* تسجيل صوتي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات (د.ت).
بسم الله الرحمن الرحيم
طيب! نحن ننتقل إلى حديثنا الثقافي. الواقع أن إمكانية الحديث بالنسبة إليّ، أنا في بداية رمضان حاولت أن أقول أن رمضان منهاجنا ثابتة وقاطعة. ولكن يبدو أني قد هُزِمت أمام الصيام. لا أزال أصوم والحمد لله، ولكن وضعي الصحي سيء للغاية. ضغطي منخفض أقل من سبعة، وقدرتي على التحدث يوم الجمعة محدودة. أنا سأتابع بحث اليوم بإذن الله، ولكن الجمعتين القادمتين لن يكون هناك بحث واجتماع إلا إلى ما بعد رمضان. إنما هناك بديل آخر ليلة الجمعة القادمة، أي في التاسع عشر بناء على التقويم الرسمي، والثامن عشر بناءً على أن يكون بداية الشهر يوم الثلاثاء. من ليلة الجمعة إلى عشر ليالٍ، أو إلى آخر رمضان، أو إلى أسبوع سنحتفل كل ليلة هنا في المجلس: احتفالات، دعاء، قراءة قرآن، خطاب، أحاديث ثقافية مختلفة. فبعض الشباب، إذا تمكنوا أن يحضروا قد يكون هذا شيئًا من التعويض عن الأبحاث الثقافية ليوم الجمعة. وسنحاول أن نعلن في الصحف عن هذه النشاطات، نفرش القاعة تحت بالحصير، ونجلس ونبتهل وندعو الله سبحانه وتعالى، نستفيد من شهر رمضان. أنا أفكر أن نبدأ من الساعة العاشرة وحتى الساعة الثانية، أو الواحدة أو الواحدة والنصف بعد منتصف الليل.
س: إذا سمحت سماحة الإمام هناك مسجد في خندق الغميق، مسجد الشيخ محمد عياد وهو القيَّم عليه لماذا لا يكون مركزًا لتجمعاتنا ولقاءاتنا عمليًا إذا صرفنا النظر عن العاملية بالوقت الحاضر؟
ج: لا إن شاء الله لا نحتاج إلى ذلك، ولكن هذا الإجراء مؤقت.
س: ولكن لنا مركز في الخندق وكل وجودنا هناك.
ج: معقول.
على كل حال، بحثنا الثقافي اليوم، وبانتظار نهاية رمضان، هو البحث الأخير في هذا الشهر. نحن في الأبحاث السابقة حاولنا أن نتحدث حول نشأة الحركة، وتحدثنا عن خطوة تجريبية أولى. من اليوم نرجع إلى دراسة وزعت سابقًا: أضواء على الميثاق؛ طبعًا سأحاول أن أبحث من خلال: أضواء على الميثاق، أيديولوجية الحركة. النقطة الأولى، التي هي النقطة التمهيدية في مقدمة للميثاق تقول أن حركة المحرومين هي حركة كل إنسان، تصدي كل إنسان لما يحول دون إسعاده، لكل ما يحاول تجميد مستقبله، لكل ما يريد أن يمنعه من الوصول إلى السعادة والهدف. ولذلك هذه الحركة، هي حركة الإنسان، حاضرًا، ومستقبلًا، وماضيًا هنا وهناك؛ وهي حركة واحدة في العالم كله. إيضاحًا لهذه المقدمة، لا بد من أن نقول، بالنسبة للإنسان، أي إنسان كان؛ هناك آراء فلسفية مختلفة: الإنسان بماذا يفكر؟ وماذا يحسّ؟ وإلى ماذا يهدف؟ هذا السؤال المطروح. هناك فلاسفة تحدثوا، فقالوا أن الإنسان مجبول على الشر، الإنسان مجرم، مجبول على الشر ويريد الشر. هناك ناس قالوا هكذا. وهناك أناس، قالوا أن الإنسان طبعًا فلاسفة بالفعل، هناك أناس قالوا أن الإنسان ابن بيئته، لوحة فارغة، ما نقشت على هذه اللوحة، يتبين وينعكس. النظرة الاجتماعية الشيوعية، ترى بأننا إذا وحّدنا الطبقة، وألغينا ملكية وسائل الإنتاج، فسوف نتمكن من تكوين مجتمع ذي طبقة واحدة، يفكر جميع أفراده تفكيرًا واحدًا؛ وبالتالي بإمكاننا أن نصوغ إنسانًا جديدًا على ضوء المجتمع الجديد الذي كوناه. إذًا، في منطقهم الإنسان لوحة نقدر أن نرسم وننقش فيها كما نشاء. نحن، بناء على المنطق القرآني نعتقد أن الإنسان ليس مجبولًا على الشر، ولا هو لوحة مجردة تخضع لمجتمعه، وإن كنا لا ننكر تأثير المجتمع على الإنسان... ولكن لا يمكن أن نقبل أن الإنسان Neutre، أن الإنسان محايد، أن الإنسان لا يشارك في مصطلح المنطقيين، ولكن الإنسان مجبول على الخير، في رأينا.
