مؤتمر "كلمة سواء" الثامن واصل اعماله لليوم الثاني مداخلات عن قضية الامام الصدر وفق القوانين الداخلية والدولية وطنية- 12/12/2003(سياسة) واصل مؤتمر "كلمة سواء" الثامن اعماله، لليوم الثاني على التوالي، فانعقدت الجلسة الثالثة عند العاشرة قبل ظهر اليوم في كلية الحقوق - الجامعة اللبنانية-الفرع الاول، بعنوان"البعد القانوني في الوصف الجرمي للتغييب"، في حضور حشد من الحقوقيين واساتذة قانون وطلاب. ترأس الجلسة العميد الدكتور فايز الحاج شاهين, وقال:"انه من الطبيعي ان يتناول هذا المؤتمر الابعاد القانونية في قضية الامام موسى الصدر لان للقانون موقفا متميزا في فكر سماحة الامام". واشار الى"ان من حق سماحة الامام وعائلته وعائلة رفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين ومن حق انصاره ومحبيه في لبنان وخارجه، المطالبة بأن يلعب القانون دوره الطبيعي من خلال جلاء الحقيقة وانزال العقوبة العادلة في حق الذين تسببوا او تورطوا في تغييبه مع رفيقيه". النقيب شديد ثم تحدث نقيب المحامين السابق ريمون شديد عن "قضية الامام الصدر في القانون الداخلي", ومما جاء فيها:" كانت امنيتي لو خيرت, ان اتناول اوجه اعم واشمل لهذه القضية التي لا تقاس بقضية ما او توصف وصفا مشابها لها, اذ لا مثيل لهذا الجرم الذي ارتكب في حق احد ابرز خلق الله واقربهم اليه. ان الامام موسى الصدر , كنا ونحن في شبابنا، نسعى اليه بعدما اصبح ظاهرة خارقة في المجتمع. بدأ من صور حتى بيروت, فما نفوت فرصة يتكلم او يحاضر او يحاور فيها الامام, في اي مكان, الا ونكون باكورة رواده نتلفق بنهم ما يتدفق به لسانه ويفيض به جنابه ويجود به عقله النير المنير الهادي, لما لخطابه من وقع لدى اللبنانيين والعرب، مسيحيين ومسلمين, وكيف بأسلوبه السهل ونهجه البسيط اخترق الجدران وحطم الاسوار وقرب الاديان بعضها من بعض، وعلم الجيل الطالع كيف تكون الوحدة ويكون الانصهار وكيف تكون الوطنية وكيف تكون القومية, وكيف يكون اختلاف الدين مدخلا للتآلف والتآخي ولخدمة الانسانية جمعاء ولتمجيد الخالق الواحد الاحد عز وجل". اضاف:"في القانون المدني, تعرف المادة 33 من قانون الارث والوصية بقولها:"المفقود هو الغائب الذي لا يعرف مكان وجوده ولا يعلم أحي او ميت. وتتحدث المواد اللاحقة من المادة 34 الى 38 من القانون عينه عن المفقود وفقا لحالات تحددها والتصرف بإرثه، وفي ما اذا ظهر حيا في محل محدد الامور التي في رأي, لا تهمنا في الوضع الراهن، لاننا، كما سبق وقلت، تجاه قضية فريدة من حيث النوع والظروف, وليس بقضية عادية تتناول اشخاصا فقدوا اما في الحرب او انقطعت اخبارهم بعد غياب. وكذلك تعالج قوانين الاحوال الشخصية, بحسب الطوائف، نتائج غياب المفقود. وكلها تعنى عامة بإرثه واحوال زوجته وكيفية التصرف بما تركه من اموال منقولة وغير منقولة". وخلص الى القول:"اما في قانون العقوبات, اي الناحية الجزائية للخطف والتغييب، فإن قانون العقوبات عالجها في الفصل الاول من الباب