* كلمة للإمام الصدر في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية بتاريخ 29 آذار 1975 بمناسبة اجتماع الهيئة العامة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى للتمديد للإمام بالإجماع وإعلان ميثاق حركة أمل، جريدة النهار، 30 آذار 1975.
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة الأعزاء، أيها الأخوة الأكارم،
لمناسبة الأعياد السعيدة، عيد المولد وعيد الهجرة، عيد البشارة، وعيد الفصح المجيد، نهنئ اللبنانيين جميعًا، مسلمين ومسيحيين في العالم أجمع... ونعزي الجميع أيضًا بالقائد المجاهد الملك فيصل، ونقدم له في بداية لقائنا ثواب سورة الفاتحة.
وبعد،
أرحب بكم قدر ما يمكن ويحق لأحد من أبناء البيت أن يرحب ببقية أهله وأفراد عائلته، فلست أولى منكم بهذا البيت. أبدأ كلمتي من حيث انتهينا في الجلسة السابقة للهيئة العامة المنعقدة في 13 أيلول 1974 فاتفقنا والتزمنا كل منا تجاه الآخر وأشهدنا الله عليه. التزمنا وافترقنا على هذا الأساس.
وهأنذا أعيد إلى ذاكرتكم ختام تقريري في ذلك اليوم.
لقد بدأنا الحركة بهذا الأسلوب لأننا نؤمن باللّه ونعرف أن الذي لا يهتم بأوضاع المحرومين هو كافر بل هو مكذب بالدين حسب النص القرآني.
ولأننا نؤمن بلبنان وطنًا عزيزًا علينا صونه ومنعه من الانفجار، ونعرف أن التصنيف والظلم قضيا على بلاد كثيرة في أيامنا ولا نريد أن نرى وطننا ممزقًا منفجرًا من الداخل.
ولأننا نؤمن بكرامة الإنسان وان إنسان لبنان هو أكبر رأس مال له.
ولأننا قمنا بتجربة طويلة مريرة كانت الخيبة والاستهزاء والإهمال وخلق الفتن والتناقضات بعض نتائجها.
ولأننا نريد أن يبقى لبنان وطنًا لجميع أبنائه وأن يبقى جميع أبنائه له، وأن هذا الهدف لا يتحقق بوجه من الوجوه مع الأوضاع التي سادت منذ الاستقلال واستمرت حتى اليوم.
ولأننا أقسمنا اليمين أربع مرات ألَّا نهدأ ما دام في لبنان محروم واحد، شيعيًا كان أو غير شيعي، وما دامت في لبنان منطقة محرومة.
لقد بدأنا الحركة بهذا الأسلوب الضاغط منذ ثمانية أشهر، تصرفنا خلال التظاهرات الصاخبة وفي حضور عشرات الألوف من الجماهير الغاضبة وفي مناسبات مختلفة، تصرفنا بحكمة ومرونة، وحزم ودقة وما قطعنا طلب الحوار لحظة واحدة ولا سحبنا يد التعاون ولا أغمضنا عين الواقعية خلال هذه المرحلة كلها.
لقد راعينا ظروف لبنان وأوضاع المنطقة ولبينا النداء لدى كل محنة ولم نطلب المعجزات ولا تحقيق المستحيلات ولا أردنا مكاسب على حساب الآخرين.
لقد آمنا بأن الوطن حق وواجب ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وأن الحق من دون واجب صفة للمزرعة وأن الواجب من دون حق استعمار محض وكلا الأمرين مرفوض.
هذه قناعاتي وقناعات أكثرية زملائي، أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذين شرفتموهم وإياي بانتخابكم لنا وتسليم أمانتكم إلينا.
ويحزنني أن أبلغكم أن النتائج كانت حتى الآن بخصوص تلبية المطالب كانت مؤلمة.
لقد حاولوا أن يتنصلوا من المسؤولية ويعتبروا أن الخلاف داخل الطائفة، وأن الصراع سياسي محض وعلى الزعامة، مع العلم أن عهد الزعامات قد ولى إلى غير رجعة وأن اليوم عصر القيادات العاملة، أي عصر خدام الشعب ومصالح الشعب وحدة لا تتناقض أبدًا.
ثم حاولوا أن يفسروا التحرك بأن دافعه هو طموحي المزعج في رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وأنني مقترب من بداية نهايتي.
واسمحوا لي أيها الأعزاء، أن أؤكد لكم بتواضع العزة وبعزة المؤمن أن رئاسة المجلس لي هي تعب وسهر ودموع وقلق وخطر دائم وانصراف عن صحتي وعن رؤية أولادي وابتعاد عن بيتي وعن اختصاصي ودراستي وزملائي،
وأن أؤكد لكم مرة أخرى أني أعد الأيام والساعات لكي أستقبل بشوق وحرارة تلك اليد الأمينة التي ستتسلم مقدرات هذه المؤسسة،
وأن أعيد إلى ذاكرتكم القليلة أني كنت من مؤسسي المجلس وصانعيه ولست صناعة رئاسة المجلس ولا مخلوقًا منها،
وأن أقول لكم، أخيرًا، إن الأسباب الموجبة التي اعددتها لهذه الحركة، وهي إيماني بالله وبلبنان وبالإنسان والتزامي بالقسم، هذه الأسباب تلاحقني اينما كنت وفي أي زاوية عشت فلا خلاص مني ولا مناص إلا الموت أو العجز.
ثم جاء ويا للأسف رفض الحكومة المسؤولة، تلك الحكومة التي كنا نعلق الآمال عليها للظروف التي أتت فيها ولمشاركتنا الجزئية في تسمية رئيسها.
