قولوا لا إله إلا الله: المحاضرة الرابعة

الرئيسية صوتيات التفاصيل
الكاتب:موسى الصدر

* تسجيل صوتي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، بسنة 1971.
[...]  كان الحديث -كما لاحظتم- [عن] الخطوة الأولى في مسيرة الإسلام. بحْثنا مع الإخوان... أن ندرس ونتحدث عن مسيرة الإسلام وندرس كيف بدأ النبي الكريم (عليه الصلاة والسلام)، والخطوات التي تُشكّل طريق بناء الإسلام، كيف بدأت؟
ندرس هذا لأن القرآن الكريم يقول: ﴿لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ [الأحزاب، 21]، ولأن حقيقة الإسلام بعد مرور 1400 سنة تقريبًا، إذا كان في التربية الإسلامية وفي التعليم الإسلامي بعض رواسب القرون، وبعض اجتهادات المربين والمعلمين خلال التاريخ، فيجب أن نتجنّب هذه الأمور العابرة ونتمسك بالأسلوب الخالد، أسلوب محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم). نحن نعرف أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما بُعِثَ نبيًّا و﴿رحمةً للعالمين﴾ [الأنبياء، 107] كان يقوم بالدعوة السرّية فترة من الزمن، دعا خلال هذه الفترة زوجته خديجة وعلي بن أبي طالب وبعض المقربين منه مثل زيد بن حارثة الذي كان بمنزلة ابنه، وأسلم بعض الناس-عدد قد لا يتجاوز 14 شخصًا- خلال الدعوة السرّية. ثم نزلت الآية: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ [الشعراء، 214]، فدعاهم في اجتماع وبشّرهم، فرفضوا وهزأوا به يوم الدار -يعني اليوم الذي بشَّر عشيرته الأقربين- بايعه علي بن أبي طالب أيضًا على المؤازرة والوصاية، ثم كُلِّف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ثلاث سنوات من أصل الدعوة بإشاعة الدعوة وإعلان الدعوة.
نحن من هنا نبدأ، يعني حينما كُلِّف رسول الله (ص) بأن يكون نبيًّا للعالمين، وداعيًا للعالمين، ومربيًا للعالمين، من هنا نبدأ، كيف بدأ؟ ما الخطوة الأولى في هذه المسيرة؟
في طبيعة الحال، نعرف أنه حينما كُلِّف، صعد تلّ الصفا، وقال لهم الكلام المعروف، بأني عشتُ بينكم مدة فهل سمعتم مني خلافًا أو كذبًا أو مبالغة؟ قالوا: لا، أنت الأمين. قال: إذا بلّغتكم بأن هناك عدوّ يتربص بكم أتصدقونني؟ قالوا: طبعًا، نعم، -كما كان في أيام الجاهلية الشخص الذي يُخبِّر عن العدو يكون رجلًا صادقًا-، ثم قال لهم: أنا النذير العريان -المثل المعروف-، ثم ذكر بأنه: أنا لا أعرف أحدًا قدّم لقومه أفضل مما أُقدمه لكم، جئت لكم بخير الدنيا والآخرة. بعد هذه المقدمات وهذه الديباجة في الكلام، وضع الخطوة الأولى: قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا.
هذه الكلمة موضوع حديثنا، ماذا يعني: قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا؟ وما هو الربط بين قَول لا إله إلا الله والفَلاح؟ نحن معلوماتنا المعاصرة تقول إن لا إله إلا الله عقيدة، يعني الإيمان بالله الواحد الأحد. حسنًا! آمنّا بذلك! ما علاقة هذا بالفَلاح وبالسعادة وباستقرار الحياة وبسعادة الإنسان في وضعه الاجتماعي أو الاقتصادي؟
هنا نقف حتى ندرس هذه الخطوة الأساس، الخطوة الأولى في دعوة الإسلام، لا بد لنا إذا نريد أن ندرس أبعاد هذه الكلمة، أن نعرف أولًا الوضع التاريخي للمُخاطَبين الذين خاطبهم الرسول. ما أوضاعهم التاريخية؟ ما أوضاعهم الجغرافية؟ ما أوضاعهم الاجتماعية؟ هذه المسائل يجب أن نعرفها. ثم ما السبب لاختيار مكّة منطلقًا للرسالة الإلهية دون سواها؟
موضوعان هامّان، الأوضاع التاريخية والجغرافية والاجتماعية في المجتمع المكّي المُخاطَب بكلمة قول: قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا، والثاني سبب اختيار مكة "مخاطَبًا" للدعوة في الخطوة الأولى. لكن إذا أردنا أن ندخل في هذين البحثين، نبتعد عن الحديث عن الخطوة الأولى؛ لا غنى عنهما، ولكن نؤجل البحث فيهما إلى ما بعد لسببين أيضًا:
السبب الأول، أن دراسة هذين الأمرين: الأوضاع وسبب الاختصاص، بحاجة إلى دراسة مفصلة، إن شاء الله نتوفق في المستقبل بالتفرغ لها.
