إلى الحوار

calendar icon 22 أيار 1969 الكاتب:موسى الصدر

طبعًا أنا أشكر الله وأحمده على هذا التوفيق، وأشكر جميع المواطنين الذين سعوا وجاهدوا في سبيل إنجاز هذا المشروع، وأحب أن أعلن اليوم أننا نمد يدنا ونفتح قلبنا ونحاول بجميع إمكاناتنا وبكل إخلاص أن نتعاون في سبيل خدمة الإسلام. ونرجو أن يكون هذا الموقف واضحًا لا يُشك فيه أن الوصول إلى مهمة التوحيد بين المذاهب الإسلامية بحاجة ملحة إلى التقريب وإلى التفاهم وإلى الحوار، والحوار لا يمكن إلا بين الممثلين الحقيقيين، والتنظيم يوفر هذا التمثيل الحقيقي.
هذا المشروع حسب ما أفهم هو حدث كبير في تاريخ الطائفة الإسلامية الشيعية بصورة خاصة، وفي تاريخ لبنان بصورة عامة، وهذا الحدث يتلخص بكلمة التنظيم. في هذا اليوم الذي يكتمل مشروع إنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى نتمكن أن نقول إن جميع الأدوار التي كانت على عاتق أبناء الطائفة الشيعية سوف يؤدونها بإتقان أكثر وبصورة أقوى وأفضل.
وللشيعة حكاية طويلة مع لبنان ومع المسلمين ومع العرب ومع العالم، فلهم في تاريخ لبنان دور تاريخي في حقليه الثقافي والوطني ولهم مع لبنان دور جغرافي حيث إنهم سكان حدود ومرابطون. للشيعة دور كبير في تطوير الفكر الإسلامي، وفي خدمة الأهداف الإسلامية، وفي خدمة الثقافة الإسلامية عن طريق الاجتهاد: في الفقه والفلسفة والتفسير. وللطائفة الشيعية أيضًا دور كبير في تنمية الروح الدينية وخدمة الإنسانية والقيم، ونحن في هذا الوقت نطالب برغبة وبإصرار... إننا نتعاون مع جميع العائلات الروحية في لبنان لخدمة الأخلاق، ولخدمة القيم الدينية ولكي نضع حدًّا لهذا الانهيار الخلقي والميوعة التي تهدد مصير لبنان ومصير العالم. ومن جانب آخر، نعرف أن التنظيم هو الوسيلة الصحيحة لمعرفة واقعنا ووضعنا الحاضر الذي لا يرضي طموحنا ولا يرضي طموح إخواننا. فبمعرفة هذا الواقع نتمكن من وضع تخطيط لمحاربة الفقر والجهل والتخلف، ونؤدي دورنا في هذا الحقل ونطالب بإصرار المسؤولين حتى يقدموا ويقوموا بدورهم في هذا السبيل.
وأبرز الأدوار في هذا اليوم العصيب هو الدور الجغرافي حيث إننا على الحدود. والتنظيم يسهل لنا مهمة تجنيد جميع طاقاتنا، والتهيؤ النفسي، والتهيؤ الجسدي، والمطالبة بالتدريب والتجنيد، وتحصين الجنوب وتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي لمناطق الحدود. وبهذه الطريقة نتمكن بالتعاون مع السلطات المسؤولة طبعًا أن نؤدي واجبنا في سبيل المحافظة على الوطن وحماية أراضيه وسيادته. وفي الوقت نفسه نتمكن من أن نؤدي دورنا المشرِّف، الواجب، مع بقية إخواننا العرب في سبيل تأييد ومساندة المقاومة الفلسطينية المقدسة لأجل تحرير الأراضي المغتصبة. ولا شك أن اهتمام الشعب اللبناني والمسؤولين اللبنانيين بهذا الأمر وانعقاد هذا الاجتماع في المجلس النيابي، كل هذا مما يدعوننا إلى الشكر والاعتزاز بالروحية التي تسيطر على هذا البلد من احترام القيم ورعاية حقوق الطوائف. وهذا مما يؤكد لنا نجاح مشروعنا بإذن الله، ونسأل الله أن يسدد خطى الجميع وأن يوفقنا لما فيه خير هذا البلد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

source
    الصفحة: /