أذكركم بالآيات القرآنية والروايات: الآية تقول: ﴿فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم﴾ [الروم، 30]. يؤكد القرآن أن فطرة الإنسان، خلق الإنسان، طريقة صياغة الذات الإنسانية، طريقة حسنة، طريقة هي الدين الحنيف. ولذلك نحن نقول أن الإنسان يجنح نحو الخير، نحو العدل نحو الحق نحو الصلاح، نحو التقوى... يجنح الإنسان. رواية أخرى: كل مولود يولد على الفطرة، إلا أن أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسّانه.
إذًا، في رأينا أن الإنسان خيّرٌ بحسب الذات. والدليل على ذلك أننا إذا درسنا تاريخ جميع الأمم، جميع المجتمعات الحاضرة والبائدة، المتحضرة والبدائية، جميع المجتمعات باتجاه واحد، جميع المجتمعات تقدّس أشياء وتكرّم أشياء، وترفض أشياء وتميل إلى أشياء. هناك أمور مشتركة بين جميع بني البشر منذ أن كان وحتى الآن. عندما تحصل حادثة في العالم، يتهجم بلد على بلد، يحارب مستعمر شعبًا، تصطدم دولة مع أبنائها، أي حادثة في العالم، سرعان ما نجد أن البشر، كل البشر، يتصنفون أمام الحادث، مما يؤكد أن الحادثة تمسّ شيئًا يخصهم. الرأي العام العالمي الذي تكوّن أمام ثورة الجزائر، أمام ثورة فيتنام! لماذا تحققت هذه المواقف العالمية؟ لسبب واضح لأن البشر، كل البشر ضد الظلم. أي بشر تره، متحضرًا أو بدائيًا، عالمًا أو جاهلًا، مثقفًا أو أميًا، لا فرق! الإنسان يكره الظلم أينما حصل. ممكن عندما يخصه هو ومنافعه تتأمن، يميل إلى الظلم، ولكن عندما لا يخصه، فهو ضد الظلم.
أساسًا، سبب تكوين الرأي العام العالمي، وجود الضمير عند البشر، حتى بإمكاننا أن نقول سبب نجاح الأنبياء في العالم، وجود الضمير عند البشر. لأن النبي وحده، يدعو إلى مجتمع يختلف عن المجتمع الحاضر، يصطدم مع مطامع المستفيدين ومع ذلك ينتصر، لأن للنبي في نفس كل فرد، قوة تسنده وتدعمه. هذا الرأي طبعًا بحث بحد ذاته. بمقتضى هذا البحث، نحن في محاضراتنا حول تاريخ الأديان، كنا نقول أن الدين فطرة، وليس غريزة نابعة عن الخوف أو الجهل أو القلق أو المصلحة المادية، كما يقول الباحثون. هناك أشياء في نفس الإنسان... سميناها مرة: النبي الباطن، ومرة: المرحلة الأولى من الدعوة، من الدعوة الإلهية، الضمير... كل إنسان عنده هذا الضمير.
يعني هناك نقاط أساسية يحتفظ بها كل فرد في حياته؛ من جملة هذه النقاط رغبة الإنسان نحو الكمال. يعني الإنسان يميل إلى الكمال إلى تحسين وضعه. وفي هذا الاتجاه، في جنوحه نحو الكمال، إذا عرقل سيره شيئًا، يصطدم معه. هذه هي الحركة، لأن الحركة يعني الإنتقال من مكان إلى مكان، من حالة إلى حالة. كل فرد في العالم هذا هو ذاته ومقتضى ضميره، ولأن كما نحن نعتقد، ولأن الضمير والفطرة تدعو إلى الله.. إلى الله: ليس إلى الآلهة، والرسالة دعت إلى ذلك، رغبة الإنسان في الكمال تشكل خطًا لانهائيًا. الإنسان، كما ذكرنا، في تفسير: لا إله إلا الله، الإله مَثَلُه، معبوده، غاية طموحاته. فإذا آمن الإنسان بالله، يعني باللانهاية. غاية طموحاتي أن أتخلق بأخلاق الله، أن أكون مثله في الصفات طبعًا ليس في الذات، هذه اللانهائية في الخط تحدد اتجاه الحركة.