ثانيًا، نحن نعتقد أن موقف الرسول أينما كان وفي أي ظرفٍ كان بعد قوله تعالى: و﴿لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ [الأحزاب، 21]، يصلح لأن يكون حجةً وسندًا لأوضاعنا.
فإذًا، ندرس هذه الخطوة ونطبقها على أوضاعنا مع مراعاة الشروط والظروف الملابسة للكلمة.
بعد هذه المقدمة الموجزة، نبحث في هذا الكلام الخالد الموجَّه إلى عصر النبي وسائر العصور، وإلى المجتمع المكّي وسائر المجتمعات، ونعتبر أنفسنا أيضًا مخاطَبين بهذه الكلمة:
قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا.
أولًا، قولوا، ما هو القول؟ هل القول يعني الكلمة؟ هل القول في مصطلحنا الحاضر يعني الحكي؟ هذا الحكي الرخيص الذي لا يُقدّم ولا يؤخر، والذي نحن نبذل منه يوميًا مئات الأطنان، حينما نلتقي بعضنا ببعض نملأ الآخر مجاملة ومسايرة من الكذب والمدح والمبالغات والمجاملات إلى عنان السماء؛ أصبحت الكلمة عندنا لا شيء، مثل الهواء، هل هذا معنى القول؟ كلا، القول حسب ما يظهر من القرآن الكريم، كان له معنىً آخر في أول الإسلام، أو حتى في المجتمع العربي الجاهلي، كان القول له أثر، مثلًا نحن نرى القرآن يقول: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [فصلت، 30-31] وبعد ذلك: ﴿ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله﴾ [فصلت، 33]، هذا القول له هذه الآثار العريضة الطويلة، يعني حكي، يعني الذي قال ربّنا الله، حسنًا! أنا قلت ربّنا الله، أين الملائكة؟ ﴿نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [فصلت، 31]، فإذًا، القول لا يعني حكي؛ أو الآية الأخرى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا﴾ [الأحزاب، 70]  بمجرد ما قلتم قولًا سديدًا: ﴿يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم﴾ [الأحزاب، 71]، هذه النتائج الغريبة إصلاح الأعمال كل الأعمال، ومغفرة الذنوب كل الذنوب، كله يأتي من وراء القول السديد. حسنًا! أنا قلت القول السديد، هذا الحكي السديد قلتُه، [هل] هذه النتائج كلها من وراء القول؟
يبدو أن القول في المصطلح العربي الأصيل الذي خُوطِب به المجتمع في أول الإسلام، له معنىً آخر، ما معنى القول؟ واضح... أنا أتصور بشيء من الدقة، بأننا نعتقد أن القول جزء من الوجود البشري، يعني حينما يتكلم الإنسان، وجوده -طاقاته المادية- يتجسّد بشكل الكلمة ككلّ حركة، وطاقاته الفكرية تتجسد بشكل مفهوم الكلمة ومعنى الكلمة.
فإذًا، القول رأس وجود الإنسان، القول مفتاح وجود الإنسان، الحديث الشريف يقول: "المرء مخبوءٌ تحت لسانه"(1)، القول هو اليد الممدودة، هو امتداد الوجود، أول الوجود هذا هو القول، الباقي حكي، أصوات تصدر عن الإنسان بصورة حقيقية أو غير حقيقية، مثل كلام النائم ليس وراءه قصد ولا فكر ولا تصميم.
فإذًا، قولوا يعني التزموا، يعني كما يقول الرجل والمرأة عند الزواج... يلفظان لفظين، تلك تقول زوَّجت وذاك يقول قبلت (خلص)، جميع الالتزامات المادية والأدبية والاجتماعية والشرعية كلها تنصبّ على رأس الرجل والمرأة إلى آخر العمر لأنهما قالا كلمة، هذا معنى القول.
فإذًا، قولوا يعني التزموا، يعني ابدأوا بسلوك هذا الخط، يعني اعترفوا باللسان وبالقلب وبالعمل، يعني ابدأوا وجودكم من هذه النقطة. قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا، والفَلاح شامل، لا يعني الفَلاح في الآخرة، لا، الفَلاح في الدنيا، يعني سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة مرهونة بكلمة قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، أليس كذلك؟
فإذًا، كلمة عظيمة هذه، خاصة إذا لاحظنا الديباجة، مقدمة الخطبة، أنه "لا أعرف رجلًا قدّم لقومه مثلما قدّمته لكم، جئت لكم بخير الدنيا والآخرة"، شيء عظيم هذا. فإذًا، كل السعادة وكل الفَلاح يتجسّد ويتأمن من خلال كلمة لا إله إلا الله.
