مطالب المحرومين بين المعارضة والموالاة

calendar icon 04 شباط 1974 الكاتب:موسى الصدر
(تحت عنوان "الجنوب يشتعل في حرب البك والإمام".)

• المجلس محاولة لتنظيم الطائفة الإسلامية الشيعية على الطريقة اللبنانية.
• الطوائف في لبنان تساهم إلى حد بعيد في تأمين الخدمات العامة.
• إن المجلس إطار لإبراز الطاقات بين أبناء الطائفة وتنسيقها وتنميتها.
• اقتناء السلاح والتدريب عليه واجبان كاقتناء القرآن، والهدف صد المعتدي وليس الاعتداء.
• لا أدعو إلى حمل السلاح ضد السلطة، بل التحرك في إطار اللاعنف.
• معالجة المشاكل التي تعانيها الطبقات المحرومة لا يمكن أن تأتي بواسطة المطالبة والموالاة.
• لا دافع لي سوى حقوق الطائفة وتعميم العدالة على المواطنين جميعاً.
• الشيعة في الخليج العربي ليسوا عملاء ايران، بل هم متمسكون بعروبتهم وعروبة بلادهم وأوطانهم.
• فشلنا في حرب تشرين في دفع الحكومة الايرانية لاتخاذ خطوات مساندة للعرب.
• الاستخبارات الايرانية تعمل على نقيض رأي الشعب الايراني ومصالح ايران.

أما الامام الصدر فليس له تاريخ طويل. لذلك تبدو تجربته في المعارضة جديدة, زمناً وأسلوباً. ولهذا ارتأت "الديار" ان تقابله وتطرح معه مختلف القضايا التي أثيرت منذ انشاء المجلس الشيعي الاعلى لأربع سنوات ونصف السنة خلت, ولا سيما أسباب تحركه الراهن.
اللقاء تم في مكتبه في المؤسسة المهنية التي أنشأها فوق واحدة من الروابي المطلة على مدينة صور بالقرب من مخيم الرشيدية الفلسطيني, مسلماً ادراتها لخريج الولايات المتحدة الدكتور مصطفى شمران.

قلت لسماحة الامام - بعدما أنهيت لتوي جولة في ارجاء المؤسسة الكبيرة التي تضم سبعة فروع للتعليم المهني هي: الحدادة, النجارة, الميكانيك العام, ميكانيك السيارات, الميكانيك الزراعي, الكهرباء, الإلكترون, وتضم 330 تلميذاً مجانياً يدرسون أربع سنوات ويتخرج واحدهم حاملاً شهادة البريفيه التقنية كل حسب اختصاصه- قلت له بينما استعيد في ذاكرتي صور "الآلات والمعدات الكبيرة " المنتشرة في مشاغل المؤسسة:

* سماحة الامام, ما هو تقييمكم لتجربة "المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى" بعد مرور ثلاث سنوات ونصف السنة على انشائه؟ ماذا استطاع ان يؤدي حتى الآن؟ ما هي العقبات التي حالت دون تنفيذ بنود أخرى من مشاريعه؟
أجاب بعدما طلب تدوين السؤال خطياً:
-"انك لا شك تعرف ان المجلس محاولة لتنظيم الطائفة الاسلامية الشيعية على الطريقة اللبنانية, ذلك ان لكل طائفة في لبنان مثل هذا التنظيم. وهذا التشابه يدفعنا الى تعداد الاحداث منذ تأسيس هذا المجلس: فلبنان, بتركيبه الاجتماعي والسياسي, يختلف بعض الشيء عن البلاد الاخرى, وبالتالي تخلتف مشاكله وحلولها. فالشؤون الدينية في المدارس وفي المناطق ومن خلال الطقوس والشعائر والاوقاف والتربية الدينية- هذه الشؤون لا تمارسها الحكومة, وهي متروكة للطوائف نفسها. وبالتالي تفرض على الطائفة تنظيماً مركزياً لمعالجتها. والعلاقات بين الطوائف اللبنانية بعضها مع بعض من جهة, وبينها وبين مثيلاتها في العالم من جهة أخرى, تبدو معقدة وحساسة. وبالتالي فهي بحاجة الى مؤسسة مسؤولة تنظمها وترعاها. ومسألة حقوق الطوائف التي تتكرس بمقتضى القوانين بحاجة الى مراقبة ومطالبة، وبكلمة الى الحضور. ومن الطبيعي انه لا بد من شخصية طبيعية او معنوية تمثل الطائفة ككل لكي تبقى الرعاية والعدالة مكتملة.

