حاوره محمد عنان
*الأحداث الأخيرة عرضت الجنوب للاحتلال.
*أبو عمار دعانا إلى "جلسة عقل" لتلافي الأزمات.
*مصالح السوريين الدفاعية والوطنية مرتبطة إلى حدّ كبير بالوضع المتأزم في لبنان.
*صوت القدس يناشد العقل اللبناني أن يتحرك ويفكر ويعالج محنة الدولة الصهيونية على الأرض الطاهرة.
*أي حل للأزمة يجب أن يحتوي على خير لبنان وعدم التفريط بذرّة من أرضه... ويؤمن أفضل الوسائل لتحرير فلسطين.
تحدث سماحة الامام موسى الصدر رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى للحياة، فكشف عن أسرار تحركاته واتصالاته في سبيل تطويق الأزمة الأخيرة وصون الدم العربي وأسباب زيارته لدمشق ونتائج اجتماعاته بالفريق حافظ الأسد مؤكداً أنه بذل مساعيه الحميدة لدرء الأخطار عن الجنوب.
قال سماحة الامام: "إن الوضع الذي حصل في لبنان خلال الأسبوعين الماضيين عرض جنوب لبنان لخطر الاحتلال الاسرائيلي وهذا الخطر يهدد كيان لبنان ويفتح ثغرة خطرة في الجبهة السورية وبالتالي يهدد مختلف المخططات الدفاعية العربية ويقلب الوضع العسكري في المنطقة رأساً على عقب".
ويقول الامام الصدر:
"والمتتبعون لإذاعات العدو ولتصريحات المسؤولين هناك يتأكدون من أن الاطماع الصهيونية في مياه الجنوب وفي الوضع الاجتماعي اللبناني بدأت تظهر على مسرح الأحداث".
ويحلل سماحة الامام الصدر المشكلة التي أدت إلى انتقاله المفاجئ إلى سورية بالشكل الآتي:
أولاً: إن الجيش اللبناني بسبب التهائه في بيروت وفي المناطق الأخرى بدأ ينقل بعض وحداته من الجنوب.
ثانياً: اسرائيل بدأت تستغل هذه الصورة لكي ترسم بواسطة الصحف العالمية المأجورة صورة خلو الجنوب من السلطات اللبنانية للعالم.
ثالثاً: تتذرع اسرائيل بهذا الأمر لكي تحتل الجنوب.
وأضاف سماحة الامام:
"بدافع عفوي ودون معرفة تفاصيل الأمر اتصلت بالقصر الجمهوري وأبلغت فخامة الرئيس أنني ذاهب إلى سورية فأكد فخامته ثقته بتحركي".
وفي سورية وجدت المسؤولين، وفي طليعتهم الرئيس حافظ الأسد، وجدتهم في حذر شديد من تنفيذ هذه الخطة، وأنهم خلال الوساطة السورية التي حصلت بواسطة الأستاذ عبد الحليم خدام أكدوا أنهم ليسوا وسطاء في المشكلة اللبنانية الفلسطينية فحسب بل إن مصالحهم الدفاعية والوطنية مرتبطة إلى حد كبير بالوضع المتأزم في لبنان.
ولذلك فهم كانوا حتى الآن يبذلون كل جهد للاستعجال في الوصول إلى حل سريع يحفظ سيادة لبنان وكرامة وسلامة أهليه لا لأجل لبنان فحسب بل لأخذ الذريعة من العدو الاسرائيلي.
وقد وجدت احتراماً خاصاً بالنسبة إلى الرئيس فرنجية في نفوسهم وحمَّلني الرئيس حافظ الأسد تحية أخوية خاصة لفخامة الرئيس سليمان فرنجية".
وحول الوضع العام قال سماحة الامام موسى الصدر:
"لقد سمعت عند مقابلة رؤساء الطوائف للسيد ياسر عرفات كلمة تدوي حتى الآن في مسمعي وفي قلبي إنه قال:
"أين العقل اللبناني المثقف الذي وضع حلاً لكل مشكلة مستعصية في مختلف القضايا الداخلية والخارجية طوال الزمن. ألا يمكن أن يتغلب هذا العقل على الصعوبات القائمة فيضع صورة واضحة تخدم قضيتنا العادلة التي هي قضية لبنان وتحافظ على سيادة لبنان وسلامة أبنائه.
وأضاف أبو عمار:
"نريد جلسة عقل"
وقال:"بإمكاني أن أقول إن الشعب الفلسطيني شعب واعٍ ومثقف وإن قادة الثورة هم من المثقفين ومن متخرجي الجامعات وأساتذتها، وإن الشعب الفلسطيني من حيث الثقافة والوعي يأتي بعد الشعب اللبناني إذا لم يكن بمستواه، ولذلك فعندما أقول نريد جلسة عقل أعبر عن رغبة الفلسطينيين كما أعبر عن الوضع اللبناني".
وقال سماحة الامام الصدر:
إن هذا الصوت صدر عن مجاهد كبير أعتبره صوت الضمير الفلسطيني إلى جانب أنه صوت الثورة.
لذلك فإنه يملأ قلبي وعقلي بالتفاؤل والاقتناع بانتهاء هذه الأزمة على أفضل وجه.
وفي نفس الوقت يقض مضجعي ويجعلني أفكر ليل نهار بدراسة الوضع ومعالجة المشكلة.
إنه صوت القدس الذي يدخل في أعماق المؤمنين من مسلمين ومسيحيين ويناشد العقل اللبناني الراجح أن يتحرك لا لمعالجة العلاقات المتأزمة بين الجهتين فحسب، بل لتقديم صور أخرى للنضال الناجح وطرق أفضل لتحرير الأرض المقدسة، أمام هؤلاء المجاهدين الأبطال أقول إن هذا الصوت هو مناشدة لهذه العقول لكي تتحرك وتفكر وتعالج محنة الدولة الصهيونية على الأرض الطاهرة وبذلك تؤدي رسالتها التاريخية وتخفف العذاب عن الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء.
إنني لا يمكنني أن أنسى الليالي المؤلمة التي كنت أرى السلاح الشاهر الذي يقتل به أخ أخاه وابن أمه، فنسأل الله أن لا تتكرر تلك الليالي الدامية، ولا أكتفي ولا يجوز أن أكتفي بالدعاء، فأهيب بضمائر اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء أن يعيدوا دراسة ما حصل، وتقييم أسبابه وتفاصيله ونتائجه، وأن لا يتركوا الأزمة بعد هدوئها أن تبقى دون حل أساسي، الذي يجب أن يحتوي على خير لبنان وعدم التفريط بذرّة من أرضه ومن علاقاته ومن إمكاناته، ويؤمّن في نفس الوقت أفضل الوسائل وأنجحها لتحرير فلسطين.