كلمة الشاعر الاستاذ حسين حمادة في افتتاح مؤتمر "كلمة سواء" الثاني عشر
باسمه تعالى
يا سيّدي
ما عاد بي والموج والمجداف
شوقٌ
للمواعيد التي ضربت على الماء المُحلّى
بالقمر
والممسكون بكل أوصال الجزيرة
يطعمون الحوت أحلام الصغار
وشباك صيد المتعبين
تعود باللاشيء
يملأها
وقد أضنى نسيج خيوطها الأولى على البعد
السفر..
لك سيدي
يزداد شوق القابعين
على رصيف العمر
ينتظرون فجراً
كاد يطلع
يوم كنت تجرّ فوق الّليل
حاشية العباءة
ونداء "حيّ على الفلاح"
كأنّ أمراً ما ألمّ به
فلم يورق
على شفتي بلال..
بك سيّدي
لاذ الذين رمى بهم نهمُ الكبار
على رصيف الدّرب
فنزعتَ عن أهدابهم
أحلام غربتهم
وحملتهم
يستشعرون الدفء
في حضن الوطن..
وهمستَ في آذانهم
سرَّ القراءة في كتاب المجد..
فانتفضوا
على الذّلّ المغلّف بالرغيف
وأحرقوا
كلّ المناديل التي حيكت
لأيّام الرّحيل..
يا أناملنا الفتيّة
حدّثي الأقلام
عن سرّ انتمائك للزّناد
ومزّقي
كلّ القصائد
واتركي
في دفتري مساحة
لقصيدتين..
قصيدةٍ
فوق التّلال تخطّها
أقدام من وصلوا جنوب الكبرياء
بكربلاء..
وقصيدةٍ
فوق الجباه الذّلّ
يكتبها حجر
كبرت على عشق الزّناد وأومأت
وأطلّ فوق الأدهمين الفارسان
حين شهقتُ
قالت لي
صهيل الخيل منشورٌ على وجع الّلجام
وسروجها
حيكت على نولٍ مغازله
زغاريد النساء..
والصخر يعشب
كلّما شدّت
على الصّخر الحوافر
والملعب المهجور من زمنٍ
يسوّره
ضجيج الصّمت
والفرسان
فوق أكفّ من عقدوا
على النّصر الخناصر
وقالت لي
ومرّت
ألف قافلةٍ من الشهداء
يمشي خلفها الفجر
الّذي طال انتظاره
ويلفّها
بالطّيب يرشح من عباءته
وفوق عمامةٍ
وُلدت على كفّ الحسين
تربّع القرآن..
يا ذلّ الصّحاري
حين لوّح بالعباءة
من ظلام السّجن
أسرجت الدّماءُ الكفّ
فانتعشت
بذور شقاق النّعمان
وارتوت المحابر
ثمّ قالت لي:
شتول التّبغ
ما عادت سياطاً في يد الجلّاد
يطعمها
جلود الزّارعين
وبيادر الخير استعادت
كل ألواح النوارج
وهي تولم
للدواري..
ومزارع الزيتون
عادلها صباها
فاحملوا البشرى
لأسراب القناديل التي شهقت
وقالت
والتّلال
كأنّها انتصبت مآذن
والمحاريب
استعادت دفأها
والله أكبرُ
لم يروّضها ظلام السّجن
فانتفضت
وغادرت الحناجر