الكاتب:موسى الصدر
كلمة الإمام موسى الصدر في ذكرى ولادة الإمام الحسن في معهد الدراسات الإسلامية في صور، تسجيل صوتي من محفوظات مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات.
[...] ولا يغلق بابه، ولا يرد سائله ولا يخيب آمله. الحمد لله الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، ويهلك ملوكًا ويستخلف آخرين. والحمد لله قاسم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين.
وبعد،
لا أقول لكم بلساني ولا بلسان معهد الدراسات الإسلامية في هذه الليلة، الليلة السعيدة أهلًا وسهلًا، وإنما تستمعون من فم الإمام الحسن السبط (س)، التحية والشكر والدعاء. وتستلمون من يد شباب المعهد هدية العيد في خلال دقائق ثم أتكلم أنا.
سادتي العلماء، أيها الإخوة الأعزاء، ضيوفنا الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله.
لا أدري ما المناسبة بين مولد الإمام الحسن (س) وبين معهد الدراسات الإسلامية، الذي يحتفل للسنة الثانية بمولد الإمام الحسن كعيد سنوي. لعله من الصدفة، ولعل فيه معنى وإيحاء. أحب أن أفهم من هذا اللقاء ما أزود به نفسي وإخواني شباب المعهد في طريقنا الشاق الطويل.
فالإمام الحسن (س) من بين الأئمة وكلهم نور واحد، ولو كان كل واحد منهم مكان الإمام الحسن لعمل نفس العمل ولاتخذ نفس الموقف. الإمام الحسن دوره، على تعبير أدق، بين الأئمة دور التضحية ودور الجندي المجهول.
يقول سيدنا المقدس الإمام شرف الدين (قدس الله نفسه)، في مقدمة كتاب "صلح الحسن" للمقدس الحجة الشيخ راضي آل ياسين، يقول السيد في آخر مقدمته القيّمة، بعدما يبحث طويلًا عن موقف الإمام الحسن -وقد سمعتم في هذه الحفلة-: وأن الجهاد ما كان ممكنًا للإمام لخيانة أصحابه حتى بعض أهله، ولا كان من الممكن التضحية والفداء كما قدم الحسين (ع) لأن الظروف العامة للمجتمع ما كانت مهيئة، فالفداء والتضحية يحتاج إلى ظرف خاص وإلى تهيؤ وسائل ونضوج أسباب التضحية. وإذا درسنا زمن الإمام الحسن ومناداة معاوية بالصلح والامتناع عن إراقة دماء المسلمين وكونه على ما روي كاتب الوحي، وخال المؤمنين وأمثال ذلك.
هذه الظروف كانت تحيط بوقت الإمام الحسن، فالأمة كانت في غفلة عن حقيقة نواياهم، نوايا أعداء الإسلام. بينما في وقت خروج الإمام الحسين (ع) كانت الظروف مهيئة، والوجوه مكشوفة، والستار ممزق، والأمور في نصابها، والنقاط على حروفها. ولكن الضمائر في غفلة ونوم وخوف ورهبة، فجاءت ضربة الحسين (س) بنفسه، قدّم نفسه قربانًا لكي يوقظ ضمير الناس ولكي يضع الأمور في نصابها. وبالفعل فقد أثّرت الحركة، حتى بدأت الثورات من ساعة استشهاد الإمام إلى زوال بني أمية ثم إلى زوال آثارهم ورواسبهم في التاريخ إلى الآن وإلى الخلود.
فتقديم الإمام الحسين التضحية كان في وقته، والإمام الحسن كان يمهّد ليوم الحسين. بعد هذه المقدمة، يقول السيد (قدس الله سره) إن شهادة الطف يعني شهادة الإمام الحسين في كربلاء -إن شهادة الطف حسنية أولًا، وحسينية ثانيًا ثم يقول- وإن يوم النخيلة يعني يوم الإمام الحسن (ع) أعرق بمعاني التضحية والفداء من يوم الطف.
