بين سورية وابو عمار. هذه وساطة دائمة. ابو عمار كان يجبر كل واحد منا ان يفتح دكاناً متخصصاً ببيع السلام مع ابو عمار. وحافظ الاسد لم يكن هيناً. الوساطة ما اثمرت في النهاية – الليبيون – لا اعرف – اذا كا كانوا طرفاً في النزاع في الوساطة. لكن احداً ما نصحه. لأنه يكتب احياناً مغيبات – قالوا لي ان هذه الرحلة قد تجدي نفعاً في خدمة السلام العربي. اعتقد ان مشهدي ليس استشهاداً حرفياً، هذا بعد 28 سنة تذكار. واعتقد ان غيري لديهم هذه النظرية وكتبوها.
غريب: دفع برأيك، استاذ غسان، ثمن سعيه لوحدة لبنان للابقاء على وحدة لبنان لأن وحدة لبنان الكثيرون يدفعون ثمنها؟
تويني: دفع ثمن شعوره بأن لبنان واحد وان اللبنانيين يجب ان يكون لبنان وطنهم النهائي ليس وطن إعارة وتهجير. وانا اعتقد ان الشخص الذي يعبر عن رأي الإمام موسى في كتاباته هو الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله والذي بوصاياه الذي أملاها وهو على فراش الموت. وعندما يكون الإنسان بينه وبين الموت خطوة، لا يعود يكذب على ربه او على الاجيال القادمة، ارسل وراء ابنه وسأله ان يجلب معه آلة تسجيل وقال له سجّل هذه الوصية. سجلها عندما انتهت قال له: ابقها معك سنة، وبعد سنة خذها إلى غسان وقل له هذه وصية مني له وقل له ان ينشرها ككتاب مع مقدمة منه وهو يعرف. فيها كلام خطير جداً انه لا تفكر ايها الشيعي ان الشيعي الآخر، في وطن آخر، اقرب اليك من اللبناني ابن وطنك والذي هو غير طائفة او دين. ومحمد مهدي شمس الدين هو الذي ورث المهمة.
غريب: ما الذي كان مطلوباً، استاذ غسان؟
تويني: لا أعرف، الرجال العظام .. لا يجوز ان نتسلق سُلم...
غريب: لا، لا، من خلال هذا الكلام الخطير، ما المطلوب في المقابل حتى لا يكون خطيراً.
تويني: هناك طبعاً حركة المحرومين، هناك كلام سأستشهد لك فيه، أنا محضر حالي لكن ليس كثيراً، هو كان يقول ان المحرومين ليسوا وقفاً فقط على الشيعة.
غريب: هو لم يقل لي ولا لك.
تويني: لا انا افترض ما كنت ستقوله، ولو. اعتقد في الظرف الذي نعيش فيه المطلوب منا ان نستلهم مسلك الإمام وكل عبارة كتبها او كل عبارة قالها. حتى بواسطتها يمكن ان نهيئ ذهننا ونفسنا. المطلوب الآن، وهذه سخافة وانا مع السيد حسن نصرالله تماماً عندما قال ان اليهود كيف يقدرون ان يطلبوا منه ان ينقل حزب الله إلى ما فوق الليطاني، حزب الله هم في ضيعهم.
غريب: كأنك تطلب نقل مليون انسان.
تويني: لا ليس كذلك تستطيع نقل مليون انسان، فعلوا ذلك بصربيا، والبلقان وورثتنا الامبراطورية العثمانية نفس التركيبة الاجتماعية وليس هذا المهم مثلاً دعني ما قال الإمام: "لبنان بلدنا رصيده الأول والاخير هو انسانه، انسانه الذي كتب مجد لبنان بجهده وتفكيره وبمبادراته، وطننا لا يحفظ فقط للإله وانسانه بل للإنسانية جمعاء". يقول لبنان هو لإبراز الصورة التي تتحدى الصورة الاخرى صورة اسرائيل. ونجد هنا انفسنا في فرصة العمر فلنلتقِ على الانسان، على صعيد الانسان كل انسان، انساننا في بيروت والجنوب والهرمل وعكار وضواحي بيروت والكارنتينا وحي السلم للحفاظ على هذا البلد امانة للتاريخ، ولنحافظ على الانسان وعلى لبنان، لنحافظ على الانسان وعلى لبنان. حسرة تبقى في نفوس الذين شاركوا الإمام الغائب ابتهاله تلك الوصية. فرصة العمر هل ضاعت؟ لو لم يغيبوه لما وقعت ربما قلت تلك الحروب – انا اتساءل وتبقى الوصية امانة منه عند المصلين إلى الله الاحد. المحبين لبنان الواحد، الانسان الواحد، الانسان في حريته هذا الذي استطيع قوله الحرية في لبنان هي في آن واحد هي الإنسان وهي لبنان. هذا معنى كلامه. هذا ليس كلام شخص ليس منه. تحسُّ ان كلامه ليس منه.
غريب:طيب، أستاذ غسان، حسب رأيك، موضوع لبنان الوطن الواحد الموحد الحر المستقل الديمقراطي التعايشي خل لا زال مستهفدفاً؟
تويني: نعم طبعاً، لا زال مستهدفاً .. اسرائيل .. أنا استغرب كيف يقول البعض العدوان الوحشي، اولاً، هل يمكن ان يكون هناك عدواناً غير وحشي؟
ثانياً، الذي يقرأ تاريخ اسرائيل والذي يقرأ كتابات الاسرائيليين لا يتوقع هذا الشيء؟ كل مواقفهم وعقيلتهم مبنية على الحقد, مرة في مجلس الأمن، قرأت فقرة تقول ماذا يقول حزقيال عن صور يهددها بنار الرب، هنا كل شخص يتكلم باسم الرب بأنه سوف أحرق ارضك بحيث يصبح ترابك رماداً ولا ينبت فيه عشباً ولا يعيش عليه حيوان وشجر الزيتون سيصبح كله حطباً، امجادك الامبراطورية، كانت صور نشكر الله تعتبر نفسها امبراطورية، وانت ملكة البحار يا صور انت ملكة لا شيء. كله حقد، كله حقد .. ثم ان اول رئيس بلدية للقدس الموحدة بعد توحيدها بعد قيام الدولة يقول: نحن لا مانع اذا كان غير اليهود يريدون العيش هنا، لا يستعمل كلمة الفلسطينيين هنا، لأن الفلسطينيين غير موجودون. كما قالت غولدا مائير "الفلسطينيون ماتوا، لا يوجد فلسطينيون". قال لا مانع لدينا ان يأتوا ويعيشوا لكن عليهم ان يعرفوا انهم سيعيشون كعبيد. حرفياً، وإذا اردت الكتاب سأجلبه له واستشهد به ويقولونها وينشرونها دولياً. والخيار الآخر الموت. عندما مسحوا دير باسين وهجّروا كل الفلسطينيين، هناك ضابط كان اسمه اموس روز او هكذا شيء، كتب وصفاً لاحقاً لهذا، هناك ناس فيها شفافية في نفسيتهم، قال انا كنت انظر إلى صبي ذاهب من دير ياسين التي تحترق وكان ينظر إلى الخلف، كان ينظر إلى بيته يحترق، وقلت للذي معي: "هذا هو فدائيّ الغد، هذا الولد الذي ننظر اليه الآن هو فدائيّ الغد". هناك عدة دير ياسين في فلسطين، دير ياسين وكفر تبنيت المارونية، الذي فعله الاسرائيليون هنا من السذاجة والسخف ان نستغربه.
