فؤاد الخرسا: سماحة الإمام، بعد زيارتكم للأردن ولقائكم بالمسؤولين الأردنيين وعلى رأسهم الملك حسين، هل بالإمكان إلقاء بعض الضوء على نتائج هذه الزيارة وانعكاساتها على الوضع العربي طبعًا، وعلى لبنان بشكل أخص؟
الإمام الصدر: في الواقع أن رأينا من الأساس وتجربتنا خلال الأحداث أكدت أن ما جرى في لبنان والثمن الذي دفعه لبنان غاليًا كان ناتجًا عن الصراع والأهداف للسياسات الكبرى. وما سمي بالمؤامرة استغل الثغرات الموجودة في المجتمع، واستغل الغياب العربي أو الصراع العربي، فمرت المؤامرة وعصفت بلبنان وخلقت هذه الآلام الكبيرة. ولاحظنا أن توحيد موقف العرب من خلال قمة الرياض وقمة القاهرة وضع حدًّا أساسيًّا للمحنة، مع العلم أنه قبل قمة الرياض ربما نفس القوات كانت موجودة، ولكن مع ذلك الخلاف العربي كان سببًا لتمكن المتآمرين من ضرب لبنان، واليوم بقايا الأزمة أيضًا بحاجة إلى إرادة عربية موحدة.
جلالة الملك حسين أولًا باتصالاته وعلاقاته الدولية واتصالات الأردن الأخيرة والمتنامية مع سورية، علاقات الأردن المتحسنة باستمرار مع الثورة الفلسطينية، بالإضافة إلى بقية الاتصالات التي جرت خلال الأسبوع الماضي ومنها زيارة نائب رئيس الجمهورية المصرية الأستاذ حسني مبارك، زيارة سمو الأمير حسن لسورية، مجموعة هذه الأمور كانت تجعل الملك حسين والأردن في موقف ذي تأثير كبير على التوحيد في الموقف العربي وبالتالي لمعالجة الأزمة. بالإضافة إلى أن الملك حسين على أبواب الانتقال إلى أميركا وهذه الزيارة مهمة جدًّا على صعيد الوضع في الشرق الأوسط ومشكلة الشرق الأوسط بدون شك تنعكس على لبنان، فحاولت أن أضع صورة كاملة عما يجري لكي يتحمل ضمن مهمته في خلال هذه الرحلة محنتنا في لبنان.
فؤاد الخرسا: سماحة الإمام، الواقع أن ما ذكرته الآن هو انعكاس على الوضع العربي بشكل عام لكن بالطبع كان هناك توضيح لموقف الأردن تجاه ما يجري من أحداث في لبنان، فهل بالإمكان معرفة هذا الدور؟
الإمام الصدر: الأردن وشخص الملك له علاقات وثيقة مع السياسيين والزعماء اللبنانيين، وهذه العلاقات ممتدة منذ أكثر من عشرين عامًا ولا شك أن هذه العلاقات تمكنه من أن تُسمع نصائحه وتوجيهاته، كما أن رؤيته السياسية المحلية والعالمية تساعد على قبول أطراف الصراع برأيه. طبعًا معنى هذه العلاقات بالإضافة إلى أن مصير هذه الدول بهذه المنطقة بالذات الأردن وسورية ولبنان من حيث الظروف السياسية وقربهم من إسرائيل وكونهم في منطقة واحدة وتفاعل هذه الدول الأمنية والعسكرية، وحتى الاقتصادية، كل هذه الأمور تمكن الأردن من أن تلعب الدور الكبير في حل الأزمة اللبنانية، وهذا ما أكده لي جلالة الملك وكل كبار مساعديه على أنهم جادون وأنهم سيضاعفون جهودهم في هذا السبيل.
فؤاد الخرسا: سماحة الإمام، الواقع أن هناك سؤالًا آخر أيضًا يتعلق بعلاقة الأردن بالمقاومة الفلسطينية، طبعًا إسرائيل تجاه هذا الوضع تقف موقف المترقب الحذر، لكن الآن أين أصبحت هذه العلاقة –لو صح التعبير- العلاقة بين الأردن والمقاومة؟
الإمام الصدر: في الواقع أنا في الأردن في هذه الرحلة عرفت أكثر من ذي قبل أن الشعب الأردني والشعب الفلسطيني شعب واحد، وأن أأأناماأكثر من نصف سكان الأردن فلسطينيين. وعرفتم أنه كان هناك لقاء بين الملك وبين السيد ياسر عرفات في القاهرة واتصالات مكثفة بينهم، ولقاءاتهم مستمرة وعلاقاتهم متحسنة. أيضًا أنا بدوري -يعني بالفعل مقتنع- بأن سلاح العرب الوحيد وحدة مواقفهم وسلاح إسرائيل الوحيد خلاف العرب والخلافات العربية. هذا السلاح يفوق كل التكنولوجيا والعلم والاتصالات الدولية والأسلحة، وبصورة خاصة العلاقات الأردنية الفلسطينية. ولذلك، تحدثت حديثًا مسهبًا عن هذا الموضوع وبالفعل دون شك أن الاهتمام الأردني يتجه نحو هذا الأمر الذي من جهة يساعد الفلسطينيين كثيرًا على متابعة نضالهم، ومن جهة أخرى يجد الفلسطينيون مجالات أخرى للعمل السياسي والعسكري والدبلوماسي، وهذا بدوره يخفف العبء عن لبنان.
فؤاد الخرسا: شكرًا سماحة الإمام.
_________________________
* تصريح للإمام الصدر بعد وصوله مطار بيروت قادمًا من الأردن بتاريخ 14 نيسان 1977، تسجيل مرئي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات.