كان لنا موسى... تشتبك ألوان الشفق على وجنتيه...
وتغور الشمس في عينيه... ويتجلى خلقاً وخُلقاً.. وعباءته تمتد..
تجمع كل عيون الفقراء والمستضعفين... من أحزمة البؤس...
ومن بيروت المخيمات... يغدو مصباحاً... يوقد من زيتونة القدس..
يشعل غرفة الدكتور مصطفى شمران في مؤسسة جبل عامل...
وشمعة فوق كتاب ماهر حرب... وطه حسين... وعباءته تمتد..
حصيراً للمسجد الأقصى في لحظة صلاة..
هو موسى... اجمل الضوء... ونهضة أمة.. وعنفوان الكلمات..
وخطاب الشهيد.. هو موسى... كان لنا حلماً... نزرعه في قلوبنا وردة...
نعشقه أباً سيداً عالماً وثائراً... طلعة مشرقية... كالصبح فينا...
يجمع الفجر في أكمامه، وكان وجه الكتاب... وأجمل حروف الخطاب...
كالشمس أتى... عمامة ترشح من فيض النبوة... علماً وثورة ومقاومة...
كالصبح كان... تفلت منه الكلمات... تمتد نهراً... بحراً موجاً متلاطماً لا يهدأ..
يفتش عن أحلام المحرومين... يفتش في عيونهم... يقرأ وصاياهم..
ينام على وسادة غربته... يئن ويبكي وينكسر قلبه... عندما يجمع اليتيم.. الى قلبه وصدره... هو فينا أجمل الألوان... أجمل الزمن هو... كسر قيود الغربة ومشى... أشاح الغبار عن دفاتر القيام... وأعلن نهضة امة وقيام الوطن...
من قناة السويس حيث صلاة ركعتين على رمالها... الى صلاة مسجد كفرشوبا..
الى الاعتصام.. الى المعسكرات .. الى المساجد والكنائس... الى المعاهد والمؤسسات..
الى معسكرات التدريب... الى المحاضرات وتأسيس الخلايا الأولى والكوادر الاولى..
الى كمائن بنت جبيل والطيبة.. الى شلعبون ومسعود.. الى كل التلال كان لن الحلم..
والمطر.. وقمح الفقراء... وأقحوان العاشق من نجيع كربلاء... كان لنا موسى...
يحب كل الدراويش... والمنكسرة قلوبهم.. كان يطلق العنان لصوته.. من مهرجان صور...
الى مهرجان القسم في بعلبك... حيث وشما على صفحات الوطن..
وأعلن: "لا نقبل أن يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متألماً".
ثم قال: "الجنوب صخرة ستتحطم عليها أحلام اسرائيل، ويكون نواة تحرير فلسطين"..
كان يسابق الزمن.. كان يتقدم فتنقشع الرؤية، كان لنا وسيبقى.. كلماته خبزاً للفقراء..
وصرخة مستمرة في وجه الطغاة.. سيبقى قضية بحجم الأمة لأنه أكبر من أن يقاس بوطنٍ صغير.. بل هو أمة في رجل.. كان لنا موسى.. هو الآن فينا.. في دماء الشهداء..
وعيون الاسرى.. وقوافل المجاهدين.. هو نصر غزة، هو الصرخة التي توشمت... على قلوب المؤمنين: ان شرف القدس يأبى أن تتحرر الا على ايدي المؤمنين..
سيدي... كل عام أهاجر اليك.. هل من سبيل الى وصلك؟
سيدي.. باقٍ أنت والطغاة الى زوال..