موقع الحرية في الاصلاح والتجديد

calendar icon 02 كانون الأول 2004 الكاتب:اغناطيوس الرابع هزيم

مثله المطران الياس نجم
* مؤتمر "كلمة سواء" التاسع: موقع الحرية في الاصلاح والتجديد




بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسماحة والسيادة

أيها السادة الكرام

بإسم غبطة البطريرك إغناطيوس الرابع هزيم بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وبإسمي شخصياً أرحب بكم جميعاً وأخص بالذكر السيدة رباب الصدر شرف الدين الامرأة الفاضلة الكريمة التي عانت وتعاني الكثير بسبب غياب أخيها سماحة الإمام موسى الصدر وبظروف لا زالت غامضة عسى أن تنكشف حقائقها قريباً وتنجلي الغيوم ويعود سماحة الإمام إلى أهله ووطنه ومعلماً ومرشداً.

أيها السادة

في هذا المؤتمر الذي يحمل شعار (كلمة سواء) تحت عنوان (موقع الحرية في الإصلاح والتجدد) أسأل الله أن يشملنا جميعاً برحمته وهدايته وأن يوفقنا في مؤتمرنا هذا لما فيه خير مجتمعنا وأن يكون مردوده إيجابياً بناء خدمة للأجيال الطالعة. إن نفوسنا تواقة ومشتاقة إلى تحقيق الحرية لدى كافة جماهيرنا وكما جاء في إنجيل لوقا (روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين المنكسري القلوب لأنادي للأسرى بالحرية وللعميان بعودة البصر إليهم لأحرر المظلومين). وكما جاء في رسالة بولس: (المسيح حررنا لنكون أحراراً فاثبتوا إذن ولا تعودوا إلى نير العبودية). والسيد المسيح قادنا من العبودية إلى الحرية.

وإننا إذ نستذكر في هذه المناسبة القيمة صفات سماحة الإمام موسى الصدر والذي نستلهم منه عنوان مؤتمرنا هذا الذي هو: (موقع الحرية في الإصلاح والتجديد) لا بد من التعبير عما يخالج صدورنا من المزايا الكريمة التي كان يتمتع بها سماحته إذ ارتسم الصفاء عنده على صفحة بيضاء وجبينه الوضاء كانت تطل من خلفه آفاق. غزير الرؤى عميق الغور بعيد اللفتات.

وفي العودة إلى موضوع ندوتنا هذه نستذكر شاعرنا العربي الكبير أمير الشعراء أحمد شوقي في قوله: (وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق). فالحرية هي نتاج نضال طويل للشعوب من أجل الانعتاق من كافة أصناف العبودية.

وهي مدرسة بحد ذاتها تعلم الأجيال التوق نحو تحقيق أهداف الإنسان المثلى للعيش بتساوٍ على سطح الكرة الأرضية. ولكي نصل إلى الهدف المنشود لتحقيق ذلك فما علينا إلا أن نقتدي بما علمنا إياه الرسل والأنبياء، إلى الأقدمين من الكبار من علماء الاجتماع ونخص بالذكر عمر بن الخطاب بقوله الشهير: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) وأنطون سعادة بقوله: (إن لم تكونوا أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم).

أيها الأخوة:

الحرية هي كما الهواء والماء والغذاء وهي بحاجة دائمة وماسة إلى إصلاح وتجديد وحيوية لتسود العدالة الاجتماعية وتترسخ هذه الحرية وتعم الفرد والمجتمع على حد سواء فتعيش المجتمعات البشرية حياة مثالية متكاملة لا يسود فيها الطغيان والظلم والاستعباد بل الانسجام وتكافؤ الفرص والإلفة والمحبة لأن هبات الله عز وجل لهذا الكوكب الأرضي كافية لسعادة كل الناس بدون استثناء شرط أن تسود العدالة وتعم الحرية مع ما يرافق هذا من إصلاح وتجدد دائمين مواكبة للعصر ومعطياته وتطوره. فكما الإنسان بحاجة إلى الغذاء والماء ليستمر في الحياة هو كذلك بحاجة إلى الحرية وبنفس السوية لتكتمل ظروف حياته والحرية أيضاً تتكامل مع وحدتنا في مواجهة الصعاب.

أيها الأخوة

نحن أوفياء للحركة التي قادها سماحة الإمام موسى الصدر والتي  انطلقت من رحم الواقع العربي واستلهمت حضارة عربية قديمة سادت على مدى قرون خلت وساهمت من خلال القيم الإنسانية التي حملتها في تطور الحضارة العالمية.

إن في هذه الحركة تتجدد الحركات الأصيلة والعمل لإزالة الشوائب والمعوقات لينعم المجتمع بالخير والحق والجمال.

بالمناسبة إننا أيها الأخوة نذكر المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة ومجلس الأمن بأن لا تكون لديه ازدواجية في المعايير وأن يرعى السلم الدولي بحكمة وعلم وتقنية ودراية دون تمييز، نلتزم بقراراته شرط أن تكون عادلة وتطبق على الجميع بدون استثناء.

وأخيراً أتوجه من الأخوة المسؤولين عن مركز الإمام موسى الصدر بالتحية والتقدير لما يبذلونه من نشاطات ثقافية متعددة تساعد على تصحيح وتصويب كل أمر تشوبه شائبة.

وفي الختام أدعيتي أن تستقيم الأمور لما فيه خير الجميع ويعود سماحة الإمام المغيب إلى أهله ووطنه وأمته سالماً معافى ودمتم.

source