في سلسلة النشاطات التي قامت بها قناة المنار بمناسبة الذكرى الثلاثين لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، استضاف الاعلامي محمد شري في برنامج "مع الحدث"، النائب حسن يعقوب حيث كان المحور الاهم في الحلقة الملف القضائي لقضية التغييب. كما كان لأمين عام المركز الايطالي العربي الدكتور طلال خريس مداخلة عبر الهاتف تحدث فيها عن متابعته لهذا الموضوع قضائياً. وفيما يلي نص الحلقة:
(...)
شري: (...) غيابياً للرئيس الليبي معمر القذافي، ما في هذا القرار وما في دلالاته؟ هل اعطى لبنان هذا الرجل وهذا القائد وهذا الإمام حقه؟ ام ان فيروس الطائفية اقوى وابقى من كل الشخصيات الوطنية مهما كانت عملاقة وشامخة؟ صحيح ان لبنان في تاريخه المعاصر فقد الكثير من القيادات السياسية والدينية في عمليات اغتيال بشعة، لكن خصوصية جريمة الإمام موسى الصدر انه اختطف في وضح النهار، وكان ضيفاً رسمياً على دولة عربية دون ان يترتب على هذه الجريمة المكشوفة اية مسؤولية او تبعات او رد فعل رسمي او عربي او دولي يوازي حجمها وخطورتها. اليوم في اجواء الذكرى الثلاثين لتغييب سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين يسعدنا ان نستضيف النائب الاستاذ حسن يعقوب نجل الشيخ المغيب محمد يعقوب. اهلاً وسهلاً بك وصباح الخير.
يعقوب: صباح النور.
شري: سعادة النائب، بداية ماذا يعني اليوم هذا القرار الظني بعد 30 سنة على تغييب والشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين؟
يعقوب: طبعاً، بعبارة اختفاء التي عبّرتَ عنها هي أكثر من ذلك هي تغييب. الاختفاء مجهَّل الفاعل، مجهَّل المرتكب وهو الامر غير الصحيح. هو معلوم من ارتكب هذه الجريمة النكراء، ومعلوم كيف حصل التنسيق، وكيف حصلت عملية الاستدراج والدعوة. وطبعاً المخاطر والاهداف وتداعيات هذه المؤامرة التي لا زلنا حتى الآن ندفع اثمان باهظة لها. طبعاً عبر التاريخ لم يحصل ان وُجهَّتْ دعوة رسمية لشخصيات بهذا المستوى من دولة وللأسف هي دولة عربية شقيقة وكما تفضلت وقلت في وضح النهار حصلت هذه الجريمة وجرى هذا الاعتداء الغريب يا سيدي انه في كل الانظمة في العالم وبعمل كل اجهزة المخابرات من المعلوم ان كل الاسرار وكل الجرائم وكل الارتكابات، تقريباً بعد جيل من الزمن تُكشف. طبعاً انقضى أكثر من جيل على هذه الجريمة. وطبعاً هذا النظام الليبي الذي ارتكب هذه الجريمة خلال الفترات الماضية فُتِحتْ له ملفات كثيرة. ومنها ملفات شائكة كـ"لوكربي" و"البانام" وغيرها... وكان هناك نوع من اعلان حصار على ليبيا. وهنا بين هلالين ليس هناك من حصار ولم يكن هناك خلاف بين ليبيا والادارة الاميركية او الغرب على الاطلاق. كلها مندرجة في سياق سيناريو ولعبة لها علاقة بأصل وعملية ومهمة هذا النظام ورأس هذا النظام. هذا الامر يحتاج إلى شرح طويل، ومن الصدفة اننا تابعنا كل تفاصيل اداء هذا النظام لهذا الاعتبار بدقة متناهية إلى درجة ان هناك امور ومؤامرات يعني يندى لها الجبين، جبين الانسانية. هناك أمور وارتكابات رهيبة رهيبة في حق هذه الأمة وفي حق شعوب هذه الامة. طبعاً الملفات التي فتُحت لهذا النظام كانت شائكة كما قلنا والغريب انه فقط وفقط هذا الملف وهذه القضية لم تُفتح وبقيت مستورة ومجهَّلة ومغيَّبة وكأن هذه القضية لا مساس. وايضاً، طبعاً لاحظنا في الايام القليلة الماضية زيارة مساعد وزيرة خارجية الولايات المتحدة الاميركية إلى ليبيا حاملاً رسالة من رئيس الولايات المتحدة الاميركية جورج بوش فيها من الثناء والمديح لمعمر القذافي، وبأنه ساهم في الاستقرار العلمي – احدى العبارات انه ساهم في الاستقرار العالمي. طبعاً بعد بضعة ايام سوف تصل الوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس إلى ليبيا لتقدم آخر صك براءة وليفتتحوا السفارات والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. إذاً، عندما نسأل لماذا هذا الملف تحديداً، شرقاً وغرباً لم يتم المس به او فتحه رغم كل الخلافات رغم كل الصراعات، رغم الخلاف التي يحصل عربياً حتى بين معمر القذافي والملك عبد الله... كما كان يُقال بينه وبين الغرب، إلى آخره، إلى آخره. رغم كل هذه الحسابات، هذا الملف كأنه قضية مركزية متفق عليها رغم كل الخلافات، من هنا نذهب فوراً للتساؤل كيف هذا الاتفاق؟ وما هو الموضوع الكبير والجلل الذي كان يقوم به الإمام موسى الصدر الذي اقتضى ان يجمع على هذه المؤامرة كل العالم؟ طبعاً عندما نعود إلى اصل الدور والنهج والرسالة التي كان يؤديها الإمام موسى الصدر ورفاقه، نجد ان الامر ربما مشرَّع ومبرَّر، وخصوصاً في ايامنا هذه، وخصوصاً في كل المؤامرة التي مرت علينا، آخرها عدوان تموز، وبعد عدوان تموز الفتن الداخلية وكل هذا المسلسل الطويل الذي يستهدف المنطقة والصراع السني الشيعي، والمشكلة العربية الفارسية وإلى ما هنالك من بدع ومن افكار ظلامية تريد فقط منطق الاصطراع ومنطق التصادم ومنطق الاقتتال. عندها فقط نعود بالذاكرة إلى اصل المعركة الكبرى الاستباقية التي قام بها الإمام موسى الصدر قبل أكثر من ربع قرن ضد المشروع الذي أعلن فيما بعد أكثر من ربع قرن وهو مشروع صدام الحضارات. عندما تعود بالذاكرة إلى انه اطلق مشروع حوار الحضارات، مشروع لقاء الثقافات، حوار الاديان، من هنا من لبنان من تعددية لبنان، من هذا المزيج والمكون الذي اطلق عليه بأن الطوائف نعمة ولكن الطائفية نقمة، عندما قال بأن هذه الوحدة الداخلية وان هذا السلم الداخلي في لبنان هو افضل وجوه السلم مع اسرائيل. عندما قال وبشر بأنهم يريدون احادية يهودية دولة اسرائيل والتي يعاكسها بشكل واضح التنوع والتعدد والمزج الثقافي والديني الذي يتحلى به لبنان. عندما ننظر إلى هذه الرؤية، وإلى هذا الاستشراف وإلى هذه العملية المكوكية التي كان يكرسها الإمام موسى الصدر. يعني عندما قام الإمام موسى الصدر والقى عظة الصيام في كنيسة الكبوشيين للمرة الأولى في التاريخ يقوم رجل دين مسلم بإلقاء عظة، عظة الصيام... الصوم... يتحدث بأمور دينية في الكنيسة، وقامت الدنيا ولم تقعد تهجماً على الإمام... والاعلام وإلى ما هنالك. وكان الإمام طبعاً يقول لماذا يقومون بذلك؟ طبعاً هو يعلم لماذا يقومون بذلك. وهذا الهجوم الكبير لأنه لامس بشكل واضح ومباشر اصل الموضوع، واصل المواجهة...