فإذا قلنا، أن الإمام الحسن يمثل دور الجندي المجهول، ويعترف بذلك الإمام الحسين (س) في حال وفاة الإمام الحسن يمثل دور الجندي المجهول، دور التضحية المطلقة، لما قلنا شيئًا مبالغًا.
هذا معنى الإمام الحسن مع ما له من الأوصاف والهداية والتوجيه والتعليم، الذي كان الدور المشترك بين أئمتنا جميعًا بعد رسول الله. دور الإمام الخاص، التضحية المطلقة، في عصره وبعد وفاته وفي التاريخ. لعل لقاء عيد المعهد مع ذكرى الإمام، يعطي هذه الفكرة ويرسم هذا الخط أمام شباب المعهد. لأن هذا الطريق في هذا العصر طريق ملؤه التضحية والتنكر وعدم الاحترام. لعلكم تواسون الإمام الحسن بما تعانون من المشاق والتضحية والصعوبات وعدم إقبال الناس وإعراضهم، فكونوا مستعدين لهذا الخط. ولو أن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بإقبال الناس وعاطفة الناس وتأييد الخُلّص وتأييد العلماء، ولكن نحن مستعدين إلى آخر الشوط. تأييدهم وإقبالهم ودعاؤهم بدليل هذه الحفلة الناجحة، التي جعلت الإخوان الأعزاء يقطعون المسافات في الليل ويحضرون في هذا اللقاء.
الخط هذا هو، يقول الإمام الحسين (س): "ألا ومن كان منكم باذلًا مهجته فليرحل معنا فإني راحل غدًا بإذن الله". شباب المعهد هذا هو الطريق، لعلكم تجدون صعوبات ولكن بإذن الله مستعدون.
هذه مقدمة صغيرة، ونشكر الله على هذه الكفاءات التي تبرز بصورة غير منتظرة في هذه المجالات ونرجوه أن يمدكم بعونه ويسدد خطاكم ويؤيدكم.
أكتفي في هذه الليلة بخلاصة عن التقرير السنوي. في يوم عادي من أيام الصيف الماضي، تأسس معهد الدراسات الإسلامية لأجل تهيئة دعاة إلى الله يجمعون بين الثقافة الدينية وبين وسائل الدعوة من الخطابة واللغة والعلوم الحديثة. تأسس هذا المعهد لكي يقدم للعالم الإسلامي في لبنان وفي أفريقيا وحسب المستطاع في المستقبل في كل مكان عناصر مخلصة يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. ثم لتزويد الشباب الأعزاء في المدارس الحديثة بالمواد الدينية والثقافة الإسلامية، لكي يتزودوا بها في حياتهم، ثم لأجل تحضير أجهزة مناسبة لإدارة مشاريعنا في المستقبل كالمؤسسة وغيرها بإذن الله.
تأسس المعهد في بيت مستأجر متواضع ونما.. ويمر على يوم تأسيسه سنة ونصف بالضبط.
ولكن من فضل الله الجو المناسب والإخلاص والعناصر المهيئة سببت نجاحه إلى حد غير منتظر. فالمعهد في الوقت الحاضر يشتمل على 20 طالب داخلي، يقدم المعهد لهم المكان والتدريس وبعض النفقات المتواضعة لكي يعيشوا بتقشف ومن دون حاجة إلى أحد ويستمروا في خطهم الرسالي.
ولا شك أن الطلبات كانت أكثر من هذا، ولكن اكتفينا بهذا العدد والمبلغ في السنين الأولى حتى نستعد وحتى يتهيأ لنا مكاننا المنشود بإذن الله.