لقد رفضت الحكومة صراحة وغير مباشرة أي حوار ومنعت تسهيل الأمر للجان الجيش، هذه المؤسسة الوطنية غير السياسية التي كلفت وتطوعت مشكورة لإجراء الدراسة للمطالب وإعطاء الرأي فيها. وسعت الحكومة سعيًا حثيثًا إلى تمييع المطالب وتشويهها وسحب الموازنات عن طريقها وقلب المقاييس المعتمدة فيها ثم ختمت جهدها المبارك بالتنكيل بأعضاء اللجان التي تدرس المطالب.
والآن، لقد أصبحت الدراسات جاهزة واقتنع المسؤولون بها لكنها مجمدة في المكاتب والأمور تسير سيرًا معكوسًا. ونحن لا يمكننا أن نقبل عن المطالب بديلًا. إننا نجد أنفسنا، المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ورئيسه وجميع المحرومين في لبنان بل وأكثر المواطنين الواعين من مختلف المناطق والطوائف والفئات، مضطرين إلى متابعة السير، إلى تظاهرات ومهرجانات، والإضراب والعصيان المدني والاستقالات الجماعية، إلى تشكيل مؤتمر وطني يتحمل مسؤولياته السياسية، وإلى الاعتكاف حتى الموت في سبيل تحقيق هذه المطالب وغيرها من حاجات المواطنين.
وإلى جانب هذه الضغوط السلبية سنتحمل كل مسؤولياتنا الوطنية وسنسعى إلى جمع الكلمة داخل الطائفة وخارجها (وهذا جزء من بياننا إلى الهيئة العامة بتاريخ 13/9/1974 وأنتم ترون نفذنا وعدنا والحمد لله كما يظهر في هذا اللقاء وتجدون ربطًا بيان ببعض ما استطعنا تنفيذه وما ننوي تنفيذه مستقبلًا)، وسنتصل بالمهاجرين في الدول العربية وفي أفريقيا وأميركا.
سنؤسس هيئة وطنية تقوم باتصالات واسعة النطاق بالدول العربية وبالأصدقاء لكي نقدم خدمات ومشاريع للمناطق المحرومة.
سنوحد الجهود وننسق بين الهيئات الدينية والوطنية.
وإلى جانب كل هذه الضغوط السلبية والإيجابية هذا ستبقى يدنا ممدودة وقلبنا مفتوحًا لكل عمل يخدم مصلحة المعذبين والمحرومين.
إنكم تعرفونني بالتفصيل، ولعلكم تشاهدون شقائي وجهدي ومواصلة ليلي بالنهار، ولعلكم تعرفون أني لا أملك قطعة أرض ولا عرق شجرة ولا قرشًا واحدًا في المصارف بل سيرثني أولادي بديون ومسؤوليات جمة.
وإنكم سمعتم بوضوح قناعاتي وممارساتي ومخططاتي:
فإذا كنتم تريدون وتؤيدون مقتنعين هذه القناعات والممارسات والمخططات، فأنا بينكم بل أمامكم غير خائف من موت ولا راغب في الحياة، لا أتخلى عن مسؤولياتي.
وإذا كنتم تعتقدون أنني في هذا السلوك مخطئ فاعذروني واقبلوا استقالتي واتركوني أتابع طريقي مع من يبقى معي في هذا الطريق واختاروا غيري للقيادة ولرئاسة المجلس.
واسمحوا لي بأن أقول لكم ما قاله إمامنا الحسين (عليه السلام) لأصدقائه: "ألا ومن كان منكم باذلًا مهجته راغبًا في لقاء الله فليرحل معنا فإني راحل مصبحًا إن شاء الله".
على هذه العبارات في اجتماع الهيئة العامة، التزمت أنا وزملائي أعضاء المجلس أمامكم وأمام الوطن وقد مرت سبعة أشهر على الاجتماع.
إن زملاءكم أعضاء الهيئتين الشرعية والتنفيذية، بناء على توصيتكم واستجابة لرغبة أبناء الطائفة اجتمعوا في جلسة مشتركة وأقروا مبدأ التمديد حتى 65 سنة." وهذا هو القرار أمامكم لأجل البحث فيه.
إذًا، فالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بهيئاته، قطع الطريق على المشككين والمترددين الذين كانوا يتهمون أبناء هذه الطائفة بالنفس القصير بإمكان تضليلهم بسهولة.
وأكثر من ذلك، (أنا أعتذر جدًا من السادة أعضاء الهيئة العامة الكرام الذين وقفوا، وما هذا إلا دليل شعورهم بأن هذا بيتهم، وبأن تحمل بعض العذاب في سبيل كرامة الطائفة وعزتها أمر تهون دونه المتاعب) وأكثر من ذلك فقد أثبت المجلس أن ما في نفس بعض السلطات الحاكمة من انتظار النهاية لموسى الصدر وانهيار حركة المحرومين ﴿سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده﴾ [النور، 39].
أقول ذلك، متألمًا وجازمًا، وإلا فلمصلحة من إهمال هذه المطالب الوطنية التي اعترفت بها الدوائر الرسمية والخبراء بضرورتها وبواقعيتها وبإمكان تنفيذها.
فلمصلحة من تجاهل الضغوط الشعبية والتظاهرات والاجتماعات الكبرى التي حصلت طوال 15 شهرًا؟
لمصلحة من تجاهل جهود المثقفين في لبنان؟ ناهيك من اجتماع أبناء الطائفة وعن تجمع كافة المحرومين في جميع المناطق ولأول مرة في تاريخه.
