* نص البيان الذي ألقاه سماحة الإمام في المؤتمر الصحفي الذي عقده في مكتب الجامعة العربية في بون Bonn ألمانيا الاتحادية في 10 آب 1970م، الموافق 7 جمادى الثانية 1390هـ.
- انتُزع الشعب الفلسطيني من أرضه وأُلقي خارجها بالإرهاب الوحشي الصهيوني والمذابح.
- انتظر الشعب الفلسطيني المشرد عشرين سنة فلم ينصفه أحد في العالم.
- اضطر الشعب الفلسطيني المشرد، لوضع ثمن لعودته إلى أرضه، التضحية بجيل كامل.
- تهويد المدينة المقدسة إنكار للرسالة المسيحية وتعارض مع الإسلام في أعماقه.
- لبنان ملتقى أبناء الديانات وألوان الثقافة والحضارة.
- كيان لبنان لا يروق لإسرائيل القائمة على أساس عنصري.
- إسرائيل تطمع في جنوب لبنان وخلقت منه منطقة مهجورة ووضعًا مأساويًا.
بعد الترحيب بالصحفيين الألمان وبالحضور، قال سماحته:
1 ـ أتمنى أن تحقق رحلتي هذه غايتها وتكون خطوة واسعة في سبيل تحسين العلاقات بين الشعبين الألماني واللبناني بصورة خاصة، وبين الشعب الألماني والعرب بصورة عامة، تلك العلاقات والتعاون المفيدة جدًا للجانبين، وأن تساهم في خدمة السلام وفي تحسين حياة الإنسان في كلّ مكان.
ولا أشك أنني كرجل دين يخدم الله ويعتقد أن أفضل العبادات خدمة خلق الله، يتمكن من الإسهام في تحقيق هذه الغاية لإخلاص نيته وشرف غايته وطهارة مساعيه.
2 ـ إن الشعب الألماني له مكانة كبيرة في نفوسنا، وقد بلغ قمة الحضارة الحديثة كمًّا وكيفًا، وأعتقد أن سبب هذا النمو السريع هو صفاته الثلاث: الواقعية والتخطيط والعمل الجاد.
والشرق العربي بتاريخه الزاخر بالرسالات السماوية وبانتشار العلوم، وبأرضه الواسعة الغنية المعتدلة، وبشعبه الكبير الأمين على القيم الروحية والتجارب الحضارية الإنسانية، وبإنسانه الذي يجسد آلاف السنين من التجارب الإنسانية في حقول العلم والأخلاق والتصوف والفلسفة.
هذان الجناحان من الإنسانية يتمكنان من مبادلة الكفاءات، ومن السير في خط الكمال في خدمة أنفسهم وخدمة العالم، خاصة أننا نؤمن أن في هذا التفاعل تحقيقًا للغاية من الخلق، حسب قوله تعالى في القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات، 13] أيّ ليعرف كلّ شعب ما عند الآخرين من كفاءات فيأخذ منها ويعطي ما عنده.
ولبنان بصورة خاصة حيث يلتقي أبناء الديانات ويعيشون إخوة مواطنين وتجتمع ألوان من الثقافة والحضارة والتيارات الفكرية من الماضي والحاضر ومن الشرق والغرب، هذا البلد الذي يعد ضرورة دينية يرفع عن الأديان تهمة التعصب وتقسيم البشرية وتجزئتها، وضرورة ثقافية يسهل عليه أن يكون لسانًا وسمعًا للاستماع والمخاطبة بين الشرق والغرب وبين القارات. هذا البلد، لبنان، له تجارب إنسانية غنية يمكن الاستفادة منها، ولا يعرف في تاريخه اضطهادًا لا ليهود ولا لغيرهم.
إن التفاعل بيننا يعالج كثيرًا من مشاكلنا ومشاكلكم، ويدفع عنا أخطارًا تعرضنا لها مرات، ويخدم الإنسان والسلام معًا.
3 ـ إن هذا التفاعل تعثر سابقًا لسببين:
أ ـ عدم معرفة الشعب الألماني وجميع الشعوب الغربية لحقيقة العرب وكفاءاتهم وإمكانياتهم الواسعة لأجل رفع مستواهم ولأجل المساهمة في بناء حضارة إنسانية شاملة.
ب ـ محاولة التشويه وخلق صورة كريهة عن كلّ جانب للجانب الآخر، وهي محاولة مستمرة ولا تزال قائمة وتحول دون المعرفة الحقيقية وبالتالي التعاون الشامل الصحيح.
