* مؤتمر "كلمة سواء" التاسع: موقع الحرية في الاصلاح والتجديد
الصدر الحبيب الغائب الحاضر ـ مساهمات نيّرة وخلاّقة في مسألتي الحرية والعلاقة مع الآخر.
الآخر المختلف دينياً وثقافياً. وسوف يجول بنا متحدثان هما د. وجيه فانوس ومحمد علي مهتدي في فكر الإمام حول الحرية والغرب.أما المتحدثون الآخرون فسوف يتناولون صوراً متبادلة بين المسلمين والغرب، وسنرى في نهاية مداخلاتهم إذا ما كان النظر في هذه الصور المتبادلة مثله كمثل النظر في المرايا المتقابلة.
في الحقيقة لن اقدّم مداخلة، ليس هذا دوري، إنما أسمح لنفسي بملاحظة صغيرة تطلق النقاش في موضوع المسلمين والغرب، وهو ان الإتجاهات المؤثرة في العالم الغربي، المؤثرة في السياسة وفي الثقافة، وخاصة في الولايات المتحدة لعشر سنوات خلت، كانت كثيراً ما تحدث عن الاستثناء الاسلامي. والواقع، الحديث عن الاستثناء الإسلامي يستبطن الحديث عن الإستثناء الأميركي عند الأميركيين، وكانت تقول إن الثقافة الغربية حاملة قيم كونية، وأن الإستثناء الإسلامي هو تأخر عن اللحاق بالقيم الكونية. هذه الصورة تغيرت في السنوات الأخيرة، وهناك في الغرب وفي الولايات المتحدة بوجه أخص نوع من التجاذب بين فئة ما زالت تقول القول عينه أي أن القيم الغربية قيم كونية، وأن العالم الإسلامي لمّا يلحق بها. وهناك من يرى ضرورة فرض هذه القيم من الخارج وبالقوة على اختلاف أشكالها على العالم الإسلامي. يقابل هذا التيار تيار آخر يتحدث عن الفجوة القيمية بين العالم الغرب والعالم الإسلامي ويضخّم الفوارق، طبعاً هناك فوارق بين الغرب والعالم الإسلامي ولكن ليس في القيم الإنسانية السياسية، في قيم العدالة والحرية. غير أن الإتجاه الآن هو لتضخيم هذه الفوارق، لا بل لصناعة فوارق غير موجودة بين الغرب والعالم الإسلامي، ولأنهم يعمّقون الفجوة القيمية كما يسمونها يجنحون إلى التعميم والإختزال والشيطنة أو الأبلسة كما قيل بالأمس. والتحدي أمامنا نحن العرب والمسلمين هو الرد على هذا على نحو لا يقع في نفس الاختزال والتعميم والأبلسة، وظني أن السادة المتداخلين العلماء لهم من طول الباع في هذه القضايا ما يعطينا معرفة دقيقة تحاذر الإنزلاق في منحى إلغاء الفوارق بين اهل الثقافات والأديان وتضخيمها.