إذًا، الإنسان بطبيعة ذاته راغب في الكمال؛ والكمال أن يكون الإنسان نسخة طبق الأصل عن مثاله، ومثاله الله، اللامتناهي. إذًا، أمام كل إنسان في الحياة خط للسير، بدايته معروفة، ونهايته غير معروفة، لامتناهٍ. هذه الحركة. ولأن هذه الحركة تصطدم مع مصالح الآخرين، مع كسل الفرد، مع منافع الآخرين؛ فيصطدم، فيتكون النضال، الصراع. وبتعبير قرآني: ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ [الشمس، 8]، ﴿وهديناه النجدين﴾ [البلد، 10]، الإنسان الذي يريد أن يتحرك يهتدي إلى مثالين، نجدين، فجورها وتقواها. ويبدأ الصراع من البداية.
الصراع الذي تزرعه التربية الإسلامية في النفس: الشيطان والتحذير من الشيطان، والهوى، والنفس الأمارة بالسوء؛ ثم على صعيد الممارسة، الحلال والحرام. إذًا، أولًا ضمير الإنسان يدعوه للتحرك، التحرك نحو الكمال. والكمال يتحدد حسب الضمير وحسب التربية والعقيدة اللانهائية. فالطموح لامتناهٍ. وفي هذا السير الإنسان يصطدم مع الآخرين، فيبدأ الصراع. أو أن الإنسان من البداية، وأمام الخط الذي يبدأ منه - بدايته معروفة ونهايته غير معروفة. أمام النجدين، أمام الخير والشر، أمام ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾]الشمس، 8[، أمام الحلال والحرام، أمام الشيطان الذي يدعوكم إلى الفساد... ﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء﴾ [البقرة، 268]، أمام الحلال والحرام مجموعة هذه الأفكار التي توضع أمام الإنسان، أن الإنسان يشعر أنه يبدأ بالصراع... بالنضال من البداية. الصراع الذي يتجسد في كل موقف، كل كلمة تتحدث بها، كل لقمة تأكلها، كل خطوة تخطوها، كل موقف تتخذه أمام الحياة، كل هذا نتيجة الصراع، نتيجة اختيارك، بعد جدل عريض طويل بين الخير والشر، الحلال والحرام، الله والشيطان، ﴿فجورها وتقواها﴾]الشمس، 8]؛ بعد هذه الصراعات، تختار، وتخطو الخطوة الأولى نحو الكمال.
إذًا، الحركة، فطرية، ضميرية، والكمال لامتناهٍ. والغاية هي التخلق بأخلاق الله، الوصول إلى الكمال المطلق الذي لا يُحَد. وطريق الوصول إليه صراع. صراعه يؤدي إلى كمال، وبالتالي إلى الاستعداد للوقوف خطوة ثانية في هذا السبيل.
نحن نعتقد أن الإنسان هدف... هذا هو الإنسان. ليس شريرًا ولا لوحة صافية تعكس ما يرسم عليها. الإنسان له ذاتياته، له سيئاته، له إمكانياته... وإمكانياته حكيناها. هذا الإنسان هو رأسمالنا. لذلك عندما ننظر، نحن نرى كالأنبياء، لأننا من مكتبهم، من مدرستهم. مع كل فرد نسير، لأن مع كل فرد نجد حركة نحو الكمال، ولأنه غير واصل للكمال نجد مع كل فرد حرمانًا. كما نقول إما حرمانًا للحال، وإما حرمانًا للمستقبل. لذلك نحن نعتبر أن الحركة كانت منذ أن كان الإنسان؛ لأن كل إنسان يريد الكمال، ويصطدم في سبيل الكمال ويشعر بالحرمان. وهكذا. طبعًا هذا البحث، لا بد من أن تتضح معالمه، الإخوان في اللجنة إذا يحبون أن يستوضحوا حول هذا التفكير الذي يتسجل طبعًا فبإمكانهم أن يبحثوا معي هذا الأمر، ونوضح أكثر هذه النقطة التي هي البداية، والغاية، والقوة الدافعة في نفس الوقت، ورصيد الإنتصار في نفس الوقت. وهو مقتبس بالفعل من التراث من القرآن الكريم. أنا أكتفي وأنتظر أسئلتكم، يكون التي أرجو أن لا تكون كثيرة، لأني أكابد في الواقع مع نفسي، والجمعتان القادمتان ليس هناك دروس ثقافية، هي مؤجلة بإذن الله إلى ما بعد رمضان. لكن ليالي رمضان، ليلة الجمعة، أواخر الليل ستقام. إذا كان الطريق آمنًا بإمكاننا أن نسهر، ونقرأ دعاء، نقرأ القرآن...