إنني أحاول في هذا اللقاء إعطاء صورة صحيحة عن الوضع في لبنان وفي الشرق الأوسط، خدمة للحق وتسهيلًا لمهمة التعاون بين الشعبين، وسوف أنقل أيضًا لإخواني هنا صورة صحيحة لما أشاهد.
4 ـ إن منطقة جنوب لبنان تتعرض بصورة مستمرة للقصف الإسرائيلي، وتدخل فيها الدوريات الإسرائيلية وتُهَدد من قبل المسؤولين الإسرائيليين بشكل مستمر تقريبًا.
وتتذرع السلطات الإسرائيلية لتبرير اعتداءاتها التي خلقت من الجنوب منطقة مهجورة ووضعًا مأساويًا، تتذرع بوجود المقاومة الفلسطينية وبنشاطها في هذه المنطقة.
إن هذه الذريعة ليست صحيحة ولا تخفي نوايا وأعمال إسرائيل العدوانية ضد لبنان وذلك للأسباب التالية:
أولاً : إن الدول العربية المجاورة ليست مكلفة بحماية حدود إسرائيل، إنها ليست بوليسًا لإسرائيل، بل المسؤول قانونًا وضميريًا عن سلامة حدود إسرائيل هو إسرائيل نفسها.
ثانيًا: إن وجود الفلسطينيين وبينهم قوات المقاومة على أراضي لبنان بنسبة 1/6، وقد حصل هذا بفعل إسرائيل التي شردتهم عام 1948 ولا يمكن اعتبار لبنان مسؤولاً عن هذا.
ثالثًا: إننا نملك مواثيق تؤكد أن إسرائيل تطمع في جنوب لبنان، وذلك حسب الخرائط المطبوعة من قبل السلطات الإسرائيلية وحسب تصريحات المسؤولين وبموجب تصرفات الإسرائيليين أنفسهم. يقول وزير الدفاع الإسرائيلي: «إذا كان هناك شعب التوراة، فإن هناك أرض التوراة».
ونحن نعتقد أن مفهوم أرض التوراة عند السياسيين الإسرائيليين مفهوم خاطئ، كما سنبيّنه، ولكنها حسب زعمهم أرض تشمل جنوب لبنان وأراضٍ كثيرة أخرى من العالم العربي.
ويقول في 15/7/68: «إن آباءنا توصلوا إلى حدود مشروع التقسيم، وجيلنا وصل إلى حدود 1948، أما جيل الأيام الستة فقد وصل إلى السويس والأردن وهضبة الجولان. وهذه ليست النهاية، فبعد خطوط وقف إطلاق النار الحالي ستأتي خطوط جديدة ستمتد عبر الأردن وربما إلى سوريا الوسطى». ثم إنّا عرفنا أن طلابًا إسرائيليين يدرسون مشاريع مخططة على مياه جنوب لبنان وغيرها.
رابعًا: إن قضية المقاومة الفلسطينية قضية شعب كامل تشرد من أرضه التي عاش فيها آلاف السنين، لا يملك اليوم شيئًا سوى أمل العودة إلى أرضه بعد أن كانت قيمة ممتلكاته الشخصية تبلغ ملياري دولار.
انتظر هذا الشعب عشرين سنة فما أنصفه أحد في العالم. بل نسيه الكلّ حتى المؤسسات الدولية التي أصدرت مئات القرارات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وفي مجلس الأمن وفي الفروع الأخرى التابعة لها، ولكنها لم تنفذ قرارًا واحدًا منها، فاضطر إلى استلام قضيته، ووضع ثمنًا لعودته غاليًا، هو التضحية بجيل كامل...
إنه لا يملك أرضًا لكي يجند جيشًا نظاميًا.
إنه لا يشكل دولة معترفًا بها لكي يدخل هيئة الأمم المتحدة أو يدخل حوارًا مع أحد لأجل الحل السلمي. إنه لا يملك قاعدة انطلاق إلا الأرض العربية المجاورة ومنها جنوب لبنان.
إنه لا يجد مجالاً للعمل وتأمين حياته ولا للمساهمة في السلام العالمي وفي حضارة الإنسان.
خامسًا: إن وجود لبنان كدولة تشمل مذاهب مختلفة وعناصر متنوعة تعيش بنظام ديمقراطي مسالم لا يروق لدولة تقوم على أساس عنصري ومذهبي.
وهذا الاستياء ظاهر في تصريحات وتفسيرات صحفية تصدر دائمًا، وخاصة بعد حادثة مطار بيروت حيث تناولت الصحف الإسرائيلية في الداخل وفي الخارج خلق فتنة طائفية بين اللبنانيين.