مع العلم –يجب أن نُضيف هذه الملاحظة أيضًا- هناك من يقول أن هذه كانت مرحلة من مراحل الإسلام قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا في أول الإسلام الذي كان يقول لا إله إلا الله كان خالصًا، ثم أُضيف إلى ذلك شروط وشروط، هذا يعني الكذب؛ يعني قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا كان النبي يُغريهم...
المثل المعروف يقول: أخذوا التلميذ إلى المدرسة، المعلم قال له: قل ألِف، ما قال، أصرّ [عليه] ما قال، ضربه، ما قال، أتوا بأهله أبيه، أمّه، كل الدنيا، حسنًا! ألِف، هذا ألِف شيء بسيط، قال: والله، أعرف [أن] هذا بسيط لكن أنا إذا قلت ألِف سيقول لي قل باء، قلت باء، سيقول قل جيم، ولن ننتهي.
فإذًا، القضية قضية إغراء، النبي كان يريد [أن] يغريهم أنه: قولوا لا إله إلا الله، حتى إذا قالوا، يقول: قولوا محمد رسول الله، حتى إذا قالوا... يجب أن تُصلّوا، لا، ليست العملية كذبًا، [بل] عملية حقيقية بالفعل؛ قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا، فيه سعادة في الدنيا والآخرة. هذا هو إطار حديثنا، لماذا قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا؟ ولماذا كلمة لا إله إلا الله، والإيمان بـ لا إله إلا الله فيه خير الدنيا والآخرة، لماذا؟
-أرجو الانتباه- لأنه [نحن] الآن لا نحكي موعظة سوف نتعمّق قليلًا. لا إله إلا الله، ماذا يعني إله؟ نحن يجب أن نلتزم بأنه لا يوجد إله إلا الله، ماذا يعني لا يوجد إله؟ إله! أنا وجدتُ الليلة أربعة معانٍ للإله، كلها واحدة لكن بدرجات كلما تعمقنا في الكلمة نصل لنتائج أكثر.
إله يعني معبود، لا إله إلا الله يعني لا معبود إلا الله، يعني الصنم لا يُعبد كما كانوا يعبدونه، لا تُعبد الشجرة، لا يُعبد الشمس والقمر، لا يُعبد إنسان، لا يُعبد صخر أبدًا. العبادة أي شؤون العبودية لا تصلح إلا لله، هذا المعنى الأول. ماذا يعني ولماذا؟ لسببين:
السبب الأول أن العبادة معناها خضوع وتواضع أمام المعبود، يعني المعبود أكبر مني، فإذا عَبَد الإنسان إنسانًا فهذا اعتراف منه بأنه أصغر من ذلك الإنسان، وإذا عَبَد شجرًا فهذا يعني أنه أصغر من الشجر، وإذا عَبَد صنمًا فهذا معناه أنه أصغر من هذا الصنم، وإذا عَبَد الشمس يعني أنه أصغر من هذه الشمس؛ فالمعبود -أرجو الانتباه- تحديد لبُعد العابد، يعني أنا عندما أعبد هذا الضوء حددّتُ بُعدي، أي قلتُ أنا هذه نهايتي.
لا إله إلا الله، يعني يا بشر أنت غلطان، بُعدك لا ينتهي عند إنسان آخر أو صخرة أخرى أو الشمس أو القمر أو الشجرة؛ بُعدك اللانهاية، الله. مفهوم! لا إله إلا الله، على صعيد العبادة يعني اللانهائية في الإنسان، نحن نحكي علمًا أليس كذلك!
ثانيًا، ثم لا إله إلا الله، -هذه النقطة الثانية- تعني وِحْدة البشر، لأن الله صانع الإنسان خالق الإنسان، فإذا كان هناك آلهة فكل فئة من البشر لها خالق وصانع؛ فالبشر من مناجم مختلفة: هناك مجموعة منهم أولاد الستّ، وهناك مجموعة منهم أولاد الجارية، هناك جماعات من منجم الذهب، وجماعات من منجم الفضة، وجماعات من منجم الفخار أو الخزف. الوِحْدة الحقيقية، يعني عدم التمييز العنصري شرطه أن يكون الناس من منجم واحد.
فإذًا، على صعيد العبادة لا إله إلا الله يعني الإنسان لا بُعد له، [فهو] أشرف من أن [يكون] له بعدًا محدودًا، وأيضًا معناه وحدة الإنسان، الإنسان أخ الإنسان، مثل بعض: أبيض، أصفر، طويل، قصير، رجل، امرأة، طفل... لا فرق، كلهم من منجم واحد، كلهم من خزائن الله. هذا هو المعنى الأول لكلمة لا إله إلا الله.
