النائب حسن يعقوب: قضية الإمام الصدر لا تقل أهمية عن اغتيال الحريري

calendar icon 05 أيلول 2007

في الذكرى الـ 29 لتغييب الإمام الشيعي ...
نجل الشيخ محمد يعقوب الذي اختفى معه يحمل ليبيا المسؤولية .. ولا يستبعد دوراً لمخابرات شاه ايران.


إذا كانت مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للبنان قد وحدّت اللبنانيين عموماً والطائفة الشيعية خصوصاً، على أحقية تحرير الأرض والسيادة الوطنيين، وأدت لاحقا إلى خلق محورين سياسيين لبنانيين، محور الأكثرية أو 14 مارس "آذار" والذي يتشكل من قوى مسلمة ومسيحية متنوعة الأركان والشرائح الشعبية، ومحور المعارضة أو 8 مارس "آذار" وعماده الأبرز حزب الله وحركة أمل، أي الأكثرية الساحقة من الطائفة الشيعية وإن جرت استمالات لاحقا لتيار العماد ميشال عون، لإكساب المعارضة مشروعية وطنية.
هذا "التكتل" الشيعي وإن مكنته الظروف الحالية من عبور كل الملفات الخلافية الداخلية، التي أودت به سابقاً إلى حد الاقتتال احياناً .. يقف اليوم عند سؤال كبير، يتعلق بركن كبير.. كان له الفضل في رفع شأنه وطنياً وعربياً وإسلامياً، ألا هو الإمام موسى الصدر ورفيقيه وقضية تغييبه منذ تسعة وعشرين عاماً مضى.
ويسارع المعنيون المباشرون بهذا الملف، إلى تحميل المسؤولية، - مسؤولية أكثر من تقصير – بداية إلى "ذوى القربى"..
النائب في البرلمان اللبناني، حسن يعقوب هو نجل الشيخ محمد يعقوب، القائد العام المساعد لحركة المحرومين – حركة أمل لاحقاً – الذي غُيِّب مع الإمام موسى الصدر، إضافة إلى الصحافي عباس بدر الدين، يسأل .. ومعه يسأل ذوو المغيبين والمقربون .. ويكبر السؤال ليشمل جميع الأوساط الشيعية المستقلة في لبنان، أين هي اليوم قضية الإمام موسى الصدر في لائحة أولويات السياسيين الشيعة في لبنان؟

ماذا بعد .. هل تُفرق قضية الصدر وغيرها من القضايا، ما وحّدته "المقاومة" وظروف المواجهة الداخلية الحالية، وماذا يعني في الآتي من الأيام، تحميل المسؤولية إلى ذوى القربى، إلى حد التواطؤ مع مؤامرة تغييب زعيم من وزن الإمام موسى الصدر، الذي حمل باكرا لواء حوار الأديان والحضارات ولبنان والوطن والمؤسسات!!
الحوار التالي مع النائب الشيعي المستقل – وعضو تكتل الإصلاح والتغيير برئاسة العماد عون – حسن يعقوب يجيب عن العديد من التساؤلات بهذا الشأن.

الذكرى التاسعة والعشرون لغياب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب – والدك – والصحافي عباس بدر الدين، ما الجديد في هذا الملف؟
- هذه الذكرى التاسعة والعشرون لجريمة هي من كبرى الجرائم في التاريخ، مؤامرة حصلت عند توجيه دعوة رسمية من دولة عربية شقيقة "ليبيا" لقيادات لبنانية عربية يتم اختطافهم وتغييبهم بهذا الشكل السافر، هذا أولاً .. ثانياً، التنكر لكل القيم وكل الأعراف والأخلاق على مستوى العالمين العربي والإسلامي بعدم أخذ الموقف الحقيقي الذي يتناسب مع مواجهة هكذا اعتداء سافر، وذلك يدل على تخاذل أو على تواطؤ .. وبكلا الحالين، هناك مشاركة بعدم كشف هذه الحقيقة، والتاريخ لن يرحم أحداً فيها.

مشاركة ممن؟
- كل من لم يتحرك في هذه القضية، خصوصاً جامعة الدول العربية والدول العربية، لا سيما وان الإمام موسى الصدر كانت له اليد الطولى في التقارب مع دول عربية في ذاك الحين، ودوره التوفيقي في العالم الإسلامي وبين الأديان، وأظهر صورة لبنان الحضاري مهد حوار الحضارات.

علامات استفهام
الآن أنتم تشيرون إلى جهات عربية، وكذلك محلية مقصرة في هذا المجال؟
- هناك تقصير واضح، وعلامات استفهام كبرى على حجم هذا التقصير، ولا نعفى المنظمات الدولية خصوصاً الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، لماذا لم يتحركوا لمواجهة هكذا اعتداء، لإحقاق العدالة.