والآن الرأي العام العالمي بدأ يتكلم، احد وزراء العدلية السابقين في اميركا مؤسس جمعية تجتمع في نيويورك وقد ارسل E-mails لمن يريد الاشتراك ويكون عضواً فيها وغرضها، وهذا وزير عدلية في اميركا، مقاضاة اميركا ورئيس جمهوريتها بوش ومقاضاة اسرائيل ومسؤولين عن الحكم فيها بمخالفة القوانين الانسانية وارتكاب جرائم ضد الانسان ومخالفة اتفاقية جنيف، ونحن لازلنا هنا يدرسون ويبحثون ليروا اذا هناك امكانية اقامة دعاوى اين وكيف. اميركا تتحرك وتقيم دعاوى على اميركا.
غريب: استاذ غسان، قبل ان نتطرق إلى موضوع الحرب اذا انتهت برأيك كيف ستنتهي، هناك موضوع نهائية ...
تويني: والله السيد حسن الصراحة كان مُطَمْئِناً..
غريب: حَزَمَ.
تويني: حَزَم ان ليس هناك جولة ثانية، لكن غير مصادر تقول ان اليهود ممكن ان يعيدوها.
غريب: مثلاً الرئيس شيراك.
تويني: نعم، حذزنا من هكذا شيء.
غريب: نهائية ...
تويني: لا تختار الآن بين شيراك والسيد ...
غريب: لا، لا، لكنك تقول لي انهم متخوفون.
تويني: السيد حسن نصرالله لديه مسؤولية تختلف عن مسؤولية شيراك. سهل ان تكون رئيس جمهورية فرنسا وتتكلم بمسؤولية دستورية. والعلاقة الدستورية معروفة بينك وبين شعبك، والعلاقة الدستورية معروفة بين بلدك وجمهوريتك والشعوب الاخرى. لكن عندما تكون متحملاً قيادة شعب، هناك شيء اسمه شعب حزب الله، يعني حزب الله ليس فقط التنظيم الفظيع الذي يعرض لنا الاسرائيليون صوراً كل ساعة عنه.. صور دهاليز تحت الارض .. الاسرائيليون ايضاً مضحكون، كل مرة يتفاجأون لا يصدقون اننا ايضاً بشر... غير قادرون ان نفعل شيئاً، هذه خامس مرة او سادس مرة يكتشفون دهاليز حفرها تحت الارض المقاومون العرب، دهاليز من غزة إلى مصر، ما هذه العجيبة؟ ما الفظيع الذي تحويه؟ لأن بنظرهم لا احد غيرهم يستطيع فعل شيء وهي دولة اذا اوقفت اميركا مساعداتها عنها يموتون من الجوع.
غريب: على كل حال اليهود مرتاحون في كل دول العالم الا في اسرائيل، استاذ غسان، نهائية لبنان الكيان والعيش المشترك التي أكد عليها الإمام موسى الصدر قبل الطائف والكتلة الشيعية ككل بعد الطائف، لماذا قوى 14 آذار متخوفة من الخطاب الشيعي، او غير مُطْمئَنِةَ؟
تويني: ليس قوى 14 آذار، هذه التعميمات الساذجة او السطحية، اولاً قوى 14 اذار هي قصص متناقضة ببعضها، هناك مجموعات للذين وقفوا في 14 اذار وطالبوا بشيء معين، ما الذي يجمع دوري شمعون الذي ردّ عليه السيد حسن بوليد جنبلاط، هل تراهم في نفس الرأي ونفس الحزب؟
غريب: يعني، هناك قواسم مشتركة؟
تويني: نعم هناك قواسم مشتركة، لكني لا اعرف اذا كانت اكثر او اقل من القواسم المشتركة التي بين وليد وحسن نصرالله ... نعم وليد بك بلا مؤاخذة، لا (ما في) هناك الوطن والاستقلال، شيء يعطونك إياه مرة واحدة تفتح الخزانة وتضعه في كتب مرتبة حلوة ونضع كتاباً اسمه الاستقلال. الوطن يجب ان تصنعه كل يوم، جيلاً بعد جيل، وتستحقه كل يوم وتعيشه كل يوم، وتؤمن به كل يوم، وتتصرّف بهديه كل يوم. يجب ان يكون له اسماء علم الاستقلال، الوطن. موسى الصدر هو استقلال لبنان، فلان الفلاني هو استقلال لبنان، رياض الصلح، بشارة الخوري هو استقلال لبنان، البطريرك الحويك هو استقلال لبنان، من حسن حظنا نحن ان استقلال لبنان له اسماء علم من كل الطوائف. نحن صنعناه كلنا معاً. في الدول العربية، في بعض الدول العربية (قلة ما هي مهيجة) لمظاهرة 14 آذار 2005. مليون رجل في ساحة البرج، لأنك اذا حسبت المليون رجل كم (يطلعوا) في دولة عربية فيها ملايين.
غريب: لكن هذا عملياً نسبياً رقم ...
تويني: هذه سابقة خطيرة جداً، سابقة خطيرة جداً، من هنا اريد ان اعود إلى مقال في افتتاحية صدرت في النهار كتبها حامل جائزة نوبل، العربي الوحيد الحامل جائزة نوبل للعلوم، احمد زويل من مصر وأحب ان ينشر المقالة في النهار وليس في الاهرام مثلاً. قال: "آن الأوان لندعو إلى حركة جهاد جديد، جهاد من اجل المعرفة من اجل التحديث، من اجل بناء انظمة دستورية جديد تصونها الحرية. من الخطأ ان نظن نحن ان العالم العربي نائم او اننا الآن مقبلون على فترة اننا انتهينا غلبنا اليهود وانتهت القصة. اذهبوا ارتاحوا يا شباب سنعمر لكم بيوتاً وتسكنوها وهذه نقود لتشتروا فيها فرشاً. وانتهت القصة. كلا لم ينتهِ شيء.