إنني أؤكد متألمًا أن آخر الأعذار لدى السلطات، وهو انتظار سقوط السيد موسى ونهاية الأسطورة، قد سقط من غير رجعة. أرجو من المنظمين ألا يعملوا فوضى.
أمام هذا الوفاء، نحن اليوم نؤكد ليس فقط وحدة كلمتنا ووحدة الطائفة، بل نؤكد انضباطنا وسعة صدرنا وانفتاح قلوبنا، وبعد تحمل المجلس المسؤولية من قبل ومن قبل جميع أبناء الطائفة ومن قبل جميع المحرومين، ما هو موقفنا؟
أمام إيماننا باللّه، أمام تفانينا لوطننا العزيز الذي يعاني محنة اجتماعية خطيرة، أمام احترامنا المطلق لإنسان وطننا، أمام القسم الذي أقسمناه، أمام الأمانة الغالية التي تحملناها، ما هو موقفنا؟
لقد شعرت مع بعض الرفاق ومن خلال ظواهر عدة، بعد اجتماع الهيئة العامة في أيلول، أن هناك محاولة لئيمة لإبراز حركة المطالبة في مظهر طائفي وجعلها موجهة ضد قسم من المواطنين اللبنانيين...
تجنبًا لهذا المنزلق الخطر، ولكي لا نجد أنفسنا امام مواطنين في الصراع بدلًا من الظالمين والمستبدين والمحتكرين.
تجنبًا لهذا المنزلق الخطر، بدأنا باتصالات مكثفة مع بقية الطوائف اللبنانية وكان من نتائجها صدور بيان موقع من 190 مثقفًا من كبار المثقفين في لبنان وشهادات حق من مختلف الشخصيات اللبنانية الكبرى، أعتز بها وأسجل هنا واحدة منها، هي شهادة غبطة البطريرك أنطونيوس خريش بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، حيث اعتبرني عندما زرته في بكركي، حاملًا لواء الدفاع عن الجنوب، واعتبر هذا المجلس بيتا لجميع اللبنانيين دون استثناء عندما زارني ردًا للزيارة، وزار المجلس، أعتبر هذا البيت بيتًا لجميع اللبنانيين دون استثناء، متمنيًا أن تكون بيوت الطوائف الشقيقة الأخرى هي أيضًا للجميع دون استثناء...
أيها الزملاء الكرام،
إن أهم محنة في لبنان، بل إن أم المحن في لبنان ذلك السلاح الخطر الذي ركزه المستعمر في قلب هذا الوطن ويستعمله المستغلون الذين لا يريدون خيرًا إلا لأنفسهم ولا يجدون مصلحتهم إلا في تجميد الوضع الاجتماعي في لبنان.
هذا السلاح هو تحويل الأزمات، كل الازمات، إلى الأزمة الطائفية، يعني إلى الباب المسدود، هذا السلاح هو استعمال الدين، في سبيل خدمة الكفر، والحق في سبيل الباطل، والعدل في سبيل الظلم، والرحمة في سبيل القسوة.
إن لبنان يعاني أزمة جمود وركود، يتأخر، يتخلف يفقد دوره في المنطقة، يتجاوزون عليه ولا يرد، يعتدون عليه ويسكت، التفاوت بين المناطق يزداد، الطبقة الوسطى تسحق، آلام المحرومين تزداد، المشكلة الاجتماعية تتفاقم، مشاكل الأمن والغلاء وفساد الإدارة والمحسوبيات في كل شيء وغيرها تتعاظم.
وأمام هذه المشاكل وفي سبيل حل هذه العقد نجد دائمًا أمامنا أيدٍ خبيثة، هي الأعداء الحقيقيون للبنان، تحاول أن توجه كل مطالبة، كل احتجاج، كل حركة، هادئة أو صاخبة، نقد مخلص، إلى عمل طائفي، تخريبي، ضد لبنان وكيانه.
وسرعان ما تتفاعل الصورة المشوهة ويتأزم الموقف ثم ينفرج من خلال لقاءات طائفية مجاملية أو تقسيم مكاسب بين أفراد معينين ويبقى الشعب محرومًا والمشكلة مستمر.
إن هذه المشكلة الكبرى يجب التصدي لها، بل الواجب الأول علينا جميعًا وعلى جميع المواطنين أن نضع حدًا نهائيًا لها، وحركة المحرومين نالها قسط وافر من هذه المحاولة، وللعلاج وضعنا الخطوات الآتية:
أولا، السعي المستمر لإطفاء النيران التي تلتهب هنا وهناك وتصحيح صورتها وإعطائها البعد الحقيقي، وقد شهدت الليالي في هذا المكان اجتماعات حتى الفجر تقوم بمسؤولياتها الوطنية لا سيما في أعقاب حوادث صيدا المؤلمة.
ثانيًا، وضع ميثاق لحركة المحرومين يحدد أبعادها وتطلعاتها وهذا هو نص الميثاق:
ان جذور حركة المحرومين في لبنان تمتد عبر الزمن وتلازم وجود الإنسان منذ ان كان، وطموحه نحو حياة أفضل، تلك الغريزة التي تدفعه للتصدي لكل ما يفسد عليه حياته ويجمد مواهبه أو يهدد مستقبله.
لذلك فإنها حلقة من الحركة العامة الممتدة في التاريخ، وقد قادها الانبياء والاولياء والمصلحون ودفعها المجاهدون واغناها الشهداء الخالدون.
وهذا الترابط العميق عبر التاريخ، وهذه المواكبة الشاملة في انحاء العالم، وهذه التجربة المعاشة للإنسان، كل إنسان، تعزز حركة المحرومين في لبنان وتنير طريقها ويضمن استمرارها ونجاحها.