عندما نتقدم بالتفكير -إله قلنا يعني المعبود- نحن نُفكر أن الإله له أيضًا معنىً آخر [وهو] الهدف الأساس الذي نسميه قدس الأقداس، محرّك المحركات، أول الأوائل، الدافع الأصيل للإنسان... هذا إله. من أين نستخرج هذا المعنى؟ ليس من بطننا، من القرآن أيضًا، القرآن الكريم يقول: ﴿أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه﴾ [الجاثية، 23]، ﴿أفرأيت من اتخذ إلهه هواه﴾ [الجاثية، 23] ماذا يعني إذا اتخذ الإنسان إلهه هواه؟ يعني يسجد لهواه، يُصلّي لهواه، هل هناك أحد في العالم يسجد لنفسه ويُصلّي أمام نفسه؟ لا. فإذًا، ماذا يعني إلهه هواه؟ يعني قدس الأقداس عنده هواه وأنانياته، هدف الأهداف، وهذا يعني أن الإنسان في تحركاته قد يتحرك لأجل أسباب معينة؛ مثلًا، أنا أقف أتكلم، غايتي أن أفرض التعليم أو التربية، أليس كذلك! لماذا أُربّي وأُعلّم؟ هذا السؤال يأتي، آخذ مالًا مثلًا، لماذا آخذ مالًا؟ أريد أن آكل، لماذا أريد أن آكل؟ كي أعيش، لماذا أريد أن أعيش؟ إذا تتّبعت اللماذا، لماذا، لماذا، لماذا... ستصل لمكان يقول لك هكذا أحبّ أنا، هكذا أريد، أنا هكذا أريد، يعني يجيء قدس الأقداس أنا.
هناك أناس قدس الأقداس عندهم ليس أنا، ولذلك، يموتون لأجل هدفٍ آخر؛ مثلًا يحبّون شخصًا، أو يحبّون أُمّةً، أو يحبّون مالًا، هؤلاء في حياتهم إذا سُئِلوا لماذا، لماذا، لماذا، لماذا؟ يصل لأن فلان هكذا يريد، أو لأنه يجمع المال.
أرجو الانتباه، هناك أناس يريدون المال لأجل راحتهم، هؤلاء قدس الأقداس عندهم الراحة والراحة والأنانية. هناك أناس يصرفون راحتهم من أجل المال، يعني الغاية جمع المال، هذا أيضًا غاية من الغايات، يعني إلهه المال. هناك أناس إلههم الوطن، هناك أناس إلههم الأمّة، هناك أناس إلههم المرأة، هناك أناس إلههم الجاه والعظمة... يموتون حتى يكسبوا جاهًا، يعني قدس الأقداس عنده الجاه. -أرجو الانتباه، أحاديثي ليست موعظة، أنا أحكي هذا البحث ويجب أن ننتبه- هناك أناس إلههم الناس، يقولون لماذا تلبس هكذا؟ ليس من أجلي، أنا أتمتع بغرض أن يتكلم الناس. لماذا رحت؟ الناس، ماذا سيحكون؟ لماذا أعطيت؟ الناس سيحكون عليّ إذا ما أعطيت. الناس، الناس، الناس، كله من أجل الناس؛ الناس صاروا إلهًا عندهم، يعني قدس الأقداس. هناك أناس أيضًا الذِكر الطيب وهذه السخافة المعروفة، الصنم الكبير... فالذِكر للإنسان عمر ثانٍ، هناك أناس يموتون من أجل الذِكر، ماذا يعني الذِكر؟ يعني يذكرون اسمي في التاريخ، ذكروه أو ما ذكروه بعد موتي! ما أثر الذِكر الطيّب؟ هناك أناس يحاولون كسب الذِكر الطيّب ولو عن طريق التضليل، لأن الذِكر الطيّب قد يأتي عن طريق التدجيل... فالتاريخ مضلَّل والذي يقول إن التاريخ لا يخطئ، هو خاطئ... صحيح؟
فإذًا، المعنى الثاني للإله أنه قدس الأقداس، يعني الهدف الأول للتحرك. فإذا قلنا لا إله إلا الله يعني نحن إلهنا ليس المال، نحبّ المال، والمال زينة، ولكن لغاية أفضل من المال؛ نحبّ المادة، اللبس، الجاه... نعمة من الله، أشياء طيبة، الأولاد، القوم، الوطن، العزّ... كل شيء نحبّه ولكن نحبّ لأجل شيءٍ أشرف حتى [مني] أنا. يعني هوى الإنسان، الإنسان أناني بطبعه يحبّ ذاته لكن ذاته ليست هي "الأصيل" -أرجو الانتباه هنا قليلًا- من أنا؟ إذا كنت أنا مفصولًا عن العالم، أي أنا بمفردي واحد يعني أُؤلِّه نفسي، يعني أنا وراء كل تحركاتي أعمل هكذا، أعمل هكذا، أعمل هكذا من أجل "أنا"، "أنا"، "أنا"؛ لكن الإسلام يريد أن يقول: ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ [البقرة، 156].