وأخيراً فإن الطوائف في لبنان تساهم الى حد بعيد في تأمين الخدمات العامة الى جانب الخدمات التي تؤمنها الحكومة. ويكفي ان نقول ان في 1965-1966 كان عدد الطلاب الذين يدرسون في المدراس الرسمية الحكومية يبلغ ثلث عدد الطلاب اللبنانيين تقريباً. ناهيك بأمر الاستشفاء ومختلف الاوضاع الاجتماعية التي لم تتمكن الحكومة حتى الآن من تأمينها. وبالنتيجة فإن الناس بحاجة الى مساهمات الطوائف ومؤسساتها.
واعتقد انك تتمكن بعد هذا الاستعراض الموجز جداً والذي يلخص المسائل الخمس المهمة التي تحتاج الى علاج- بعد هذا الاستعراض تتمكن من تقرير نتيجة غياب المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى عن المسرح العام اللبناني حتى بداية 1970 وان السبب الذي دعا أبناء الطائفة لكي يصروا على تأسيس هذا المجلس هو ذلك الواقع المرير الذي عاشوه.
ومن الطبيعي ان هذه المهام الصعبة, خاصة بعدما أُهملت فترة طويلة من الزمن, تتطلب مزيداً من الوقت والجهد والظروف الملائمة لأجل معالجتها.
وتجربة المجلس, رغم هذه الصعوبات كانت ناجحة جداً: فقد وضع المجلس أسس العمل منذ تأسيسه سيفاً للطائفة لائقاً, وتنظيم الجهاز ووضع النظام وتحضير الدراسات المفصلة عن الاوقاف والجمعيات والفئات والحقوق والواجبات والموازنة العامة والمهاجر اللبنانية والمشاريع الملحة لمختلف المناطق وغير ذلك.

مشروع جامعة

وعلى الصعيد العملي بدأ في طريق بناء مستشفى كبير يضع خطوات أساسية كما أن المجلس يحلم في تحويل هذا المشروع الى مشروع جامعة وقد تمكن المجلس في بناء قرية نموذجية تضم 460 بيتاً في العمروسية في ضواحي بيروت. كما توفق في ادراة مؤسسات مهنية ترعى شؤون مئات من الطلاب, وتأمينه منحاً جامعية للمتفوقين, وبصورة خاصة للمناطق المتخلفة. وقد نظم المجلس مختلف شؤون التعليم الديني في المدارس, والرعاية الدينية في المناطق, والشعائر الدينية في الاعلام الرسمي وفي الاوساط الشعبية وهو في طريق اكمال هذه المهمة.
ولا بد من ذكر خدمات تمكن المجلس من ان يقدمها للمناطق اللبنانية التي يسكنها أبناء هذه الطائفة, وبصورة خاصة لجنوب لبنان, ولعلك على سبيل المثال تذكر الجهد المتصاعد الذي بذل لأجل الجنوب وصيانته وتعميره والذي وصل في النهاية الى الاضراب العام. وقد أثمرت هذه الجهود عن تأسيسه مجلس الجنوب وتأمينه آلافاً من رخص التبغ للمناطق الحدودية, كما أثمر في تأمين بضعة ملايين لأجل الملاجئ وتقديمه لوائح للتجنيد والتسلح الى مجلس النواب.
أما بالنسبة الى منطقة البقاع فقد جرت محاولات لايجاد وضع اجتماعي هادئ وتأسيس مدارس مهنية وبعض مؤسسات ثقافية وغير ذلك, والمصالحات في تلك المنطقة تأخذ جهداً كبيراً وتحتوي على نتائج مهمة.

صفحة في تاريخها

وعلى صعيد تنظيم العلاقات بين الطوائف اللبنانية وتمتينها وفلسفتها, لعلك تتمكن من أن تعتبر تأسيس المجلس صفحة جديدة في تاريخ الطوائف اللبنانية على الاطلاق. وكذلك في سبيل العلاقات بين الشيعة في لبنان وفي مختلف البلاد, سيما البلاد العربية فقد شارك المجلس في كثير من المؤتمرات واللقاءات وأوضح كثيراً من الشكوك التي كانت تحيط بنا في خلال التاريخ القاسي الصعب.