غريب: الآن ما الذي سيفعلونه؟
تويني: لا، سأقول لك ما الذي سنفعله نحن، وليس ما الذي سيفعلونه؟ المطلوب منا نحن كيف سنعود لنعيش، هذا الشيء الذي حصل في استقبال النازحين، بعفوية وبساطة، وانه يطبخون لهم ويرسلون الطعام إلى المدرسة ساخناً كالذي يأكلونه في منزلهم. هناك حادثة في المتن. كان هناك لا ادري كم عائلة، قامت راهبة مدنية، راهبات (مش لابسين راهبات) – (هلق بالشادور صرت تفتكر الشادور راهبات) نظمت صلاة المسكونية، صار الشعب الشيعي المستضعف وشعب الضيعة (افتكر) في قرنة شهوان، يصلّون معاً كل ليلة الساعة السادسة كل واحد في دينه، هذا يقرأ في الانجيل وذاك يرتل في القرآن إلى آخره. وهذه فرحوا بها، وارسلوا لها خبراً بعد ذلك للراهبة انهم قادمون لزيارة لتأخذينا إلى مار شربل الاسبوع القادم لأنك كنت تصلين لمار شربل كل يوم وحتماً صلاتك استجيبت وحتما اذا كان هو قديساً، وحتماً هو قديس لأن هناك ناس إلى هذه الدرجة مؤمنين به يكون ساعدنا حتى تحررنا، هل هذا لا شيء؟
غريب: عظيم.
تويني: من سمح لهؤلاء زعماء الحرب الأنتيكا انه ستصير حرباً غداً بيننا وبين الشيعة، ما هذا الكلام؟ كانت صارت الحرب، ميشال المر كان اعلن في جلسة الحوار، طالما يباح ماذا قلنا في الداخل قال ان وجود سلاح عند حزب الله يجعل كل مسيحي لديه بارودة في منزله يمسحها ويلمعها ويحضّر الخرطوشوات. قلت له: "انا ليس لدي بارودة، هل تستطيع ان ترسل لي واحدة، ابو ايلي؟" لو اي شخص عنده بارودة كان استعملها. غير صحيح صائب سلام كان يقول: "يظلون يهددوننا بالحرب" كلما اقترب مسيحي من مسلم لوقعوا في احضان بعضهم وبدأوا يتعانقون، لماذا لم يصفعوا بعضهم تعرف على الطريقة البيروتية العتيقة. الموقف العفوي هو التحية والاحتضان والبحث من غير ان نكون متفقين، اذا جلست معك غير هذه الجلسة لأجل ان ارى اذا كان تفكيرك مثل تفكيري واذا كانت قراءتك للإيمان غير قراءتي لكن نحس ان هناك شيء بيننا مشترك. انا، مع الاسف ذهبت إلى مجلس النواب بعد ان اضطرتنا الظروف واستشهاد جبران وقفت على الباب وصرت انظر اقترب شخص وسألني: ما بك تنظر يا استاذ؟ قالت له: "انا افتش عن شخص اعرفه من ايام زمان بعد خمسين سنة".
(فاصل)
غريب: وجدت؟
تويني: كلا، لم أجد. هناك ناس اعرفهم، لكن اريد شخصاً من خمسين سنة صرت اقول هنا كان يجلس فلان وهنا فلان.
غريب: استاذ غسان، الله يطول بعمرك، سنكمل حديثنا معك. ولكن لنأخذ فاصل قصير.
غريب: استاذ غسان تويني، سنكمل حديثنا معك، ونريد ان نسمع رأيك في موضوع يشغل بال الناس، موضوع الدولة، الكل ينادي بالدولة، والكل يضع لها صفات.
تويني: نعم، الجميع يعتدي عليها، ويلهطون منها، لأننا لم نُشْفَ بعد من الامبراطورية العثمانية.
غريب: هذه الدولة، التي كان يريدها، بما انه اليوم مناسبة السيد الإمام موسى الصدر، هل نحن نريد الدولة القوية العادلة المقاومة كما قلت حضرتك وردّ عليك السيد حسن نصرالله.
تويني: لم يرد علي، تبنى الكلام.
غريب: طبعاً، طبعاً، هل الطائف يؤمن هذه الدولة.
تويني: الطائف، لا، ليس كثيراً، وانا لدي تحفظات على الطائف وعلى كل حال نحن لا نطبق الطائف، وكان اخواننا السوريون يمنعوننا من تطبيقه حتى يظل هناك وصاية.
غريب: يمكن هو غير قابل للتطبيق؟
تويني: كلا هو (معمول فركوشة) وضع حتى لا يطبق حتى تبقى هناك حاجة إلى حكم سوري، في الدستور اللبناني موضوع بشكل ان ليس هناك انسجاماً بين السلطات.
غريب: يعني لم يبحث آلية ديمقراطية لحل الخلافات.
تويني: مثلاً.
غريب: يعني هناك لغم للاتفاق.
تويني: ثم اننا نلغي الطائفية عندما تتألف حكومة اتحاد وطني ونعمل انتخابات على قانون انتخابات عادل (عدة عصويات). وجيد انهم لم يضعوا تحرير مزارع شبعا ايضاً على سيرة مزارع شبعا، الاستاذ نبيه بري الذي هو مؤتمن الآن على الحوار وعلى المفاوضة وعلى كل شيء ارانا في لجنة الحوار ويعذرني اذا كان يسمعني الآن اني ابوح بسرّ... سندات الطابو عنده ملف، وغير صحيح اننا لا نملك ملفات لقضية شبعا ..
غريب: لا، يوجد ملفات.
تويني: نعم، يوجد ملفات – سندات الطابو، ان شاء الله الشيعة لا يتوقفون عن الدفاع عن مزارع شبعا، أكبر ملاك في مزارع شبعا هو الوقف الماروني.
غريب: بالعكس بهذه الحالة سيدافعون أكثر.
تويني: طيب عال.
غريب: او لا؟
تويني: بلى، انا اتمنى هذا.
غريب: استاذ غسان، صوب اي دولة نحن نتجه؟ البعض بدأ يتكلم عن الدولة الفدرالية؟
تويني: اذا لاحظت بكلام الإمام الذي استشهدت فيه لا يوجد هناك شيء اسمه دولة، يتكلم عن الوطن. انا كتلميذ علوم سياسية وفلسفة سياسية الدولة، دعنا نقول ما هي الدولة، "الدولة هي الشعب منظماً في اطار الدستور وعلاقات دستورية قانونية يعني نحن الدولة، الشعب هو الدولة. بينما في عرف التصرف الجاهل الذي اورثنا إياه العثمانيون الدولة هي السلطات شاهنشاه بادي شاه. لا، الدولة ليس شيئاً غريباً، ونحن فريق آخر، نحن الدولة حزب الله هو الدولة، هو جزء من دولة، الشعب الشيعي اذا اردنا ان نستعمل التعبير، ويجوز مجازاً ان نخترع تعابير، هو يريد ان يبني الدولة ويساهم في بنائها. ليس كثيراً ما نطلبه منه او خارج عن المعتاد، او عن الطبيعي ان تفصل وابنِ الدولة. فبطبيعة الحال سيبنيها لأنه سيكون عضواً في هذه الدولة او غير عضو. ولا يمكن ان لا يكون عضواً وهو مواطن في الدولة.