شري: اخترق الحوار
يعقوب: المواجهة لما كان يُحاك لهذه المنطقة، وطبعاً نتلمس من آثار عندما كنا نسمع بخطة كيسنجر وبواخر دين بروان أتت إلى لبنان من اجل ان ترحل المسيحيين من لبنان. وهذه العملية مستمرة لإفراغ الشرق كله من مسيحييه مثلما كان يعملون على افراغ كل الغرب من اي وجود مسلم حتى يصبح الشرق مسلماً بالكامل والغرب مسيحياً بالكامل وبالتالي تتأمن نظرية حتمية صدام الحضارات الشرق المتخلف المسلم والغرب المتقدم الصناعي المسيحي، وبالتالي تُدلع شرارة التصادم. وتكرس هذه النظريات التي كتبت من هننغتون وفوكوياما وغيرهم من حتمية صدام الحضارات التي لا يستفيد منها الا فقط وفقط الحركة الصهيونية التي تريد ان تبقى اسرائيل هي فقط همزة الوصل بين الشرق والغرب فتأخذ عن الغرب الصورة التي تريدها للشرق وتنقل للغرب الصورة...
شري: ربما يحتاج إلى نقاش عما حقق هذا المشروع وإذا كان استكمل عناصره بعد جريمة تغييب الإمام موسى الصدر في تلك الفترة؟ لكن قبل ان نصل إلى هذا في ابعاد القرار الظني هل هناك من القرائن ما يثبت مسؤولية ليبيا إلى حد طلب الاعدام لمعمر القذافي؟ هل هناك من القرائن القضائية ما يثبت المسؤولية بشكل قاطع دون لبس؟ ام ان هناك ملابسات غير واضحة، غموضا، ما ذكر عن انتقال شخصين وايجاد الباسبورات الشخصية للإمام ورفيقيه في احد الاوتيلات الايطالية، وانهم انتقلوا إلى ايطاليا. ما هي حقيقة هذه الرواية وحقيقة مدى مصداقية الادلة التي تثبت تورط النظام بشكل مباشر؟
يعقوب: طبعاً لا يوجد هناك اي التباس، ولا ذرة التباس عن مسؤولية النظام الليبي....
شري: هل هي مسؤولية معنوية او مسؤولية جرمية؟
يعقوب: مسؤولية جرمية. اولاً، هم ذهبوا إلى هناك نتيجة دعوة رسمية. لم يكونوا في سياحة، لم يكونوا في حالة ذهاب ظرفي إلى آخره. كانوا في دعوة رسمية ونتيجة مساعي رؤساء عرب، ومنهم الرئيس هواري بومدين وغيره. وكان هناك الكثير من الأمور التي تحتم عملية الحديث، والنقاش والحوار فيما يتعلق ... وكان الإمام آنذاك يتحرك في إطار صف الشد العربي. أصلاً، الإمام ولا يوم من الايام كان بحجم وبمستوى عمل محصور في اطار جغرافي معين او اطار فئوي او طائفي او حتى بلد معين. الإمام كان مشروعه من أكبر ما يمكن ان يتخيله انسان على مستوى انساني، لأن الإمام اصلاً في اطلاق حركته عندما تحدث عن المحرومين لم يتحدث عن المحرومين الشيعة، أو غير الشيعة، هو يتحدث عن كل المحرومين، الانسان المحروم إلى اي طائفة أو حزب او فئة انتمى واي بلد حتى انتمى. فإذاً، هذا الموضوع هو معلوم بعملية المكان والزمان، هو معلوم بالشهود، هو معلوم بالتفاصيل، هو معلوم بالكثير من الروايات، هو معلوم بالكثير من الوثائق وطبعاً اهم من ذلك هو معلوم بالتحقيقات التي جرت على اثره بعد الاتهام الذي وُجِه إلى ايطاليا بأنهم ذهبوا إلى هناك، وكان هناك البيان الرسمي الليبي الذي فصل مصير الإمام موسى الصدر ووالدي الشيخ محمد يعقوب عن السيد عباس بدر الدين عندما قال بأن الإمام والوالد قد ذهبوا إلى ايطاليا على متن الرحلة "اليطاليا" كذا كذا، كذا. واما عباس بدر الدين فقد ذهب إلى مالطا، وطبعاً تم التحقيق مع طاقم الطائرة، تم التحقيق مع عناصر الامن العام والشرطة في مطار ايطاليا، ومن ثم سائق التاكسي الذي اقلهم إلى الفندق، ومن ثم الفندق والاستقبال في الفندق وكل هؤلاء تم التحقيق معهم وكلهم اجمعوا على انهم لم يروا شكل وصورة الإمام او الوالد اللذين كانا مميزين بالشكل والصورة. وطبعاً كلهم اجمعوا على ان الاشخاص الذين انتحلوا شخصيتهم هم اشخاص مختلفون بكل شيء بالشكل وبالقامة وباللون... وبكل شيء إلى آخره. وطبعاً، بعملية صعودهم إلى الطائرة وانزال اشخاص مكانهم، ومن ثم وضعهم الحقائب في الفندق هناك، وكيف انه 10 دقائق او ربع ساعة وضعوا الحقائب وذهبوا وتُركت جوازات السفر على الطاولات وهي ملعوب بها، واصلاً معروف انه كان هناك تغيير للصور عليها. التحقيق واضح في هذا الموضوع.
شري: في الموضوع الجرمي... محاولة ايحاء بالذهاب إلى ايطاليا كانت...
يعقوب: هناك الكثير من التفاصيل اصلاً واضحة بعين اي قاضي او اي محقق او اي ضابط امن او اي شخص يتعاطى بهذه المسائل هو واضح عنده ان هذا الموضوع هو مقلق وانتحال الشخصية واضح. وطبعاً هذا النظام الليبي الذي كان اصلاً يتحرك في لبنان بإطار دعم كل القوى التي كانت تعمل ضد الإمام موسى الصدر في لبنان، وكان معلوماً انه في مرة من المرات اتى رئيس وزراء ذلك النظام عبد السلام جلود وبقي في بيروت 45 يوماً، التقى بكل الصغار والكبار وكان متقصداً ومتجنباً عملية لقاء الإمام.
شري: الإمام تلقى نصائح بعدم الذهاب إلى ليبيا، البعض قال له بلا هذه الزيارة، ويعني لم تكن العلاقة مريحة مع معمر القذافي ومع ليبيا آنذاك؟
يعقوب: الإمام ينتمي إلى مدرسة وإلى خط تؤمن بالقضية على حساب الشخص ... هل هناك اي قيمة على المستوى المادي للأجساد والاشخاص طالما هي مقدمة قربان لهذه القضايا الكبرى والمبادئ التي يؤمن بها الإمام. هناك الكثير من المواقف التي اخطر من ان يتخيلها البعض، يعني خطر حتمي كان يقوم عليها الإمام لأنه كان بالمقابل يعلم انها في مرضاة الله سبحانه وتعالى، وانها تؤدي الواجب المطلوب منه، وفي هذه القضية حتى والدي وفي كثير من الناس الذين التقوا بها قبل ايام قليلة من ذهابهم كانوا يعلمون انهم يتحسسون الخطر وغير مرتاحين لهذه الزيارة وإلى ما هنالك الكثير من التفاصيل. ولكنهم صمموا على الذهاب في هذه الرحلة لأنهم يعلمون شد الصف العربي وان شرح وجهات النظر... وكان الإمام يراهن كثيرا على انسانية الاشخاص الذين يلتقي بهم. كان يراهن على تأثيره... على منطق الحق الذي كان يمتلكه وطبعاً اصل حركتهم واصل تحركهم هي تحت شعار "والله ما خرجت لا اشراً ولا بطراً انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله". وهو جده رسول الله.