سادسًا: لأجل إلقاء الأضواء على حقيقة ارتباط الشعب الفلسطيني بأرضه علينا أن نستمع إلى بعض الحقائق:
أ - في سنة 1918 وبعد الحرب العالمية الأولى كان عدد سكان فلسطين/700.000/ نسمة، منهم /644.000/ عربي (574.000 مسلم 70.000 مسيحي) والباقي /56.000/ يهودي أيّ ما نسبته 8% من السكان تملك 2% من الأراضي.
وفي سنة 1946 وبنتيجة وعد بلفور وتطبيقه من الحكومة البريطانية كسلطة منتدبة على فلسطين، بلغ عدد اليهود /608.000/ نسمة وكان عدد السكان العرب /1.293.000/ نسمة.
وفي سنة 1947 قررت هيئة الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بحيث يكون:
للدولة اليهودية: 14000 كم2
للدولة العربية: 11000 كم2
وعلى أثر انسحاب القوات البريطانية من فلسطين في 15 أيار 1948 هجمت القوات الصهيونية، من نظامية وغير نظامية، واحتلت القسم الوارد في مشروع التقسيم، واحتلت فوقه ما مساحته 6300 كم2 اشتملت على حيفا وعكا والقدس الجديدة وغيرها.
من أصل 1.300.000 عربي فلسطيني، أكثر من مليون أصبحوا لاجئين في البلاد المجاورة على اعتاب أرضهم وبيوتهم وممتلكاتهم. وحصلت هذه الهجرة هربًا من الإرهاب الوحشي الصهيوني الذي تشهد عليه العشرات من الحوادث والمذابح، وخاصة مذبحة دير ياسين التي حصلت في 5 نيسان سنة 1948، وهدم وقتل جماعيين لقرية عمواس، والجرائم الأخرى المكتشفة بواسطة هيئات دولية. وألفت النظر هنا لنقطة مهمة وهي أن الدولة اليهودية كما حددها مشروع التقسيم المشار إليه كان يجب أن تحتوي على/510.000/ عربي أيّ أكثر من العدد الملحوظ لليهود فيها وهو /499.000/ نسمة، بحيث أن الدولة الملحوظة تلك لم يكن بإمكانها أن تكون دولة يهودية في مفهوم العقيدة الصهيونية، إلا إذا صارت تصفية العنصر العربي منها. وبعد حرب حزيران 1967 واحتلال إسرائيل أرض عربية أخرى أصبح عدد اللاجئين العرب يتجاوز مليون وثلاثمائة ألف لاجئ.
ب ـ العنصر الثاني هو أن هذا الشعب الذي شرد وطرد من أرضه، كان يعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين. بحيث يكون خطأ هذا الزعم الذي يقول بأن فلسطين لم يسكنها العرب إلا في القرن السابع ميلادي بعد الفتح الإسلامي. فعرب فلسطين ليسوا فقط أحفاد الفاتحين الذين كانوا قليلين نسبيًا، بل هم أهل فلسطين الأصليين وكلّ من استوطن هذه الأرض وسكن عليها. وكانت الأكثرية الساحقة من العرب الساميين، والعموريين والكنعانيين والعبرانيين والآراميين وغيرهم من الذين كانوا في فلسطين قبل الفتح الإسلامي العربي في القرن السابع الميلادي.
وبعد القرن السابع الميلادي استعربت جميع الأقليات من سكان فلسطين غير العرب، وكان هذا الاستعراب ذا طابع حضاري وثقافي على الأغلب، ودينيًا بنسبة ما، ولكنه لم يكن على الإطلاق عنصريًا...
وهكذا يكون من حق عرب فلسطين كما يحق لشعب أيّ بلد أن يطالب بأرضه وموطنه، وهذا الحق لا يمكن إلا أن يكون شاملًا كاملًا.
ج ـ العنصر الثالث الذي يستوقفنا هو أن حرمان عرب فلسطين من حقوقهم القومية الطبيعية، يشكل نقضًا مباشرًا للمبدأ العام المسلم به وهو حق الشعوب بتقرير مصيرها بصورة ذاتية.
وجميع ما اتخذ من تدابير كانت ضد إرادة هذا الشعب التي أعلنها منذ زمن طويل.
وخلال الانتداب البريطاني كانت إرادة شعب فلسطين العربي تبدو ظاهرة للعيان في مواقف عديدة ومتكررة كالاحتجاجات والمظاهرات والاضرابات، وبنوع من الثورة الدائمة التي تظهر أن هذا الشعب مصمم على الحفاظ على هويته وحقوقه وتراثه.