غريب: هل نستطيع ان نبني هذه الدولة استاذ غسان؟
تويني: طبعاً.
غريب: دولة تحمي الطوائف وليس دولة تحكمها الطوائف.
تويني: تصبح عندئذٍ غير متميزة عن الطوائف؟ الطوائف في الخارج والدولة هنا؟
غريب: لا، لكن تحمي الطوائف.
تويني: الطوائف تريد ان تعمل دولة من نفسها تحميها. انا وانت.. سائر المواطنين والشباب الذين يهاجرون لأنه لم يعد يعجبهم الأوتيل الذي اسمه لبنان، نحن نعمل دولة.
غريب: هل هي مسهلة اليوم أكثر من اي يوم مضى؟
تويني: أكثر من اي يوم مضى.
غريب: لماذا؟
تويني: سأقول لك لماذ. أولاً يجب ان نقرأ التاريخ انا حكيت لك عن سقوط برلين ولا ادري اذا شاهدت الفيلم عن آخر ساعات هتلر. الخراب لدينا لا يُقارن. ثم ان باريس لم تخرَّب، لكن فرنسا ضُربت ...
غريب: نعم القرى النائية كلها ضُرِبَت تقريباً.
تويني: ثم ان الخلافات التي كانت تقوم، بقي الفرنسيون لمدة عشرين سنة بعد تحرير باريس، يقاتلون بعضهم، تصفية حسابات، المقاومة الداخلية والمقاومة من الخارج. كل الشعوب تعيش ازمة دائماً تتكرر كلما تستقل او كلما تمر بحالة Trauma تخرج من حادثة سيارة تحتاج إلى نصف ساعة حتى تستعيد ذهنك. الألمان، المانيا انقسمت إلى قسمين ورجعوا ليتوحدوا، كانت ايضاً ازمة طويلة عريضة انه ستُفْلِسُ المانيا او تخسر موقعها التجاري والاقتصادي لا يوجد اي شيء في الدنيا مجاناً. كل مواطن يجب ان يدفع ثمن وصوله للحرية. والذي لا يعجبه فليفتش عن وطن آخر. اينما ذهب، اطمئنهم، سيجد مشاكل بهذا الحجم وأكثر.
غريب: خصوصاً في هذه الايام.
تويني: خصوصاً في هذه الايام.
غريب: استاذ غسان انت اليوم مرتاح لسير الأمور وخصوصاً بعد هذه الحرب ..
تويني: انا لست مرتاحاً، انا مضطرب جداً لأني اعرف الصعوبات.
غريب: لا زال علينا ان نمر في مخاض، ما هو هذا المخاض؟
تويني: المخاض هو ...
غريب: امس تكلم السيد حسن نصرالله ...
تويني: لم يدخل في عمق الموضوع ...
غريب: ولكنه لم يتكلم كإنسان منتصر، وحضرتك اعتقد انك شاهدت المقابلة.
تويني: (دارجة) الآن تعالوا لنرى الذي ما الانتصار وما الخسارة؟
غريب: لم يتكلم بصفته منتصراً.
تويني: برافو عليه.
غريب: تكلم بطريقة موضوعية وطالب بحكومة اتحاد وطني.
تويني: اتحاد وطني، مع الاسف، هناك شعارات مستهلكة ما معنى حكومة اتحاد وطني؟
غريب: حكومة يتفق فيها الكل، الكل يكون ممثلاً فيها.
تويني: ديغول عمل حكومة مع الشيوعيين الذين لم يكونوا يتكلمون معه بعد تحرير باريس (بتصير ليش لا) لكن نريد نحن ان نقرر هذا الشيء.
غريب: لكن جاء الرد من الشيخ سعد، ان الحكومة باقية كما هي ومستمرة كما هي، وانها هي التي قاومت اسرائيل وهي التي ستزيل العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية، وانها هي التي ستعيد اعمار كل منزل تهدم.
تويني: حقه ...
غريب: اين المشكلة اليوم اذا، لأتكلم بصريح العبارة...
تويني: لا اعتقد ان السيد حسن نصر كان منتظرا ان الشيخ سعد سيتصل فوراً ويقول له (متفقين) اتصل بالجنرال عون وتعالوا لتأليف الحكومة. تأليف الحكومات بالديمقراطية اللبنانية يوحد كل الخلافات وكل الطموحات حتى لا نقول المطامع، وشيء طبيعي هذا، ونحن لسنا (غير شكل) عن غير بلدان ساركوزي من حزب الرئيس شيراك (علقان ضرب الصرامي – لا تؤاخذني بهذا التعبير)، هو ورئيس الحكومة وسوف يطير الحزب ...
غريب: وسوف تأتي سيدة غداً رئيسة جمهورية.
تويني: ان شاء الله.
غريب: على كل حال، السيدات سوف يحكمن العالم.
تويني: ونحن مع هذا الشيء.
غريب: لماذا سيد غسان، الرجال بدأوا ينقرضون؟
تويني: كلا، لم يبدأ الرجال بالانقراض، السيدات كن يحكمن العالم ولكن الرجال (مش عارفين).
غريب: انت مع القول وراء كل رجل عظيم امرأة.
تويني: لا، ليس وراءه هي امامه.
غريب: او امرأة مستغربة.
تويني: كيف يعني مستغربة.
غريب: مستغربة كيف هو عظيم.
تويني: لا، دخلنا في النكت، دعنا على مستوى الإمام.
غريب: استاذ غسان، الانتصار العسكري بالمطلق، أليس من الطبيعي ان يكون له مفاعيل سياسية؟
تويني: طبعاً، ولكن هو ليس عملية حسابية، ان الألف تساوي كذا والباء تساوي كذا، بتعبير المعادلات وسقطت المعادلة الفلسطينية ..
غريب: هناك دعوة اليوم لهذه الحكومة، انت حسب رأيك، لماذا العماد عون مرفوض إلى هذه الدرجة من قبل الاكثرية؟
تويني: انا بنظري ليس مرفوضاً من الأكثرية...
غريب: لماذا برأيك ليس مطلوباً ...
تويني: هو ايضاً رافض الاكثرية.
