* محاضرة للإمام الصدر ضمن الدروس التثقيفية بتاريخ 20 كانون ثانٍ 1978.
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن في وضعنا السياسي، لا شك أننا نتأثر جدًا بمجمل الوضع في الشرق الأوسط، لأن أحد الأطراف في الداخل وهو الطرف الفلسطيني، هو العنصر الأساسي في مسألة الشرق الأوسط، هذا العنصر كان وازداد تأثيره على الوضع، باعتبار أن ما يجري حول القضية الفلسطينية، والمناورات الحادة الأخيرة، وسقوط اسم منظمة التحرير عن لسان الرئيس السادات، في خطاباته وفي بياناته، ثم خطاب رؤساء، ومسؤولين إسرائيليين بشكل صريح، بأن الدولة الفلسطينية لن تكون مستقلة، لأنها إذا كانت مستقلة، فخلال ساعة تسيطر عليها منظمة التحرير. طبعًا، هو يعبر عنها بتعبير سيء، جعل بالفعل القلق يزداد في نفس منظمة التحرير، من تطورات لبنانية، ومن تطورات عربية، وحتى من تطورات فلسطينية، لأنهم وضعوا أمام المنظمة بديلًا، هو قيادات محلية في الضفة الغربية.
إذًا، القلق الذي يساور نفس منظمة التحرير يزداد، وبنفس النسبة، سيزداد تمسكها بمواقفها أيضًا. ومن الصعب أن ينفصل الوضع في لبنان، عن مجمل الوضع في الشرق الأوسط لهذا السبب أيضًا. بالإضافة إلى أن وجود المحاور السياسية العسكرية، في لبنان، هو مجال رحب لانتقال الصراع إلى لبنان.
أحد قيادات الكويت كان يقول، حتى الآن -يطرح السؤال-، يقول: هل لا يزال لبنان سوقًا لبيع المنظمات المسلحة في المزاد العلني، لخدمة الأهداف غير اللبنانية وغير العربية؟ طبعًا، الجواب: نعم! وجود فئات مسلحة حزبية متفرغة للعمل السياسي، يتطلب نفقات. والقلق الموجود عند الآخرين، من وجود هذه التنظيمات المسلحة، أيضًا يدعو، حتى غير المسلحين، إلى التفتيش عن وسيلة، عن مساندة، عن طريقة للنجاة.
ولذلك، وضع لبنان الحالي وضع يتأثر تأثرًا بالغًا بالأوضاع في الشرق الأوسط، بل المشكلة الشرق-أوسطية، تبرز أولًا في لبنان، وثانيًا في مناطق الأزمة. مثل سوق البورصة، في التجارة، يذكرون المثل، أنه أي توتر اقتصادي، أو تحسن اقتصادي بأية زاوية من زوايا البلد، ينعكس فورًا على سوق البورصة. لأنها حساسة جدًا مثل عقرب الراديو، أو ساعة السيارة وأمثال ذلك.
إذًا، قبل أن نبحث في الوضع السياسي اللبناني نبحث عن الوضع السياسي في الشرق الأوسط، لاهتمامنا الكبير به ولتأثيره علينا أيضًا.
طبعًا، أنتم تتابعون، وأنا متأكد، أنكم تتابعون التطورات. حصل أول أمس انفجار في مفاوضات السلام في القدس، بسبب خطاب بيغن وتمسكه الشديد بمواقفه. وبسبب، كما تقول بعض الصحف اليوم، الموقف الأميركي المحايد، وأيضًا غير الضاغط. مهما كان السبب! اسْتُدِعي الوفد المصري، وهذا الاستدعاء خلق توترًا في المنطقة، وتساؤلات عن مصير هذه المفاوضات. اتصل الرئيس كارتر بالرئيس السادات، وطلب منه عدم قطع المفاوضات نهائيًا؛ فوافق على استمرار المفاوضات الوفد العسكري الذي كان من المفروض اليوم أن يبدأ بالاتصالات، وامتنع عن إعادة الوفد السياسي إلى القدس. الإسرائيليون، اليوم يلوحون بإمكانية الامتناع عن الحضور في مناقشات الوفد العسكري، ويعلنون عن استعدادهم لقبول واستقبال الناس الذين هم أعضاء في الوفد السياسي.