وعندما نحاول رسم معالم هذه الحركة في لبنان، بما للبنان من أبعاد حضارية وبما لهذه الفترة الزمنية الحافلة بالأحداث وما لهذه المنطقة الحساسة من العالم، التي بدأت تدخل مجددًا في التاريخ من بابه الواسع من تفاعلات. عندما نحاول أن نرسم معالم هذه الحركة نجد الأبعاد التالية:
1- إن هذه الحركة تنطلق من الإيمان الحقيقي باللّه، لا بمفهومه التجريدي، فإنه الأساس لنشاطاتنا الحياتية وعلاقاتنا الإنسانية كافة، وهو الذي يجدد باستمرار عزيمتنا وثقتنا ويزيد طموحنا ويصون سلوكنا.
وهي تعتمد على أساس الإيمان بالإنسان، بوجوده، بحريته، وبكرامته. والحقيقة أن الإيمان بالإنسان هو البعد الأرضي للإيمان باللّه، بعد لا يمكن فصله عن البعد السماوي، والينابيع الاصيلة للأديان تؤكد ذلك بإصرار.
2- إن حركة المحرومين انطلاقًا من هذه المبادئ تؤمن بالحرية الكاملة للمواطن وتحارب بلا هوادة كل أنواع الظلم من استبداد واقطاع وتسلط وتصنيف المواطنين وتعتبر ان نظام الطائفية السياسية لم يعطِ ثماره وهو الآن يمنع التطور السياسي ويجمد المؤسسات الوطنية ويصنف المواطنين ويزعزع الوحدة الوطنية.
3- أما تراثنا العظيم في لبنان وفي الشرق كله، الحافل بالتجارب الإنسانية الناجحة المشرق بالبطولات والتضحيات، الزاخر بالحضارات والقيم، هو الذي يرسم الخطوط التفصيلية وينير لنا الطريق ويؤكد أصالتنا ويعطي سببًا واضحًا لوجودنا وسندًا قاطعًا لمشاركتنا الحضارية... وبنفس الوقت، فان، الاستفادة من التجارب الإنسانية في أقطار الأرض مع الاحتفاظ بالأصالة هي دليل رغبتنا الأكيدة إلى الكمال والتقدم وقناعتنا بوحدة العائلة البشرية وتفاعلها.
4- ترفض الحركة الظلم الاقتصادي وأسبابه من احتكار الإنسان واستثماره لأخيه الإنسان (...) وتحول المواطن إلى المستهلك، والمجتمع إلى تجمع المستهلكين، وحصر النشاطات الاقتصادية من أعمال الربا والتحول إلى السوق للإنتاج العالمي.
وتعتقد أن توفير الفرص لجميع المواطنين هو ابسط حقوقهم في الوطن، وأن العدالة الاجتماعية الشاملة هي أولى واجبات الدولة.
5- إن حركة المحرومين هي حركة وطنية تتمسك بالسيادة الوطنية وبسلامة أرض الوطن وتحارب الاستعمار والاعتداءات والمطامع التي يتعرض لها لبنان.
والحركة هذه تعتبر أن التمسك بالمصالح القومية وتحرير الأرض العربية وحرية أبناء هذه الأمة هي من صميم التزاماتها الوطنية لا تنفصل عنها.
وغني عن القول إن صون لبنان الجنوبي والدفاع عن تنميته هما جوهر الوطنية وأساسها، اذ لا بقاء للوطن من دون الجنوب ولا تصور للمواطنية من دون الوفاء للجنوب.
6- فلسطين، الأرض المقدسة التي تعرضت ولمَّا تزل لكل أنواع الظلم، هي في قلب حركتنا وعقلها، وأن السعي إلى تحريرها أول واجباتها، وأن الوقوف إلى جانب شعبها وصون مقاومته والتلاحم معها شرف الحركة وإيمانها. وخصوصًا أن الصهيونية تشكل الخطر الفعلي والمستقبلي على لبنان وعلى القيم التي نؤمن بها وعلى الإنسانية جمعاء، وأنها ترى في لبنان، بتعايش الطوائف فيه، تحديًا دائمًا لها ومنافسًا قويًا لكيانها.
7- هذه الحركة لا تصنف المواطنين ولا ترفض التعاون مع الأفراد أو الفئات الشريفة التي ترغب في بناء لبنان أفضل. إنها ليست حركة طائفية ولا تهدف إلى تحقيق مكاسب فئوية بل هي حركة المحرومين جميعًا. إنها عمل خيري أو موعظة أو توجيه، إنها تتبنى الحاجات وتعيش حرمان المواطنين وتدرس الحلول وتتحرك فورًا لأجلها وتناضل إلى جانب المحرومين إلى النهاية.
لذلك، فإنها تعتقد انها حركة اللبنانيين الشرفاء جميعًا، أولئك الذين يحسون بالحرمان في حاضرهم وأولئك الذين يشعرون بالقلق على مستقبلهم. إنها حركة اللبناني نحو الافضل.
ثالثًا، التحضير لإيجاد جبهة وطنية مؤلفة من كل القوى المتطلعة من النقابات والاحزاب والصحافة والطلاب وممثلي المناطق، ووضع ميثاق للعمل على تصحيح الاوضاع الاجتماعية وتطويق محاولات التشويه والسير معًا في اتجاه الهدف".
أيها الزملاء الأعزاء،
إن الالتزامات التي وردت في البيان السابق من السعي لأجل تأسيس هيئة وطنية تقوم بالاتصالات مع المواطنين مقيمين ومغتربين ومع الأشقاء العرب لصيانة الجنوب، قد بدأ بالفعل.