ان المجلس دون شك هو قبل كل شيء اطار لإبراز الطاقات بين أبناء الطائفة وتنسيقها وتنميتها وهذا يعني انه بحاجة ملحة لأجل النجاح الى جمع الكلمة وتوحيد الصفوف وقد بذل بهذا السبيل جهداً مضنياً. ولا أقول أن منجزات المجلس مثالية, لكنها لم تكن باعثة لخيبة الامل ايضاً.
ان العقبات التي وقفت في طريقه كانت في الدرجة الاولى عقبات قانونية تبحث عن تصادم في آراء النواب عند طرح قانون المجلس. فقد تجمدت صلاحيات المجلس مدة أربع سنوات من عمره ثم ان بعضها لم يزل مجمداً. ولكن بإمكاني القول ان كل أمر جديد, وعندما يكون في مرحلة التأسيس يخلق تيارات متفاوتة وبالتالي لا يستطيع جمع الكلمة بسهولة. وهذا كما ذكرت, ينعكس على مرآة طاقات أبناء الطائفة التي هي المجلس".

* قلتم أنكم في طريق اكمال مهمتكم, ولكن يبدو من تحرككم الحالي ان هناك منعطفاً على هذه الطريق....
قاطعني وقد استوى الى الخلف بقامته الفارعة:
- ان معالجة القضايا الدينية تتطلب التطوير في الأسلوب. ودون شك أن هذه نقطة مهمة وصعبة لدى الطائفة الشيعية بصورة خاصة حيث ان تاريخها دعاها الى الكثير من الانعزال. والمسائل الحياتية في حالة الانفتاح او الاقتحام الاجتماعي تختلف, وتختلف بالتالي حلولها ايضاً. ولكني متأكد من نجاحنا في هذه المحاولة لأن تاريخ علماء الدين في لبنان دليل قاطع على انهم كانوا في طليعة المطورين للمجتمع وما يسمى هذا اليوم بالطليعة.

حمله واقتناؤه واجبان

اذكر سماحة الامام بدعوته الى حمل السلاح فيجيب:
- لقد قلت في حداثا ما قلته في الغازية قبل ست سنوات ان اقتناء السلاح والتدريب عليه هما اليوم واجبان كاقتناء القرآن لأن الخطر الصهيوني الذي يهدد ابناء لبنان عامة, والجنوبيين خاصة, يتطلب ان يكون لدى المواطن اقل درجات الدفاع عن بيته. اما الدفاع عن الوطن فهذا من واجب الحكومة. كما ان صيانة المواطنين امام اعتداءات من الداخل او ما يسمى اليوم بمشكلة الامن تتطلب ذلك. انني لا ادعو الى حمل السلاح في وجه السلطة فبإمكان المواطن ان يتبع وسائل ضغط بانواع مختلفة وفي اطار اللاعنف.
فالسلاح المطلوب هو ضد المعتدي وليس للاعتداء.

*هل من كلمة توجهها الى الرئيس الاسعد لمناسبة تحركك الجديد باعتباره اعلى مسؤول سياسي شيعي؟
- اعتقد ان طلبنا الذي وجهناه الى المسؤولين عامة, والوزراء بصورة خاصة قد اصبح معروفاً, وهو الاستقالة احتجاجاً على حرمان الطائفة، انسانها ومناطقها. ولا يختلف طلبنا هذا بالنسبة الى الرئيس الاسعد.

نجح في البناء الداخلي

* ذكرتم بأن تاريخ الطائفة الشيعية يحتوي على حملات اضطهاد, وتنادون دائماً بإنصاف الطائفة المحرومة. في هذا المجال هناك مأخذ عليكم وخلاصته أنكم طالما تعرفون بأن الطائفة مضطهدة ومحرومة, وان المجلس الشيعي قام على أساس رعاية شؤون هذه الطائفة, وهو بالتالي اداة ضغطها الطبيعية. فكيف يمكن لاداة الضغط هذه ان تقوم بدورها الفعال بعدما ارتبطت صلاحيات وانظمة المجلس ارتباطاً كاملاً بالدولة, أي اصبح المجلس جزءاً من السلطة وهو المفروض ان يضغط ضدها؟
- اعتقد ان في ما ذكرت ما يؤكد ان المجلس قد نجح في عملية البناء الداخلي إلى حد كبير. وهذه العملية ضرورية لأي تحرك ولأي ضغط, سيما وان الطائفة الشيعية في لبنان لم يكن لديها منذ التاريخ القديم أية مؤسسة تعالج هذه القضايا. ومن جهة أخرى فان الضغط وسيلة وليس هدفاً.
وفي لبنان حيث يتكون نظامه من المشاركة بين الطوائف بشكل دستوري يحق للانسان ان يقوم في فترة زمنية قصيرة بتجربة المطالبة الايجابية او ما يسمى بالموالاة. وفي الحقيقة, انا عندما كنت اسمع قبل اربع سنوات من بعض اركان هذا العهد شكوى كنت اقول لهم: علينا ان نشكو من انفسنا طالما اننا ممثلون في كافة السلطات اللبنانية. أما الآن وبكل أسف أصبحت أمام اقتناع كلي بأن معالجة المشاكل التي تعانيها الطبقات المحرومة والمناطق المتخلفة لا يمكن أن تأتي بواسطة الحوار والمطالبة والموالاة. وأظن أن اللبنانيين بشكل عام مقتنعون بهذه الحقيقة المؤسفة. وهذا الاقتناع يمثل خطي في المستقبل لفترة زمنية معينة على الاقل ارجو ان تكون الى جانب الفترات التاريخية المشرقة التي مرت على أبناء هذه الطائفة والتي سمي أبناؤها على أثرها "بالروافض" و "بالمخالفين".

