البيان الختامي لمؤتمر (كلمة سواء): اطلاق عمليات الاصلاح على المستويات القاعدية

calendar icon 07 كانون الأول 2004

صدر امس البيان الختامي لمؤتمر كلمة سواء التاسع بعنوان:موقع الحرية في الاصلاح والتجديد، الذي نظمه مركز الامام موسى الصدر للابحاث والدراسات، جاء فيه:

1- يدعو الناس عموما والعاملون في حقول الإعلام والمعرفة والتربية تحديدا، إلى التدقيق في المصطلحات والمفاهيم المتداولة، وتوضيحها ووضعها في سياقاتها. وذلك توخيا للفهم الصحيح، وإسهاما في صياغة حوارات بناءة تؤول إلى مشاريع ومناهج متوافق عليها وقابلة للتنفيذ; وللمساهمة أيضا في تشكل صورة تحاكي الأصل سواء كان الأنا أو الآخر، بكل الدرجات والاختلافات التي ينطوي عليها هذا وذاك.

2- يدعو الوحدات الاجتماعية بدءا من العائلة وصولا إلى هيئات المجتمع المدني بأحزابه ونقاباته ومنظماته، إلى إطلاق عمليات التغيير والإصلاح عند المستويات القاعدية، إذ لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. 
بمعنى أن ثقافة الحرية والديموقراطية والعدالة يتغذى عليها الطفل منذ الرضاعة، وتتبلور في ما ينطبع عليه من مسلكيات الأم والأب وعلاقاتهما، وتتجذر في المدرسة وأدائها وفلسفتها المرجو قيامها على الاستنباط والتحليل والتعليل، وتجد تطبيقاتها البديهية في صندوقة الاقتراع وطابور الانتظار واحترام البيئة.

3- يدعو المكتفين بالحديث عن المعرفة ومستعملي أدواتها إلى مغادرة مواقع الدهشة والارتباك، وإلى التنبه إلى كون الوسائل المعرفية وتكنولوجيات الاتصال والترفيه والانتاج تحمل فلسفتها في ذاتها. والدعوة إلى الاكتفاء باستخدام المنتجات الغربية وإلى نبذ سياقها الملازم وما فيه من جهد ونظم عمل وأفكار ومفاهيم، هي دعوة مفتقرة إلى مقومات الثبات والمصداقية والمنطق والعدالة وإمكانية التطبيق.

وبما أن رفض المنتجات الغربية بالمطلق وقبولها بالمطلق هما أمران متطرفان وفي غير موقعهما لا بالقوة ولا بالفعل، فإن البديل هو في التفاعل الإيجابي وفي التأثر والتأثير وفي الإسهام الفاعل إنتاجا وتطويرا وابتكارا. وقد سبقنا إلى ذلك أمما كثيرة شرقا وغربا عرفت كيف تنفتح بشجاعة وثقة، وحافظت على خصوصياتها وثقافاتها، كما فتحت للبشرية فرص التنوع والتجدد والاستدامة.

4- يدعو الحكومات على امتداد بلدان الأمة، إلى استلحاق الرمق المتبقي والانكشاف على شعوبها ومكاشفتها في ورشة حوار داخلي جسور، وهادف إلى إبرام عقد اجتماعي جديد تتراجع معه سلطة الدولة لمصلحة هيبتها، ويرتقي فيه الأفراد من حملة جنسيات إلى رتبة مواطنين.

5- يدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي واللاعبون الدوليون الكبار إلى كبح اندفاع الآلة الهائجة في كل اتجاه، آلة اجتياح الأفكار والعقائد والتقاليد والشعوب والأراضي. وإلى إعادة برمجتها وضبط نظامها بحيث يتم توجيه التركيز على الأسباب لمعالجتها في كل مكان وبالمعيار الموضوعي ذاته. ينطبق ذلك على ظواهر الإرهاب والاحتلال والإكراه والفقر والإيدز والمخدرات والتسطيح الثقافي والتدهور البيئي وغيره.

إن مجرد إعلان للنوايا الإيجابية حيال مقاربة هذه القضايا على أنها مترابطة تبادليا كفيل بكشف الغلاة والمتطرفين، وبإطلاق حوارات هادئة وناشطة تعيد للكرة الأرضية رونقها واتساقها.

6- يدعو الأحرار حيثما كانوا ويذكرهم بأن الحرية مبدأ. وكأي حق من حقوق الإنسان، حق الحرية غير قابل للتجزئة أو للتصرف أو للانتقائية. وإذا كانت الحريات الفردية إلى تراجع في كل أصقاع الأرض تقريبا ولاعتبارات ظاهرها مبرر أو ممكن تمريره، فلقد أدى غياب الحرية بأبسط تجلياتها في غير مكان وطوال العقود المنصرمة، أدى إلى تمكن أنظمة الصوت الواحد وإلى إلغاء كل مختلف وإلى شيوع مخدرات التسليم ومسكنات الإذعان والاستسلام. كما اغتالت الأنظمة الشمولية روح المبادرة والإبداع على مذبح الرأي الواحد والقائد الواحد، وأبدعت في فنون الاستبداد والقهر والتهميش والإقصاء، الأمر الذي أنتج سجونا ومعتقلات ومقابر جماعية وهزائم واستسلام، واستدرج احتلالا وتورطا وتطرفا ومعضلة كونية مستعصية. لم تكن هذه الحصيلة المؤسفة بلا مقدمات. ولا تشير ظواهر المستجدات إلى أن العبر جرى استخلاصها.

إن جولة تصفية الحسابات التي أبرمتها أبرز الحكومات الغربية مع النظام الليبي تنذر بإمكانية عقد صفقات تقايض المصالح بالأموال على حساب المبادئ وشرعة حقوق الإنسان. والأخيرة لها صفات الإطلاق والثبات، وإذا كان ذلك النظام قد أفلح في تجميل صورته فإن معدنه ما انفك ينضح بروائح الاستبداد والتنكيل والخطف. والدليل المتوافر لدينا هو إمعانه في طمس قضية تجاوزت أشخاص الإمام موسى الصدر ورفيقيه، وتجاوزت مشاعر طائفتهم وبلدهم وأمتهم. إنه المبدأ على مذبح الصمت المريب. إنه امتحان التثبت من العزم على تفادي اعادة انتاج لوكيربي انه المحك لتوحيد المعايير وشمولية المعالجة انها الحرية.

source