هل لك أن تسمي من المستفيد من تغييب الإمام الصدر، محلياً وخارجياً؟
- المستفيد الأساسي هي المؤامرة، التي عملت خلال ستة عقود بعد قيام الكيان الإسرائيلي في المنطقة التي عملت على تسطيح العقل العربي والإسلامي، وجعلته منبطحاً أمام أسطورة "القوة التي لا تقهر" وعندما نهض الإمام موسى الصدر ونفض الغبار عن الحقيقة، ووقف بوجه اسرائيل، أرادت المؤامرة تغييبه، وهو كان العدو اللدود للحركة الصهيونية.
هناك أيضاً توجه لديه لتعزيز المؤسسات داخل لبنان وبناء نظام وامتلاكه لفكر كيفية إدارة الدولة في لبنان، وهذا يتماشى مع إظهار غنى لبنان انطلاقاً من تنوعه، وأراد أن يحول هذه المكونات لنموذج لوحدة عيش ضمن منظومة تفكير إنسانية واحدة، تكون هي الرد الطبيعي على مشروع الفرز والفتنة الطائفية والإثنية التي ظهرت الآن تحت ما يسمى بمشروع "صدام الحضارات"، وكان الإمام الصدر الأول الذي استشرف هذا الخطر .. لذلك قارب الوضع الداخلي وقال إن السلم الأهلي هو أفضل وجوه الحرب مع إسرائيل إذن المستفيد من تغييبه هو كل من كان يعمل لهذه الأفكار الظلامية ويدور في فلكها مثل النظام الليبي.

اليوم وبعد 29 عاماً الاتهام يتوجه فقط إلى ليبيا بعد كل التحقيقات ألم يتبين أن هناك أسماء لأطراف أخرى – أشخاص، منظمات أو دول – متورطة بهذا الاعتداء؟
- طبعاً لدينا الكثير من المعطيات عن هذا الموضوع، ولكن البوصلة الأساس تتجه نحو النظام الليبي، الذي استضاف الإمام وأخويه وهو الذي اعتدى عليهم خدمة للفكر الذي أشرنا إليه.
هناك جانب آخر، وهو أن الإمام الصدر كان العمود الأساسي في تحريك الثورة الإسلامية في إيران، وكان هناك "للسافاك" المخابرات الإيرانية دور في مواجهة الصدر، أيام نظام الشاه.
والمؤامرة إذن أخفت والدي الشيخ محمد يعقوب لموقعه كقائد عام مساعد في حركة "المحرومين" ولدوره الأساسي إلى جانب الإمام واضطلاعه بكل الملفات.

التحرك القضائي اللبناني مؤخراً بإصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين ليبيين .. لماذا هذا التوقيت؟
- تحدثنا عن تقاعس على كل المستويات، وهو متراكم، فالدولة اللبنانية حكومة وغير حكومة وقوى سياسية، لم يقوموا بواجبهم في هذا المضمار، وبالتالي لم يكن هناك عمل قضائي وسياسي رسمي، بشكل مطلوب، سوى امر واحد وهو استصدار قرار قضائي بأنه لم يدخل أحد من المغيبين إلى الأراضي الإيطالية كما تم الادعاء سابقاً، وأصدر مذكرة تحر دائم بحق المتورطين والمشاركين وبقى هذا الأمر وتنحّى أكثر من قاض عن الملف، والآن هناك قاضٍ اصدر مذكرات الجلب هذه وهو العمل الذي كان يفترض من البداية والذي تأخر كثيراً، ولكن هذا الأمر غير كاف حتى الآن.

محكمة دولية
هل تذهبون إلى حد المطالبة بإنشاء محكمة دولية، على غرار ما جرى في قضية الرئيس رفيق الحريري؟

- نحن كنا نعرف كيف يجب أن تتم متابعة هذا الموضوع، وحذرنا من الاستمرار في السكوت، لكن لم تكن هناك آذان صاغية، إلى أن أتت جريمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وشاهدنا كيف تحرك لبنان والعالم، ونحن كنا من المؤيدين لكشف ملابسات هذه الجريمة، وشاهدنا كيف يمكن التحرك في قضية مثل قضية الإمام الصدر، خصوصاً وأن الجاني معروف والمكان معروف، وهذه القضية لا تحتاج إلى "فيتز جيرالد" أو غيره من المحققين، وتحتاج إلى جهد أقل ورغم ذلك لم يتم التحرك، ونرى أن كل الذين تحركوا في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري بإمكانهم أن يتحركوا في قضية الإمام الصدر، وهي قضية لا تقل أهمية عن قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

هنا دعني أسألك عن تحرك بعض القوى والشخصيات المعنية.. تحرك الرئيس نبيه بري، وهو حل محل الإمام الصدر في قيادة حركة أمل.. كيف تصفونه، وهل أنتم راضون عن تحركه؟
- الرئيس نبيه بري منذ بداية العمل وترؤسه حركة المحرومين "أمل لاحقاً" بعد الرئيس حسين الحسيني وتوليه بعض الوزارات ومنها وزارة العدل، وأيضاً توليه رئاسة المجلس النيابي – السدة الأولى في الطائفة الشيعية – عمل بهذا الموضوع، بالشكل الذي عرفه كل الناس، وشاهدوا كل المواقف التي قام بها في سبيل هذا الموضوع، خلال هذه السنين، ولكن المقياس بالنتيجة أنه لم يحصل شيء في هذه القضية ولم يتم كشف ملابسات هذه القضية بعد 29 عاماً، إذاً هذه النتائج من ناحية الرئيس بري تتحدث عن نفسها.
نحن منذ البداية نعتبر أن هذه القضية ليست قضية عائلية أو طائفية وليست قضية إسلامية، بل هي قضية كل لبنان، وأكثر من ذلك هي قضية إنسانية.

source