الابن المريض

* هناك مأخذ آخر عليكم سماحة الامام: يبدو للبعض ان تحرككم جاء متأخراً بعدما سالت دماء في العام الماضي أثناء أحداث المزارعين ولم تتخذوا موقفاً في هذا الموضوع. ثم هناك تهمة توجه إليكم وهي ان مواقفكم عامة دائماً, ولا تتعرضون مباشرة لمجلس الجنوب وشركة الريجي مع انهما المؤسستان الاكثر تأثيراً في حياة الجنوب اليومية؟
- لقد قال فخامة الرئيس في خطابه الاول انه سيولي الجنوب, وهو الابن المريض, كل رعاية وعناية. وأعتقد أن هذا الوعد من شخص مسؤول يعرف عنه الوفاء للوعود, يستدعي بعض الصبر أو سنوات ثلاثاً للضغط. ومن جانب آخر مرت على لبنان ظروف صعبة كانت تشكل خطراً كبيراً على كيانه كما حصل في معارك أيار أو محنة أيار. ومن الطبيعي ان المواطن لا بد له من تقدير هذه المواقف ومراعاة ظروف الوطن. أما مجلس الجنوب فإنني أشعر بألم عندما أجد أن هناك محاولات ضاغطة لتحويل هذه النافذة الضيقة من أفق أماني الجنوب الى مكتب للخدمات السياسية. ولذلك قلت وسأقول هذا الواقع الذي سمعت. أما شركة الريجي فهي, كما تعرف, شركة لبنانية حكومية رغم تعقيدات نظامها وقوانينها. وقد كنت أعالج مشاكل المزارعين قدر المستطاع بدأب وصمت. وتمكنت في 1970 من أن أجعل أسعار التبغ مرتفعة ومرضية الى حد ما للمزارعين واستمر الامر الى 1971. وقد كنت في سنة المأساة الدموية التي حصلت في النبطية غائباً عن لبنان. وها أنا أبذل جهداً مضنياً بمختلف الوسائل في معالجة هذا الأمر وفي اطار مسؤوليتي. ولعلك تعرف انني دعوت كبار رجال الدين في الجنوب من خلال "هيئة نصرة الجنوب" للاهتمام بهذا الأمر. كما أنني على اتصال مستمر مع المزارعين. وان الشركة, كما تعرف, على ابواب تحول اساسي وقد كلفت بعض أصدقائنا الخبراء وضع دراسات بهذا الصدد اعلنت عنها في السنة الماضية على اساس تشكيل شركة يتمثل فيها المزارعون بنسبة رخصهم والحكومة بنسبة أموالها, وتخصص ايضاً رخصة الاستيراد لأجل تحسين الزرع والصناعة وتطوير هذا القطاع الكبير والمؤثر في حياة الجنوبيين قبل حل مشكلة المياه.

وعلاقتكم بايران

* بعض الأوساط السياسية تربط تحرك المجلس الاسلامي الشيعي في هذا الوقت بمخطط ينفذ لمصلحة دولة غير عربية (ايران) فكيف يمكن وصف علاقاتكم بهذه الدولة؟
- مع الأسف, ان اوساط بعض السياسيين, عندما تريد محاربة الخصم او من تظن انه الخصم, تستعمل كل وسيلة متوفرة لديها دون الانتباه الى المتناقضات, في الاتهام. ولا أزال أتذكر قبل ثماني سنوات عندما تعرض رجال الدين في ايران لضغط حكومي شديد أدى الى سجن وتشريد بعضهم وقتل البعض الآخر. عندئذ عقدت لقاء مع بعض رجال الدين والشخصيات السياسية الجنوبية للبحث في طريقة احتجاج ضد اجراء الحكومة الايرانية وتأييد لمواقف علماء الدين. وكنت قد قدمت اقتراحات في هذا الصدد. ولقد تصدى بعضهم لاقتراحاتي قائلاً: ان هذه الاقتراحات انما هي مواقف "مصدقية" شيوعية. وقد عانيت كثيراً من هذا الاتهام.
وأغرب من ذلك انني في بداية الموقف الحالي, وعندما انتهت المدة المقررة لانصاف الطائفة الشيعية في حزيران 1973 وفي بداية هذا الموقف, سمعت عن لسان أحد كبار المسؤولين ما مفاده "أن السيد موسى يريد أن يأخذ الطائفة الشيعية الى سيبيريا".
واننا الآن نسمع هذه النغمة وغيرها من الاتهامات, مع العلم انني عندما بدأت بهذا التحرك تهيأت تهيؤاً كاملاً, بما في ذلك سحب المشروع الخاص بالمجلس الشيعي من البرلمان لكي لا يبقى لدي ولا لدى الذين يتعاونون معي أي دافع سوى حقوق الطائفة وبالتالي تعميم العدالة على المواطنين جميعاً.

