وجهُ الكونِ تغيَّرَ فجأةً

calendar icon 01 أيلول 2008 الكاتب:حسن أمين رعد

وجهُ الكونِ تغيَّرَ فجأةً، لم يكُنْ كذلكَ قبل تلك اللحظة، لم تكنِ السماواتُ شاحباتِ المحيّا، وما كانَ أديمُ الأرضِ مكفهراً عابساً، وما كان القلبُ يفيضُ شجواً وحزناً… ماذا يا ترى، ذاك الذي جرى؟ لمَ الأحوالُ جميعُها تبدّلتْ؟ أَكُسِفَتِ الشّمسُ أم خُسِفَ القمرُ؟ أم زلزلتِ الأرضُ زلزالها؟…
حيرةٌ وذهولٌ وضياعٌ وشتاتُ رؤى وأفكار..تلك هي حالةُ الجنوب والبقاع وبعلبك، تلك حالُ أبنائها، أبناءُ الأملِ الذي زرعه فيهم سيّدٌ جليلٌ سَمُوحُ الوجهِ، باسم الثغرِ، من بريقِ عينيه يسطعُ نورُ المحبة والوداد، ومن دفءِ قلبهِ ينبعثُ الحنانُ.. ومن يكونُ ذلك السيّد غير الإمامِ المُغيّب سماحة السيّد موسى الصّدر؟ ومَنْ تكونُ تلك القامةُ الشامخةُ المُتسامقة غير قامتهِ الشّمّاء المحاكيةِ لشموخ الأرز في أعالي جبال لبنان الأبيّة؟..
آهٍ كفى.. هي اللحظاتُ الاولى لنبأ اختفاء الإمام وانقطاع أخباره، بحرٌ من اللبنانيين يتساءل، والجملةُ الوحيدة على ألسنتهم:” أين الإمام الصدر؟!” جملةٌ ما زالت تتكرّر حتّى لكادَ ينطقُ بها الحجرُ قبل البشر: “أين الإمام الصّدرُ؟”
وتكرُّ السنينُ تلو السنين ويصلُ العدد إلى الثلاثين وما زالت قضيّةُ الإمامِ المغيّبِ غيرَ واضحةِ المعالم، وما زالَ الغيابُ المتعمّد والاهمال المقصود لها سيَّدَي المكانِ والزمانِ والسياسة والحكّام والزعماء والعربِ كلِّ العربِ والدولِ الاسلاميةِ كلِّ الدول الاسلاميّة!!
بلى هي مؤامرةٌ دُبِّرتْ ونفّذتْ في ظلمة ليلٍ من ليالي الجهل والحقدِ والضغينة، وضدّ مَنْ؟! ضدّ الذي سعى من أجل وحدة الصفّ اللبناني، من أجل رفع الحرمان عن الطبقات الكادحة، من أجل دفع الظلم عن كاهل المواطنين، من أجل صدّ العدوان ضدّ الجنوب والبقاع والوطن كلّ الوطن.. وأين الوطنُ الآن؟ أَوَليس هو مَنْ دعا السياسيين والزعماء للاهتمام بالوطن قبل أن يفتّشوا عليه في مقابر التاريخ؟! أَوَليسَ هو الداعي إلى التمسّك بالتعايش الاسلامي والمسيحي لأنّه ثروة؟!أوليس هو القائلُ انّ لبنان وطنٌ نهائيٌّ لجميع ابنائه؟ أَوليسَ هو العاملُ بأقوالِهِ، المُقْرِنُ للقولِ بالعمل؟!…
في ذكراك سيّدي سماحة الإمام.. في ذكرى تغييبكَ الثلاثين يبكي القلبُ، وتندُبُ الرّوحُ، وتئنُّ النفسُ المثكلةُ بجراحاتِ الغياب، والعزاءُ العزاءُ صداكَ المتردّدُ فينا كلّ حين، صدى فكركَ ونهجَكَ وخطّكَ، خطّ الشرفاء المخلصين الوطنيين، خطّ الفكر السّديد والنهج الرّشيد.. ومهما قلنا أو كتبنا نبقى نقطة في بحرك علمك وجلالك ووفائك للوطن، لمائه وأرضه وهوائه، لأبنائه جميع أبنائه… فإليك منّا يا سيّدي في سجنِ غيابك القسريّ كلّ المحبّة والشوق والحنين، وإليكَ الوعدُ بأنّ نظلّ لبنانيّين موالين لنهج ىل البيت الميامين.

بيجمعنا - صور، موقع