إذًا، المفاوضات تبدو وكأنها مهتزة. هنا رؤيتان: رؤية واقعية، معتمدة على الأرقام، وعلى التجارب، تلك الرؤية [تشير إلى] أن المفاوضات ستستمر على الرغم من المظاهر، وأن المفاوضات ستعود بفضل الوساطة الأميركية وبسبب بعض التنازلات من الطرفين، أو من أحدهما. والجانب العربي هو الأولى بالتنازل كما تعلمون. هذه المفاوضات ستبقى!! ستبقى فترة! إلى أين تصل؟ المصير غير واضح، ولكن، المفاوضات بموجب هذه الرؤية ستبقى.
الرؤية الثانية: هي الرؤية المثالية، التي نحن متعودون عليها في الشرق. نخلط تمنياتنا مع رؤيتنا، ونقارن بين نفسيتنا مع نفسية أطراف الصراع ونحكم. هذه الرؤية تقول إن هذه المفاوضات انتهت، وإن الرئيس السادات، يوم السبت سيعلن استقالته، وسيعود الشعب المصري، وبكميات كبيرة وبالملايين، يحيطون بمجلس الشعب، وبيت الرئيس السادات وقريته، يطلبون منه العودة عن الاستقالة؛ فيعود معتمدًا على ثقة الشعب المصري من جديد. ويعود إلى الصف العربي، ويستعمل هذا الكابوس الذي مرّ خلال الأشهر الأخيرة، أو خلال الشهرين، الأربعين يومًا الأخيرة -رحلة القدس- يستعمل هذا الكابوس كورقة للضغط من الرأي العام العالمي على إسرائيل، إدانة إسرائيل، فضح إسرائيل، وبالتالي، عزل إسرائيل. وعند ذلك، العرب متفقون، يتجهون نحو الاستعداد للحرب.
طبعًا هذه تمنياتنا، وأدعيتنا ويمكن طبيعتنا، لو كنا محل القيادات، بمعلوماتنا الحالية. ولكن المؤسف أن الواقع أكثر مرارة، مما نتصور.
يبدو لي أن المفاوضات سترجع: فانس يحكي مع أنور السادات! يتدلل قليلًا! يرجع ليحكي مع كارتر. كارتر يتصل به! يبعثون مندوبًا عالي المستوى. إذا لم يأتِ كارتر بنفسه، يأتي مانديل، معاونه. يعملون (مباوسة)... من هذه القضايا!! المفاوضات، تستمر وبالتالي انشقاق الصف العربي سيبقى، تجميد الأجواء الأخرى سيبقى.
العنصر الجديد، في الحديث السياسي اليوم -لا أعرف إذا يوافق الإخوان- عنصر الاتحاد السوفياتي. يبدو أن الصراع بين الجبارين، قائم ومستمر، والدليل على ذلك، وضع الصومال وأريتريا. اليوم يقول الرئيس الصومالي إن أزمة القرن الأفريقي، امتداد لأزمة الشرق الأوسط. طبعًا! عندما تكون القوى، قوى عالمية، الجبهات تصبح وسيعة لأن الإمكانات كبيرة. لا بد من أن ننظر إلى عدة اعتبارات:
أولًا، اعتبارات في المضمون: الاتحاد السوفياتي، كما تقول بعض التقارير، في سنة 1980 ستحتاج إلى كميات كبيرة من البترول يوميًا. إذًا، الاتحاد السوفياتي لا يستطيع أن يتجاهل تطورات القضية في الشرق الأوسط، ووضع البترول في هذه المنطقة الغنية، أو الاتحاد السوفياتي يريد استخراج البترول الموجود في سيبيريا وجبال أورال. والاستخراج ذاك بحاجة إلى تقنية أميركية متطورة. إذًا، الحاجة البترولية السوفياتية حاجة ضاغطة وأساسية على السوفيات.
