كل عام اجمع دموع الشوق ... وأهاجر بها إلى مآقي عينيك ...
أزرعها شتلات حنين ... وحبّات عشق من شعبك العظيم ...
وأنت الحاضر أبداً الساكن، الوداع .. كقلب فراشة حين يعتريها الضوء من منازل القمر ..
يا عمامة .. يا إشراقة شمس على جباه المستضعفين يا كفا ..
يمسك بتراب الفلاحين .. يعفرها بجبينه الوضاء .. فتشرق وتضيء .. يا هامة .. ما انحنت إلا في ركوع وسجود لله .. يا وجها يزهر وبحراً .. يطلق صهيل موجه .. لكل الشطآن .. يا فرح اليتيم عند انكسار القلب يا دوي الصبح عند خلاص الشمس ..
ستمسك بين المقدس .. يا أقدس الأقداس .. اسرجت خيول الرجال والبنادق وأطلقت العنان للرصاص .. "اسرائيل شر مطلق .. قاتلوها مهما كان سلاحكم وضيعا"..
فتشت سيدي في دفاتر عينيك .. والوطن مثخن بالجراح ..
فتشت عن مقالتك التي تحكي فيها الآن .. وجدتها سيدي ..
ووجدتك ممعن في قلوب المجاهدين .. كجذر زيتونة .. انتصرت على الغارات وأشعلت سراج الفرح للعائدين..
أحاكيك الآن بما أنت قلت .. والوطن .. لبنان.. هذا الوطن الجميل الذي حمل مقاومته كما أوصيته أنت .. كلهم اجتمعوا عليه سيدي ..
حرب عالمية بكل ما تحمل الكلمة من معنى .. اجتمعوا ليقتلوه .. وليحرقوه .. ولكن هيهات..
فتشت عنك فوجدتك تقول في خطبتك في 1/4/78، وبعد عودة النازحين من عدوان آذار وجدتك كأنك تتحدث الآن عن التآمر الدولي والإهمال العربي وجدتك تقول وبالحرف: "مصيبتنا أننا تحملنا وحدنا عبء لبنان .. مسؤولية لبنان .. وواجبات لبنان .. تجاه اشقائه وتجاه القضية العربية .. وتجاه العدو المشترك ومصيبتنا أن لبنان وحده تحمل مسؤولية هذه القضية بالنسبة للدول العربية .. واذا كان من شماته .. واذا كان من اتهام بالضعف".
نعم سيدي .. تحملنا لوحدنا المسؤولية .. وكان العدوان .. وتخلوا عن النصرة وعن الدعم .. بل وأكثر .. كان الطعن بالظهر .. وأنت تقول سيدي: "ان الذي يمتنع عن نصرتنا .. هو كالذي يمتنع عن نصرة الإمام الحسين (ع) في كربلاء سوف يكبه الله على وجهه في نار جهنم"..
وتقول سيدي .. وكأنك الآن:
"لنا دولة ولنا رئيس .. ولنا نظام سياسي .. الحرب خطة ..
ما هي خطة الدولة للتحرير .. لإزالة رجس المستعمر من الجنوب؟ ونحن الدولة ونحن مع الدولة .. وبنفس الوقت .. مسؤولية تحرير الأرض .. ومسؤولية ازالة العدو .. ومسؤولية ارهاق العدو، واذا لم يخرج من الجنوب هي مسؤوليتنا وحدنا .. لا نريد من أحد من اشقائنا العرب .. ان يساهم في معالجة الأمر.
نحن سنتكفل بذلك وسنتحدى العالم بذلك .. وسنقول للعالم ارضنا احتلت ليس بسببنا ابداً وليس بإرادتنا ابداً .. بل تآمر دولي .. وإهمال عربي أديا إلى ذلك نحن سنتكفل بإزالة آثاره .. وبإنهائه .. ونقول لأنفسنا أولا وللمواطنين ثانياً .. وللعرب ثالثاً .. وللعالم أجمع رابعاً وبالحرف الواحد اننا لا يمكن ان نقبل ان التاريخ الذي كان مشرقاً توارثه كابر عن كابر ورسمته أقلام ودماء الأبطال الحسينيين العلويين لا يمكن ان نشوه هذا التاريخ مهما تعاظمت المصائد نحن سوف نبقى واقفين نحمل المشعل .. نحاكي جنوبنا ونحمي لبناننا..
سيدي .. ونحن نقرأ هذه الكلمات .. الحاضرة في قلب حبيبك .. السيد حسن نصرالله.. نقول لك لقد تآمروا علينا .. وأرادوا ان يشرعنوا وان يزرعوا ثقافة الوهم .. ان اسرائيل لا تقاتل ويجب علينا .. ان نبقى تحت رحمة العدوان وشكاوي الأمم..
لكن سيدي .. وأنت تعلم .. وقفنا لوحدنا وتخلوا عن نصرتنا وكان معنا الله .. وكفى.. وكانت الملائكة .. وإرادة صاحب العصر.. وقفنا وقال حبيبك السيد حسن للعرب ..
نحن لا نريد منكم دعماً لا مادياً ولا عسكرياً لكن قولوا للعدوان .. لا .. لأن هذه النار ستمتد إلى كل عواصمكم، اختلفوا حتى على البيان الختامي .. وكانت كل السفارات تلاحق قلوبهم وعقولهم، وأخرجنا من ديارنا بغير حق ..
وكان العدوان .. وكان الصمود .. الأسطوري .. والمواجهات التي قل نظيرها في هذا العالم .. وسقط الحلم الصهيوني ..
دمروا .. البيوت والجسور .. ولكن هيهات .. ان يكسروا الارادات.
قالت: الأنظمة انكم تغامرون هكذا قالوا لجدك الحسين (ع) قالوا له أنت تغامر .. ولا تستطيع ان تقاتل يزيد وانتصر الدم على السيف .. وانتصرنا ..
وما تراجعنا .. كان الشهيد يمسك بالشهيد وكانت البندقية من يد شهيد إلى يد مجاهد ..
وكانت المجازر .. المجزرة تلو المجزرة .. وكان الصوت من تحت الانقاض يطلع .. استمروا بالمقاومة والموت لاسرائيل .. أما مجلس الأمن وهيئة الأمم فإنها كما سماها حبيبك شيخ الشهداء راغب .. "حقارات كلها حقارات".
لم يستطع هذا المجلس الاميركي ان يصدر قراراً حتى بهدنة انسانية .. اجتمعوا علينا من كل حدب وصوب .. لينتزعوا الحسين (ع) من النفوس وكانت هيهات .. انتصرنا بوحدتنا وبصبرنا وصمودنا .. وبجهاد المجاهدين الذين كسروا الذراع وحطموا اسطورة الميركافا والاجتياحات .. وسقط الوهم الصهيوني .. وكما وعدتنا انت سيدي وقلت لنا: "الجنوب .. صخرة ستتحم عليها احلام اسرائيل .. ويكون الجنوب نواة لتحرير فلسطين"..
انت الحاضر سيدي .. ارفع اليك .. إلى عينيك إلى قلبك الكبير عيون النصر وفرح النصر .. وكما قلت:
"لبنان يجب ان ينتصر.. وانتصر"..