ج: نحن في المرحلة السابقة، في بداية التهجير بعد أحداث النبعة وتل الزعتر وغيرها قام الشباب بعملية إحصاء، ووضعوا دراسة مفصلة عن الوضع الاجتماعي. ثم جاءت النكبة الأخيرة وضربات الجنوب والتهجير الجديد. تهجير الجنوب، نوع خاص من التهجير، لأنه ليس إلى نقطة معينة واحدة، فيه تحرك وهذا فيه صعوبة. ثم الدولة التي تحمست في بداية الأحداث، لأجل خدمة المهجرين، وأسست اللجنة العليا للإغاثة، استهلكت، وضعت إمكاناتها بتصرف قرى بكاملها، توزع. وبالتالي وضع المهجرين في الجنوب ليس طبيعيًا، نتيجة لعدم كونه في مكان واحد، وليس مشمولًا بالرعاية الرسمية. هناك بعض المؤسسات الأهلية، لبنانية وأجنبية، تحاول أن تأخذ فكرة عن وجود المهجرين. شباب الحركة يتكرمون ويعطون معلوماتهم عن وضع المهجرين وأماكن إقامتهم، وعددهم وحاجياتهم، خلال وقت سريع جدًا، إلى المسؤولين الاجتماعيين في المناطق والأقاليم تمهيدًا لوضع دراسة متكاملة، لعلنا نتوفق في الحصول على مساعدات لهم، هذا المطلوب.
س: دراسة بشكل سريع من الجنوب المستفيد ويمكن أخذ الدراسة من مصلحة الإنعاش الاجتماعي. مصلحة الإنعاش الاجتماعي توزع شهريًا وعندها دراسات ذاتية، وعلى الصعيد الخدماتي هناك قرى كثيرة... مصادر الحركة في الجنوب فيها تباطؤ ولا يمكن المتابعة على الصعيد العملي... عمليًا الأمور كانت عن طريق مصلحة الإنعاش؟
ج: مصلحة الإنعاش الاجتماعي معلوماتها قديمة، ثم وسعت هذه المعلومات، حتى شملت جميع أهل القرية. فلو كان في قرية مثلًا أربعون مهجرًا، فمصلحة الإنعاش بدأت توزع عليهم، ثم وزعت على الآخرين حتى شملت القرية. معلومات غير دقيقة... الممكن، المتوفر. على كل حال، مسؤولية المسؤولين الاجتماعيين، أن يقوموا بهذه المهمة. موضوع آخر، أحببت أن أقول نحن صار عندنا لوائح للمنح الدراسية لشباب الحركة. ملفاتهم غير موجودة عندنا. هذه الملفات خلال ثلاثة أربعة أيام، يجب أن تتوفر عندنا، وإلا أي طلب لم يقدم له ملفًا، يهمل. الطلبات السابقة الطلبات الجديدة لا تقبل. الأسماء التي وصلتنا فلتقدم ملفاتها. أرجو أن تأخذوا بعين الاعتبار لأنه من أول أيلول لا تقبل ملفات ولا طلبات وبالتالي الفرصة تضيع.
س: ما المطلوب؟
ج: مطلوب نسخة عن الشهادة، مطلوب إخراج قيد، مطلوب صورة، فرنسي أو إنكليزي.
س: والمنح؟
ج: في الواقع لا يوجد منح، ولكن المجلس سيؤمن بإذن الله. هناك وعود من تونس ومن الأردن، وهناك بعض الوعود من المغرب، وأيضاً هناك من إيطاليا... مؤسسات غير جامعية لكن دراسات تكنيكية. ولكن نحن نحاول نجمع إمكانات معينة من مختلف الشؤون ونوفر إمكانيات المجلس الشيعي.
الآن الساعة الواحدة سيذيعون، الهوائيات الخاصة بالإذاعة محروقة، لا يقدرون أن يحركوا الإذاعة ثلاث مرات بعد عشرين ساعة. الآن يقولون إنهم سيحركون البرامج الساعة الواحدة. نحاول، نحاول.