ثانيًا، مسألة القمح: وأنتم تعرفون، أن القمح اليوم مصدره أميركا. والسوفيات بحاجة إلى القمح الأميركي للخبز والأكل.
ثالثًا، كلنا يتذكر كيف انهارت إثيوبيا. من جهة، الثوار الإثيوبيين بدأوا بالتقدم ويحتلون مدينة بعد مدينة، مركزًا بعد مركز. بعد قليل تحركت الصومال أيضًا، بدأوا يحررون أوغادين-واسم أوغادين يعني الصومال الغربية- وشكلوا جبهة باسم جبهة تحرير الصومال الغربية، ووصلوا إلى هذه القرى والأسماء التي كنا نسمعها. التقدم كان سريعًا ضد إثيوبيا. داخليًا أيضًا المشاكل الإثيوبية كانت مشاكل متصاعدة. بالفعل! كل مراقب، قارئ كان يتوقع بين يوم وآخر، سقوط إثيوبيا. ذهب منجستو مريام، رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس قيادة الثورة في إثيوبيا، إلى السوفيات وبدأوا يتعاونون معه. السوفيات طلبوا الوساطة في ذلك الوقت، رفض سياد بري، بالتالي بدأوا يعودون إلى دعم إثيوبيا؛ الآن وضع إثيوبيا وضع متين. سياد بري ينتقل من بلد عربي إلى بلد عربي آخر ويطلب مساعدتهم في الهجوم المتوقع في إثيوبيا. السلام المعروض على إثيوبيا مرفوض إلا بعد التنازل والانسحاب من أوغادين. الغرب يقول: أنا لا أتدخل. ولا شك أن عدم تدخل الغرب بسبب عدم التورط في الحرب الكونية وإن كان الغرب في مساعدته قد تكون عن طريق رفاقه في العالم العربي.
يقال إن الاتحاد السوفياتي، أثبت كما يسمونها لوجستية في هذه الأيام، أثبت أنه في خلال ثماني ساعات بإمكانه أن ينقل حوالي خمسة وثمانين ألف عسكري مجهّز؛ يعني أربع فرق أو خمس فرق، لا أعرف كم يصير، إلى أماكن بعيدة في الشرق الأوسط. وهذا تأكيد من السوفيات بأنه لا يمكن تجاهلهم في المنطقة. ويقال إن الاتحاد السوفياتي أيضًا بحاجة إلى... مصرّ على أن يُعطي دور في حل أزمة الشرق الأوسط وحصة أيضًا.
ويقال إن تبني الاتحاد السوفياتي للوضع الدفاعي السوري أصبح أمرًا ثابتًا، وأن الجسر الجوي من السلاح بين موسكو وبين دمشق (طبعًا هذه مسائل تقرأونها في الصحف) قائم، وأن الأسلحة المتطورة السوفياتية موجودة في دمشق، وأن دمشق تستعد للحرب. وأن السوفيات بالإضافة إلى التزويد بالسلاح، دون شك، يحاولون دعم سوريا سياسيًا وعالميًا، لأن الذي يبيع السلاح بدين طويل الأمد، لا أحد يتبرع قربة إلى الله طبعًا... عندما يعطون يريدون أن يضمنوا استعادة أموالهم. من مجموع هذه المسائل هناك شيء آخر، اسمه التدخل السوفياتي أو النفوذ السوفياتي أو عناد السوفيات في عدم الانسحاب من هذه المنطقة. إذًا، المسألة أيضًا غير متروكة للولايات المتحدة فقط والرئيس السادات وإسرائيل.