أما الخطوات العملية لتحقيق الالتزامات، فكانت عدة مشاريع في طليعتها مشروع صندوق تأمين نشاطات التنمية كافة في الجنوب، المشروع الذي نعتبره أم المشاريع، ورحم الله الفارس العربي فقيد العروبة والإسلام الملك فيصل، فقد تبنى المشروع وأبدى قناعته به وحماسه له، وها نحن نستمر في الاتصالات.
أما مشروع المستشفى فبعد أن خابت آمالنا في مختلف الجهات، وثرنا لكرامتنا، ورفضنا الشروط الضمنية فرفضنا بعد ذلك ومنذ شهر تقريبًا، توكلنا على الله وآمنا واستمر إيماننا بأن جهود ابنائنا والمواطنين سوف لا تخذلنا، وأن الله ينصرنا إذا نصرناه في خدمة خلقه، وسنبدأ ببناء مستشفى كبير يتضمن 400 سرير منها 150 سريرًا مجانيًا. ويضم مدارس للتمريض وتدريب مختلف اختصاصات المستشفيات، سنبدأ به وننهيه خلال 20 شهر بإذن الله، وسنحتفل قبل نهاية عهد المجلس الحالي بوضع الحجر الأساسي في الأرض التي قدمتها لنا مشكورة بلدية الغبيري في منطقة الجناح بئر حسن.
وبعد هذا الاجتماع الحاشد وإثبات وحدة الكلمة وحضور هذا العدد الضخم من العلماء والمثقفين ومن قطاعات العمل وقطاعات النقابات ومختلف المناطق، بعد هذا اليوم العظيم، وتحدث عن بعض المطالب المطروحة. وحول المطالب المطروحة أقف اليوم وأمد يدي للمرة الأخيرة إلى السلطات، طالبًا منها الرفق بالبلاد وبالناس والشروع في تنفيذ المطالب وإنهاء الإهمال والتجاهل وتحسب النتائج الوهمية وإيجاد موقف موحد عام للضغط على السلطات لتصحيح الأوضاع الاجتماعية.
إن طلباتنا هي مطالب المواطنين ولا ضير على الحاكم إذا استجاب لنداء الشعب، بل الحاكم الأشرف هو الأكثر تلبية لطلبات الشعب لأنه الأكثر وفاء للأمانة.
إن التجاهل والإهمال لا يعالجان مشكلة، حتى ولو كانا بحجة الالتهاء بالظروف الطارئة، إنهما يجمدان وينميان المشكلات.
إن اللجنة المكلفة إحصاء الحضور من الأعضاء وضعت تقريرها فتبين أن عددهم يبلغ 994 عضوًا.
أرجو أن تتحملوا بصدوركم وأجسادكم طول اللقاء وحرارة الجو. والهيئة العامة أوصت في السابق بتمديد ولاية رئيس المجلس حتى الـ 65 من عمره، واجتمعت الهيئتان الشرعية والتنفيذية وأقرتا التوصية، وسيتلو الأمين العام للمجلس الدكتور أحمد ذروة نص التعديل الذي أقر، ثم نستمع إلى دراسة موجزة للمحامي محسن سليم عن شرعية التعديل، ودراسة أخرى للقاضي سميح فياض باللغة الفرنسية، ثم نستمع إلى الذين يرغبون في الكلام ثم نجري التصويت.
لقد التقيت بمسؤول كبير فرنسي في أزمة أيار الكبرى في فرنسا وكان البلد على حافة الحرب الأهلية فوجدته هادئًا متفرغًا لموضوع جلستنا والموضوع وهو تزويد المؤسسة المهنية في صور بمعدات وبخبراء، فقدرت إخلاصه وهدوء أعصابه وعرفت سر عظمة الأمم والشعوب.
إن الإحراج لن يكون في تلبية المطالب، فإذا قام رئيس طائفة أخرى وطلب مشابهات لمطالبنا وكان على حق من طلبه، فهذا هو المطلوب وليس الإحراج.
إننا نشجع ويجب أن نشجع قيام مواطنين في مستوى المسؤولية يعيشون آلام الناس مخلصين ودون صفة التمثيل السياسي نشجعهم. ويجب أن نشجع هؤلاء الذين يشكلون صمام الامان لكل وطن ولكل مواطن.
وإلى جانب هذا النداء الاخير الغاضب المعاتب إلى السلطات، نوجه -واسمحوا لي ان اوجه باسمكم جميعا نداء أخويًّا ومعاتبا إلى الشعب اللبناني جميعًا.
إنكم جميعًا تعيشون أيام الاعياد، المولد والهجرة والفصح والبشارة، نهنئكم بقلوبنا وندعو الله العلي القدير أن يبارك لكم هذه الأيام.
هناك قسم كبير من اللبنانيين لا عيد لهم، لا لأنهم ليسوا مسيحيين أو مسلمين، لا بل إنهم النخبة المؤمنة الأقرب إلى الله، بل لأنهم المحرومون الذين تمر الأعياد عليهم والألم والقلق والحرمان والخجل تلفهم أن العيد يتبارك بشموله وبسعيكم لإسعادهم ولأعيادهم إذا صح التعبير، والسعي ليس بقراءة اخبارهم وبالحزن المترف على آثارهم، بل بالتحرك الشعبي الشامل وبإيجاد أمن وحياة سعيدة وفرص للعيش لهم جميعًا.
بهذا يرضى عنا المسيح، وبهذا تدخل السرور في قلب محمد، لا برفع شعارات مثيرة، منطلقة عاطفية تصون الاستغلال والاحتكار والاستئثار بل ندافع عنها من دون شعور الممارسين بقلق وخوف من المحاسبة بعد أن فقدوا خوفهم من ربهم.
