لبنان والنضال الفلسطيني

calendar icon 06 تموز 1970 الكاتب:موسى الصدر

حاوره ادوار صعب
* لبنـان، بتعايش الأديان فيه، ضرورة دينية وحضارية.
* مأساة فلسطين لطخة سوداء في الضمير العالمي.
* نضال الشعب الفلسطيني دفاع عن الأديان وعن قداسة القدس.
* إسرائيل دولة عنصرية توسعية وتشكيلها لا يدعو للتفاؤل.
إسرائيل تستمر في الاعتداء اعتمادًا على الولايات المتحدة الأميركية.
ما هو دوركم الشخصي في المجتـمع السياسي اللبناني وما هي العلاقات بين الدين والدولة في لبنان؟
- إن دوري هو دور كل رئيس طائفة في لبنان لاسيما الطوائف الثلاث الكبرى: المارونية، السنية والشيعية. بالإضافة إلى أن أكثرية سكان الجنوب من أبناء طائفتي، وهذا يزيد في مسؤولياتي بالطبع في هذه الظروف القاسية التي تمر على جنوب لبنان.
فإسرائيل، كما نعرف، تعتدي على منطقة جنوب لبنان، بالقصف والتجاوز وقتل المواطنين، وتشريدهم، وهذه الاعتداءات تتكرر يوميًّا، ما خلق مشاكل إنسانية واجتماعية وسياسية.
وهذا الوضع يزيد من مهماتي أمام أبناء طائفتي، بحيث يأخذ أكثر أوقاتي. وقد حاولت في رحلتي لألمانيا، وأحاول في فرنسا توضيح الحقيقة المرة أمام الرأي العام.
وعليَّ أيضًا بالإضافة إلى هذه المسؤوليات، واجب آخر هو مهمة تنظيم الطائفة الإسلامية الشيعية التي كانت آخر الطوائف من حيث التنظيم الداخلي. وقد انعكس عدم التنظيم على وضع أبناء طائفتي، مما يفرض نشاطات اجتماعية وثقافية وتربوية واسعة النطاق.
وفي خصوص العلاقات بين الدين والدولة، فلبنان يضم طوائف متعددة، وقد وُضع مبدأ المشاركة في الحقوق والواجبات بين مختلف الطوائف في أساس النظام. والطوائف اللبنانية تساهم في كثير من الحقول الاجتماعية والثقافية والاستشفاء. والحكومة اللبنانية تحترم الطوائف المختلفة وتتعاون معها تعاونًا وثيقًا.
وقد وُجد في لبنان، نتيجة لهذا الوضع، نظام فريد في العالم، ومجتمع متنوع الطوائف، منفتح على العالم، يمكن اعتباره ضرورة دينية تثبت إمكانية تعايش الأديان والمذاهب بعضها مع بعض في مجتـمع واحد، وفي نفس الوقت ضرورة حضارية حيث أن العلاقات الدينية بين الطوائف المختلفة وبين أبـناء مذهبهم في الخارج، تجعل الطوائف نوافذ حضارية على جميع العالم وحضاراته وثقافاته ويصبح لبنان بذلك مكانًا للتلاقي وصلة للتفاهم. إن الدولة في لبنان ليست علمانية، بل إنها تمثل جميع الطوائف المختلفة وتعتمد القيم الروحية التي هي مشتركة بين جميع الأديان.
أي دور تعطون لشعب فلسطين؟
- إن هذا الشعب قد طُرِدَ من وطنه بالقوة، وسُلبت منه جميع أمواله وحقوقه في الحياة. ثم انتظر عشرين عامًا لكي يأخذ حقه من الذين جاؤوا من أقطار الأرض ومن أوطان مختلفة، لكي يأخذ حقه منهم بالطرق الدولية. وقد خاب ظنه، فاضطر لحمل السلاح من أجل الدفاع عن كرامته وحياته والعودة لوطنه. إن قضيـة الشعب الفلسطيني قضية حق وعدالة، ومأساة فلسطين لطخـة سوداء في الضمير العالمي. ولذلك فلا يمكن لأي إنسان إلا أن يقدّر نضال هذا الشعب، وأن يتأكد من أن تجاهل حقه يؤدي إلى صعوبات بالغة ومشاكل غير متصورة.
إن نضال الشعب الفلسطيني تصحيح لحدث تاريخي خطير، فهو يتعدى نطاق فلسطين، بل هو دفاع عن الأديان وعن قداسة القدس وعن تشويه لوعد الله الذي تدَّعي إسرائيل اختصاصه بها وتريد تنفيذه "بالنابالم".
ما رأيـكم في مشروع روجزر والمفاوضات الحاليـة في نيويورك، هل تـعتقد أنـها ستؤدي إلى نتيجة؟
- إن مقترحات روجرز كما نعرف، تختص بمشكلة الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل في حزيران 1967 ولا تبحث في مشكلة فلسطين وحق شعبها. والدول العربية صاحبة العلاقة حاولت تأكيد حسن نيتها بقبولها قرار مجلس الأمن منذ صدوره، في حين أن إسرائيل رفضته. أما الفلسطينيون فمن الطبيعي رفضهم له حيث أنه يتجاهل حقهم. والنتيجة منوطة بأمرين أساسيين: الأول ضغط الدول الكبرى والولايات المتحدة بصورة خاصـة على إسرائيل التي تستمر في الاعتـداء اعتـمادًا عليها. والثاني رعاية حقوق شعب فلسطين في وطنـه.
ما هو مستقبل العلاقات بين إسرائيل والدول العربية؟
- أنني بشديد الأسف متشائم، حيث إن تشكيل دولة عنصرية دينية تعتمد:
أولاً، على تفوق العنصر الإسرائيلي على سائر الناس؛
ثانيًا، على النبوءات التي تحدد لهم أراضيهم من الفرات إلى النيل كما ورد في تصريحات كبار مسؤوليهم؛
ثالثًا، على تشريد ثلثي سكان فلسطين الذين كانوا يملكون70%. من أراضي فلسطين؛
ورابعًا، توسعة الحدود خلال عشرين سنة ثلاث مرات بالقوة.
إن تشكيل هذه الدولة لا يدعو للتفاؤل، ولا يبشر بحصول علاقات طبيعية مع أي دولة في العالم من قريب أو من بعيد.
_________________________
حوار صحفي بتاريخ 6 تموز 1970 أجراه معه الصحفي إدوارد صعب، نشرته صحيفة "لاكروا" "La Croix" بتاريخ 30-8-1970.

La Croix، صحيفة