أما في ما يخص علاقاتي مع ايران اليوم فإنها لا تتجاوز علاقات أبناء الطائفة الشيعية التاريخية مع اخوانهم في المذهب في أقطار العالم. واني اذكر هنا باعتزاز مواقف الشعب الايراني المندفع نحو القضايا العربية.

أما بالنسبة إلى الحكومة الإيرانية فإني أستطيع أن أؤكد ان علاقاتنا تمر في فترة جفاء, والسبب عائد الى ما جاء في حديث صحفي أجري معي لمجلة لبنانية وتضمن ردي على سؤال عن موقف الشيعة في منطقة الخليج العربي, اذ اكدت فيه ان الشيعة هناك ليسوا-كما يشاع- عملاء ايران بل انهم متمسكون بعروبتهم وعروبة بلادهم واوطانهم. وقد فوجئت اثر هذا الحديث بأن الصحف الايرانية, بإيعاز من جهاز الأمن المسيطر عليها, نشرت فقرات تتهجم عليّ زاعمة انني اعتبرت الخليج عربياً لا فارسياً.

وبالرغم من عدم نشر الرسائل الايضاحية من قبل المجلس الشيعي الى الصحف الايرانية, فقد اقدمت صحيفة "اطلاعات" على نشر رسالة خاصة مني مع تشويه وتزوير في كثير من فقراتها مما خلق في أجواء أصدقائي هنا وهناك استغراباً كبيراً بل استهجاناً. لأن الرسالة كانت مليئة بمدح الحكم الايراني وتقدير مواقفه مع العلم انني فشلت في مسعاي خلال حرب تشرين لجعل الحكومة الايرانية تتخذ خطوات مساندة للعرب وتقطع البترول عن اسرائيل. وسبب فشلي يعود الى تحكم الاستخبارات الايرانية في مثل هذه الأمور من دون الانتباه الى آراء الشعب ومصالح ايران.

وختم الامام الصدر حديثه قائلاً: "ان مصلحة الطائفة الشيعية في لبنان ومصلحة الجنوب والبقاع ومختلف المناطق اللبنانية وطوائفها هي مصلحة واحدة ويجب ان تؤخذ في الاعتبار وبمعزل عن اي تأثير خارجي لكن علينا, لا سيما امام المحنة الاسرائيلية ان نشعر بالترابط العميق بين مصالح لبنان الوطنية وبين المصلحة العربية في المنطقة, وان يكون سعينا منطلقاً من هذه الاعتبارات".

سلاح لم يستعمل

*اقترب شباط موعد انتهاء المهلة التي اعطاها المجلس الشيعي للدولة كي تبدأ بتحقيق مطالب الجنوب والشيعة. كامل الاسعد يقول في أوساطه ان الامام الصدر يحاول ان "يتغداه" بعدما علم ان الدولة مقبلة على تنفيذ مجموعة مشاريع هامة للجنوب.
المهم ان الدولة لم تفعل شيئاً حتى الآن, والاهم ان في أيدي الفريقين أسلحة لم تستعمل بعد.
أوساط الاسعد تؤكد ان تحركاً جديداً سيبدأ به رئيس المجلس النيابي, اذا لم يكن قد بدأ, هو طلب نقل احد السفراء المعتمدين في بيروت بتهمة التدخل في الشؤون اللبنانية المحلية.
وأوساط الصدر تؤكد من جهتها ان خطوة مفاجئة سيتخذها الامام في فترة قريبة, وهي تلمح الى امكان الاستقالة.

وفي أجواء المعركة المحتدمة يبقى الجنوب جنوباً. وتبقى قراه عرضة لاعتداءات اسرائيل, وأهاليه مرتعاً للتخلف والحرمان.

فمن ينتصر! المهم ان ينتصر الجنوب.
source