وإذا كان من كلمة ختامية، فهي التبرك بالآية الكريمة: ﴿وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ [البقرة، 195] ففي الامتناع عن خدمة المعذبين فطنة الهلاك وفي الامتناع عن الإنفاق بالنفس في سبيل الله وفي خدمة الإنسان هلاك وذل وخروج عن موكب التاريخ.
فيا أيها المحرومون، نحن على العهد، ويا أبناء الطائفة في لبناننا، نحن على عهدنا: نعمل، نناشد، نشقى، نموت لأجلكم. سبحانك الله سننصرك بجانب الوقوف إلى خلفك فانصرنا ولله عاقبة الأمور.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملحق بيان ببعض ما نفذ وما سينفذ
1. على الصعيد الداخلي:
تمكن المجلس على الصعيد الداخلي من تحقيق:
* شراء قصر متناسب لمقره بسعر مناسب جدًا ومن ترميمه وتأثيثه.
* وضع نظام داخلي ونظام مالي دقيق ونظام الموظفين والأجراء والجباة.
* تأسيس الجهاز الإداري وتنظيم المكاتب والخدمات في المجلس وخارجه.
* تملك خمسة عشر ألف متر في منطقة الجناح ــ بئر حسن ــ على الأوتوستراد.
* فتح فروع في بيروت وفي دكار والقاهرة.
2. على صعيد الدراسات والأرشيف:
إن الدراسة ضرورية لكل عمل والأرشيف حاجة ملحة في عصرنا لذلك فقد أصر المجلس على هاتين المهمتين ووضع الدراسات التالية:
* الأوقاف العامة في أقطار لبنان الخاصة بالطائفة.
* إحصاء الطاقات والكفاءات والفئات العاملة والأجيال الصاعدة والجمعيات والأندية والحركات الرياضية والاجتماعية والشخصيات من أبناء الطائفة.
* إحصاء دقيق عن الموظفين في لبنان وعن أبناء الطائفة منهم بصورة خاصة.
* أوضاع المناطق وبعض المشاريع الضرورية والممكنة لها.
* دراسة كاملة عن مشروع الليطاني ونهر العاصي وعن المياه والثروة الحيوانية والمناجم وزراعة التبغ وعن أوضاع الطرق والصحة العامة والمدارس.
* معلومات مبوبة عما يهم الطائفة والمواطن والتي نشرت خلال هذه المدة في المجلات والصحف اليومية.
* بعض الدراسات الإنمائية المناسبة لمناطق الجنوب والبقاع والهرمل.
* دراسة لشركة التأمين لمختلف النشاطات الإنمائية في الجنوب تمهيدًا لتمكين المؤسسات والأشخاص من توظيف أموالهم فيه رغم وجود الأخطار.
3. على صعيد الخدمات العامة:
* إقامة حي سكني جديد يشتمل على مئات من البيوت في منطقة العمروسية باسم قرية الصدر النموذجية بالتعاون مع سكانه الذي استملكت بيوتهم للجامعة اللبنانية والتي كانت في منطقة ضهر الريحان من الحدث.
وسيتابع المجلس سعيه لمشاريع مماثلة لسكان حي رحال قرب قصر العدل وسكان حي الرمل العالي في برج البراجنة وسكان حرش ثابت في بئر حسن وغي ذلك بإذن الله.
مصالحة عامة ومصالحات مفصلة بين العشائر سيما في منطقة بعلبك الهرمل.
المساهمة والمبادرة بإقامة عشرات من المساجد والنوادي والمدارس والمستوصفات بالتعاون مع أبناء المناطق في أرجاء لبنان.
* إيواء ستمائة طفل في المؤسسات الجديدة أو الموسعة.
* تأمين منح دراسية في مختلف مراحل التعليم في لبنان وفي الخارج.
* مدرسة مهنية كبرى في صور، ومؤسسات للفتيان مهنية، تمريض، مكافحة الأمية.
* البدء بتأسيس مدرسة مهنية زراعية بالتعاون مع هيئة النضال في اللبوة ــ قضاء بعلبك.
* المساهمة في تأسيس ميتم بعلبك.
* تأسيس صناعة السجاد العجمي ــ صناعة كاملة.
وللمجلس مكاتب خاصة لقضاء حاجات المواطنين وملاحقة معاملاتهم والدفاع عن حقوقهم.
4. على صعيد الشؤون الدينية والأخلاقية:
* البدء بالقيام بالرعاية الدينية في المناطق وفي بعض المهاجر وبعض السجون والمستشفيات والتعليم الديني في بعض المدارس والمحاضرات في الجامعات والأندية والثانويات.
* تنظيم البرامج الدينية في الإذاعة والتلفزيون في المواسم الدينية وخاصة في رمضان والجمعة ومحرم والسعي لرفع مستوى التوجيه الديني.
* السعي الحثيث لتصحيح الأوضاع الأخلاقية ومكافحة أسس الفساد المستشري في مجتمعنا ومنع البواعث الخطرة نظير حفلات وودستوك وغيرها،
* السعي المستمر لتوحيد الشعائر الإسلامية مع بقية المسلمين والقيام ببعض النشاطات المشتركة والاجتماعات الدورية على مختلف المستويات.
* السعي المشترك مع الطوائف الشقيقة اللبنانية لمختلف القضايا الأخلاقية ولإعادة التعليم الديني في المدارس.
* المشاركة الفعالية في مؤتمرات إسلامية عالمية في الرباط والقاهرة والجزائر وإبراز الواقع الفقهي الاجتهادي وحقيقة العقيدة للعالم الإسلامي.
* الرحلات المتعددة المستمرة تمهيدًا للمزيد من الانفتاح والتعارف وللتعاون وإزالة رواسب الماضي.