فإذًا، أنا سبحانه وتعالى جزء من الله هذا تعبير غلط... أنا لست لنفسي، أنا ضوء، أنا من النبع الإلهي، غصن من الشجرة الإلهية، ورقة، زاوية، شعاع سمِّه ما شئت.
فإذا الأساس هو ليس أنا فإذًا، أنا أموت لأجله؛ الهدف الأساسي وقدس الأقداس ليس أنا، أنا أيضًا في سبيله لا مانع، أريد الأشياء لنفسي وأريد نفسي لله. هذا المفهوم الذي هو أقوى لون صوفي؛ التصوّف في الإسلام أقوى من أي تصوّف آخر، هو سبيل التحرك. فإذًا، أنا حينما أتحرك، أتحرك بذاتيتي ولذاتيتي، أتحرك بقوّة ربّي ولقوّة ربّي.
نستعرض هذه الفقرة الثانية: لا إله إلا الله يعني أيها الناس إذا تريدون السعادة لا تتحركوا بدافعٍ من المال، ولا تتحركوا بدافعٍ من الجاه، ولا تتحركوا بدافع من الأرض أو البستان أو السيارة، ولا بدافع من الوطن أو القبيلة أو العائلة، بل تحركوا بدافعٍ من الله. هذا هو مفهوم الفقرة الثانية من قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا. فإذًا، لا إله إلا الله ماذا يصنع معنا؟ يجعل قدس الأقداس عندنا، النيّة الأصيلة والدافع الأول عندنا الله.
المعنى الثالث، لا إله إلا الله، الإله معناه الكامل المثال الذي لا يخطئ، إرادته حقّ، رغبته صدق، عيبه صواب، إطاعته واجبة. هذه الصفات كانت تُعطى لأشياء أرضية، كانت تُعطى للملوك وللرؤساء وللزعماء؛ فالحَسَن ما يستحسنه الملك، والقبيح ما يستقبحه الملك، الذي يُرضي الملك هو الحَسَن، والذي يُغضب الملك هو القبيح. بعبارة أخرى، البشر كان ولا يزال مُبتلىً بالأصنام الأرضية؛ الأصنام الأرضية أو بتعبير آخر نستغفر الله عنه، كان للإنسان ولا يزال آلهة أرضية، يعني في بلدنا، في بيئتنا، في تاريخنا، في مجتمعاتنا، في عالمنا آلهة؛ ماذا يعني آلهة؟ يعني "هؤلاء" الذين لا يخطئون، "هؤلاء" الذين ما يريدونه هو الصحيح، أليس كذلك؟ الزعيم لا يخطئ أبدًا؛ فوق الخطأ حتى إذا ارتكب قبيحًا فهذا القُبح صواب لأن فلانًا ارتكبه، فلان لا يخطئ، فلان إطاعته واجبة على الحقّ أو على البُطل، لأن لا باطل مع تبنّي الزعيم، أو الرئيس، أو الملك، أو العالم... أي شيء في العالم ليس فيه خطأ.
الآلهة الأرضية حطّمها بكلمة لا إله إلا الله، يعني يا جماعة، أبو جهل زعيم أكبر منك، وليّ نعمتك، احترمْه؛ لكن إذا أخطأ لا يُطاع، "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"(2). أيّ إنسان يخطئ ويُصيب، فإذا أصاب أهلًا وسهلًا وإذا أخطأ مرفوض، لا يوجد أحد في التاريخ، أو في الجغرافيا، أو في هذا العصر، أو في القبيلة، أو في العائلة فوق الخطأ، إطاعته واجبة دائمًا... ليس هناك شيء على حقّ دائمًا، حتى الوطن، حتى القوم -أرجو الانتباه قليلًا- إذا كان الإنسان يحبّ وطنه... هناك فرق بين حبّ الوطن وعبادة الوطن، حبّ الوطن يفرض عليَّ أن أحميه وأن أدافع عنه وأن أموت لأجله؛ مثلًا عبادة الوطن، كل هذه المتطلبات جزء من العبادة بإضافة شيء، أن أسمح لنفسي بأن أرتكب الظلم في حقّ الآخرين، احتقار للآخرين، اغتصاب لحقوق الآخرين لخدمة وطني.