شري: هنا استاذ حسن إلى أي مدى... المسؤولية واضحة لكن نحن لا نتكلم عن سنة او سنتين... ثلاثة عقود، ماذا يضيف هذا القرار الظني برأيك اليوم على هذه القضية؟
يعقوب: طبعاً، هذا الامر هو طبعاً متأخر جداً جداً، وامر مؤلم وعار على جبين كل الانسانية، كل الانسانية ان تبقى قضية مجهلة ومغيبة 30 عاماً، وكلن طبعاً الشكر الجزيل إلى كل من تحرك وقام بهذا الموضوع وطبعاً للوجدانية والمهنية العالية التي يتحلى بها القضاة الذين اقدموا على الموضوع بعد ان تنحى 3 منهم، محققين عدليين في هذا الملف قبلهم، طبعاً، هي بداية، هي أول الطريق وهو ما عبّرت انا بالأمس انه كان يجب ان يحصل في اليوم الأول للتغييب هذا الأمر، ولكنه حصل بعد 30 عاماً.
الموضوع: في هذه المرحلة يحتاج إلى عملية...
شري: ماذا بعد؟
يعقوب: تصميم ووضع كل الطاقات والامكانات وموقف حكومي وقضائي حازم للسير قدماً باتجاه عملية الوصول إلى اجراءات كل الامور القضائية إلى استكمال كل الاجراءات القضائية التي توصلنا إلى تطبيق هذا القصاص وإلى وضع المجرمين، وإلى وضع المرتكبين امام مسؤولياتهم بشكل واضح حتى يتسنى لنا استرجاع المغيبين وعودتهم الينا في ساحات جهادهم.
شري: استاذ حسن، اسمح لنا عبر الهاتف ان نتحدث إلى الدكتور طلال خريس امين عام المركز الايطالي العربي الذي كان تابع قضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ايطاليا، وواكب التحقيقات الايطالية بهذا الخصوص، دكتور طلال، اهلاً وسهلاً بك.
خريس (عبر الهاتف): اهلاً فيكم.
شري: بداية، من خلال متابعتك لهذه القضية واطلاعك على مجريات التحقيق الايطالي، ما هي الرواية الايطالية، وماذا لديك من معطيات حول مجريات التحقيق بقضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه؟
خريس (عبر الهاتف): كان هناك تحقيقين في عام 1979 و1981، التحقيقات الايطالية جرت بشكل طبيعي جداً، أولاً: لم يكن هناك ضغوطات خارجية لأن ايطاليا لم تدرك في تلك الفترة اهمية هذا الرجل. وتبين في التحقيق الأول وفي التحقيق الثاني ان الإمام موسى الصدر لم يدخل الاراضي الايطالية وكانت تحقيقات جدية للغاية... لم يدخل. وهناك ادلة كثيرة بأن الإمام موسى الصدر لم يغادر ليبيا. على سبيل المثال، التحقيقات التي جرت مع طاقم طائرة "اليطاليا" والفندق في روما وتزوير جوازات ... مسائل عديدة جداً من الصعب ذكرها كلها ولكنها... سماحة الإمام لم يدخل الاراضي الايطالية، هذه التحقيقات انا اطلعت عليها بشكل جدي والتقيت مع بعض القضاة، وهناك محامين تابعوا الموضوع... كلهم كان عندهم قناعة ان النظام الليبي حاول نقل ساحة الجريمة إلى الساحة الايطالية، والنظام اليبي كان يتمتع بتلك الفترة بنفوذ قوي جداً في ايطاليا يمكنه ان يقوم بأي خطوة. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاخذ بعين الاعتبار الوضع الذي كان قائماً في لبنان، كان هناك ضغوط على سماحة الإمام من قبل تنظيمات... محاولة أكثر من مرة، محاولة اغتياله، وكان هذه المحاولة تقوم بها منظمات موالية للنظام الليبي. وكانت هذه المنظمات تحاول ان تخضع الإمام لسياسة معينة خاصة بسياستها في لبنان. والنظام الليبي كان يقترف في تلك الفترة جرائم عديدة بشكل خاص بحق مواطنين. ولم يدرك اهمية هذا الرجل العظيم هو الإمام موسى الصدر، ولكن ما يمكنني ان أؤكده من خلال متابعتي للموضوع ومنذ اليوم الأول وهو 31 آب 1978 ان سماحة الإمام لم يدخل الاراضي الايطالية ويشاركني في هذا الرأي عدد من المحامين الذين ارادوا ان ينشئوا في ايطاليا مؤسسة اسمها الضمير لكشف الحقيقة، حقيقة اختفاء الإمام موسى الصدر.
شري: نعم، هناك قرار تحقيق قضائي ايطالي حاسم وقاطع بأن السيد موسى الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الاراضي الايطالية.
خريس (عبر الهاتف): لم يدخلوا الاراضي الايطالية بالطبع. وهناك ايضاً في المطالعتين الايطاليتين هناك ايضاً اشارة إلى ان هناك محاولة... والترتيب لنقل مسرح الجريمة إلى الساحة الايطالية. يعني هناك تحقيقات واضحة جداً في هذا الامر. ولكن لا يوجد هناك اي قانون يدين ليبيا لأنها ارادت ان تنقل مسرح الجريمة إلى الاراضي الايطالية.
شري: هذا هو السؤال، ألم يكن ذلك يستدعي من ايطاليا مراجعة مع ليبيا في هذا الأمر؟
خريس (عبر الهاتف): للأسف الشديد، ايطاليا تصرفت وكأن الإمام موسى الصدر شخص عادي جداً، لأنه لم يكن هناك ضغوط حقيقية لكشف الحقيقة، ولم يكن هناك موقف لبناني قوي يُطالب، يعني انا خلال 30 سنة التي مرت لم اجد هناك تحرك سياسي قوي يُطالب ايطاليا بذلك. ايطاليا عالجت الموضوع وكأنه متعلق بشخص... بإنسان عادي جداً. حتى الآن، الصحف الايطالية لم تتطرق إلى الموضوع بشكل جدي لأنه لم يُؤخذ الحجم اللازم، يعني لم يكن... لو كان هناك ضغوط قوية على الحكومة الايطالية ايضاً من قبل لبنان لكانت ايطاليا قد تصرفت التصرف اللائق مع ليبيا. واجبرتها ايضاً على كشف الحقيقة.
شري: على مستوى اطلاعك بمجريات التحقيق في هذه القضية، هل حصل شيء هل حصل ان ذهب شخص للتحقيق داخل ليبيا في هذه القضية؟
خريس (عبر الهاتف): ليبيا كانت ترفض.
شري: كانت ترفض دائماً.
خريس (عبر الهاتف): كانت ترفض... وكانت تقول بأن التحقيقات... ليبيا اجرت تحقيقات هزيلة جداً، تحقيقات ما عندها اي علاقة بالواقع. اشخاص مثل القنصل التابع لموريتانيا وضباط المطار، وكان هناك مغالطات كثيرة. التحقيقات التي اجرتها ليبيا اطلعت عليها وهناك مغالطات كثيرة متناقضة جداً.