جنّد الغرب كل قواه وكل رفاقه بما في ذلك إيران. كما تعلمون أنه جاء ملك إيران إلى أسوان، ثم انتقل إلى السعودية، وأعلن عن دعمه المطلق للرئيس السادات، ولكن، عندما تحدَّث، تحدَّث متنازلًا عن القدس؛ يعني هذا يختلف موقفه مع موقف السادات حتمًا. ولكن، على كل حال الدعم العملي والسياسي والمادي تأمّن إلى حد كبير للرئيس السادات. من جهة ثانية، السوفيات أيضًا دخلوا.
طالما الصراع الدولي أو الحرب الباردة بين الجبارين، الحرب التي تتجلى في القرن الأفريقي من جهة، وفي الشرق الأوسط من جهة ثانية وربما غدًا في أماكن أخرى. لا نعرف أين يفجرونها؟ لأن الجبهة هي كل الدنيا كل العالم. غدًا أينما تنتقل الحرب الباردة، لا نعرف، نعرف أن الصراع بين العملاقين يؤدي إلى صراعات في مناطق مختلفة، وإذا ما حُلّت الحرب الباردة بين الجبارين، لا أعتقد أن أزمة الشرق الأوسط أيضًا تجد الحل مع الأسف. كيسنجر في أميركا متبني فكرة إبعاد الاتحاد السوفياتي عن المنطقة، بينما جماعة كارتر يعني برجنسكي وفانس وهؤلاء الناس كانوا يعتبرون أن السوفيات يجب أن يكونوا في مجمل الحل في هذه المنطقة.
إذًا، مشكلة الشرق الأوسط في تعقيداتها تتنامى وتتعقد. إذا انحلت المشكلة بين القوتين العظميين، أيضًا تنتقل المسألة إلى الشرق الأوسط. عربدة إسرائيل، وخاصة خطاب بيغن أمس، غريب من نوعه! لماذا هذه الثقة بالنفس؟ لماذا رَفْض الضغط الأميركي؟ لهذه الدرجة إسرائيل مطمئنة أن الولايات المتحدة لا تتمكن من ممارسة الضغط على إسرائيل وفرض التنازلات عليها. مع العلم، أن موقف الولايات المتحدة معروف ويختلف عن الموقف العربي، لكن موقف إسرائيل أقل تنازلًا من موقف الولايات المتحدة بالنسبة للانسحاب، وبالنسبة للشعب الفلسطيني.
إذًا، صورة الشرق الأوسط في هذا الأسبوع بتصورنا صورة قاتمة، وتأثير هذه الأزمة على لبنان تأثير كبير. وهذا يعني أن الأمر في لبنان أيضًا يبدو قاتمًا. مع العلم أنني من أصحاب النظرية التي تقول إن فصل الأزمة بين لبنان وبين الشرق الأوسط، ممكن. وأن الوفاق الوطني إذا كان بدون شروط، إذا تم واللبنانيون على مختلف مناطقهم وطوائفهم وصراعاتهم واتجاهاتهم رغم ما بينهم من الدماء والصراعات والثارات، إذا جمدوا خلافاتهم واتفقوا ضمن الشرعية فبالإمكان أن يواجهوا متاعب أو مزيدًا من المتاعب القادمة من المنطقة وأن ينقذوا وطنهم.
نحن هذه قناعاتنا ونعمل على هذا الأساس. ووجدت مؤخرًا أن الرئيس سركيس، هذه قناعاته، وهذه إرادته أيضًا. وبدأ بالاتصالات لكي يستمزج أولًا، هل المناخ ملائم للوفاق؟ فإذا اقتنع فما هو الوفاق ومحتويات الوفاق؟ ثم يمارس العمل بالشكل الذي يقال بالصحف اليوم.