الوطنية في المفهوم الغربي التي صنعت لنا الاستعمار، لأن تشرشل أو الآن نيكسون لأجل الأمن الوطني يسمح لنفسه أن يقتل الآخرين في مقياس الوطنية الغربية، يعني عبادة الأوطان، يعني أُلوهيّة الوطن حقّ مع نيكسون. أكثر من هذا إسرائيل، دايان أو مائير عندما يغتصبون، يقتلون، يفتكون، يستعملون القنابل، يشردون الناس، يخدمون وطنهم، أليس كذلك؟ على حساب الآخرين. فإذًا، قولهم على حقّ، لأنه في مفهوم الوطنية الغربية يخدمون وطنهم، لكن هذا أُلوهيّة الوطن وليس حبّ الوطن.
حبّ الوطن، يعني الإنسان يحبّ في إطار أُلوهيّة الله، يعني أُلوهيّة الحقّ، يعني أنت لست ابن وطني... على حقّ؛ فأنا في هذه الحرب الوطنية التي تشنّها أمريكا ضد فيتنام لا أريد أن أخدم، لا أريد أن أموت، لأن أميركا ليست إلهي، أميركا وطني عند هذا الشخص، مفهوم! هذا مفهوم الألوهيّة.
آلهة الأرض حُطِّمت أمام إله السماء، لا إله إلا الله، وطني أحبّه لكنه ليس إلهًا، لا أعبده. قد يكون على خطأ فأوقِّفه عند حدّه؛ أخي أحبّه، أبي أحبّه، أولادي أحبّهم لكنهم ليسوا دائمًا على حقّ، إذا كانوا على ضلال أوقِّفهم عند حدّهم.
أنا لستُ إلهًا، زعيمي ليس إلهًا، الملوك ليسوا آلهة، الرؤساء ليسوا آلهة، تحطيم كل هذه الأمور... كلها تخطئ وتصيب ما عدا الله. هذا مفهومٌ آخر لـ لا إله إلا الله، يعني القضاء على الآلهة الأرضية.
المعنى الرابع للآلهة، الاستعانة يعني أصالة العون. نحن حياتنا مليئة بالاستعانات: نتمرّض، نروح عند الطبيب، نريد شيئًا نروح عند الاختصاصي، نريد أن نحارب نستعين بأصدقائنا، نريد أن نفكر نستشير... لكن كل هذا لا يعني أنهم أُصلاء في العطاء بل كلهم أُمناء على الكفاءات.
الأصيل هو الله، هو الذي أعطاك وأمّنك وجعلني أستعين بك لا أكثر ولا أقلّ. فإذًا، آخذ منك والفضل لله، ولذلك، لا طاعة لك في معصية الخالق، يعني أنت ليس لك حقّ أن تعطيني مالًا، أنا أعصي ربّي، لماذا؟ لأن المال ليس لك، المال أمانة عندك. أنت ليس لك حقّ أن تساعدني وتطلب مني معصية ربّي لأن الأصيل في العطاء هو الله، هو الذي أَمَّنك على الفكر، وأَمَّنك على المال، وأَمَّنك على القوة، وأَمَّنك على الفكرة، وأَمَّنك على الجاه وفرض على الجميع العطاء وأن يكونوا أُمناء على الأمانة: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ [الفاتحة، 5]، فقط.
أربعة معانٍ للإله: المعبود، وقدس الأقداس، والذي لا يخطئ، والمُستعان.
[أولًا]، لا إله إلا الله، يعني لا معبود، فلا بُعد للإنسان محدود، الإنسان أشرف من أن يسجد لـ... ويَعبُد إنسانًا أو شخصًا أو مالًا أو شجرةً أو صنمًا، والبشر كلهم من منجم واحد، هذا مفهوم لا إله إلا الله بمقياس كلمة المعبود.
ثانيًا، قدس الأقداس هو الله وليس المال، ولا المادة، ولا المرأة، ولا الجاه، ولا الاسم، ولا التاريخ، ولا الأنا، بل قدس الأقداس هو الله.
ثالثًا، لا إله أرضيًّا لا يخطئ، إرادته حقّ، وعيبه صواب، لا يوجد شيء من هذا النوع بين البشر.
رابعًا، لا مُستعان أصيل، المعين يُعين من أمانة أمَّنه إياها ربّه وربّها.
أربعة معانٍ لكلمة لا إله إلا الله، ما هي مفاعيل هذه المعاني الأربعة على صعيد العلم والعمل والحياة والاجتماع والاقتصاد؟
حديث آخر نحدّثه في الأسبوع القادم.
والسلام عليكم.