غريب: ولكنه اعلن عن استعداده لحكومة جديدة فيها من كل ..
تويني: لم يقل ذلك، قال انه يريد حكومة فيها ناس كبار واقوياء لأن هؤلاء وزراء تافهين. انا بنظري هناك الكثير من الوزراء التافهين ما هي الاقطاب؟ لا يوجد قطب.
غريب: عملتم حكومة رباعية وحكومة سداسية وفؤاد شهاب عمل حكومة رباعبة (وقلعت بالبلد).
تويني: لمَ لا، لكنك تحتاج إلى رئيس جمهورية. ليس رئيس جمهورية (عامل شغلتو وعملتو يقرط تصريحات) الجريدة لم تعد تسع لتصريحات رئيس الجمهورية كلها مثل بعضها.
غريب: هل تقبلون ان يكون الوضع كذلك مع رئيس الجمهورية ما العمل؟
تويني: العمل؟
غريب: حاولتم وحاولوا ايجاد طريقة، ليس هناك طريقة؟
تويني: هناك طريقة، انا ضد ان ينزع بالقوة بُحِثَ ان يحاكم وإلى آخره، أنا ليست من هذا الرأي، هو الذي يجب ان يرحل، وانا اقترحت ان فريقاً من النواب يعملون معروضاً كما فعلنا سنة 1952 للشيخ بشارة الخوري. ارسلنا معروضاً وكنا 10 نواب.
غريب: الآن اصبحتم أكثر.
تويني: ابداً، كل يوم يمضي حقه كذا عذاب.
غريب: ما الذي تنصح الآن لترتيب البيت الداخلي لنعود إلى حكمة الإمام الصدر؟
تويني: عندما انتخب الإمام رئيس المجلس الشيعي الأعلى. ذهبت وهنأته وقلت له دعنا نطلب موعداً من الرئيس فرنجية. قال لي: أتريد ان تصالحني معه. قلت له لا دعنا نرى اذا كان هو قادراً على تقبل انتصارك الذي يعتبره انتصاراً ضده (صفن). جاء السيد حسين الحسيني وغيره وقال (علومياتك) مهمة. قلت لا ليست مهمة. قال السيد حسين انا اعتقد ان الرئيس فرنجية لن يعلق وانت استاذ غسان متأمل ان يرفض الرئيس فرنجية زيارة الإمام. انا اعتقد بالعكس انه سيأتي هو لعنده. قلت له طيب هل يصغر الإمام اذا جاء عنده رئيس الجمهورية. وهكذا حصل. هكذا حصل يجب على كل واحد منا وضع انانيته جانباً. وحق الجنرال ان يطمح إلى كل ما يريد. وانا لا اعتبره خصماً. انا لست مارونياً. فبالتالي متحرر من الطموحات كلها. لكن الحياة تحتاج إلى اثنين ليحكيا ويتجاوبا لا يستطيع احد ان يحكي وحده. اقول لك الآن مثلاً بوتين يرحل لا يعجبني.
غريب: لا، حسب اطلاعك، لماذا لا يريدون الجنرال ...
تويني: لا تدخلني في هذا، ليس لدي رأي.
غريب: مع انه حلفاء سورية موجودون في الحكومة وحزب الله مفضل على الاكثرية.
تويني: مفضل عليها بقبوله ان يكون معها.
غريب: لا بالانتخابات.
تويني: هذه قصص لا اعرفها، انا نسيت السياسة، ورجعت هذه المرة ولست قادراً على التأقلم.
غريب: لماذا لا تريد التكلم.
تويني: لا اريد التكلم بالسياسة، خلينا بالإمام.
غريب: نحن نظل في فكرته.
تويني: هل رأيت كلمة الدولة عنده.
غريب: عند من؟
تويني: عند الإمام.
غريب: الوطن!
تويني: الوطن، نعم عندما نبني الوطن نحن، وشائج، عندما يصبح كل واحد منا اي كانت طائفته يعتبر ان الطائفة ليست شيئا آخر. انا عندي نظرية اريد تكرارها انا مع إلغاء الطائفية ولكن ليس إلغاء الطوائف الطوائف شيء طبيعي. قال كلمة السيد حسن نصرالله يكثر الاستشهاد به الآن ان لبنان بتعدديته وتنوعيته. جميلة كثيراً "تنوعيته". ليست متداولة كثيراً. اذا اخبرناه عن هذا الامر وندعه يستعملها بكثرة، لأنه غير منتظر منه ان يُرحب بالتنوع.
غريب: دولة العدل، استاذ غسان ألا تحقق ...
تويني: ما هي دولة العدل؟ (ما) جاء واقسم يمين الجنرال لحود على ان دولة الامن والعدل اصبحت دولة الامن المخابراتي.
غريب: تطبيق العدالة اذا طُبقت العدالة الا تُلغى الطائفية السياسية؟
تويني: بلى، لكن ليس بالعدالة ....
غريب: في حال طُبقت ...
تويني: الآن تريد توزيع المناصب بالعدالة، لا ليست كذلك.
غريب: لا ليس المناصب، حقوق الإنسان. حقوق الإنسان كلها اذا وصلت له. ألا نكون ألغينا الطائفية السياسية تدريجياً.
تويني: تصل له بالمخفر او اين.
غريب: تكون المحكمة هي التي تقرر له ...
تويني: الجنرال لحود لا ينتظر المحكمة. كل يوم يصدر تصريحاً يدافع به عن الموقوفين .. انهم ابرياء. انت رئيس السلطة التنفيذية ورئيس الدولة انتظر المحكمة حتى تنظر. انتظر المحكمة حتى تنظر.
غريب: لكنهم شنوا عليه حملة طويلة عريضة دون ان يكون هناك اتهام مباشر.
تويني: طبعاً ... لا اعرف.
غريب: استاذ غسان، هل لازلت او لا تؤمن بنظرية المؤامرة؟
تويني: اولاً، هذه نظرية المؤامرة يجب ان يأخذها الشخص بكثير من التأني ان كلمة ايمان لا تنطبق، انا اعتقد ان كل دولة ... السياسية الدولية ليست جمعيات خيرية تتسابق على مساعدة كيف تساعد من يستحقون ومن تحبهم. السياسة الدولية هي مصالح وآراء. اميركا جاءت إلى العراق جميعة خيرية وتوزع الديمقراطية كأنها اقراص حلوى. ما هذا (طق الحنك) تريد ان ترى اذا لبنان وطن او ليس وطناً ايضاً صراع طويل عريض على كل حال هناك شيء اسمه لبنان، وهذا الشيء الذي اسمه لبنان، يجب ان يكون إيماننا فيه كله متساوٍ وغير مشروط وليس انه انا اؤمن بلبنان فيه لبناني صحيح ولبناني مزور، لا يوجد لبنان مزور الذي يريد لبنان يجب ان يقبل كل اللبنانيين، لا استطيع ان اختار مواطنين مثل مسرحية الرحباني. نجلب للحاكم شعب يعجبه، لا نستطيع ان نغير الشعب. اللبنانيون يجب ان يقبلوا بلبنان كل لبنانيته.