شري: هل من معطيات اليوم عملية تغير امكانية استمرار التحرك بهذه القضية على المستوى القضائي الدولي لملاحقة المسؤولين عن هذه الجريمة؟
خريس (عبر الهاتف): انا اعتقد لو كان موضوع الإمام موسى الصدر أُخذ بهذا الحجم وبهذه الاهمية وكان هناك محكمة دولية كما جرى للرئيس الشهيد رفيق الحريري لكان كل اللبنانيين مع التحقيقات. كان توحد اللبنانيين مثل ... مع كشف الحقيقة عن مقتل الرئيس الحريري، وكشف الحقيقة عن الإمام موسى الصدر. حتى الآن انا اعتقد انه كان هناك محاولات خجولة جداً، كان هناك احتفالات ومناسبات لم تتبعها آلية حقيقية وضغط سياسي وتعبئة دولية. كان دائما موضوع الإمام موسى الصدر يقتصر على المناسبة كل سنة ولم يخرج إلى خارج الساحة اللبنانية.
شري: نعم، شكراً دكتور طلال خريس أمين عام المركز الايطالي العربي على هذه المشاركة معنا. استاذ حسن، قد يتساءل البعض 30 سنة النظام الليبي كان في شخصيات عنده مسؤولة، لماذا لم يحاول ايجاد... "لوكربي" نكر وآخر شيء اعترف بطريقة واوجد حلاً. وقد يقول المواطن العربي اخي ليكن ما يكون نحن نريد الحقيقة، لن يكون احد قادر على الذهاب إلى ليبيا واسر واخذ وتنفيذ هذا الحكم الذي صدر في لبنان. لماذا لم يستفيد معمر القذافي خلال 30 سنة من أي فرصة لايجاد مخرج يكشف فيه ما حصل للإمام موسى الصدر؟ تغيرت ظروف ومعطيات وتواريخ.
يعقوب: ليس خفياً على احد انه هذا النظام الليبي الديكتاتوري بالكامل، وحتى الآن ربما هو النظام الوحيد في العالم الذي لا يعلم احد ماذا يجري في ليبيا في الداخل، الآن اذا اتيت انت وتريد ان ترى اذا فلان عمل حادث صار كذا... ما في اخبار. البلد الوحيد الذي هو كصندوقة سوداء مظلمة. وهذا الذي يبعثنا على الالم على ذلك الشعب الليبي الذي هو على مساحة هائلة ويمتلك من الثروات الهائلة جداً. ولكن طبعاً الجميع يعرف كيف تدار الأمور وكيف هي بعنوان الثورة وبعنوان الثوار يكون هناك الحكم العائلي الاقطاعي الذي هو اطول ربما من اي حكم ملكي موجود اصلاً في المنطقة طبعاً نحن هنا لا نريد ان ندخل مثل البعض بأنه والله شوف شو مساوئ هذا النظام إلى اخره. ولكن بدنا نحكي بحقيقة مسؤوليته عن هذه الجريمة وكيف انه محمي. العقيد معمر القذافي يخطئ الكثيرون الذين يعتقدون بأنه قاد ثورة، وانه قام بعملية ثورية قومية مشان السيطرة على الحكم. المرحوم الشهيد الدكتور شمران قال في احدى المرات بأنه بدبابتين مكسرين على بعد 300 متر عن القاعدة الاميركية، 300 متر تحديداً استطاع معمر القذافي ان يقتلع السنوسي من الحكم ويجلس مكانه شو هالهرطقة يعني؟ على من هذه الاكذوبة؟ وطبعاً مارس كل هذه الامور بعناوين معينة وإلى اخرى، وكان همه تظهير الحركات الثورية المتمردة إلى آخره في العالم ودعمها من اجل تظهيرها ثم اجتثاثها.
شري: خلال 30 سنة هل تم الوصول إلى اي معلومات حول حياة الإمام والشيخ محمد والسيد عباس عن حياتهم عن وضعهم عن مكان احتجازهم، عن الظروف التي يستمر احتجازهم فيها او ماذا؟ هل هناك معطيات حول هذا الامر؟
يعقوب: هناك الكثير من الامور والكثير من الاخبار والروايات التي وصلتنا...
شري: يتداول بين الناس كثيراً...
يعقوب: وهي كروايات منها ما هو شديد الوثوق، ومنها ما هو اقل.
شري: ما هو ابرز الروايات التي يمكن الوثوق بها من حيث المصداقية؟
يعقوب: انه نحن مقتنعين بأن الاعزاء مسجونين في ليبيا، وان عملية تغييبهم واعتقالهم في ليبيا لابعادهم عن ساحات جهادهم هي بالهدف الذي حصل نتيجة طبعاً بتركيبة المؤامرة وبخطأ معين... حصل هناك خطأ معين في يوم... في ايام وجودهم وفي لحظة لقائهم مع معمر القذافي. وهذا الخطأ لم يستطع الليبيين ان يخرجوا منه بشكل....
شري: كيف خطأ يعني؟
يعقوب: هناك خطأ حصل يعني ربما على مستوى المحادثة التي جرت وعلى مستوى الامر الذي اعطي.
شري: لم تكن المحادثات ايجابية... متوترة
يعقوب: ربما وربما يعني.
شري: ان معمر القذافي اعطى امراً ربما فُهِمَ بطريقة مختلفة.
يعقوب: لأنه تعاطى بديكتاتورية وإلى آخره وهم يجتهدون في اطاعته إلى درجة.
شري: المزايدة.
يعقوب: المزايدة، ربما ان احد هؤلاء يعني تحرك بطريقة خاطئة وقام بأمر أكثر مما هو مطلوب، ومن ثم علم القذافي وقال له توقف عند ذلك، ولكن لم يستطيعوا ان يخرجوا هذا الأمر فقاموا بهذه المسرحية بانتحال الشخصيات و...و... إلى آخره.
شري: هل هذا يتسق مع ابقائهم مسجونين وعلى قيد الحياة.
يعقوب: الخطأ الذي جرى...
شري: الخطأ ألا يمكن معالجته اذا كان الأمر سجن.
يعقوب: الخطأ الذي جرى ربما مع احد الاعزاء او شيء من هذا القبيل، ربما لم يكن خطأ يمكن تصليحه او كان من الصعوبة بمكان ان يتم عملية التخريج بشكل لائق لهذا الموضوع فدخلوا في عملية هذه الاكذوبة وهذه المسرحية ولم يستطيعوا ان يخرجوا منها حتى الآن. طبعاً عملية خروجهم منها تحتاج إلى ضغوطات وتحتاج إلى مؤازرة انظمة وقوى ومنظمات انسانية وهذا الذي لم يحصل. فبقي هذا النظام مرتاحاً خلال تلك الفترات والسنين الماضية لم يحصل ضغط حقيقي من النوع الذي يلزم هذا النظام على ان يخرج هذا الامر إلى العلن وعلى ان يقول ماذا جرى.
شري: مبدأ بقائهم على قيد الحياة لا يزال ثابتاً، هو الأساس؟
يعقوب: لأنه لا يوجد لدينا شيء ينفي هذا الامر، لأن العقيد القذافي قام بجرائم كثيرة واستطاع ان يعلنها. استطاع ان يقولها وكانت هذه الجريمة جريمة اغتيال اصلاً وتفضل الاخ خريس الذي اتصل من شوي قال انه تعرض لعملية اغتيال وكذا... النظام الليبي كان له قدرة هائلة في لبنان خلال حلفاء انصار الذين يأخذون الاموال.
شري: يعني كان يمكن يدبر عملية اغتيال... كان في محاولة اغتيال.
يعقوب: بسهولة جداً، خصوصاً انا اذكر تماماً طبعاً الوالد والإمام بكثير مرات عندنا في المنزل لم يكن هناك هذه الحراسة، وهذه المرافقة.
شري: كانوا بين الناس.