وبالرغم من ذلك، ارتكبت الجرائم ضد شعب فلسطين، واستهترت الدول بحقوقه ورفضت الاستماع إليه. وهذا الواقع، والكثير غيره من الأحداث، يدل دلالة واضحة أن هناك في العالم جهازًا صهيونيًا قويًا وقادرًا وغنيًا ومنظمًا وممتلكًا لشبكات واسعة من وسائل الإعلام متحالفًا مع قوى استعمارية ذات طموح استراتيجي يشكل في الحقيقة عدوانًا مستمرًا.
وإنه لمهزلة تاريخية وظاهرة مرض في مجتمعنا الحديث، أن يتخذ هذا العدوان منطلقًا استعماريًا محضًا في هذه الفترة التي ينادي فيها العالم بالتحرر من الاستعمار.
أكثر من هذا، إن أبشع أنواع الاستعمار كانت تشجع الشعوب المستعمرة على البقاء في أرضها، أما شعب فلسطين فلم يسلبوه حقه وأرضه فحسب، بل انتزعوه من أرضه وألقوا به خارجها لاجئًا تحت الخيم.
وقد سمح العالم لهذا الانتهاك الفاضح أن يحصل ولا يزال يسمح به حتى اليوم.
د ـ ومن الناحية التاريخية فلنتذكر أن العبرانيين قد غزوا أرض كنعان في القرن الثاني عشر قبل الميلاد واحتلوا قسمًا منها، وأن احتلالهم هذا لم يكتمل اطلاقًا لأن قبائل «الفيلستين» (Philistines) الذين سموا بلادهم باسمهم بقوا مسيطرين على كافة السهول البحرية الهامة ثم قامت دولة إسرائيل للمرة الأولى في سنة 722 ق.م. وللمرة الثانية سنة 586 ق.م. ولمدد قصيرة
فإذا كان الذين تركوا فلسطين منذ تلك العصور الغابرة يدّعون حق العودة إليها، فكيف لعرب فلسطين الذين طُردوا طردًا من بلادهم منذ بضعة سنوات فقط؟ وهل يمكن إنكار حقهم بممارسة حقوقهم بالعودة إلى أرضهم وأرض أجدادهم؟
هـ ـ وفيما يعود إلى الجانب الديني ومفهوم أرض الميعاد، علينا أن ننظر إلى الإيضاحات التالية:
- إن إبراهيم أب لجميع المؤمنين اليهود والنصارى والمسلمين، ولا يمكن اختصاص وعد الله لأبناء إبراهيم باليهود، وبالتالي اختصاص الأرض المقدسة بهم، بل إنها لجميع المشردين.
أما المنحرف والظالم، فقال له المسيح بلسان يهوه: «إن أباكم هو الشيطان»، وهذا يؤكد رفض وراثة الدم والجسد.
الإرث الحقيقي هو الرسالة والتعاليم. يقول المسيح: «تعاليمك يا رب للأبد إرثي»، فلا يمكن احتكار الميراث واختصاص أرض الميعاد بعنصر واحد.
- لا يمكن أن تكون مملكة الله إلا بلاد النور والرحمة لا امبراطورية زمنية وعنفًا دائمًا.
- إن سيطرة الصهيونيين على القدس وتهويد المدينة المقدسة هي إنكار للرسالة المسيحية التي علمت الناس أنهم إخوة متحابون.
- إن تنفيذ وعد الله ونبؤات رسله بالسلاح والقنابل والنابالم في أواخر القرن العشرين، تشويه لصفات الله، وإهانة لليهود والمسيحيين والمسلمين، وظلم للعرب والفلسطينيين المسيحيين والمسلمين.
- إن الاضطهاد والتشريد اللذين يمارسهما رجال إسرائيل ضد العرب ليس علاجًا للاضطهاد والتشريد اللذين عانوهما خارج العالم العربي.
- إن تأسيس دولة يهودية هو ضد إيمان اليهود حتمًا: إن كلّ يهودي يردد في صلاته اليومية ما ترجمته:
«لا ملك لنا سواك وخارجك أيّها الأبدي»، (En LanouMélé hela atta) ويقول كتاب صموئيل: «اليوم ترفضون ربكم الذي خلصكم من كلّ آلامكم وكلّ شروركم وتقولون له نصّب علينا ملكًا، إن الأبدي ربكم هو ملككم».
«إعلموا إذًا وانظروا كم أنتم مخطئين في نظر الخالق حينما تطلبون ملكًا لكم». «إننا أضفنا إلى خطايانا خطيئة جديدة هي أن نطلب ملكًا سواه علينا».