غريب: ويضحون.
تويني: بعد ذلك نرى التضحيات.
غريب: نحن نريد ان نعرف بعد 30 سنة، استاذ غسان، بلمحة سريعة هؤلاء الكبار لماذا غابوا أو غيبوا او اغتيلوا. إذا اردنا ان نعود سنة ونصف إلى الوراء تحديداً في 23 شباط 2005 يعني بعد اسبوع على اغتيال الرئيس الحريري. تحت عنوان "اغتيال الحريري مقدمة لحروب جديدة". "يشكل اغتيال مقدمة لسلسلة حروب في المنطقة تبدأ بلبنان وسورية ولا تنتهي في ايران على ان يكون هدفها فرض هيمنة اسرائيل في المنطقة بعد تحولها إلى فسيفساء يضم مجموعة من الدول الصغيرة المشكلة وفقاً لتقسيم طائفي عرفي". على الأقل هذا ما يقوله موقع مجلة Executive Intelligence Review هذا منذ سنة ونصف على شبكة الانترنت مستنداً إلى وثيقة أُعِدَّت تحت اشراف نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني ومساعدين والمحافظين الجدد مثل ريتشارد بيرل ودوغلاس فايث في العام 1996. وتتحدث هذه الوثيقة وهي تحت عنوان تغيير كامل استراتيجية جديدة لتأمين العالم انه بعد اتفاقات اوسلو للعام 1993 فإن العراق ثم سورية ولبنان وحزب الله وايران ستكون هدفاً لضربات عسكرية وعدم استقرار سياسي ويفترض ان يؤدي مذهب التغيير الكامل إلى قيام شرق اوسط جديد تهيمن فيه اسرائيل على مجموعة من الدول الجديدة المبلقنة والتي تديرها انظمة دمى. هذا في 23 شباط 2005.
تويني: نعم رأيتها وقتها واعرفها.
غريب: الصورة تظهرت.
تويني: انا لا اعتبرها نيجاتيف حتى تتظهر الصورة، دائماً في انظمة الحكم الديمقراطي هناك ناس وقوى متصارعة ومختلفة تعمل الدراسات وتعمل الافكار. وهناك طلع عدد مجلة اخيرة السفير الذي هو ايضاً ناشر هذه الاخبار عنده ميل لهذه الاخبار لأنها تهم القراء ومعه حق. نشروا الخرائط ونشرها السفير وخرائط الشرق الأوسط الجديد. نحن قلنا في حديث تلفزيوني سابق. الظاهر انهم يحبوننا كثيراً اعطونا بلاد العلويين كل من اللاذقية حتى حدود تركيا (مكبرين لبنان) أليس جيداً جداً مؤامرة ضد لبنان او مؤامرة معه. ثم ان السعودية أكثر بلد متضرر، (شايلين) المنطقة الشرقية ومضمنيها لدولة الشيعة في العراق، وعاملين دولة الشيعة، ومكبرين الاردن واضحت السعودية دولة مكة والمدينة يعني دولة الاماكن المقدسة والحجاز ليتسلوا الناس. هذه ليست مؤامرة. انا لم يثبت لدي بعد ان ثمة مؤامرة في اي مكان. نظري.
غريب: اذا، عملي.
تويني: حتى حتى حتى المؤامرات التي ليست مؤامرات انا استعمل التعابير الدبلوماسية المهذبة، الاتفاقات التي بين الدول لا تنجح احياناً، لأن الطبيعة الانسانية بطبيعة حريتها لا تستطيع ان تقولها وتكتب كأنها ورقة موسيقى ان Violin يدق خمسة الا خمسة للخامسة ودقيقة على النوتات هذ، ويكون الطبل عم يضرب هذا تجليط ما هذا الكلام؟
غريب: دعنا في الواقع استاذ غسان، هل ممكن ان تكون الحرب التي شهدناها في تموز وآب حرب تحريك مفاوضات السلام، يعني اليوم الرئيس شيراك حذر من تجددها في حال عدم توصل إلى حل دائم وشامل. وحضّ ايران على التعامل قبل ثلاثة ايام من المهلة التي جددها لها مجلس الامن لوقف تخصيب الاورانيوم. تقول في افتتاحيتك امس ان وحدها ايران قد تكون الخاسر إذا سلكت دمشق طريق الجولان عبر سلام ...
تويني: هذه ليست قصة مؤامرات، هذه لعبة بوكر ومكشوفة، كلنا نراها.
غريب: هل هناك سلام برأيك بعد الذي حصل؟
تويني: اذا الفرقاء يريدون سلام. لكن هل تستطيع ان تفرض عليهم سلاماً؟
غريب: لا، لن يفرض السلام، لكن الرئيس الأسد تكلم عن فرصة مؤاتية.
تويني: الرئيس الأسد، لم نعد نعرف ماذا يتكلم، عبد الحليم خدام، ابو جمال قال ان سياسة الرئيس الاسد السابق، الرئيس الجدي، قال ان التخطيط ... وهو كان معه في السلطة يتكلم من الداخل لخوض حرب استنزاف سورية ضد اسرائيل في الجبهة اللبنانية. ومانعهم ان يطلقوا اي خرطوشة بالجولان حتى ما اسرائيل ترد وتستهدف الداخل السوري الذي يقرأ ما حصل يقول ان هذا صحيح لكن حرب الاستنزاف الاسرائيلية التي خاضها الرئيس الاسد في لبنان كانت استنزافاً لسورية وللبنان وليس لاسرائيل. (نحنا انخرب بيتنا مش اسرائيل) ليس هناك شيء اسمه مؤامرات، هناك اتفاقات دولية، بازارات، انا قلت ان الاسواق العالمية ... ايران معروف انها تفاوض على الذرة وانا بنظري قلتها وأكررها، ما الذي يحصل اذا صار لديها ذرّة ايران. لماذا اسرائيل لديها؟ بالعكس التوازن ... لماذا باكستان لديها؟ والهند لديها؟
غريب: وروسيا واميركا ودول اوروبا؟
تويني: وروسيا واميركا، ثم أن ...
