اعرب مؤتمر "كلمة سواء" التاسع عن قلقه البالغ من تداعيات الوضع الراهن بكل مستوياته "بدءا من التحدي الأكبر ذي الشقين الفلسطيني والعراقي، مرورا بتفاقم البطالة والعوز على مساحة الأوطان، وصولا إلى تردي الأوضاع السياسية والأمنية من ضفاف المحيط إلى ضفاف الخليج وعمق أفريقيا". ونبه الى أن المخاطر "تتعدى الآن ضياع جزء من الأرض أو تدمير مدينة أو حفنة قرى، وتضرب في عمق المشروع الحضاري الإسلامي العربي، الذي سيكون ضياعه تبديدا جسيما ليس فقط لمكون ركيزي من الحضارة الإنسانية وتاريخها، بل والأخطر أنه سيكون إهدارا مجنونا لفرصة البشرية في صياغة مستقبل واعد تضمن تعدديته تجدده، وتغذي روحانيته حيويته ووجوده".
ودعا المؤتمر، الذي نظمه "مركز الامام موسى الصدر للابحاث الدراسات" تحت عنوان: "موقع الحرية في الاصلاح والتجديد"، في بيان اصدره امس في ختام اعماله "الحكومات على امتداد بلدان الأمة، إلى استلحاق الرمق المتبقي والانكشاف على شعوبها ومكاشفتها في ورشة حوار داخلي جسور، وهادف إلى إبرام عقد اجتماعي جديد تتراجع معه سلطة الدولة لمصلحة هيبتها، ويرتقي فيه الأفراد من حملة جنسيات إلى رتبة مواطنين".
ورأى أن رفض المنتجات الغربية بالمطلق وقبولها بالمطلق "هما أمران متطرفان وفي غير موقعهما لا بالقوة ولا بالفعل، وأن البديل هو في التفاعل الإيجابي وفي التأثر والتأثير وفي الإسهام الفاعل إنتاجا وتطويرا وابتكارا".
وطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي واللاعبون الدوليون الكبار بالعمل على "كبح اندفاع الآلة الهائجة في كل اتجاه، آلة اجتياح الأفكار والعقائد والتقاليد والشعوب والأراضي. وإلى إعادة برمجتها وضبط نظامها بحيث يتم توجيه التركيز على الأسباب لمعالجتها في كل مكان وبالمعيار الموضوعي ذاته، وينطبق ذلك على ظواهر الإرهاب والاحتلال والإكراه والفقر والإيدز والمخدرات والتسطيح الثقافي والتدهور البيئي".
واكد ان حق الحرية "غير قابل للتجزئة أو للتصرف أو للانتقائية، وإذا كانت الحريات الفردية إلى تراجع في كل أصقاع الأرض تقريبا ولاعتبارات ظاهرها مبرر أو ممكن تبريره، فلقد أدى غياب الحرية إلى تمكن أنظمة الصوت الواحد وإلى إلغاء كل مختلف وإلى شيوع مخدرات التسليم ومسكنات الإذعان والاستسلام. كما اغتالت الأنظمة الشمولية روح المبادرة والإبداع على مذبح الرأي الواحد والقائد الواحد، وأبدعت في فنون الاستبداد والقهر والتهميش والإقصاء، الأمر الذي أنتج سجونا ومعتقلات ومقابر جماعية وهزائم واستسلام، واستدرج احتلالا وتورطا وتطرفا ومعضلة كونية مستعصية".
واعتبر أن "جولة تصفية الحسابات" التي أبرمتها أبرز الحكومات الغربية مع النظام الليبي "تنذر بإمكانية عقد صفقات تقايض المصالح بالأموال على حساب المبادئ وشرعة حقوق الإنسان، والدليل المتوافر لدينا هو إمعانه في طمس قضية تجاوزت أشخاص الإمام موسى الصدر ورفيقيه، وتجاوزت مشاعر طائفتهم وبلدهم وأمتهم. إنه المبدأ على مذبح الصمت المريب".