«إن الأبدي حسبنا، الأبدي شريعتنا، الأبدي ملكنا وهو الذي يخلصنا».
«لقد نصبوا على أنفسهم ملوكًا دون أمري ورؤساء دون إرادتي. لقد صنعوا آلهة من ذهب وفضة ولذلك كتبنا عليهم الفناء».
- إن الدولة اليهودية هي أبعد ما تكون عن مبادئ الدين اليهودي، إنها تشكل حادثًا طارئًا في تاريخ الدين اليهودي. وسفر الملوك الأول 8/10 ـ 18 يؤكد أيضًا أن ملكية الإنسان للأرض تتنافى مع ملكية الله لها.
- ورأي تأسيس الدولة هو رأي الحاخام الصهيوني «EISEMBERG»، ولكن أكثر اليهود ورجال الدين، خاصة الحاخام الكبير «SATMAR» كانوا يرفضون ذلك ويعتبرون أن دولة يهودية ذات طبيعة مجوسية أنها مملكة قيصر التي تتناقض مع مملكة الله.
ونختتم هذه النقطة بما ورد في (LEV 24 - 22) مخاطبًا أولاد إسرائيل قديمًا وحديثًا: «أنتم الذين تنحرون العدالة وتحرفون كلّ مستقيم، أنتم الذين تبنون صهيون بالدم والقدس بالجريمة».
- أما من الناحية الإسلامية فالقدس ترمز إلى تلاقي الإسلام مع الأديان الأخرى (الإسراء)، وتفاعل الدين مع الثقافات والحضارات، وشمول الإسلام لجميع الشعوب وتجاوزه العرب.
وهذا يعني أن تهويد القدس وإهانة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وانتشار الفساد والسياسات في القدس، تتعارض مع الإسلام في أعماقه، وتستلزم دائمًا السعي المستميت، وبذلك لا يمكن إحلال «السلام» (القائم على التهويد) في العالم طالما يوجد مسلم ملتزم واحد.
وأحب في ختام هذا الحديث أن أضع تحت تصرفكم بعض المعلومات التي لا تتناسب مع العدالة والحياد المطلوبين من الشعب الألماني والحكومة الألمانية.
إن الحكومة الألمانية ملتزمة حسب البيان الوزاري أن تعامل دول الشرق الأوسط بالمساواة وبصورة عادلة، ومع ذلك فلا بد لنا من توجيه هذه الأسئلة:
- تقدم حكومة ألمانيا الاتحادية سنويًا مئة وأربعين مليونًا من الماركات لإسرائيل كمساعدة اقتصادية، وقد استلمت خلال سنوات 49 ـ 67 سبع مليارات دولار أيّ ما يعادل الدخل القومي لمصر والأردن وسوريا ولبنان مجتمعة سنة 66، مجموع ما تستلم الدول العربية الأربعة عشرة من ألمانيا لا يبلغ مئة وأربعين مليونًا، مع أنها جميعها من الدول النامية ويبلغ عدد نفوسها مئة وعشرين مليونًا من البشر.
- تقدم إسرائيل شكوى للمحاكم الألمانية وتطلب /72/ مليارًا من الماركات غرامة للعمل المجاني الذي قام به اليهود الأسرى أثناء الحرب في 500 شركة ألمانية.
فهل حكومة إسرائيل وريثة اليهود في العالم؟
وهل أسرى الحرب كانوا حصرًا من اليهود، ولم يكن هناك أسرى حرب من جنسيات أخرى كالعرب والألمان المعارضين للحكم النازي؟ ألم يحصل مثل هذه المآسي في التاريخ للشعوب الأخرى؟ علمًا بأن الدراسات أثبتت انه كانت توجد لجان صهيونية نازية مشتركة تمارس الاضطهاد العام لجميع المعارضين.
ثم هناك مساعدات كبيرة تتراوح قيمتها بين مئة مليون ومئتي مليون من الماركات تجمعها منظمات صهيونية من الشعب الألماني سنويًا...
هذه المساعدات الشعبية والحكومية، وصفقات الأسلحة حصلت جميعها في الأيام التي لم تكن فيها بين ألمانيا وإسرائيل علاقات ديبلوماسية، أيّ قبل سنة 1965.
وبعد هذا نطالب الشعب الألماني والحكومة الألمانية بمزيد من العدالة مع أن العلاقات بيننا دائمًا كانت ودية للغاية ولم يكن أيّ أثر للاستعمار أو الصراع في تاريخ علاقاتنا.
والسلام عليكم.