بسم الله الرحمن الرحيم
طيب! نحن ننتقل إلى حديثنا الثقافي. الواقع أن إمكانية الحديث بالنسبة إليّ، أنا في بداية رمضان حاولت أن أقول أن رمضان منهاجنا ثابتة وقاطعة. ولكن يبدو أني قد هُزِمت أمام الصيام. لا أزال أصوم والحمد لله، ولكن وضعي الصحي سيء للغاية. ضغطي منخفض أقل من سبعة، وقدرتي على التحدث يوم الجمعة محدودة. أنا سأتابع بحث اليوم بإذن الله، ولكن الجمعتين القادمتين لن يكون هناك بحث واجتماع إلا إلى ما بعد رمضان. إنما هناك بديل آخر ليلة الجمعة القادمة، أي في التاسع عشر بناء على التقويم الرسمي، والثامن عشر بناءً على أن يكون بداية الشهر يوم الثلاثاء. من ليلة الجمعة إلى عشر ليالٍ، أو إلى آخر رمضان، أو إلى أسبوع سنحتفل كل ليلة هنا في المجلس: احتفالات، دعاء، قراءة قرآن، خطاب، أحاديث ثقافية مختلفة. فبعض الشباب، إذا تمكنوا أن يحضروا قد يكون هذا شيئًا من التعويض عن الأبحاث الثقافية ليوم الجمعة. وسنحاول أن نعلن في الصحف عن هذه النشاطات، نفرش القاعة تحت بالحصير، ونجلس ونبتهل وندعو الله سبحانه وتعالى، نستفيد من شهر رمضان. أنا أفكر أن نبدأ من الساعة العاشرة وحتى الساعة الثانية، أو الواحدة أو الواحدة والنصف بعد منتصف الليل.
س: إذا سمحت سماحة الإمام هناك مسجد في خندق الغميق، مسجد الشيخ محمد عياد وهو القيَّم عليه لماذا لا يكون مركزًا لتجمعاتنا ولقاءاتنا عمليًا إذا صرفنا النظر عن العاملية بالوقت الحاضر؟
ج: لا إن شاء الله لا نحتاج إلى ذلك، ولكن هذا الإجراء مؤقت.
س: ولكن لنا مركز في الخندق وكل وجودنا هناك.
ج: معقول.
على كل حال، بحثنا الثقافي اليوم، وبانتظار نهاية رمضان، هو البحث الأخير في هذا الشهر. نحن في الأبحاث السابقة حاولنا أن نتحدث حول نشأة الحركة، وتحدثنا عن خطوة تجريبية أولى. من اليوم نرجع إلى دراسة وزعت سابقًا: أضواء على الميثاق؛ طبعًا سأحاول أن أبحث من خلال: أضواء على الميثاق، أيديولوجية الحركة. النقطة الأولى، التي هي النقطة التمهيدية في مقدمة للميثاق تقول أن حركة المحرومين هي حركة كل إنسان، تصدي كل إنسان لما يحول دون إسعاده، لكل ما يحاول تجميد مستقبله، لكل ما يريد أن يمنعه من الوصول إلى السعادة والهدف. ولذلك هذه الحركة، هي حركة الإنسان، حاضرًا، ومستقبلًا، وماضيًا هنا وهناك؛ وهي حركة واحدة في العالم كله. إيضاحًا لهذه المقدمة، لا بد من أن نقول، بالنسبة للإنسان، أي إنسان كان؛ هناك آراء فلسفية مختلفة: الإنسان بماذا يفكر؟ وماذا يحسّ؟ وإلى ماذا يهدف؟ هذا السؤال المطروح. هناك فلاسفة تحدثوا، فقالوا أن الإنسان مجبول على الشر، الإنسان مجرم، مجبول على الشر ويريد الشر. هناك ناس قالوا هكذا. وهناك أناس، قالوا أن الإنسان طبعًا فلاسفة بالفعل، هناك أناس قالوا أن الإنسان ابن بيئته، لوحة فارغة، ما نقشت على هذه اللوحة، يتبين وينعكس. النظرة الاجتماعية الشيوعية، ترى بأننا إذا وحّدنا الطبقة، وألغينا ملكية وسائل الإنتاج، فسوف نتمكن من تكوين مجتمع ذي طبقة واحدة، يفكر جميع أفراده تفكيرًا واحدًا؛ وبالتالي بإمكاننا أن نصوغ إنسانًا جديدًا على ضوء المجتمع الجديد الذي كوناه. إذًا، في منطقهم الإنسان لوحة نقدر أن نرسم وننقش فيها كما نشاء. نحن، بناء على المنطق القرآني نعتقد أن الإنسان ليس مجبولًا على الشر، ولا هو لوحة مجردة تخضع لمجتمعه، وإن كنا لا ننكر تأثير المجتمع على الإنسان... ولكن لا يمكن أن نقبل أن الإنسان Neutre، أن الإنسان محايد، أن الإنسان لا يشارك في مصطلح المنطقيين، ولكن الإنسان مجبول على الخير، في رأينا.