يعقوب: بكل تواضع وبكل بساطة، بكل بساطة، وكان هناك امكانية لترتيب عملية اغتيال بكل سهولة في هذا الموضوع. فإذاً، الهدف لم يمكن الاغتيال، لم يكن القتل. كان ... ايضاً وردت عبارة مهمة على لسان الاخ خريس (كان يريد اخضاعه). اخضاع الإمام وتحويل ... مسار افكاره ونهجه. وفي مرة من الممرات لا اريد ان اذكر مع اي شخصية قيادية كبرى في لبنان، كان يدعو الإمام ان هذا الموقف وهذا العمل هو عكس التيار، هو غير المطلوب.
شري: شخصية قيادية لبنانية؟
يعقوب: نعم، نعم، نعم وغير المطلوب، وغير الذي يريدون بهذا المعنى في نقاش حاد مع الإمام... كذا لم يستجيب الإمام لهذا الكلام وكان الوالد حاضراً فقام وقال لهذا الشخص انه يعني الإمام هو التيار، اينما يذهب الإمام يذهب التيار، وانتهت المناقشة عند هذه الكلمة. وقام هذا الشخص ورحل غاضباً، وهو يعلم ان الجميع الذين كانوا يتعاطون مع الإمام كانوا يعلمون بأن الأسس...
شري: احد رموز تلك المرحلة كانت شخصيات...
يعقوب: والخطوات... لا اريد ان ادخل.. ربما، لا اريد الدخول بهذا الموضوع. كانوا يعلمون انه صلب جداً جداً جداً، بقدر مرونته وعاطفته وانسانيته وبكائه عند اي صغير وعند اي ارملة، وعند اي طفل. كان صلباً جداً جداً جداً في المواقف وفي المبادئ في الخطوط. وهنا طبعاً تحدثنا عن الهدف الأول والابرز في عملية اقتلاعه من لبنان وتغييبه الذي هو حوار الحضارات، والذي هو معركة صدام الحضارات، وايضاً تكملة لهذا الموضوع بعنوان ايضاً حوار الحضارات كان الإمام موسى الصدر الهدف الثاني الابرز لتغييبه انه إمام المقاومة. الإمام موسى الصدر هو بنظرية المقاومة، وبعملية المقاومة التي انتهجها كان ليس رائداً فقط، كان في اعلى مستوى على الاطلاق، على مستوى اليافطة، اليافطة التاريخية التي تورث هذه العملية لكل الاجيال، في مرة من المرات قال "زرعنا البذار وسوف تُولِد الارض، سوف تأتي بوليدها حكماً في هذه الارض الخصبة".
شري: سنتناول في بعض التفصيل بعض جوانب هذه الشخصية الفذة، استاذ حسن يعقوب لكن بعد وقفة مع فاصل قصير، نتابع بعده حضور هذه الشخصية ومسؤولية لبنان ايضاً وتقصيره في حقها سواء في متابعة القضية او في اعطائه حقه في هذه الشخصية ذات الابعاد الانسانية والعالمية. فاصل قصير ونتابع هذا الحوار.
فاصل.
شري: اهلاً بكم من جديد مشاهدينا الكرام، واجدد الترحيب بضيفي سعادة النائب حسن يعقوب. استاذ حسن، اذا تحدثنا توقفنا شوي عند قضية الإمام موسى الصدر، تحدث الاستاذ طلال عن انه لم يجد حتى مع الحكومة طريقة... لم يكن هناك يعني مطالبة قوية على المستوى الرسمي، على المستوى العربي حتى ... العرب بدناش نحكي عنهم. ولكن على مستوى الدولة اللبنانية ألم يكن هناك تقصير فاضح تجاه هذه القضية.
يعقوب: لا، هو يعني سؤال كبير، تقصير؟ بدك تقول عنه في مكان من الامكنة عجز، بدك في مكان من الامكنة تواطؤ. ما بعرف, يعني انا في هذا السياق سؤال سؤال كبير جداً لا يمكن على الاطلاق، على المستوى السياسي، ولا على المستوى الديني، ولا على المستوى الرسمي، وطبعاً مش على المستوى الانساني، واكيد مش على المستوى الوطني. هناك مخرج لأي مؤسسة في الدولة اللبنانية تستطيع ان تبرر لأنها لا تضع هذه القضية بأولى اولوياتها. شو بدي شو بيمثل الإمام الصدر من قيمة انسانية، شو بدي شو بيمثل من دور، شو مثل من قيادة، شو بيمثل من بعد، شو بيمثل من تمثيل. بغض النظر، هذا الاعتداء هو اعتداء على امن الدولة اللبنانية، المؤسسات الرسمية، الحكومات، الرئاسات، كله في هذا الموضوع طبعاً نحن كنا بمرحلة – والله- حروب واقتتال وإلى آخره وكذا... بس كان في امور كثيرة اقل من هذه بكثير بكثير، يتم متابعتها، ويتم لحاقها ولحاظها إلى ابعد الحدود. الموضوع كان يتجاوز هذا العمل، كان يتجاوز طبعاً، هو فيه شيء من التواطؤ بظل اللي تحدثت عنه في الأول. في ائتلاف. ائتلاف دولي – اذا صحَّ التعبير – شرقاً وغرباً على تغييب هذه القيادة الكبرى التي استطاعت ان تشكل خطراً مركزياً واساسياً على اصل تحرك الحركة الصهيونية. موضوع الحركة الصهيونية.... انا بس حكيت عن حوار الحضارات، ليش مين عمل اصلاً صدام الحضارات، الاميركان؟ مين عمل صدام الحضارات، الاوروبيين؟ الحركة الصهيونية هي اللي عملت صدام الحضارات. الحركة الصهيونية هي اللي عملت كل هذه المشاكل في هذه الدنيا. عندما قال الإمام موسى الصدر ان "اسرائيل شر مطلق" لم يقلها بالعنوان السياسي، قالها بالعنوان الشرعي. هذه العبارة "مطلق" لا يُقال "مطلق" الا على الحق المطلق والشر المطلق. يعني الله سبحانه وتعالى المطلق بالحق، والشيطان هو الشر المطلق، لا يمكن هناك لأي اجتهاد بعد هذه العبارة ان يتم تدوير زوايا فيها. بهذا الاطار وضع اعلى سقف على الاطلاق، وبالتالي عرفوا هم حجم هذا الكلام، وحجم هذا الموقف وهذا النهج ومن مين؟ من شخصية قيادية كبرى كانت فريدة تتحرك على الساحة الدولية تحت هذه العمامة وتحت هذه القيمة المعنوية. هنا صار الخطر كتير كبير شعلته هذه الحركة الصهيونية واداوتها التي هي كثيرة جداً ومزروعة بشكل جداً متجذر بالكثير من الاماكن ومنها العربية ايضاً.