أسئلة وأجوبة
س: [...] مع العلم أن الشعاع هو بعدٌ للشمس مثلًا ويكون من نوعية الشمس، فهل نستطيع أن نعتبر الإنسان بُعده من نوعه أم ماذا؟

ج: الحقيقة أنه بالنسبة لله سبحانه وتعالى، نحن عندنا قاعدة مُتخذة من القرآن الكريم: ﴿ليس كمثله شيء﴾ [الشورى، 11]، ولذلك، فأيّ تشبيه بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى وأعمال الله سبحانه وتعالى تشبيه مجازي تقريبي، مثلًا، القرآن الكريم يقول: ﴿الله نور السماوات والأرض﴾ [النور، 35].
﴿الله نور السماوات والأرض﴾ [النور، 35]، هذا مثَل، مع أن الله ليس نورًا، لأن النور إما Energie  طاقة وإما مادة وكلاهما مادي، والله ليس ماديًا، تشبيه. فنحن حينما قلنا شعاع من الله مع العلم أنه: ﴿ليس كمثله شيء﴾ [الشورى، 11]، ولا يمكننا أن نقول إن الله مثل الشمس والإنسان مثل النور، لا نقدر أن نقول، إنما حاولت أن أقرّب إلى الذهن مفهوم كلمة: ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ [البقرة، 156]. إنّا لله وليس من الله، بأيّ شكل من الأشكال، المهم أنه نحن لسنا أُصلاء، نحن أتباع، الأصيل الذي يصلح أن يكون قدس الأقداس هو الله، هذا كان المقصود.
طبعًا [الفكرة] تتوضح خلال مناقشتنا، هذا البحث الذي هو بحث كلامي في الحقيقة.
السؤال الثاني: أرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا النقطة الثانية: قدس الأقداس.
ج: كما ذكرتُ أن الدافع للإنسان مختلف، هناك أناس أنانيون يعملون كل شيء لأجل ذاتهم حتى إنهم يضحّون بأولادهم كي يرتاحوا؛ هناك أناس يفكرون في عائلتهم أوسع من هذا، يموتون لأجل أولادهم أو لأجل كرامة عائلتهم؛ الآن مثلًا الأشخاص الذين يأخذون بالثأر ظلمًا يقتلون الأبرياء، لماذا؟ لأجل أنفسهم لا، لأنه هو سيموت، سيُحكم عليه بالإعدام أليس كذلك؟ لأجل كرامة العشيرة، بيت فلان أو آل فلان، هذا قدس الأقداس عنده كرامة العشيرة، هذا الذي يسميه الإمام الحسين: الموت أولى من ركوب العار، ولكن العار أولى من دخول النار(3)، يعني الكرامة حدّها رضا الله، إذا كرامتي تؤدي إلى غضب الله ودخول النار فهذا لا كرامة.
فمعنى قدس الأقداس، قد يكون الإنسان الهدف الأصلي عنده نفسه، أحيانًا عائلته، أحيانًا قبيلته، أحيانًا وطنه، أحيانًا جاه، هناك أناس تظلّ جائعة من أجل الجاه أليس كذلك؟ هناك أناس بالعكس لا يبالون بالجاه من أجل الأكل؛ هناك أناس يُضحّون بالنفس والجاه لأجل المال؛ هناك أناس يضحّون بكل شيء من أجل السمعة؛ هذا نسميه قدس الأقداس، إله. فنحن نقول إن غاية الغايات يجب أن تكون الله، ليس أنا ولا جاهي ولا تاريخي ولا رضا الناس ولا مال ولا قبيلتي ولا وطني ولا أي شيء، هذا معنى قدس الأقداس، ويأتي توظيف الآثار أيضًا.
س: سيدي المحترم، قلتم في حديثكم أنه لا ألوهيّة وطنية -إذا جاز التعبير- في الإسلام، وهذا ما يتعارض مع مناداة البعض بالقومية العربية وغيرها من القوميات، هل يعني ذلك أن الإسلام لا يقبل بمبدأ القوميات، وكيف توفقون بين ذلك؟
ج: يا سيدي القومية العربية مرحلة واسعة من الوطنية، يعني الإيمان بالوطن العربي، والوطنية مرحلة تاريخية من القبلية، والقبلية مرحلة متوسعة من العائلية، والعائلية مرحلة متوسعة من الأنانية، وسوف تتوسع القومية إلى الـInternationalisme -إذا صحّ التعبير- الدولية وربما توصل للكونية، هذه المفاهيم قواعد انطلاق كلها ممكن [أن] تكون إيجابية، ممكن [أن] تكون سلبية.
هذه القومية العربية إذا كانت معبودة، يعني أرتكب الخطأ أو الاغتصاب أو الاحتقار للآخرين لمصلحة العرب، هذا عبادة العرب، وليس القومية الإيجابية، هذه القومية اليهودية أو التي كانت تُسمَّى في أوروبا بالنازية، يعني كل شيء جائز في حقّ الآخرين لمصلحة العنصر الألماني أو لمصلحة العنصر اليهودي، هذا مرفوض، لا إسلام ولا عدل يعترف بذلك.