من طرافة هذا المعهد أن طلاب المعهد من بلاد مختلفة ومن مناطق مختلفة، فمن لبنان 17 طالب؛ ولكن 5 من منطقة صور، 4 من مرجعيون والخيام، 3 من منطقة صيدا، 2 من منطقة بنت جبيل، 1 من طرابلس، 1 من زحلة، و1 من الهرمل. و3 من خارج لبنان، و1 من أفريقيا من غانا، الشاب الذي تحدث إليكم الشيخ إسحاق إبراهيم؛ و2 من إيران. 20 طالب، هؤلاء يسعون ويدأبون ويشتغلون وبإذن الله ينجحون. وقد تفرغ لهم 4 من الأساتذة، تعرفتم على بعضهم، ويساعدهم 3 من الأساتذة الذين يقومون بعمل آخر أيضًا، عمل ثقافي، و3 من طلاب المعهد يدَّرسون أيضًا الطلاب الذين هم في أقل من مستواهم، و2 أساتذة اللغة الإنكليزية والفرنسية.
فأساتذة المعهد يكون مجموعهم 12، ولا غرابة أن يكون 12 أستاذ يدرسون 20 طالبًا، لأن الدروس كثيرة والمواد ثقيلة. ولكن الطلاب بإذن الله يتعهدون بأدائها ويقدمون الأدلة على نجاحهم. والمواد التي درسوها في خلال هذه المدة ويمارسون تدريسها ودراستها أيضًا -الرسالة العملية- يعني الفقه العملي على مستويات مختلفة طبعًا، العقائد، النحو والصرف، البلاغة، المنطق، الفقه والأصول، بمستويات مختلفة، علوم القرآن، الأدب والنقد الأدبي، التاريخ الإسلامي، الثقافة العامة، اللغة الإنكليزية أو الفرنسية، وبعض الطلاب يجمعون بين اللغتين. مدة الدراسة وُضعت 4 سنوات، ولكن المناهج تختلف حسب الحاجات ولعله يكون لنا مناهج أخرى في المستقبل.
مستوى دروسهم مستوى ممتاز، فمنهم 2 بلغوا السطوح العالية الرسائل والمكاسب، و3 السطوح العادية اللمعة والمعالم، و4 مقدمات الفقه والمنطق، و8 الرسالة العملية والأدب العالي، و5 الرسالة العملية والفقه والنحو الإبتدائي.
نحن نرجو أن يكون الخط الذي بدأ مختصرًا يمتد ويعلو ويثمر بإذن الله. ميزانية المعهد في كل شهر تقريبًا تتجاوز 2000 ليرة، وحوالي 25000 ليرة في كل سنة.
وهذا المبلغ يتأمن من الحقوق الشرعية في موسم الحج، كما تعلمون، عادة هذه البلاد أن يقدمون الحقوق الشرعية في موسم الحج مع أن الحقوق الشرعية واجبة دائمًا. وعلى كل إنسان وفي كل وقت وفي كل زمان -لا أحب أن أفصّل هذا البحث لأنه خلاف أسلوبنا وخلاف أسلوب المعهد في التحريض على المساعدة- فميزانية المعهد تتأمن من الحقوق الشرعية التي لا تبلغ هذا المقدار. ولكن القسم الثاني يدفع بإذن الله من الديون، وما دام الإعتبار والإعتماد موجود، فهذه الفقرة من الميزانية أيضًا موفورة. هذا خلاصة عن تقرير المعهد السنوي. وقد وجدتم، في هذه الليلة المباركة، أمامكم أساتذة المعهد الأعزاء وبعض طلاب المعهد الكرام، وأعتقد أن هذه حفلة مباركة وفي نفس الوقت نموذج لنجاح المعهد.
نسأل الله سبحانه وتعالى لهم التوفيق، ولكم أيضًا التوفيق والبركة واستلهام ذكرى ومعاني هذه الذكرى المقدسة. وكل عام وأنتم بخير.
ولا شك أن وضع مولد الإمام في رمضان يوجب أيضًا أن نستلهم معاني رمضان في جهادنا وفي جهادكم، والله سبحانه وتعالى هو الموفق وهو من وراء القصد وكفى به وكيلًا.