شري: هل قدر لبنان، استاذ حسن، ان نتعاطى مع قادتنا، باعتبارهم... ان اعتبار قضية الإمام موسى الصدر وكأنها قضية الشيعة، انه زعيم طائفي في نهاية المطاف لا اكثر ولا اقل مثل ما نقيس كثير زعماء في لبنان اغتيلوا على مر هذه... زعماء دينيين وسياسيين، ولكن كل واحد طائفته هي معنية فيه. وهذا هو علة العلل في لبنان؟
يعقوب: بكل بساطة وتواضع، اقول ان ربما الإمام موسى الصدر هو الشخصية الفريدة وربما الوحيدة التي استطاعت ان تستقطب هذا الكم الهائل من الاجماع. الإمام موسى الصدر ربما لم يأتِ إلى لبنان مع تقديرنا واحترامي إلى كل القيادات... شخص استطاع ان يجمع قيماً وقواسم مشتركة بين كل هذه المكونات وهذه الشرائح. وهنا انا كما قلت الخطر الأكبر اللي شكله الإمام الصدر بأنه وُضِعتْ صوره في الاديرة، اسْتُقْبِلَ في الكنائس كما في الحسينيات والمساجد، عند الفقراء وعند الاغنياء، عند الذين يتسلطون كانوا يتهيبونه وكانوا يحترمونه، وعند المظلومين والمحرومين والمستضعفين الذين يرتجون ان يعيد لهم حقوقهم وينصرهم. استطاع الإمام موسى الصدر ان يدخل إلى كل بيت، إلى كل كوخ، وإلى كل قصر، إلى كل قلب مكسور او معتز. الإمام موسى الصدر حجمه وقدرته على هذا الاستقطاب تخرجه من اطاره الطائفي او من اي انتماء آخر. واصل حركة الإمام موسى الصدر بالعنوان الانساني الذي وضعه بند أول في ميثاق حركة المحرومين في العلاقة بين الانسان والخالق، وان هذا الانسان هو امتداد للخالق عز وجل بهذه العملية وبهذه المعادلة ارتقى الإمام موسى الصدر اعلى من اي خطاب سياسي او اي يافطة سياسية ربما تقزم او تقوقع اي تحرك. لذلك اصل الخطاب السياسي الذي تحرك به الإمام موسى الصدر والمبادئ والقيم التي حاول ان ينشرها ويبعثها في النفوس والقلوب هي الرد الطبيعي على أي كلام يُنسب على ان الإمام هو إمام لطائفة او إمام لمذهب او إمام لفئة او حتى لحزب رئيساً وإلى آخره. لم يكن هكذا ابداً، يعني انا في هذا السياق اريد ان اذكر رواية صغيرة انه بعد عودة والدي من المؤتمر العالمي في موسكو للسلام الوطيد، رجال الاديان، رجال الاديان من اجل السلام الوطيد اظن انه في 77 او شيء... كان هناك حوالي 300 رئيس طائفة، 300 رجل دين ممثلين كل دول العالم. ومن يستضيفهم موسكو الشيوعية الذين كانوا يريدون آنذاك ان يخرجوا للعالم ان سبب الحروب هي الاديان، يعني هذه النهاية. طبعاً انا سمعتُ لأن عندي وثيقة حوالي 20 دقيقة اجتماع مركزي لحركة أمل عنوانها فقط البحث ما جرى في هذا المؤتمر مع الوالد، يعني حديث بين الإمام الصدر ووالدي وبمشاركة بعض الاشخاص والحديث محصور بينهم، وعم يحكوا شو صار بهذا المؤتمر وما استطاع الوالد ان يغيره في البيان الختامي، وما استطاع ان ينقل هذه العملية من عملية اتهام الدين إلى عملية بعض الذين استفادوا وامتطوا الدين. ايضاً وجِّه المؤتمر باتجاه المشكلة الاسرائيلية في المنطقة التي هي سببت الكثير من الحروب في المنطقة، والتي هي كانت وراء الكثير من الحروب قبل ان تنشأ التي هي الحركة الصهيونية. وهذا البيان الختامي... هذه وثيقة تاريخية موجودة. وكيف استطاع ان ينتزع العرب يعني 23 دولة عمل لوبي فيهم وكذا وإلى آخره، هو لبنان كان ملحق وضعيف، إلى آخره. ورواية شهيرة آنذاك ان تحدث باسم لبنان وفلسطين فقيل له لماذا تحدثت هكذا، فقال لهم ألسنا نحن المحرومون في ارضنا وهم المحرومون من ارضهم. هذا اللقاء المحرومون في ارضهم والمحرومون في ارضهم. المهم بهذا السياق يسأله الإمام بالعنوان انه على مستوى العلاقات مع الدول وكيف انه يمكن ان يحصل تواصل بين كل هذه القيادات فيما بعد، وكيف ان مسؤول العلاقات الخارجية آنذاك يجب عليه ان يتابع هذه الاتصالات. فيسأله الإمام يا شيخ محمد ألم تقل لهم بأن عملنا كحركة المحرومين له علاقة بكل المحرومين في كل هذه الدول؟ وهذا البعد الانساني في الحرمان وبهذا السياق أتى السؤال. فرد الوالد ويقول له طبعاً سماحة الإمام بعنوان كذا وكذا ويسمي له وإلى آخره، ويقول مسؤول العلاقات الخارجية ان يتابع بكذا وكذا وكذا. شريط موثق. شوف بعد الإمام مش على مستوى انه هناك تنظيم في بلد ما انه لبنان، او حركة بطائفة او فئة معينة. له علاقة بكل العالم. كان الإمام موسى الصدر داعية سلام وداعية رفع حرمان وداعية رفع استضعاف وداعية نصرة انسانية الانسان على مستوى كل هذا العالم. فإذاً، معركة هذا الإمام لم تكن معركة ضد الحركة الصهيونية في إطار جغرافي معين وفي إطار جبهة معينة، كان على مستوى كل العالم وهنا خطورة الإمام. هم عرفوا هذه المسألة وطبعاً امتدادات الإمام وعلاقاته بالثورة في ايران وايضاً علاقاته بالمرحوم ابن عمه الشهيد محمد باقر الصدر في العراق وإلى ما هنالك. والحركة المكوكية التي كان يتحرك بها كانت خطرة. يعني شكل خطراً كبيراً على هذا المشروع وبالتالي اتُخِذ قرار ربما وكما قلت شرقاً وغرباً لتغييبه بهذا الشكل. هذه العناوين الكبرى وهذه المعادلة الكبرى وبذارها طبعاً الإمام لا تعود الفضل.. هذه مدرسة، مدرسة الرسل، مدرسة الانبياء، هو كان يقول كذلك. طبعاً هو كان دائماً ينسب إلى نفسه التقصير في هذا الموضوع. هو كان رغم انه لا ينام.
