ارفضوا العنف فتحفظوا الأمانة

الرئيسية مرئيات التفاصيل
calendar icon 01 تموز 1975 الكاتب:موسى الصدر

تقديم عادل مالك: [...] العاملية حيث كان سماحة الإمام السيد موسى الصدر معتكفًا ومعتصمًا وجَّه هذه الليلة إلى أهالي بعلبك والهرمل النداء التالي:
الإمام الصدر:
يا أبناء بعلبك الهرمل الأبطال،
أيتها البقاع البطلة، من بيت الله وفي حال المثول بين يديه، أوجه إليكم هذا النداء.
يا أيها الذين سُميت أرضكم الطيبة بقاعًا تضم مناطق وفئات وعائلات مختلفة تنضم جميعًا تحت خيمة البطولة والمروءة وحسن الجوار، فكنتم عند حسن ظن ربكم الذي أنعم عليكم بنعمه فحفظتم الجوار والعهد، وكنتم أمناء على عهد الله وعهد النبيين والوطن.
إنني بعد أن شاهدت أن الأسلحة الفتاكة المنتشرة بين أيدي الناس بدأت تفتك بالوطن فتمزقه، وتفتك بالأبرياء فتشوه سمعة البلاد والعباد، وتسحق مستقبل المنطقة. إنني بعد أن شاهدت ذلك، ولاحظت أن أية خطوة عنيفة أخرى، مهما كانت النوايا فيها، ستساعد على تمزيق الوحدة الوطنية وعلى تدمير المعالم للإنسانية، لذلك اخترت الصيام والاعتصام... ذلك لكي أضع مع أصدقائي حدًّا للعنف، ونتغلب على السلاح، ونصون وحدة وطننا، ونحمي جوارنا، ونوفر قوتنا وبأسنا لعدونا. وبالنتيجة نفتح الصفحة الجديدة القديمة التي عشناها وحفظناها فحفظتنا، وأصبح لبنان قدوة حضارية للعالم حتى للبلاد الأكثر تقدمًا.
وها أنا وصحتي والحمد لله جيدة أناشدكم، يا أعز الإخوة ويا أقوى الأحبة، أناشدكم باللّه وبالتزامكم الوطني وبالثقة الأخوية العميقة التي تربطني بكم أن تراعوا ظروف البلاد وخطورة الموقف ودقة التاريخ، على الوطن وعلى الأمة وبخاصة على المقاومة الفلسطينية، وأن تسهموا -أن تسهموا- برفضكم العنف في نجاح اعتصامي وصيامي، فتحفظوا أنفسكم وتصونوا جيرانكم، وتمسكوا الأمن والأمان بيد من حديد.
أيها الإخوة،
إن أبناء دير الأحمر والقاع وشليفا هم أبنائي، كأبناء عرسال والعين واليمونة والهرمل ودار الواسعة، إنكم جميعًا مدعوون اليوم للقيام بالخطوة التاريخية وللتسامي على كل الصغائر، بل على كل أمر عدا المصلحة الوطنية الكبرى وحفظ حقوق الجار لعل الله يفرِّج على الوطن ويرحمنا.
إنني أقول لكم أخيرًا، إن كل طلقة تُطلق على دير الأحمر أو القاع أو شليفا... إنما تُطلق على بيتي وعلى قلبي وعلى أولادي، وإن كل فرد يساعد على تخفيف التوتر أو إطفاء النيران، إنما يسهم في إبعاد النار عني وعن بيتي وعن محرابي ومنبري.
إنما أقول لكم ذلك بالحقيقة، كل الحقيقة، ولا أبالغ في ما أقول، وسأتوجه إليكم في وقت قريب بإذن الله، فإلى اللقاء مع حفظ الأمانة.
والسلام عليكم ورحمة الله.
_____________________________
* بيان فك الاعتصام في اليوم الخامس لاعتصام الإمام الصدر في مسجد الصفاء-الكلية العاملية في بيروت لإيقاف الحرب في لبنان بتاريخ 1 تموز 1975 ، تسجيل مرئي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات.

source