*محاضرة لسماحة الإمام موسى الصدر بمناسبة افتتاح نشاطات نادي جرجوع الاجتماعية والثقافية بتاريخ 27-08-1967 ونشرته جريدة الديار في 29 منه.
إن الوحدة الوطنية نعيشها اليوم في أعمالنا، وفي اجتماعاتنا، وفي لقاءاتنا، وفي تعاوننا، في مجال الوظيفة الرسمية وغير الرسمية، ولكن هذه الوحدة يجب ألا تعني كما يعتقد البعض، ذوبان الجناح المسلم في الجناح المسيحي، أو ذوبان الجناح المسيحي في الجناح المسلم، ولكن أن يظل المسيحي على مسيحيته مئة بالمئة ويمد يدًا مخلصة إلى أخيه المسلم؛ وأن يظل المسلم مسلمًا مئة بالمئة ويمد يدًا مخلصة إلى أخيه المسيحي، فإن ذلك يكون أجدى وأنفع، ونكون بذلك نعيش الوحدة الوطنية فعلًا لا قولًا.
إن المتاجرين بالوطنية باسم الدين، أولئك الذين يعتقدون أن هناك تعارضًا بين الدين والوطنية، مساكين إذ إن كلًّا منهما يكمل الآخر.
إن تجار السياسة هم الذين يغذّون النعرات الطائفية للمحافظة على وجودهم بحجة المحافظة على الدين، في الوقت الذي يكون الدين فيه بحاجة إلى من يحميه منهم.
هناك ضرورة لتعايش المسيحي والمسلم لما فيه خير المجموعة. إن هذا التعايش ليس بجديد، وإنما هو حقيقة راسخة على مر العصور. إن الإمام علي بن أبي طالب حين أصيب بالضربة الأخيرة، كان الطبيب الذي استدعي لمعالجته مسيحيًا، وكان الإمام وولدا الإمام الحسن والحسين يثقون ثقة مطلقة بهذا الطبيب، فهل هناك من هو أشد غيرة على إسلاميته ودينه من الإمام علي ومن ولديه الحسن والحسين حتى لا يؤمن بضرورة تعايش المسيحي والمسلم؟
إن غـدر الصهاينة ومؤامراتهم لم ينجُ منها لا المسيحيون ولا المسلمون علـى السواء، والتاريخ شاهـد على اضطهادهم للسيـد المسيح، وعلى تحريفهم للأحاديث النبوية ومقاومتهم للدعـوة الإسلامية. وها هـو خطرهم اليـوم يتهددنا جميعًـا مسيحيين ومسلمين.
ندعو إلى ضرورة العمل لاسترجاع كل جزء اغتصب من أجزاء الأمة العربية، وذلك لن يتحقق إلا بالتهيئة والاستعداد والبذل.