شري: اليوم كثيرون يعودون لنص الإمام السيد موسى الصدر في كل... خصوصاً عند الازمات للحديث عن رؤيته ويستحضرون كلمته. هل هنالك قراءات متعددة للسيد موسى الصدر ام انه واضح وصريح، عناوينه، اولوياته الاساسية، هل يمكن الاستفادة منها اليوم في معالجة ازماتنا والتحديات التي نواجهها في هذه المرحلة؟
يعقوب: يعني رغم كل الاختلافات السياسية في لبنان، ورغم كل المشارب السياسية في لبنان، لم يستطيع احد أن يأوِّل أي نص للإمام موسى الصدر بغير الهدف الذي كان يبتغيه الإمام وهو الجمع بين الجميع. يعني مثلاً، عندما قال ان الطوائف نعمة والطائفية نقمة، كل يوم يرى كل السياسيين بأن هذا الامر هو كذا، عندما قال ونادى بالانماء المتوازن – على فكرة كل الذي قاله الإمام موسى الصدر نزل في وثيقة الطائف – يعني لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه، هذا نص للإمام موسى الصدر – الانماء المتوازن هو نص للإمام موسى الصدر، اللامركزية الادارية هو نص للإمام موسى الصدر، حتى الإمام الصدر في عملية صهر اللبنانيين هذا الذي لم يحصل ان يكون لبنان كله دائره انتخابية واحدة حتى تسقط الطائفية، حتى تسقط المناطقية. نحن شفنا بالأمس، انتم شفتم الزملاء النواب عندما تحدث احد آخر من الزملاء عن منطقته، وكأنه ممنوع لأحد ان يتحدث عن هذه المنطقة، لا بالعنوان المناطقي ولا بالعنوان الطائفي ولا بالعنوان الحزبي. هذا امر معيب. أنا آليت على نفسي ان ادخل في اي من هذه السجالات لأني شفت قديش صار هنالك حالة في الاسفاف، من الاسفاف في المستوى وهنا كيف نستحضر خطاب الإمام؟ وكيف نستحضر هذا الرقي في عملية الصهر والوحدة الوطنية، عندما يقول انه يعني لا يبتسم لبنان وجنوبه متألماً. من استطاع ان يقول ان هناك في امكانية على ان يكون الجنوب بمعزل عن الاحداث في لبنان. بمعزل عن التأثير في لبنان. الجنوب هو الحدث، الجنوب هو مصدر... يعني اي شيء يدخل علينا... يدخل علينا من الجنوب وبالتالي اي ردع له سيكون من الجنوب. الإمام موسى الصدر قبل سفره بقليل استدعى الكوادر وقال لهم بعد عودتي علينا ان ننقل كل المؤسسات إلى الجنوب، علينا ان ننقل كل امكاناتنا، خط الدفاع العربي والاسلامي الجنوب. كان الإمام ينظر إلى الأمور على المستوى الاستراتيجي ابعد مما يتصوره البعض، خصوصاً كما قلت انه استطاع ان يستشرف موضوع صدام الحضارة، يعني شعر... عندما في لحظة من اللحظات كان مهموماً، كان متألماً فقالوا له ما بك سماحة الإمام، فقال لهم يريدون ان يذبحوا الفلسطينيون والقضية الفلسطينية بيد شيعية، بسكين ويد شيعية، تصور عندما الإمام... تصور قديش عنده حالة استشراف ونظرة بعيدة بما يخطط له، استطاع ان يستقرئ فكر العدو، وهنا اهمية اعرف عدوك. ولذلك انا بس نقول خطر الإمام، اهمية الإمام، بعد الإمام، ضرورة تغييب الإمام، يعني عند هؤلاء ضرورة تغييب الإمام يعني خلص، اصبح يعني اخطر مما حدا بيتصور على... مش على مستوى مؤقت وعلى مستوى بسيط، على مستوى استراتيجي. وكل المحاولات التي جرت لثني هذا النهج، لكسر هذا المشروع بكثير من المحطات تنكسر وتم ضرب لهذا المشروع وخصوصاً يعني الاقتتال الداخلي بهذا الموضوع. الاقتتال الشيعي ما حصل بهذا الموضوع واقتتالات كثيرة حصلت وإلى آخره، ورغم ذلك، ورغم ذلك، رغم ذلك، استطاعت هذه البذار ان تخرج شامخة محققة اعلى رسالة واعلى صدمة لكل الاشرار في العالم من المكان الذي لم يكن يتوقعه او يحتسبه احد.
شري: السؤال، لو كان الإمام حاضراً اليوم، كان يتحدث عن المقاومة قضية مركزية في مواجهة العدو والخطر الصهيوني والجنوب، قد يُقال اليوم ماذا قد تكون كلمته، ماذا قد يكون موقفه؟ عنا اخطار، ازمات فتنة اليوم مذهبية سنية شيعية يتم الحديث عنها، عنا وضع في الشمال قلق وفقر وحرمان لا يقل ايضاً عن أي حرمان تعاني منه مناطق اخرى في لبنان بمعزل عن الموقع الجغرافي او مذهبها أو طائفتها، ماذا قد يقول الإمام الصدر؟
يعقوب: تصور حج محمد، بأن الإمام يعني نحن تحدثنا عن كلمته في الكنائس والاديرة، ولكننا لم نتحدث عن كلامه لأن هذا تحصيل حاصل. من اهم المحاضرات على الاطلاق التي القاها في حياته هي التي القاها في الازهر في مصر. ومن اهم المحاضرات ايضاً التي القاها في جامعة عين شمس في القاهرة. الإمام موسى الصدر طرح في لحظة مبكرة جداً مع المرحوم الشهيد حسن خالد لتوحيد الاذان، اذان الصلاة، وآنذاك قال بأنه نحن لدينا 6 جمل، وانتم لديكم 4 فليكونوا 5، نحن نحذف واحدة، وانتم تزيدون واحدة، تصور...
شري: الهم الوحدوي.
يعقوب: طرح عملية الاتفاق سلفاً على الاعياد، رمضان والاضحى سلفاً، كان يتحدث الإمام بأدق تفاصيل امكانية دخول الخلاف، وبالتالي كان يحاول ان يحبط ويطفئ كل الأمور الاستعمارية التي خُلقت للتفرقة بين المذاهب الاسلامية عبر التاريخ. وبالتالي كانت مقاربته للخلافة مختلفة، كانت مقاربته للصحابة مختلفة، كانت مقاربته لكل التداعيات تاريخياً حتى قراءته للتاريخ كانت مختلفة، حتى قراءته في القرآن، تفسير القرآن، إذا اردت ان تنظر إلى تفسير القرآن، الإمام موسى الصدر كانت لديه القراءة الاستقطابية دائماً، دائماً، دائماً، كان امام البحث عن القواسم المشتركة، امام الوحدة، امام الوحدة بامتياز. يعني عندما انتقل إلى الموضوع المسيحي... ليش مين قلك حتى الإمام بالموضوع اليهودي عنده مقاربة.
شري:الكل يتحدثون عن هذه الجرأة والاقدام...
يعقوب: صحيح. اول من استطاع، اول وهنا بدي اقولها، أول من كتب مقالة فرَّق فيها بين اليهودية والصهيونية كان والدي الشيخ محمد يعقوب في جريدة السفير عام 1974، موجود المقال.
شري: اليوم بالمناسبة النائب السابق اوغست باخوس يروي في النهار بعض ذكرياته عن الإمام موسى الصدر، يذكر انه في برج حمود في مرة من المرات تعرَّضت كنيسة للسرقة، ووجدوا فيها كلمة "لا اله إلا الله" فأثارت وقتها غضب وشجب خصوصاً من جانب الرعية المسيحية. فكان الإمام الصدر حاضراً واتصل به وجمع المسلمين في المسجد وطلب التبرع للمسجد وللكنيسة في نفس الوقت من المسلمين، ثم بعدين تبين ان الذي سرق الكنيسة مسيحي ماروني وليس مسلم. ولكن كانت هذه الخطوة من جانب الإمام لها اثر؟
يعقوب: لم يستطع احد ان يجد وان يظهر القواسم المشتركة أكثر من الإمام يعني حتى عندما كان يتحدث عن عاشوراء كان يتحدث عن عذاب الجلجلة للمسيح، عندما يتحدث عن الجمعة العظيمة او الجمعة الحزينة كان يتحدث عن اليوم العاشر لكربلاء.
شري: لماذا لم يستمر بنفس الزخم؟
يعقوب: ما هو اصلاً يعني جزء من التغييب كان محاولة قطع بعض الحلقات وكسر هذا الامر، ولكن طبعاً بحفظ الله ورعايته والحمد لله رب العالمين، نحن في موقع متقدم جداً.
شري: برأيك التفاهم الذي حصل؟؟؟
يعقوب: التفاهم هو....
شري: وثيقة التفاهم...
يعقوب: هو ترجمة...
شري: تترجم معايير الإمام موسى الصدر؟
يعقوب: بغض النظر، ابعدني عن الموضوع السياسي وانتمائي وتكتل التغيير والاصلاح وكل هذه القواسم المشتركة بين كل الاخوة التي بكل فخر امثلها، انا اقول لك ان هذا ترجمة مباشرة لفكر الإمام موسى الصدر، منطق التفاهمات، منطق التصالحات ضد منطق التصادمات والاصطراع.