أذكركم بالآيات القرآنية والروايات: الآية تقول: ﴿فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم﴾ [الروم، 30]. يؤكد القرآن أن فطرة الإنسان، خلق الإنسان، طريقة صياغة الذات الإنسانية، طريقة حسنة، طريقة هي الدين الحنيف. ولذلك نحن نقول أن الإنسان يجنح نحو الخير، نحو العدل نحو الحق نحو الصلاح، نحو التقوى... يجنح الإنسان. رواية أخرى: كل مولود يولد على الفطرة، إلا أن أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسّانه.
إذًا، في رأينا أن الإنسان خيّرٌ بحسب الذات. والدليل على ذلك أننا إذا درسنا تاريخ جميع الأمم، جميع المجتمعات الحاضرة والبائدة، المتحضرة والبدائية، جميع المجتمعات باتجاه واحد، جميع المجتمعات تقدّس أشياء وتكرّم أشياء، وترفض أشياء وتميل إلى أشياء. هناك أمور مشتركة بين جميع بني البشر منذ أن كان وحتى الآن. عندما تحصل حادثة في العالم، يتهجم بلد على بلد، يحارب مستعمر شعبًا، تصطدم دولة مع أبنائها، أي حادثة في العالم، سرعان ما نجد أن البشر، كل البشر، يتصنفون أمام الحادث، مما يؤكد أن الحادثة تمسّ شيئًا يخصهم. الرأي العام العالمي الذي تكوّن أمام ثورة الجزائر، أمام ثورة فيتنام! لماذا تحققت هذه المواقف العالمية؟ لسبب واضح لأن البشر، كل البشر ضد الظلم. أي بشر تره، متحضرًا أو بدائيًا، عالمًا أو جاهلًا، مثقفًا أو أميًا، لا فرق! الإنسان يكره الظلم أينما حصل. ممكن عندما يخصه هو ومنافعه تتأمن، يميل إلى الظلم، ولكن عندما لا يخصه، فهو ضد الظلم.
أساسًا، سبب تكوين الرأي العام العالمي، وجود الضمير عند البشر، حتى بإمكاننا أن نقول سبب نجاح الأنبياء في العالم، وجود الضمير عند البشر. لأن النبي وحده، يدعو إلى مجتمع يختلف عن المجتمع الحاضر، يصطدم مع مطامع المستفيدين ومع ذلك ينتصر، لأن للنبي في نفس كل فرد، قوة تسنده وتدعمه. هذا الرأي طبعًا بحث بحد ذاته. بمقتضى هذا البحث، نحن في محاضراتنا حول تاريخ الأديان، كنا نقول أن الدين فطرة، وليس غريزة نابعة عن الخوف أو الجهل أو القلق أو المصلحة المادية، كما يقول الباحثون. هناك أشياء في نفس الإنسان... سميناها مرة: النبي الباطن، ومرة: المرحلة الأولى من الدعوة، من الدعوة الإلهية، الضمير... كل إنسان عنده هذا الضمير.
يعني هناك نقاط أساسية يحتفظ بها كل فرد في حياته؛ من جملة هذه النقاط رغبة الإنسان نحو الكمال. يعني الإنسان يميل إلى الكمال إلى تحسين وضعه. وفي هذا الاتجاه، في جنوحه نحو الكمال، إذا عرقل سيره شيئًا، يصطدم معه. هذه هي الحركة، لأن الحركة يعني الإنتقال من مكان إلى مكان، من حالة إلى حالة. كل فرد في العالم هذا هو ذاته ومقتضى ضميره، ولأن كما نحن نعتقد، ولأن الضمير والفطرة تدعو إلى الله.. إلى الله: ليس إلى الآلهة، والرسالة دعت إلى ذلك، رغبة الإنسان في الكمال تشكل خطًا لانهائيًا. الإنسان، كما ذكرنا، في تفسير: لا إله إلا الله، الإله مَثَلُه، معبوده، غاية طموحاته. فإذا آمن الإنسان بالله، يعني باللانهاية. غاية طموحاتي أن أتخلق بأخلاق الله، أن أكون مثله في الصفات طبعًا ليس في الذات، هذه اللانهائية في الخط تحدد اتجاه الحركة.