غريب: يعني الطوائف السبع الكبرى عندها؟
تويني: انت تحب تتسلى الظاهر؟
غريب: لماذا يا استاذ غسان؟
تويني: لا، عندما أتى ديغول جاء وقرر أن يعمل قنبلة ذرية نووية، وكان لديه علم كافٍ حتى يصنعها ولا يحتاج أن يستورد مقومات القنبلة. قامت القيامة انه لماذا فرنسا تحتاج القنبلة؟ قال لهم انا لن اعتدي على اميركا او على روسيا بالقنبلة. انا سأستعملها ردعاً للذي لديه قنابل ذرية ويضرب فرنسا. الآن اسرائيل تدّعي ان القنبلة الذرية لديها للردّع. لا اعرف مثلاً القنابل العنقودية مخالفة كل القوانين الدولية، ثم ...
غريب: هذه جرائم حرب كلها.
تويني: نعم جرائم حرب، ونحن لازلنا ندرس اذا كنا سنرفع دعوى اولا وكيف ولا ادري ماذا بينما الاميركيون يتجمعون مثلما قلت لك..
غريب: اريد ان اريك اني لا اتسلى. السبع الطوائف الكبرى يعني اليوم اذا نظرت إلى خريطة الكوكب. الارثوذكس لديهم الكاثوليك لديهم، البروتستانت لديهم، السنة لديهم، البوذا لديهم، يبقى الشيعة ويصبحون سبعاً فلم لا؟
تويني: لا اعتقد ان العالم مقسم ... دويلات.
غريب: نحن نحب عادة ان ... عملياً هكذا صار.
تويني: لا، ليس عملياً ... الامة الاسلامية ... صار الوقت.
غريب: نريد ان نتكلم عن الحصار.
تويني: اي حصار.
غريب: الحصار المفروض على لبنان، هو بيت القصيد، وعد أنان لكن دون موعد، ما رأيك بموضوع الحصار، لماذا هناك حصار على لبنان بهذا الشكل القاسي.
تويني: اسرائيل لن توفر اي وسيلة حتى تخنق لبنان. اسرائيل (غايرة) من الصحافة اللبنانية و(غايرة) من المصارف اللبنانية وقدرة اللبنانيين. قليل انه صار وقف اطلاق نار وما اسمه وقف اطلاق نار، وفي اليوم الثاني الساعة الثامنة كانت البلد تعمل، الكويتيون رجعوا يصطافون حتى يكملوا الصيف. اسرائيل غير متقبلة لبنان، وعيب على اللبنانيين، كنت سأستعمل كلمة كبيرة، خلال الحرب، حروب الآخرين او من اجل الآخرين، الذين ظنوا انه يمكن ان يكون هناك حال بين اسرائيل واي فريق لبناني. هذه أكبر خيانة نقطة على السطر.
غريب: نعم لكن فُهِمتْ على انه هناك تحالف موضوعي.
تويني: هناك تفاهم، تحالف موضوعي بين سورية ككل، الحكم السوري واسرائيل. نعم هناك ما هو التحالف الموضوعي؟ انه دون ان يتفقوا، وهناك مؤلفات وكتب ودراسات وانا لا اخترع شيئاً، وانت تستدرجني لأخترع وانا لا اريد ان اخترع انه يكون هناك تبادل Signal مؤشرات او اشارات بين دولتين ممكن ان يكونوا عدوتين، ما الذي تأخذه كل واحد على احتمال الاخرى او على احتمال خطوة معينة والتي تخطيها الاخرى بعد ذلك يصبح هناك (ركلجة)، وبعد ذلك تتفقان علناً او سراً الشيء الذي اسمه الخطوط الحمر في لبنان، يعني الخطوط التي لا تجتازها سورية عندما نشرت جيشها، هذه ثم الاتفاق عليها بين سورية واسرائيل عبر كيسنجر برسائل رسائل كشف امرها كيسنجر بمذاكراته كيسنجر كثير الكلام ولا يحفظ سراً، لا تسلم له سراً، لا تسلم له سراً ورابين بمذكراته، الآن مات، تكلم عن الموضوع صار في تبادل الرسائل. ارسل الرئيس حافظ الاسد لسفير اميركا وقال له: اسأل وزير خارجيتك اذا كان يستطيع ان يبلغ اسرائيل رسالة من قبلي. يجاوب كيسنجر للسفير ويقول له اسأله ماذا يوجد في الرسالة. سأله قال له ما يوجد في الرسالة انه يطلب منه ادخال الجيش السوري على لبنان واريد ان اعرف كم يستطيع ان يدخل وكيف يحتمي من غير ان تعتبر اسرائيل ان هذا العمل عدائي ضدها. انا لا اريد ان اعادي اسرائيل في الداخل ... حرب استنزاف ساعتئذ كيسنجر صار يضحك كيف ان الدولة السورية والتي هي دولة عدوة والتي لم تكن تستقبل سفيره، في نصف الليل فجأة الرئيس حافظ الاسد قال له تفضل هذا مكتوب لمن؟ لاسرائيل العدو، كيسنجر رواها كلها في الجزء الثالث الاخير من مذكراته كأنها رواية بوليسية، هذه ليست مؤامرة.
غريب: كم هي نسبة الموضوعية في كتابات كيسنجر بحكم خبرتك؟
تويني: ليس هناك شيء يبرهن ان هذه القصة لم تحصل، بالعكس كل ما حصل يبرهن انها حصلت. دعني اروي لك ما حدث معي. بين الخط الازرق الذي هو خط انتشار القوات الدولية إلى الشمال والخط الاخضر الذي هو انتشار قوات الردع العربية إلى الجنوب هناك منطقة كانت على الحدود فارغة كنا نسميها Pan Handle اي يد المقلاة. كانت هذه المنطقة (فالتة) لا يوجد فيها لا جيش لبناني في الجنوب ليس بخاطرة لم يذهب، كل مرة يجب ان يربحنا احد جميلة ... فلان ... جئت وتكلمت مع الحكومة واتفقت مع الوزير بطرس قال لي: نعم اطلب زيادة عدد اليونيفيل واطلب توسيع رقعة انتشارها. بدأت اعمل اتصالات مع السفراء حتى اقدم الطلب إلى مجلس الأمن. ذهبت لمقابلة سفير روسيا وجاوبني حرفياً ما يلي: "ظننتك ذكياً غسان". قلت له: "نعم". قال: "اذهب وتكلم مع السوري، بعد ان يقول لك نعم تعال لعندي". قالت له: "هذه ارضي وليست ارض السوري". قال لي: "ارضك نعم، ولكن تكلم مع السوري". بقيت هذه المنطقة يطلع منها صواريخ مجهولة الهوية مرة من الجبهة الشعبية، مرة من عناصر غير منضبطة، نتصل بأبي عمار يقول: "ليس لي علاقة بهم اعملوا ما تريدون بهم". نتكلم مع السوري يقول: "انا ليس لي سلطة عليهم". خاصة الصواريخ الاخيرة، يروح الصاروخ يصيب اثنين ونصف او 3 اشخاص، فتهدم ضيعة، قل لاسرائيل ان هذه حرب استنزاف ما هذا الكلام؟
غريب: استاذ غسان بالنسبة لموضوع الانتشار، المطلوب من انان منطقة عسكرية منطقة امنية، بالوقت الذي لازال حزب الله، ازال كل مواقعه، اليوم هذه عناوين الصحف، اليوم بالنسبة لهذه المنطقة العسكرية، ماذا تقول فيه؟
تويني: منطقة عسكرية يعني منطقة يتمتع فيها الجيش ...