* البدء بوضع منهج توجيهي عام بالاشتراك مع السادة علماء الدين في ضوء الأوضاع الحالية.
* التعاون الوثيق وتقديم مختلف المساعدات لجامعة النجف وعلماء الدين في إيران سيما في ظروف محنتهم الحالية.
* الاهتمام بتنظيم الشعائر في الأعياد الإسلامية وفي المسائل العائدة إلى مرجعية الشيعة في العالم ــ احتفالًا وإعلامًا وإيضاحًا.
5. على صعيد القضايا الوطنية:
عاصر المجلس في السنوات الست الماضية محنة وطنية وأخطار هددت البلاد بالحروب الأهلية والكوارث.
فقد رافق تأسيس المجلس أزمة حكم استمرت سبعة أشهر بقيت الوزارة مستقيلة.
وتجددت الأزمات سنة 1971 وما تلاها وأخيرًا في أيار 1973.
كان المجلس هو المبادر لمعالجة هذه المحن وقام بدور فعال، من خلال تجمعات ومؤتمرات لرؤساء الطوائف ووساطات مع الأطراف المعنية ومع بعض الدول العربية الشقيقة، وجنب البلاد كثيرًا من الويلات.
كما أن للمجلس موقفًا معلنًا من المقاومة الفلسطينية منذ تأسيسه حتى الآن معتبرًا ان المقاومة هي الحركة الوحيدة التي تسعى إلى تحرير فلسطين من عدوها وعدو العرب بل الإنسانية جمعاء ــ إسرائيل ــ وهذا الهدف واجب وطني وديني كبير.
لذلك كان له في حرب رمضان 73 مواقف ومساهمات مالية ومعنوية وإعلامية لنصرة العرب سيما لدعم سوريا ومصر في حربهما المشرفة.
وسيستمر في الخط حتى يصبح قلعة خدمة الحق والمحرومين ويكون تجديدًا لتاريخ هذا المذهب المناضل المعتمد على أصلي الاجتهاد والجهاد.
6. الجنوب:
إن الأخطار التي تهدد الجنوب اللبناني ــ منطقة جبل عامل ــ جعلته الهم الأول من هموم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى خلال السنوات الماضية حتى الآن.
فالدراسات والنصائح والمقابلات والاحتجاجات بلغت أوجها في إضراب عام دعا إليه المجلس في أيار 1970 وشمل لبنان بأسره أدى إلى:
تأسيس مجلس الجنوب وما قدمه في المرحلة الأولى من مشاريع عامة وخدمات وتعويضات. وإعطاء آلاف من الدونمات رخص لزرع التبغ في القرى الأمامية. وحفر الملاجئ في بعض القرى. وتقديم لوائح التسلح وخدمة العلم إلى مجلس النواب وقد تجمدت حتى الآن هناك إخراج قضية الجنوب عن الصمت الرهيب الذي أحاط بها حتى دخلت الرأي العام اللبناني والعربي والعالمي. حتى إنها طرحت في الهيئة العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية من قبل المسؤولين اللبنانيين من قبل قائد الثورة الفلسطينية الأخ أبي عمار.
رابعًا ــ المناقشة العامة
إخواني،
بالنسبة للنصاب، إن اللجنة المؤلفة بالقرار رقم 15 تاريخ 29/3/1975 لإحصاء عدد الحضور من أعضاء الهيئة العامة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في اجتماعها هذا، تقدمت بتقرير تثبت فيه أنها، بعد ان دققت أسماء الحاضرين وطابقتها على لوائح أعضاء الهيئة المذكورة، أحصت عدد الأعضاء الحضور في هذا الاجتماع الذين دخلوا هذه القاعة حتى الساعة الرابعة والنصف بلغ /994/ عضوًا (تسعمائة وأربعة وتسعين) إذًا، النصاب مؤمن لهذا الاجتماع.
إخواني،
نحن كما شاهدتم الدعوة، وأرجو ان يتحمل صدركم وجسمكم الذي يعيش الآن حرارة الجو وحرارة المحبة وحرارة العاطفة، نحن دعونا الهيئة العامة لغاية معينة ومحددة في الدعوة ذلك ان الهيئة العامة كانت في اجتماعها السابق بتاريخ 13/9/1974 اتخذت قرارات وتوصيات درستها فيما بعد الهيئتان الشرعية والتنفيذية، كهيئة موحدة في جلسة مشتركة، وبعد ان اطلعت الهيئة الموحدة على دراسة قانونية قدمها عضو الهيئة التنفيذية القاضي الكبير الأستاذ سميح فياض وهي مستندة إلى الاجتهاد والفقه الفرنسيين اتخذت قرارًا بتاريخ 25/11/1974 بتعديل أحكام المواد 12 و15 و19 من قانون تنظيم شؤون الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان الصادر برقم 72/67 تاريخ 19/12/1967 وبإلغاء كل نص مخالف وارد في النظام الداخلي للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الصادر بالقرار رقم 15/69 تاريخ 21/8/1969، وذلك سندًا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 31 من القانون المشار اليه، ومن أجل تحقيق التوصيات السالف ذكرها وأخذا بالروح التي آملتها وها أن عضو الهيئة التنفيذية المحامي الأستاذ محسن سليم يوزع على أعضاء الهيئة العامة في اجتماعها الآن دراسة قانونية وضعها حول شرعية تعديل المواد 12 و15 و19 المذكورة.