إذًا، الإنسان بطبيعة ذاته راغب في الكمال؛ والكمال أن يكون الإنسان نسخة طبق الأصل عن مثاله، ومثاله الله، اللامتناهي. إذًا، أمام كل إنسان في الحياة خط للسير، بدايته معروفة، ونهايته غير معروفة، لامتناهٍ. هذه الحركة. ولأن هذه الحركة تصطدم مع مصالح الآخرين، مع كسل الفرد، مع منافع الآخرين؛ فيصطدم، فيتكون النضال، الصراع. وبتعبير قرآني: ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ [الشمس، 8]، ﴿وهديناه النجدين﴾ [البلد، 10]، الإنسان الذي يريد أن يتحرك يهتدي إلى مثالين، نجدين، فجورها وتقواها. ويبدأ الصراع من البداية.
الصراع الذي تزرعه التربية الإسلامية في النفس: الشيطان والتحذير من الشيطان، والهوى، والنفس الأمارة بالسوء؛ ثم على صعيد الممارسة، الحلال والحرام. إذًا، أولًا ضمير الإنسان يدعوه للتحرك، التحرك نحو الكمال. والكمال يتحدد حسب الضمير وحسب التربية والعقيدة اللانهائية. فالطموح لامتناهٍ. وفي هذا السير الإنسان يصطدم مع الآخرين، فيبدأ الصراع. أو أن الإنسان من البداية، وأمام الخط الذي يبدأ منه - بدايته معروفة ونهايته غير معروفة. أمام النجدين، أمام الخير والشر، أمام ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾]الشمس، 8[، أمام الحلال والحرام، أمام الشيطان الذي يدعوكم إلى الفساد... ﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء﴾ [البقرة، 268]، أمام الحلال والحرام مجموعة هذه الأفكار التي توضع أمام الإنسان، أن الإنسان يشعر أنه يبدأ بالصراع... بالنضال من البداية. الصراع الذي يتجسد في كل موقف، كل كلمة تتحدث بها، كل لقمة تأكلها، كل خطوة تخطوها، كل موقف تتخذه أمام الحياة، كل هذا نتيجة الصراع، نتيجة اختيارك، بعد جدل عريض طويل بين الخير والشر، الحلال والحرام، الله والشيطان، ﴿فجورها وتقواها﴾]الشمس، 8]؛ بعد هذه الصراعات، تختار، وتخطو الخطوة الأولى نحو الكمال.
إذًا، الحركة، فطرية، ضميرية، والكمال لامتناهٍ. والغاية هي التخلق بأخلاق الله، الوصول إلى الكمال المطلق الذي لا يُحَد. وطريق الوصول إليه صراع. صراعه يؤدي إلى كمال، وبالتالي إلى الاستعداد للوقوف خطوة ثانية في هذا السبيل.
نحن نعتقد أن الإنسان هدف... هذا هو الإنسان. ليس شريرًا ولا لوحة صافية تعكس ما يرسم عليها. الإنسان له ذاتياته، له سيئاته، له إمكانياته... وإمكانياته حكيناها. هذا الإنسان هو رأسمالنا. لذلك عندما ننظر، نحن نرى كالأنبياء، لأننا من مكتبهم، من مدرستهم. مع كل فرد نسير، لأن مع كل فرد نجد حركة نحو الكمال، ولأنه غير واصل للكمال نجد مع كل فرد حرمانًا. كما نقول إما حرمانًا للحال، وإما حرمانًا للمستقبل. لذلك نحن نعتبر أن الحركة كانت منذ أن كان الإنسان؛ لأن كل إنسان يريد الكمال، ويصطدم في سبيل الكمال ويشعر بالحرمان. وهكذا. طبعًا هذا البحث، لا بد من أن تتضح معالمه، الإخوان في اللجنة إذا يحبون أن يستوضحوا حول هذا التفكير الذي يتسجل طبعًا فبإمكانهم أن يبحثوا معي هذا الأمر، ونوضح أكثر هذه النقطة التي هي البداية، والغاية، والقوة الدافعة في نفس الوقت، ورصيد الإنتصار في نفس الوقت. وهو مقتبس بالفعل من التراث من القرآن الكريم. أنا أكتفي وأنتظر أسئلتكم، يكون التي أرجو أن لا تكون كثيرة، لأني أكابد في الواقع مع نفسي، والجمعتان القادمتان ليس هناك دروس ثقافية، هي مؤجلة بإذن الله إلى ما بعد رمضان. لكن ليالي رمضان، ليلة الجمعة، أواخر الليل ستقام. إذا كان الطريق آمنًا بإمكاننا أن نسهر، ونقرأ دعاء، نقرأ القرآن...
