الإمام المغيب السيد موسى الصدر كان السد المنيع لكل أمواج القسمة بين اللبنانيين ولكل أمواج الفتنة بين المسلمين فهو الذي كان يرفع شعاره المعروف (التعايش الإسلامي المسيحي ثروة يجب التمسك بها).
فقد كان الإمام الصدر المسارع الدائم إلى اتخاذ المواقف القولية والفعلية عند إحساسه بوجود تهديد ما لوحدة اللبنانيين ولوحدة المسلمين، فكان يسارع إلى عقد اللقاءات والاجتماعات مع كافة اللبنانيين بطوائفهم كافة وبفئاتهم وأحزابهم كافة ويعطي تعليماته بوجوب الوقوف دائماً أمام اي خطر داهم يمسّ اللبنانيين في عيشهم الواحد في وطنهم لبنان الذي كان ينادي به وطناً نهائياً لكل اللبنانيين.
كان الإمام الصدر الصحوة الواعية والهمة القوية أمام المؤامرة التي عصفت بلبنان والتي كان المقصود منها تفتيت وحدة البلد وتفتيت شعبه إلى كيانات طائفية ومذهبية وما اعتصامه الشهير في العاملية إلا خير دليل على هذه الصحوة الواعية والهمة القوية التي حفظت لبنان من المؤامرة المذكورة.
أحسّ اصحاب المؤامرة على لبنان بهذه الصحوة الواعية والهمة القوية عند الإمام موسى الصدر فعملوا على إزاحتها عن طريق تغييب صاحب هذه الهمة والصحوة ظناً بهم بإنجاح مخططهم.
وبمشيئة الله سبحانه وتعالى لم تغب شمس الإمام موسى الصدر ولم تغب صحوته الواعية وهمته القوية بوجود الإمام الحاضر عبد الأمير قبلان الذي صاحب الإمام موسى الصدر في مسيرته فكان المثل والقدوة له في افكاره واقواله وافعاله، فتابع النهج ذاته في السياسة وتابع النهج وحده بالتعامل مع اللبنانيين بكافة طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم السياسية، فكان النهج ذاته في اقواله وافعاله ولقاءاته التي كان يوظفها دائماً في مصلحة وحدة اللبنانيين ووحدة المسلمين. لقد انتهج الإمام قبلان نهج الإمام الصدر في خطبه وتعليماته فنرى النهج ذاته في الدعوة إلى الحفاظ على الوحدة بين اللبنانيين حيث يقول سماحته ( إن على علماء الدين والمواطنين ان يعملوا على تحصين ساحتهم الداخلية بتعميق وحدتهم الوطنية وتجنيد أنفسهم ضد كل داعية سوء وفتنة وضد كل فاسد، وعلى اللبنانيين نبذ الخلافات وتقريب وجهات النظر وتفعيل الحوار في ما بينهم على قاعدة نبذ الفتن والإخلال بالأمن على اعتبار ان الفتنة ممنوعة ومحرمة فيما الإخلال بالأمن من المحرمات الوطنية والشرعية).
لقد نادى الإمام الصدر جميع المسؤولين لتقديم كافة الخدمات للشعب اللبناني وان على الحكام ان يتضامنوا في ما بينهم لتوفير رغد العيش لهذا الشعب فكان الإمام قبلان الصوت المدوي في تكملة هذا النداء فيقول (على أهل الحكم ان يجندوا انفسهم وإمكاناتهم لخدمة هذا الشعب الذي يستحق الكثير وقد ضحى ما فيه الكفاية وهو على استعداد لأن يضحي أكثر ولكن يريد في المقابل ان يرى تعاوناً بين أهل الحكم وليس تخبطاً في ما بينهم فالناس محبطون ويائسون من هذا التخبط الذي لا يخدم أحداً والذي ينذر بعواقب وخيمة، ولهذا نجدد الإلحاح ونناشد المسؤولين التحلي بالمناقبية والشجاعة واتخاذ القرارات الجريئة التي تسهم في بناء المجتمع وتحفظ إنسان هذا الوطن وتوفر له رغد العيش وكل المستلزمات والضمانات الاجتماعية والصحية).
لقد كان دائماً الإمام الصدر ناطقاً بصوت المحرومين داعياً لمعالجة الأوضاع المعيشية الصعبة فكان الصوت ذاته في صوت الإمام قبلان بقوله (لا بد من معالجة جدية للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون كافة وعليهم جميعاً المساهمة في إيجاد الحلول المطلوبة لها كما أن المطلوب من الحكومة ان تحسن اداءها وتلتزم وعودها وقراراتها وتحقق الإنماء الموعود في كل المناطق اللبنانية وتكثر من الأفعال وتقلل من الكلام الذي لا فائدة منه على الإطلاق).
لقد دعا الإمام الصدر دائماً إلى قيام دولة المؤسسات دولة العدل والقانون فسار على نهجه الإمام قبلان بقوله (إن قيام دولة العدالة والمؤسسات هي حلم كل اللبنانيين الذين يتوقون إلى رؤية دولة المؤسسات التي يحكمها القانون بعيداً عن منطق المحاصصة والمحسوبيات ونحن نتطلع إلى قيام دولة القانون والمؤسسات بحيث تكون ملاذاً لكل اللبنانيين الطامحين إلى رعاية وحضانة دولتهم).
لقد ركز الإمام الصدر في خطبه على التوجه إلى رجال الدين بدعوتهم إلى الابتعاد عن كل ما يثير النعرات الطائفية فكان الإمام قبلان يدعو بذلك بقوله (اقول لكل رجال الدين من كل الطوائف ابتعدوا عن المشاحنات واتركوا الخلافات الجانبية خلف ظهوركم وتعالوا لنبني وطن المحبة وطن السلام والإنسان ونبني وطننا بصروح الثقافة والعلم والمعرفة).
كان الإمام موسى الصدر يحذر دائماً من الطائفية فكان يعتبرها نقمة وليست نعمة وبنفس النهج وذات التحذير يقول سماحة الإمام قبلان (إياكم والطائفية، فإنها نقمة والدين نعمة فتمسكوا بأهداب الدين لأن عيسى جاء للمحبة ومحمد جاء للرحمة فاعملوا على ضوء تعاليمهما وابتعدوا عن الحقد والكراهية).
لم يعط التغييب ثماره ولم تنجح مؤامرات المتربصين بهذا البلد، فالغائب المغيب حاضر بفكره ونهجه وتعاليمه وهمته وصحوته، فبنفس الكلمات التي كان يخاطب بها الإمام الصدر اللبنانيين يخاطبهم اليوم الإمام قبلان بنفس الخطبة بقوله (إذا كنا نرغب بصدق ان يبقى لبنان وان تبقى صيغته، وإذا كنا حريصين على وحدته وعلى مصيره يجب ان يكون التوجه لدى الجميع توجه صدق وخير وتوجه محبة وتعاون وتوجه إحساس بالمسؤولية واستشعار بالخطر الداهم الذي يتهدد الجميع ويعرضنا لأبشع العواقب).