وتابع سماحة الإمام يقول: ان قرار الهيئتين الشرعية والتنفيذية يصبح نافذًا بذاته عندما يقترن بموافقة الهيئة العامة، وأن هذه الهيئة مدعوة في اجتماعها هذا، على النحو المبين في إعلان الدعوة، لتقرر الموافقة أو عدم الموافقة على قرار الهيئتين السالف ذكره.
خامسًاــ القرارات
إلا أن الجميع رفعوا أيديهم واصواتهم طالبين التصويت على التعديل بجعل الولاية 65 عاما قبل قراءة أية دراسة وقبل قراءة نص التعديل، لكن الصدر قدم الدكتور ذروة ليقرأ تعديل المواد التي صادقت عليها الهيئتان الشرعية والتنفيذية وهذا نصهما:
"المادة الاولى: تعدل المواد 12 و15 و19 من القانون الرقم 72/67 على الوجه الاتي:
المادة 12 الجديدة: مدة ولاية رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تستمر حتى اتمامه الخامسة والستين من العمر، ولا يعفى من منصبه الا لدواع صحية أو لأسباب خطيرة تقدرها الهيئتان الشرعية والتنفيذية المجتمعتان معا في جلسة خاصة تدعيان اليها من قبل الامين العام للمجلس حتما بمجرد تقديم طلب خطي موقع من عشرة اعضاء على الاقل وذلك خلال عشرة أيام على الاكثر من تقديمه وتتخذ الهيئتان قرار الاعفاء بأكثرية ثلثي الهيئتين وقرارهما مبرم وملزم.
ويطبق هذا النص على الرئيس الحالي للمجلس.
المادة 15 الجديدة: يكون لرئيس المجلس نائبان اول وثان تنتخبهما الهيئتان الشرعية والتنفيذية مجتمعتين معا وبالأكثرية النسبية، على ان يكون النائب الاول من الهيئة الشرعية والثاني من الهيئة التنفيذية وتكون مدة ولايتهما مدة ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية.
المادة 19 الجديدة: تنتخب الهيئتان الشرعية والتنفيذية مجتمعتين من بين اعضاء الهيئة التنفيذية امينا عاما بالاقتراع السري وبالأكثرية النسبية وتكون مدة ولايته مدة ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية وتلازمه هذه الصفة في ما يتعلق بهيئات المجلس الثلاث وتحدد صلاحياته في النظام الداخلي.
المادة الثانية: يلغى كل نص مخالف وارد في احكام القرار رقم 15/969 المحدد للنظام الداخلي للمجلس.
مبايعة إجماعية
إن طالبي الكلمة كثيرون وفي مقدمهم الرئيس حماده، والرئيس حماده بذل خلال الأيام الماضية من الجهد والاهتمام ما يغنيه ويغنينا عن الكلام، وللرئيس حمادة خدمات كبرى للمجلس الشيعي منذ بداية تأسيسه. إن هذا اللقاء الشامل الذي يحصل للمرة الأولى لدى الطائفة الشيعية على رغم بعض الحساسيات والعتاب من إخوة لنا، فإنه جميل ونابع وباعث للخير سيكون بداية بناء جديد للطائفة الشيعية وبداية بناء جديد للبنان العظيم، الذي للطائفة الشيعية الدور الكبير في تكوينه ومجده وثقافته وحضارته، وعندما بنينا نحن بني لبنان، وعندما لا نكون نحن فلا يكون لبنان في الوضع الجيد. حدود لبنان يحميها أبناء هذه الطائفة، واراضي لبنان يزرعها أبناء الطائفة، ومهاجرو لبنان الذين اغنوه هم من أبناء الطائفة. مجد لبنان وثقافته وحضارته كلها تعتمد كلها إلى حد كبير على تاريخ علماء جبل عامل والبقاع وما بينهما.
إن المستقبل هو للطائفة الشيعية وهو لأبناء الطائفة. وهذه الهيئة المتكاملة في جلسة اليوم نقف الوقفة الواحدة التي تجعلنا نفتح صفحة جديدة في تاريخنا، نمد يدا نصافح بعضنا بعضا ونطرح الاقتراح على التصويت.
حسب رغبة كثير من الإخوان، نطرح الاقتراح على التصويت، ونرجو الذين يؤيدونه ان يقفوا ويصوتوا برفع الأيدي.
فرفع الحاضرون أيديهم وانطلقت صيحات "الله أكبر".
وهنا أعلن سماحة الإمام قرار الهيئة العامة بالموافقة بالإجماع على قرار الهيئتين الشرعية والتنفيذية المتخذ بتاريخ 25/11/1974، والمثبت نصه في هذا المحضر أعلاه.
ودوت قاعة الاجتماع بتصفيق حاد من جميع أعضاء الهيئة العامة المجتمعين.
قال الإمام الصدر: "الحمد لله..." ولم تدعه أصوات الرصاص الكثيف يكمل كلامه. واستمر إطلاق الرصاص زهاء خمس دقائق، حاول خلالها الصدر أن يحمل المسلحين على التوقف... وقال: "الحمد لله رب العالمين الذي أظهر الحقائق..." وانطلقت عاصفة من التصفيق.
الحمد لله رب العالمين،
أيها الأخوة، أخواني الأعزاء،
التصفيق الحقيقي هو بوحدة كلمتنا، بتلبية مطالبنا، بالسير الجماعي في الطريق الواحد، أعاهدكم على السير في طريق أهدافكم، وأعاهد الله سبحانه وتعالى على جعل كل ما أملك من الطاقة من دون سلبية للطائفة من دون انحراف، وسنستعمل كل الطاقات في سبيل خدمة الطائفة الشيعية. نرجو أن نؤدي قسطًا من واجب الشكر والخدمة والوفاء تجاه هذا الموقف الكريم... والسلام عليكم.