[...] ولا يغلق بابه، ولا يرد سائله ولا يخيب آمله. الحمد لله الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، ويهلك ملوكًا ويستخلف آخرين. والحمد لله قاسم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين.
وبعد،
لا أقول لكم بلساني ولا بلسان معهد الدراسات الإسلامية في هذه الليلة، الليلة السعيدة أهلًا وسهلًا، وإنما تستمعون من فم الإمام الحسن السبط (س)، التحية والشكر والدعاء. وتستلمون من يد شباب المعهد هدية العيد في خلال دقائق ثم أتكلم أنا.
سادتي العلماء، أيها الإخوة الأعزاء، ضيوفنا الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله.
لا أدري ما المناسبة بين مولد الإمام الحسن (س) وبين معهد الدراسات الإسلامية، الذي يحتفل للسنة الثانية بمولد الإمام الحسن كعيد سنوي. لعله من الصدفة، ولعل فيه معنى وإيحاء. أحب أن أفهم من هذا اللقاء ما أزود به نفسي وإخواني شباب المعهد في طريقنا الشاق الطويل.
فالإمام الحسن (س) من بين الأئمة وكلهم نور واحد، ولو كان كل واحد منهم مكان الإمام الحسن لعمل نفس العمل ولاتخذ نفس الموقف. الإمام الحسن دوره، على تعبير أدق، بين الأئمة دور التضحية ودور الجندي المجهول.
يقول سيدنا المقدس الإمام شرف الدين (قدس الله نفسه)، في مقدمة كتاب "صلح الحسن" للمقدس الحجة الشيخ راضي آل ياسين، يقول السيد في آخر مقدمته القيّمة، بعدما يبحث طويلًا عن موقف الإمام الحسن -وقد سمعتم في هذه الحفلة-: وأن الجهاد ما كان ممكنًا للإمام لخيانة أصحابه حتى بعض أهله، ولا كان من الممكن التضحية والفداء كما قدم الحسين (ع) لأن الظروف العامة للمجتمع ما كانت مهيئة، فالفداء والتضحية يحتاج إلى ظرف خاص وإلى تهيؤ وسائل ونضوج أسباب التضحية. وإذا درسنا زمن الإمام الحسن ومناداة معاوية بالصلح والامتناع عن إراقة دماء المسلمين وكونه على ما روي كاتب الوحي، وخال المؤمنين وأمثال ذلك.
هذه الظروف كانت تحيط بوقت الإمام الحسن، فالأمة كانت في غفلة عن حقيقة نواياهم، نوايا أعداء الإسلام. بينما في وقت خروج الإمام الحسين (ع) كانت الظروف مهيئة، والوجوه مكشوفة، والستار ممزق، والأمور في نصابها، والنقاط على حروفها. ولكن الضمائر في غفلة ونوم وخوف ورهبة، فجاءت ضربة الحسين (س) بنفسه، قدّم نفسه قربانًا لكي يوقظ ضمير الناس ولكي يضع الأمور في نصابها. وبالفعل فقد أثّرت الحركة، حتى بدأت الثورات من ساعة استشهاد الإمام إلى زوال بني أمية ثم إلى زوال آثارهم ورواسبهم في التاريخ إلى الآن وإلى الخلود.
فتقديم الإمام الحسين التضحية كان في وقته، والإمام الحسن كان يمهّد ليوم الحسين. بعد هذه المقدمة، يقول السيد (قدس الله سره) إن شهادة الطف يعني شهادة الإمام الحسين في كربلاء -إن شهادة الطف حسنية أولًا، وحسينية ثانيًا ثم يقول- وإن يوم النخيلة يعني يوم الإمام الحسن (ع) أعرق بمعاني التضحية والفداء من يوم الطف.