من جهة ثانية، علينا أن نقف أيضًا وأيضًا أمام الجنوب، وطرح الاستيطان، والطروحات المعادية للفلسطينيين في الجنوب، والتحريض المستمر في الجنوب ضد الفلسطينيين؛ الأحداث التي تحصل والإشاعات التي تتنامى والأحداث تُجسَّد وتُضخّم أكثر من الواقع. تأكدنا أن بعض الأحداث التي حصلت في المنطقة لم تكن كما نُشر، وهذا شيء طبيعي لأن هناك من يدفع باتجاه الانشقاق، والخلاف، والصراع حتى التصادم بين الجنوبيين وبين الفلسطينيين، عند بعض الأوساط كأن الصدام واقع لا محال.
أنا أرجع أقول للإخوان نحن حركيون، نحن ننطلق من المبادئ ولا ننطلق من ردود الفعل. ما أتمناه على الأقل على شباب الحركة فلو كان لهم ولي من كلمة على أبناء الجنوب نؤثر فيهم فلنقل لهم أيضًا: التوجه العام، السياسة الدولية، المؤامرة الكبرى، الآن في فصل الصدام بين الفلسطينيين والجنوبيين. هذا فصل المؤامرة اليوم، يعني من الآن فما فوق، كتاب المؤامرة في لبنان، في فصل اسمه فصل التصادم الجنوبي-الفلسطيني.
إذًا، كل شيء يشير إلى هذا الاتجاه أردنا أو لم نرد، سوف تزداد الشواذات والأخطاء والاستفزازات، سوف تزداد غلاظات المنظمات الفلسطينية الرافضة، سوف تزداد مخالفاتهم وإطلاق النار على إسرائيل وعلى القرى المسيحية، سوف تزداد ردود الفعل أيضًا وأيضًا وسوف تزداد الدعوة والتفجير بأنه أين أنتم يا ناس؟ لماذا جالسين؟ قوموا نتسلح، نتهيأ، نطرد الفلسطينيين. هم يريدون أن يأخذوا مكاننا، إنهم يشترون أراضينا! إنهم يعتدون علينا! ستزداد...
أمام هذه المحنة ما هو الموقف؟ يعز عليّ أن نصل إلى هذه المرحلة. نحن كما تعلمون من الأساس إيماننا بقضية فلسطين كقضية حق. ولنا اهتمامات في الأرض الفلسطينية ولنا امتدادات قومية، بالإضافة إلى أن إسرائيل نعتبرها خصمنا الأول وأن إسرائيل تشكل خطرًا علينا ثقافيًا، وحضاريًا، وسياسيًا، واقتصاديًا. وموقفنا كان واضحًا بالنسبة للأحداث رغم كل ما قاله الفلسطينيون قبل الحزبيين. اعتبرونا خصومًا، ما كنا خصومًا يومًا ما، كنا معهم.
اليوم إخواني، نحن مقبلون على هذا الفصل من المؤامرة، نحن نريد أن نتجنب هذا الفصل لأن الاصطدام هذا سيؤدي إلى مذابح أولًا. ونحن في الجنوب لا نملك السلاح الكافي، ليس هناك معادلة وهذا واضح، التوازن في السلاح غير موجود والتوازن في الذخيرة وفي الغذاء وفي الإمكانات غير موجود؛ الصراع سيتحول إلى حرب عصابات ضد الفلسطينيين. عدم التوازن يجعل إسرائيل وعملاء إسرائيل في القرى الأمامية، يتمكنون من استغلال أحقاد الناس وقلقهم على نفسهم وتزويدهم بالسلاح. الدول العربية لن تعطي السلاح للجنوبيين، ربما مخطئة، ولكن هذا هو الواقع... سوف لا تعطي الدول العربية شيئًا للجنوبيين. فطريقهم الوحيد أن يأخذوا السلاح من إسرائيل ومن عملاء إسرائيل في الحدود. مع العلم أن إسرائيل، عمليًا اليوم، تزوّد الفلسطينيين بالسلاح، إسرائيل اليوم تسمح لبواخر السلاح أن تنتقل؛ أنا أقول هذا حتى تعرفوا أني مستوعب القصة. الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي تصل إلى صور في هذه الأيام بعلم إسرائيل ورضاها، وأنا أعتقد أن الأسلحة التي كانت تأتي إلى صور، وصيدا، وجونية، وطرابلس، في أيام الحرب اللبنانية القذرة كانت بعلم إسرائيل ورضاها. إسرائيل كانت مسيطرة على الحرب وتراقب بواسطة وسائلها وعملائها في الجبهتين؛ لها عملاء لدى الجبهة اللبنانية ولها عملاء في الحركة الوطنية ولها عملاء في المقاومة الفلسطينية. بواسطة عملائها كانت تراقب الموازنة في السلاح، فإذا ازداد السلاح عند الجبهة اللبنانية تحول باخرة إلى صور وصيدا والعكس بالعكس، حتى تستمر الحرب القذرة في لبنان.