غريب: تحتاج إلى تعديل قانون ...
تويني: لا، لا تحتاج إلى تعديل قانون، تحتاج إلى قانون من مجلس النواب، تعلن بموجب قانون. والنواب الذين طلبوا عريضة دورة استثنائية كي (يشترع) هذا القانون يمكن ان يمر ويمكن ان لا يمر ...
غريب: انت مع ان يكون هذا القانون؟
تويني: منطقة عسكرية، نعم، سأقول لك لماذا انا مع لأن هذا احسن حال طوارئ لأنه بحالة الطوارئ الدولة او الحكومة ...
غريب: ولكن أليس هذا البحث عن مشكل؟
تويني: لماذا البحث عن مشكل؟
غريب: لأن حزب الله يبدي تجاوباً.
تويني: عال، ولكن اذا اصبح هناك منطقة عسكرية ربما سيطلع (احد تاني) يجب ان يكون هناك دولة للكل او لا يكون. اذا اردنا ان نفعل فعل ايمان يجب ان نعمل دستور ايمان نقول فيه رقم واحد كلنا للوطن. غير صحيح نحن غير مصدقون لهم نحن. ثانياً، كل الوطن إلى كل الناس، إلى كل المواطنين، ثالثاً، كلنا في سبيل الوطن وليس الوطن في سبيلنا ... إلى آخره نحن لازلنا غير مقتنعين انه نحن الوطن، ونحن الدولة، ونحن الشعب ونحن العرض ... نحن نعيش هنا بالاجرة، ثم يعطونا الاستقلال، نأخذ الكتاب نجلده كما ترى الكتب المجلدة، نضعه في خزانة جيدة، نقفل الباب بالمفتاح ونذهب، مثل الذين هاجروا من دير ياسين، عادوا لأنهم جلبوا مفاتيح بيوتهم.
غريب: هل سنرى طاولة الحوار مجدداً؟
تويني: انا أتأمل ... ثم انا في آخر اجتماع بما ان اسرار المداولات صارت مستباحة والنهار كانت اقل جريدة نشرت تسريبات، وتضيّق بيعها لأن زميلنا طلال سلمان كان ينشر كل شيء، وهناك غيره نشر، وجرائد كانت تؤلف وعندما كنت اقرأ كنت اسأل هل هذا هو الاجتماع الذي كنت فيه او لا. انا اقترحت تحويل لجنة الحوار إلى لجنة إنقاذ وقلت دعونا نوقف المناقشات الاكاديمية بأحسن خطة استراتيجية للدفاع عن لبنان في المستقبل. قالوا لي "لمَ الاستعجال، الانقاذ ممَ"؟ قلت" "الانقاذ من خطر داهم. انا اشعر ان هناك شيئاً وليس بعيداً، ودعونا نرى ماذا نفعل فوراً؟" قالوا "لماذا لجنة انقاذ والحكومة موجودة"، وكان السنيورة جالساً، قلت لهم "نعم نحن كلنا مع الحكومة، والرئيس السنيورة يبذل جهداً ضخماً" لم يمشوا معنا، وصار الذي صار، اخيراً عندما انتهى الامر ذهبت عند الرئيس بري وقلت له: "متى ستدعونا؟" قال: "وكيف نجلب السيد حسن؟" قلت "ولماذا لا يأتي السيد حسن؟" قال: "اسباب امنية"، وقد قال السيد حسن انه حتى مع فالديم غير ممكن ان يجتمع. قلت: "فليأتِ احد وينوب عنه".
غريب: برأيك هل ستنعقد الطاولة من جديد.
تويني: انا برأيي لازم تنعقد.
غريب: ما الذي لديك استاذ غسان وتريد قوله في نهاية حديثنا؟
تويني: عندي مقالة عن الطائفية، خطبة تحصين الجنوب والمساهمة في الدفاع عن الجنوب لا يجب ان تكون وقفاً لفريق دون آخر، لازم يكونوا كل اهل الجنوب. ويجب ان تكون مناسبة لإلغاء الطائفية، بحيث تتلاقى الطوائف لا في وعلى الغاء بعضها البعض بل تتآلف على إلغاء عصبياتها التناقضية. انا بنظري يجب ان يظل المسيحي مسيحي، والشيعي شيعي، والسني سني وإلى آخره. إلغاء عصبياتها التناقضية فتمضي تحافظ كل طائفة على الطوائف الاخرى وتكرمها وهكذا حصل، وهذا الممشى الطبيعي للبنانيين، واستهلم في هذه الدعوة رسالة الإمام، الآن في قصة الدفاع عن الجنوب والخطة الاستراتيجية، صار مناقشة بالموضوع واشار اليها السيد حسن، انا قدمت المشروع الذي كنا قد اتفقنا عليه مع الإمام واستفسرني بتأكيد قائلاً "هل هذا الذي وافق عليه الإمام؟" قلت "طبعاً وافق عليه الإمام في الاجتماع".
غريب: الإمام الصدر؟
تويني: نعم، كنا مجتمعين لديه وطلع بكتاب بذات المشروع، ان نحّول القرى كلها، كل قرية إلى قرية محصنة، دفاع ذاتي، بالتفاهم مع الجيش وغير حزبي، وان نبدأ على سبيل الاختبار بالقرى المسيحية، ونقول لهم تفضلوا تسلحوا. الدولة تقول لهم هذا وليس حزب الله او ايران او اي شخص اخر. ثم انا بنظري من كلام الإمام انا استنتج شيئاً يجب ان نتعلم من اختبارات الحرب التي عشنا وعذابات السلام التي نحاول ان لبنان عربياً دون جنوب حرٍ حصين ولا عالم عربي فعّال الرسالة دون لبنان الرسولي السيد المستقل. واستطراداً لا سلام عادل في دنيا العرب دون سلام في لبنان قوي قادر على صيانة ارض الوطن وتأمين حقوق الإنسان الجنوبي فلا يستمر هذا المواطن مأساة دائمة متجولة في حروب لا تنتهي. هذه الخاتمة.
غريب: يسلم فمك سيد غسان، اهلا وسهلا فيك. والشكر لكم مشاهدينا الكرام وإلى اللقاء.