فإذا قلنا، أن الإمام الحسن يمثل دور الجندي المجهول، ويعترف بذلك الإمام الحسين (س) في حال وفاة الإمام الحسن يمثل دور الجندي المجهول، دور التضحية المطلقة، لما قلنا شيئًا مبالغًا.
هذا معنى الإمام الحسن مع ما له من الأوصاف والهداية والتوجيه والتعليم، الذي كان الدور المشترك بين أئمتنا جميعًا بعد رسول الله. دور الإمام الخاص، التضحية المطلقة، في عصره وبعد وفاته وفي التاريخ. لعل لقاء عيد المعهد مع ذكرى الإمام، يعطي هذه الفكرة ويرسم هذا الخط أمام شباب المعهد. لأن هذا الطريق في هذا العصر طريق ملؤه التضحية والتنكر وعدم الاحترام. لعلكم تواسون الإمام الحسن بما تعانون من المشاق والتضحية والصعوبات وعدم إقبال الناس وإعراضهم، فكونوا مستعدين لهذا الخط. ولو أن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بإقبال الناس وعاطفة الناس وتأييد الخُلّص وتأييد العلماء، ولكن نحن مستعدين إلى آخر الشوط. تأييدهم وإقبالهم ودعاؤهم بدليل هذه الحفلة الناجحة، التي جعلت الإخوان الأعزاء يقطعون المسافات في الليل ويحضرون في هذا اللقاء.
الخط هذا هو، يقول الإمام الحسين (س): "ألا ومن كان منكم باذلًا مهجته فليرحل معنا فإني راحل غدًا بإذن الله". شباب المعهد هذا هو الطريق، لعلكم تجدون صعوبات ولكن بإذن الله مستعدون.
هذه مقدمة صغيرة، ونشكر الله على هذه الكفاءات التي تبرز بصورة غير منتظرة في هذه المجالات ونرجوه أن يمدكم بعونه ويسدد خطاكم ويؤيدكم.
أكتفي في هذه الليلة بخلاصة عن التقرير السنوي. في يوم عادي من أيام الصيف الماضي، تأسس معهد الدراسات الإسلامية لأجل تهيئة دعاة إلى الله يجمعون بين الثقافة الدينية وبين وسائل الدعوة من الخطابة واللغة والعلوم الحديثة. تأسس هذا المعهد لكي يقدم للعالم الإسلامي في لبنان وفي أفريقيا وحسب المستطاع في المستقبل في كل مكان عناصر مخلصة يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. ثم لتزويد الشباب الأعزاء في المدارس الحديثة بالمواد الدينية والثقافة الإسلامية، لكي يتزودوا بها في حياتهم، ثم لأجل تحضير أجهزة مناسبة لإدارة مشاريعنا في المستقبل كالمؤسسة وغيرها بإذن الله.
تأسس المعهد في بيت مستأجر متواضع ونما.. ويمر على يوم تأسيسه سنة ونصف بالضبط.
ولكن من فضل الله الجو المناسب والإخلاص والعناصر المهيئة سببت نجاحه إلى حد غير منتظر. فالمعهد في الوقت الحاضر يشتمل على 20 طالب داخلي، يقدم المعهد لهم المكان والتدريس وبعض النفقات المتواضعة لكي يعيشوا بتقشف ومن دون حاجة إلى أحد ويستمروا في خطهم الرسالي.
ولا شك أن الطلبات كانت أكثر من هذا، ولكن اكتفينا بهذا العدد والمبلغ في السنين الأولى حتى نستعد وحتى يتهيأ لنا مكاننا المنشود بإذن الله.
