ويروي الشاعر نزار الحر، مدير العلاقات العامة في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الوقائع التالية التي عايشها في ظل الإمام الصدر.
كلفني السيد موسى الصدر بالعمل على الإفراج عن المخطوفين وفي إحدى المرات، اتصل بيار الجميل في التاسعة ليلاً طالباً الإفراج عن مخطوف (لم أعد أذكر اسمه) وقد كان الجميل بالمناسبة يفرج عن الناس الذين يطلبهم نزار باسم المجلس طبعاً.
اتصلت بمختلف المنظمات والأحزاب فأنكر الجميع وجود هذا الشخص لديهم، فاتصلت بالجميل نافياً اعتقاله، فأعاد الاتصال بي بعد ربع ساعة ليؤكد لي انه موجود لدى تنظيم محلي معروف برئاسة عصام العرب، فاتصلت بعصام العرب ثانية، فقال: سأنزل بنفسي للبحث عنه وبعد قرابة الساعة اتصلت أم الشاب المخطوف ويبدو من صوتها انها امرأة عجوز، وشكرتني بحرارة على الإفراج عن وحيدها، وهذا يعود إلى العلاقات الطيبة التي كانت للإمام الصدر بجميع رجال السياسة ودون تفريق، إذ انه كان يطلب مني خدمة من دخل هذا البيت، بيت المجلس الإسلامي الشيعي ودون النظر إلى هويته او مذهبه.
اتصل رجل الأعمال علي الجمال بالسيد موسى الصدر محتجاً على احتلال ست شقق له في الروشة، من قبل أحد التنظيمات المحلية.
وكان هناك اجتماع للجنة المهجرين المؤلفة من عدة اعضاء، منهم: جبران مجدلاني، ابو ثائر، عصام النعمان، محمود عبد الخالق، وانا فعرضت الأمر في الاجتماع معبراً عن استياء السيد من هذا التصرف، وبحضور علي الجمال نفسه، فما كان من مسؤول التنظيم المحلي الا ان اتصل ببعض أفراد تنظيمه طالباً إخلاء عدد من الشقق المحتلة فوراً وهكذا كان.
زارني مرة المجاهد الكبير علي ناصر الدين (الذي كان له دوراً في حرب فلسطين) وكان وضعه لا يدعو إلى الارتياح، لا من الناحية الصحية ولا من الناحية النفسية. وعرض امامي وضعه المادي الذي يستدعي بيع بيته في الجبل، ليعيش بكرامته. فما كان مني إلا ان اتصلت بالإمام، فعرف وضعه وضايقه الأمر كثيراً. وبعدها تمت زيارة المجاهد علي ناصر الدين للإمام في مكتبه بالمجلس وبعد تبادل المجاملات والأحاديث، قال الإمام: لا ضرورة لأن تبيع بيتك، علاقتك من الآن وصاعداً مع الاستاذ نزار، في نهاية كل شهر. وكنت اوصل له بنفسي الراتب الذي استمر يقبضه حتى وفاته.
وعلّق الإمام أمامي على هذا الوضع قائلاً: "ارحموا عزيز قوم ذلّ". كان أحد المقربين من الإمام ومن غير المعممين، لا يصلي صلاة الجماعة ظهراً مع موظفي المجلس، وهذا الأمر استدعى بعضاً من التساؤلات. فقال له السيد: "لماذا لا تصلي معنا صلاة الظهر كما سواك" فأجاب: "حاضر ... اليوم" وبعد الصلاة، بدأ الإمام بإلقاء خطبته لكنه، كان كلما وقعت عيناه على عيني ذلك الرجل يضحك. فعلق أحد المشايخ قائلاً: "يبدو ان الإمام لم يقبض هذا الرجل في هذا الموقع".
كان رجال الثورة الإيرانية يزورون الإمام في المجلس، في أحد الأيام طلبوا مني زيارة أحد الذين يقومون بالأعمال الروحانية التي تشبه السحر. أخذت الموعد وعندما علم الإمام بذلك، اتصل بي قائلاً: "لدينا اجتماع في هذا الوقت المحدد، فآمل تأجيل الموعد لوقت آخر". وتفسير ذلك أنه او ربما اجل الموعد خوفاً على رجال الدين، كما اعتقد.
مرة، استدعاني من مكتبي لنشرب الشاي معاً ... وخلال الحديث قال لي: "ما رأيك رئاسة المجلس الشيعي في لبنان ام رئاسة الجمهورية في ايران" فقلت له: لا، رئاسة المجلس الشيعي في لبنان.
كان في مجالسه الخاصة دائماً يدعو إلى الوحدة بين المسلمين، وإلى الوحدة بين المسلمين والمسيحيين، وبصفتي مسؤولاً عن الخدمات في المجلس، كان يوصيني دائماً بتلبية طلبات كل من: الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قبل ان يصبح عضواً في المجلس ونائباً للرئيس) والسيد محمد حسين فضل الله وكان يهتم بشكل خاص بالشيخ صبحي الصالح والشيخ شفيق يموت اضافة إلى العلاقة المميزة مع المفتي الشيخ حسن خالد.
كما كانت تربطه علاقة مميزة بالمطران جورج خضر والمطران نصرالله صفير (قبل ان يصبح بطريركاً) والمطران خريش.