الآن إسرائيل تراقب السلاح الذي يصل إلى جنوب لبنان، وتعد العدة تمامًا، وتعرف (شو في وشو ما في)، وترافق الطرادات الإسرائيلية أحيانًا بواخر السلاح حتى تصونها وتحميها. أرجو ألا يزعل أحد ولا يزعل الإخوان الفلسطينيون لأن هذه حقائق: طراداتهم تراقب وتحمي الأسلحة التي بدها توصل اليوم إلى صور. إذًا، إسرائيل تساهم اليوم في تجهيز الفلسطينيين، لماذا؟ يقال دفاعًا عن أنفسهم أمام الحملة من الجبهة اللبنانية المنتظرة، قد يكون!! ولكن هذه الأسلحة ستمكنهم من المزيد من السيطرة في الجنوب.
إذًا، الجنوبيون عندما يصطدمون بهم بالإضافة إلى الضحايا هم بحاجة إلى أسلحة والسلاح غير متوفر والمال غير متوفر. التنظيم الجنوبي الوحيد الوطني تنظيمنا، نحن لا نملك أسلحة ولا مال حتى نزودهم، إذًا، يضطرون كفئات، كأحزاب، كعناصر، كزعامات إلى أن يأخذوا السلاح من إسرائيل. وعند ذلك الصراع اللبناني، الذي دام سنتين في لبنان سيدوم سنتين وأكثر في الجنوب، و[معه] الموت والدمار والخزي لأنه لا يمكن أن نتوقف؛ نحن نعتبر إسرائيل شر مطلق لا أسوأ من إسرائيل في العالم. لو تصارعت إسرائيل والشيطان نقف مع الشيطان، لو تصارعت إسرائيل مع الشيوعية نقف مع الشيوعية، لوتصارعت إسرائيل مع اليمين نقف مع اليمين. هذا منطقنا! إسرائيل الشر المطلق بتصورنا، أنا شخصيًا في حدود قراءاتي، وقناعاتي لا أعرف مؤسسة أخطر من إسرائيل. إذًا، نريد أن تجنب الصدام، طالما نريد تجنب الصدام فعلينا أن نعالج.