من طرافة هذا المعهد أن طلاب المعهد من بلاد مختلفة ومن مناطق مختلفة، فمن لبنان 17 طالب؛ ولكن 5 من منطقة صور، 4 من مرجعيون والخيام، 3 من منطقة صيدا، 2 من منطقة بنت جبيل، 1 من طرابلس، 1 من زحلة، و1 من الهرمل. و3 من خارج لبنان، و1 من أفريقيا من غانا، الشاب الذي تحدث إليكم الشيخ إسحاق إبراهيم؛ و2 من إيران. 20 طالب، هؤلاء يسعون ويدأبون ويشتغلون وبإذن الله ينجحون. وقد تفرغ لهم 4 من الأساتذة، تعرفتم على بعضهم، ويساعدهم 3 من الأساتذة الذين يقومون بعمل آخر أيضًا، عمل ثقافي، و3 من طلاب المعهد يدَّرسون أيضًا الطلاب الذين هم في أقل من مستواهم، و2 أساتذة اللغة الإنكليزية والفرنسية.
فأساتذة المعهد يكون مجموعهم 12، ولا غرابة أن يكون 12 أستاذ يدرسون 20 طالبًا، لأن الدروس كثيرة والمواد ثقيلة. ولكن الطلاب بإذن الله يتعهدون بأدائها ويقدمون الأدلة على نجاحهم. والمواد التي درسوها في خلال هذه المدة ويمارسون تدريسها ودراستها أيضًا -الرسالة العملية- يعني الفقه العملي على مستويات مختلفة طبعًا، العقائد، النحو والصرف، البلاغة، المنطق، الفقه والأصول، بمستويات مختلفة، علوم القرآن، الأدب والنقد الأدبي، التاريخ الإسلامي، الثقافة العامة، اللغة الإنكليزية أو الفرنسية، وبعض الطلاب يجمعون بين اللغتين. مدة الدراسة وُضعت 4 سنوات، ولكن المناهج تختلف حسب الحاجات ولعله يكون لنا مناهج أخرى في المستقبل.
مستوى دروسهم مستوى ممتاز، فمنهم 2 بلغوا السطوح العالية الرسائل والمكاسب، و3 السطوح العادية اللمعة والمعالم، و4 مقدمات الفقه والمنطق، و8 الرسالة العملية والأدب العالي، و5 الرسالة العملية والفقه والنحو الإبتدائي.
نحن نرجو أن يكون الخط الذي بدأ مختصرًا يمتد ويعلو ويثمر بإذن الله. ميزانية المعهد في كل شهر تقريبًا تتجاوز 2000 ليرة، وحوالي 25000 ليرة في كل سنة.
وهذا المبلغ يتأمن من الحقوق الشرعية في موسم الحج، كما تعلمون، عادة هذه البلاد أن يقدمون الحقوق الشرعية في موسم الحج مع أن الحقوق الشرعية واجبة دائمًا. وعلى كل إنسان وفي كل وقت وفي كل زمان -لا أحب أن أفصّل هذا البحث لأنه خلاف أسلوبنا وخلاف أسلوب المعهد في التحريض على المساعدة- فميزانية المعهد تتأمن من الحقوق الشرعية التي لا تبلغ هذا المقدار. ولكن القسم الثاني يدفع بإذن الله من الديون، وما دام الإعتبار والإعتماد موجود، فهذه الفقرة من الميزانية أيضًا موفورة. هذا خلاصة عن تقرير المعهد السنوي. وقد وجدتم، في هذه الليلة المباركة، أمامكم أساتذة المعهد الأعزاء وبعض طلاب المعهد الكرام، وأعتقد أن هذه حفلة مباركة وفي نفس الوقت نموذج لنجاح المعهد.
نسأل الله سبحانه وتعالى لهم التوفيق، ولكم أيضًا التوفيق والبركة واستلهام ذكرى ومعاني هذه الذكرى المقدسة. وكل عام وأنتم بخير.
ولا شك أن وضع مولد الإمام في رمضان يوجب أيضًا أن نستلهم معاني رمضان في جهادنا وفي جهادكم، والله سبحانه وتعالى هو الموفق وهو من وراء القصد وكفى به وكيلًا.
والسلام عليكم.