أما القومية العربية الإيجابية، يعني عدم عبادة القومية بل اعتبارها منطلق، فهذه مرحلة تاريخية؛ ونحن لا نتحدث عن رأي الإسلام في هذا الموضوع، إنما مسألة بحاجة إلى شيء من الدراسة أو شيء من التفصيل باعتبار أنه هناك تأكيد على أن العرب قاعدة الإسلام، وإذا عزَّ العرب عزَّ الإسلام، والحقيقة أن للعرب باعتبار القرآن واللغة العربية والشعارات الإسلامية -في اللغة العربية- دور مائز في الإسلام، وإن كان لا يمكن أن نقول إن العربي أفضل من غير العربي لا، الأفضلية هي النازية؛ إنما دور العرب في الإسلام دور مائز بالنسبة لحمل الأمانة، فالذي نحن أنكرناه أننا ما بحثنا حول رأي الإسلام في القومية، وإنما قلنا القومية مثل الوطنية على نوعين: قومية ألوهيّة، وقومية محبوبة، يعني حبّ القوم كرامة لكن عبادة القوم انحراف.
س: سيدي المحترم، لماذا لم تذكروا لله معنى الحاكميّة، الحاكميّة في كل شيء؟
ج: إن شاء الله في النتائج سيظهر أن الحكم أيضًا من شؤون الدنيا، يعني مثلما قلنا أن الله يؤمِّن الإنسان على مال أو على جاه، يؤمّنه على حكم، هذا إذا كان معنى الحكم السلطة؛ إنما مفهوم الحكم الذي نحن نسلبه عن غير الله ونعطيه لله، هذا مفهوم آخر نتحدث فيه، يعني موضوع الحكم في الإسلام طبعًا نحن نعتبر أن مصدر السلطات الله وليس الشعب، إنما يرجع الحكم كسلطة وجزء من شؤون الدنيا، طبعًا هنا أمانة فلا استعانة ولا أصالة كما قلنا: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ [الفاتحة، 5]. الحاكم مثل الطبيب هداك في إدارته، وهداك في طبّه، وهداك في ماله، فهذا جزء من الكل؛ لكن هناك مفهوم خاص للحكم في الإسلام، هذا يُبحث فيه بالنسبة لمفهوم قدس الأقداس كما سنتحدث فيه، يعني مفهوم الحاكميّة لا يخرج عن المواضيع الأربعة التي ذكرناها إن شاء الله.
س: تحدثتم عن حبّ النفس وحبّ النفس خاطئ، ألا تعتقدون بأن الذين يعبدون الله طامعين برحمته إنما يعبدونه حبًّا لخلاص أنفسهم؟
ج: جميل هذا السؤال وواقعي، نحن نحبّ الله لأننا نحبّ أنفسنا، نطمع في رحمته وفي مغفرته هذا صحيح، لكن الكلام في من هي نفسي؟ ما هي نفسي؟ نفسي يعني هذا!(4) فإذًا، إذا كان هذا لماذا أموت؟ أستشهد أو أطلب الشهادة، يبدو أن نفسي غير هذا الجسم، أحيانًا أُضحّي بهذا الجسم في سبيل مفهوم آخر، روح، خلود. بُعد الأنا، بُعد النفس هذا مورد البحث. ونحن سنتحدث أن الإنسان له بُعد كوني جزء من المجموعة الكونية، له بُعد جامعي بشري، له بُعد ذاتي الإرادة، وله بُعد إلهي: ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ [البقرة، 156]، ما اختلفنا في حبّ الذات لكن ما هي الذات؟ هذا هو الكلام [المقصود].
نحن نعتقد أن الذات الأصيلة هي الله، نحن له أو جماعته أو آثاره، نشتغل له وكلما اشتغلنا له سعُدنا، بهذا المفهوم نعم. لكن نريد أن نتصور من هو مجتذب الخير، نحن نريد الخير لمن؟ كلمة "من"، ما بعدها، هذا أو أوسع من هذا، يُناقش [في] هذا البحث أيضًا.
هناك أسئلة خارجة عن الموضوع نقدر نؤجلها للأسبوع القادم، السبب أنه أولًا تأخرنا في بدء الجلسة، ثانيًا أنا لا أزال مبتليًا بآلام شديدة في الأضراس، فإذا تسمحوا لي أن أُنهي الأسئلة الليلة.
_________________________
1- بحار الأنوار، المجلسي، ج 40، ص 163.
2- بحار الأنوار، المجلسي، ج 29، ص 192.
3- المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية، محسن الأمين العاملي، مطبعة النعمان، 1954، ص 25.
4- يشير الإمام إلى جسمه قاصدًا أن النفس هي جسد الإنسان.

source
عدد مرات التشغيل : 146