شري: نحن معودين مش على التفاهمات، نحن معودين في لبنان على التسويات، يعني نكون عم نتفائل منروح منتفاوض ونلاقي تسوية، نعمل تسوية احيان تكون نتيجة موازين القوى وليس نتيجة قناعات. قديش هيدا التفاهم عم بيؤسس لقناعة وليس لتسوية بالمعنى التقليدي اللبناني؟
يعقوب: ما هو هيدا دائماً المشكلة والصدام والاختلاف بين الميكانيكية والاستراتيجية، او بين البراغماتية والعقائدية اذا بدك. هذا الشغل التكتيكي على حساب الشغل الاستراتيجي، التفاهمات البحث بالعمق، الذهاب إلى الموضوع مباشرة هو الذي ينتج الحلول، او التسميات والبرمان واللف والدوران وتدوير الزوايا هذا كله بشو بينفع؟ يعني هيدا كله يؤجل مشكلة.
شري: ينفع احياناً في منع الانفجار!
يعقوب: يا أخي، ايه، بس عملياً طالما انا صلب المواضيع واسسها ما في خلاف. انه انا بدي كون مقتنع انه شو في خلاف بين الشيعة والسنة؟ شو في خلاف بين المسلمين والمسيحيين, وبالحد الادنى.
شري: هل برأيك المسؤولين الشيعة والسنة عم يقاربوا مسائل الخلاف بشكل جدي.
يعقوب: يا سيدي انا برأيي بأن هذا الموضوع...
شري: اذا وثيقة تفاهم عملت العمل...
يعقوب: ما كل العالم تعرف ان قراءة هذا الموضوع بإيجابياته وبسلبياته اللي قرأه كان بخلفية سياسية، ولكن كل الذين قاربوه...
شري: استاذ حسن، عفواً لمقاطعتك، رموز دينية عم بتشير منحى عقائدي تكفيري في كلامها على التلفزيونات وتشير إلى هذه النواحي العقدية الي بتأثر وما كنا نسمعها في لبنان وعم بتصير شيء روتيني وطبيعي وعم تعطي شكل تكفيري لعلاقة المسلمين بعضهم ببعض؟
يعقوب: شوف، عبر التاريخ كل شيء يكون شواذ ويكون خارج السياق يُنبذ وينبذ نفسه. يعني انتَ عن تحكي عن عالم ماشي كله باتجاه العولمة، عم تحكي عن عالم عم يستعجل قد ما فيه باتجاه التواصل وتعزيز الاتصالات والانفتاح. عم تحكي لي عن تقوقع وعن تحجر وعن تكفير. ما اصلاً لا ملاذ آمن لهذا الموضوع. اللي اخترع هالقصة، اللي زرع هالخلية الخبيثة اول ما انقلب انقلب عليه. ومن ثم بمكان آخر على المستوى الاقليمي ايضاً انقلب عليه. هذه العملية هي عملية مثل مناجر عالم. فإذاً، كل الكلام، كل الناس بتعرفه، كل العالم بتعرف كل الرأي العام ليس اللبناني فقط، العالمي، بيشوف شو المقبول وشو المش مقبول، بيشوف شو الكلام اللي تتطابق وتتلاقى مع القيم الانسانية وشو الذي لا يتلاقى، شو يعني تكِّفر انسان؟ من انت حتى تكِّفر انسان؟ انت مكان الخالق؟ سلام الله عليه امير المؤمنين بيقول "الناس اثنان إما اخ لك في الدين، او نظير لك في الخلق"، في قاسم مشترك كبير انت واخيك الانسان بغض النظر عن لونه ودينه وعرقه. الرسول الاكرم شو بيقول "لا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى"، المعادلة هي معادلة العمل، معادلة السلوك معادلة القربى، معادلة الحوار. هلق نحن بس عم نحكي عن تفاهمات، عم نحكي عن التقاء، عن قواسم مشتركة، يعني عم نحكي عن البناء، يعني عم نحكي عن التقدم، عم نحكي عن توحيد الرؤيا، توحيد الهدف. أليس كلنا جميعاً نتعرض لأذية عدو واحد؟ وأليس كلنا جميعاً عبيد لخالق واحد؟ بس خلينا بهالنقطتين هيدا على المستوى المادي اللي عايشينه في الدينا على مستوى العدو، وهيداك على المستوى الالهي السماوي الذي يربطنا على المستوى العقيدي. يكفي من هاتين النقطتين، القاسمين المشتركين ان نؤسس لملايين لا بل مليارات من القواسم المشتركة.
شري: إلى اي مدى هذه العناصر المشتركة في مقابل الهواجس التي يتم زرعها وضخها يومياً. اليوم اذا شفنا الاعلام ما يضخ من اثارة وعمل تحريض اين منها عمليات القتل احياناً. في ضخ لبث عناصر تحريض على المستوى السياسي، على المستوى الاعلامي. كيف السبيل لمواجهة هذه الهجمة اليوم في لبنان؟ هل تخشى على الوحدة؟ في عكار... في البقاع وانت ابن البقاع ما شهده البقاع هل انت مطمئن إلى عناصر ولحمة اللبنانيين، لحمة المسلمين لمحة اللبنانيين عموماً فيما بينهم.
يعقوب: طبعاً على مستوى هذه الاحداث والمحاولات أكيد مش مطمئن وأكيد انا دائماً قلق وأرق بهذا الموضوع. ولكن على مستوى تأديتها النتائج المتوخاة منها، انا مطمئن انها لا تستطيع ان تؤدي، والسبب بسيط جداً. أولاً، بدايات انطلاقات هذه الاعمال وهذه الحركات بلحظة من اللحظات على مستوى التوصيف السياسي كان هناك انقسام سياسي حاد متشنج استخدمه البعض والقوى الخارجية بإطار معين وخطوة بفرز معين، هذا الانقسام أمَّن ملاذاً آمناً وحال من الاستقطاب لكثير من الحركات التي تمتلك اجندات خطيرة جداً. هلق هذا الانقسام السياسي حتى ولو بالشكل بإطار حكومة وحدة وطنية وهنا طلبنا نحن في فريقنا السياسي منطق الشراكة تؤمن الوحدة الوطنية حتى على مستوى الشكل وبالتالي تخرج الملاذ الآمن لهؤلاء. هلق هون شعروا هؤلاء انهم صاروا بحالة عري انكشاف. هيدا الجانب سوف يضمرهم، ويضمرهم إلى ان يلفظهم بالكامل. هلق في جزء آخر منهم اللي ممكن هو سبب المشاكل هو الذي لم يستطع حتى الآن ان يقرأ ماذا جرى، ولم يعلم كيف عليه ان يتعاطى مع هذه المرحلة الجديدة ما بعد الدوحة يعني لم يفهم ماذا يعني ما قبل الدوحة وما بعد الدوحة، وبالتالي كل مصادر الدعم، كل مصادر التغطية له سوف تجف حكماً لأنها لا توجد امكانية...
شري: برأيك انت هيك، اقليمياً .... المصادر... ما بعد الدوحة.
يعقوب: انا اعتقد بشكل واضح تنتهي بشكل كامل عند رحيل بعض المنظرين الذين قادوا هذه العملية في الادارة الاميركية وعلى رأسهم اليوت ابراماس. انا اعتقد ان هذه القصة بعد عمرها شهر شهرين ويتخلص نهائياً. هلق المحاولات طبعاً مع بعض الناس الاقليمين وكذا اللي كانوا متبنيين مشروع معين له شعارين هيدا الوحيد الذي يخدم بالحد الادنى شكلاً اسرائيل...
(...)
شري: على كل حال هذا التفاؤل كان من روح الإمام...
يعقوب: ان شاء الله.
شري: الله يعيده بالسلامة والشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين
يعقوب: نحتاج دائما اليه، ما احوجنا اليه
شري: التحية لهم حيثما كانوا وشكراً لما اعطونا اياه من زخم ومن حرية ومن مقاومة نلمس آثارها حتى هذه اللحظة. شكراً جزيلاً، سعادة النائب حسن يعقوب. شكراً بكم مشاهدينا الاعزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