ج: نحن في المرحلة السابقة، في بداية التهجير بعد أحداث النبعة وتل الزعتر وغيرها قام الشباب بعملية إحصاء، ووضعوا دراسة مفصلة عن الوضع الاجتماعي. ثم جاءت النكبة الأخيرة وضربات الجنوب والتهجير الجديد. تهجير الجنوب، نوع خاص من التهجير، لأنه ليس إلى نقطة معينة واحدة، فيه تحرك وهذا فيه صعوبة. ثم الدولة التي تحمست في بداية الأحداث، لأجل خدمة المهجرين، وأسست اللجنة العليا للإغاثة، استهلكت، وضعت إمكاناتها بتصرف قرى بكاملها، توزع. وبالتالي وضع المهجرين في الجنوب ليس طبيعيًا، نتيجة لعدم كونه في مكان واحد، وليس مشمولًا بالرعاية الرسمية. هناك بعض المؤسسات الأهلية، لبنانية وأجنبية، تحاول أن تأخذ فكرة عن وجود المهجرين. شباب الحركة يتكرمون ويعطون معلوماتهم عن وضع المهجرين وأماكن إقامتهم، وعددهم وحاجياتهم، خلال وقت سريع جدًا، إلى المسؤولين الاجتماعيين في المناطق والأقاليم تمهيدًا لوضع دراسة متكاملة، لعلنا نتوفق في الحصول على مساعدات لهم، هذا المطلوب.
س: دراسة بشكل سريع من الجنوب المستفيد ويمكن أخذ الدراسة من مصلحة الإنعاش الاجتماعي. مصلحة الإنعاش الاجتماعي توزع شهريًا وعندها دراسات ذاتية، وعلى الصعيد الخدماتي هناك قرى كثيرة... مصادر الحركة في الجنوب فيها تباطؤ ولا يمكن المتابعة على الصعيد العملي... عمليًا الأمور كانت عن طريق مصلحة الإنعاش؟
ج: مصلحة الإنعاش الاجتماعي معلوماتها قديمة، ثم وسعت هذه المعلومات، حتى شملت جميع أهل القرية. فلو كان في قرية مثلًا أربعون مهجرًا، فمصلحة الإنعاش بدأت توزع عليهم، ثم وزعت على الآخرين حتى شملت القرية. معلومات غير دقيقة... الممكن، المتوفر. على كل حال، مسؤولية المسؤولين الاجتماعيين، أن يقوموا بهذه المهمة. موضوع آخر، أحببت أن أقول نحن صار عندنا لوائح للمنح الدراسية لشباب الحركة. ملفاتهم غير موجودة عندنا. هذه الملفات خلال ثلاثة أربعة أيام، يجب أن تتوفر عندنا، وإلا أي طلب لم يقدم له ملفًا، يهمل. الطلبات السابقة الطلبات الجديدة لا تقبل. الأسماء التي وصلتنا فلتقدم ملفاتها. أرجو أن تأخذوا بعين الاعتبار لأنه من أول أيلول لا تقبل ملفات ولا طلبات وبالتالي الفرصة تضيع.
س: ما المطلوب؟
ج: مطلوب نسخة عن الشهادة، مطلوب إخراج قيد، مطلوب صورة، فرنسي أو إنكليزي.
س: والمنح؟
ج: في الواقع لا يوجد منح، ولكن المجلس سيؤمن بإذن الله. هناك وعود من تونس ومن الأردن، وهناك بعض الوعود من المغرب، وأيضاً هناك من إيطاليا... مؤسسات غير جامعية لكن دراسات تكنيكية. ولكن نحن نحاول نجمع إمكانات معينة من مختلف الشؤون ونوفر إمكانيات المجلس الشيعي.
الآن الساعة الواحدة سيذيعون، الهوائيات الخاصة بالإذاعة محروقة، لا يقدرون أن يحركوا الإذاعة ثلاث مرات بعد عشرين ساعة. الآن يقولون إنهم سيحركون البرامج الساعة الواحدة. نحاول، نحاول.