حكيت لكم الأسبوع الماضي، العلاج أحيانًا يكون عن طريق الاتصال، نحن شبابنا كانوا على اتصال في الأسبوع الماضي وفي هذا الأسبوع مع المسؤولين التنفيذيين الفلسطينيين ونحن على اتصال مع القيادة. سنحاول ضبط الأمور، تخفيف الأمور، وجوب الاتصالات لمنع الاصطدامات ولتقليل الاستفزازات، ولتوضيح الصورة الخاطئة المغلوطة ومسؤوليتها أكثر شيء على الفلسطينيين؛ ولكن ما لنا بديل عن عدم الاصطدام. وإذا وجدنا أمورًا متوترة: نستنكر، نضغط، نضرب، ولكن لا نجعل الأحداث خطوطًا لترسيم صورة استراتيجية تضع أمامنا طريقًا وحيدًا هو عدم الاصطدام مع الفلسطينيين؛ إياكم يا شباب ثم إياكم. خلال فترة وجيزة، قضينا 18 سنة أو أكثر، دفعنا ضحايا، حركتنا بالذات دفعت في هذا السبيل حوالي 110، فكيف بالناس الآخرين؟ لا يمكن خطنا يمر عبر الاصطدام مع الفلسطينيين كفلسطينيين. ممكن واحد فلسطيني منحرف، منظمة فلسطينية حزبية تصطدم معنا، نصطدم معها! لا مانع، ولكن كمقاومة... الله الله في هذا الأمر.
يمكن يعزّ عليّ أن أقول وهو أمر مرير للغاية، ولكن اضطررت أن أكشف لكم كل الأبعاد وأقول... لا أبرئ أبدًا المقاومة الفلسطينية من أخطائها. ثورة يجب أن تكون طاهرة، يجب أن تكون مقدسة، يجب أن تمارس أفضل الأعمال! وليس هكذا. لكن إنا لله وإنا إليه راجعون إذا لم يكن هذا أو ذاك لا اصطدام بيننا وبينهم. هذا مبدأ أساسي من مبادئ حركتنا في المرحلة القادمة التي هي فصل الاصطدام الجنوبي-الفلسطيني من المؤامرة. تحاولون من خلال المسؤولين تعملون اتصالاتكم وتحاولون من خلال القيادات أن توضحوا الأمور وتحاولون من خلال النصيحة أن تنصحوا حتى يكون العمل مهضومًا.
إخواني! هذا لا يعني، أننا سنقف مع الفلسطينيين ضد لبنان، أبدًا! لبنان أولًا! جنوب لبنان أولًا! ولكن الخيار غير وارد اليوم. هذه المرحلة، ليست مرحلة الخيار، حتى نقول إنه نحن إما نتحالف مع الفلسطينيين، أو نتحالف مع الجبهة اللبنانية، أو مع اليمين اللبناني، أو مع اللبنانيين. ليس هذا المقصد! نريد تجنب الصدام لا أكثر. أعطيت كل ما أملك، وأعطيتم كل ما تملكون، لكن المهم! أن تمسكوا أنفسكم وعدم الاصطدام. يعني عدم السماح لجماهيركم، وجماهيركم هي الجماهير الأوسع في الجنوب، أن تصطدم مع الفلسطينيين. نريد أن نعالج: أرض يشترونها! نمنع شراء الأرض. مخالفة يخالفونها... نضربهم حتى لا يخالفوا ولا يشذوا، لا مانع، بشر مثلنا. ولكن أن نضع هذه النقاط ضمن استراتيجية، ونقول لا حل إلا بالضرب فيا شباب قوموا ونصطدم، لا هذا الذي لا نعمله. ونحن سنحاول إن شاء الله، وربنا يعيننا على أن نخفف عنكم أعباء المحنة في الجنوب. ويشهد الله، لو كانت المشكلة تُحل بانتقالي إلى الجنوب، رغم الأخطار لانتقلت. وربما في آخر لحظة إذا وجدنا أن الصدام قائم، ولا حل إلا بالذهاب سأذهب لا مانع، ولو أدى ذلك إلى الخطر على حياتي. لا بأس. غير معقول أن يحصل هذا الشيء. أنا أذكركم بأن السماء والأرض اليوم يدفعانا للاصطدام كثيرًا، إذاعات، أفكار، أخبار، عملاء، أحداث.
يوم الأحد هناك ندوة في كفرتبنيت، بعض رفاقنا سيحضرون ويتحدثون، الشباب القادرون على الحضور فليحضروا. الحضور حركي إلزامي إذا سمحتم.