السابع. كما عالج الفصل الثاني من الباب الثامن- البند الاول حالات حجز الحرية والخطف. ولن اتطرق الى تفاصيلها. ان هذه الحالات وان بحثت، فإنها تفيد حالات عادية لاناس عاديين، وليس بوارد من نجتمع اليوم،ـ وبعد اكثر من ربع قرن على تغييبه ولا يزال شغل الناس الشاغل وهمهم الملازم وهاجسهم المستمر, مالىء دنياهم, ساكن ضميرهم, لا يتصورونه الا عائدا اليهم بهامته الوجاهة وعلى ثغره ابتسامة المسامح للمسيء, اللهم اذا عاد المسيء عن اساءته, واستغفر ربه, وتاب امام الناس عما صنعت مكيدته من فعلة شنعاء استنكرها العالم ولا يزال بإنتظار الافراج عن الامام, ليعود يرعى خراف الرب بما اوتي من وحي وتقوى". صادقي بعد ذلك، تحدث الدكتور حسين مير محمد صادقي عن "قضية الامام الصدر في القانون الدولي"، ومما قال:" في البدء، ارى من الضروري الاشارة الى انه ونظرا الى تزايد حالات الاختفاء القسري في العقد او العقدين الاخيرين, تمت المصادقة على العديد من المستندات والوثائق الدولية, لاسيما من قبل منظمة الامم المتحدة, بهذا الخصوص, حيث استنكر هذا العمل وادين بشدة. وقد نص ميثاق- اعلان- الجمعية العمومية للامم المتحدة, الصادر في 18 ديسمبر 1991 تحت عنوان:"الاعلان عن حماية الاشخاص في مقابل الاختفاء القسري", ضمن القرار رقم 133/47, نص على ان الاختفاء القسري يتجلى في حالات:(توقيف الاشخاص بدون ارادتهم, واعتقالهم او اختطافهم او حرمانهم حرياتهم بأي شكل من الاشكال. وان مثل هذا العمل يتم على ايدي المأمورين الحكوميين, او الجماعات المنظمة, او الاشخاص العاديين الذين يمارسون اعمالهم بأمر من الدولة او برضاها ودعمها المباشر او غير المباشر, وفي وقت لم تقدم اية معلومات حول مصير او مكان احتجاز هؤلاء الاشخاص، ولا يتم الاعتراف بحقيقة ان هؤلاء قد تم حرمانهم حرياتهم بحيث تضعهم خارج نطاق حماية القانون". وقال:"ان ثمة مسؤولية جزائية تترتب على الاختفاء القسري للاشخاص بالنسبة الى الجاني, وكذلك مسؤولية مدنية ودولية بالنسبةالى الدولة المعنية, وذلك استنادا الى المادة الخامسة من ميثاق الجمعية العمومية للامم المتحدة في ما يتعلق بتقديم(الحماية لجميع الاشخاص في مقابل الاختفاء القسري)". اضاف:"السبيل الآخر الذي يبدو لي متاحا لمتابعة موضوع اخفاء الامام موسى الصدر وملاحقته قضائيا, يتمثل في ارجاع الموضوع الى محكمة العدل الدولية. بيد ان ثمة اشكالا في هذا الصدد يتمثل في ان الدولة هي وحدها التي بوسعها ان تتقدم بدعوى ضد دولة اخرى. هذا اولا. وثانيا ان الدولة التي تكون مسؤولة امام محكمة العدل الدولية هي التي اعترفت بصلاحية هذه المحكمة. ومثل هذا الاعتراف يكون ممكنا عبر احدى الحالات الثلاث الآتية: - اولا: الاعتراف بالصلاحية العامة لمحكمة العدل الدولية من خلال الميثاق, ويوجد في الوقت الحاضر 62 بلدا فعل ذلك, غير ان ليبيا ليست من هذه البلدان. - ثانيا: الاتفاق المبدئي مع البلد موضع الاختلاف على مراجعة محكمة العدل الدولية, غير ان مثل هذا يبدو مستبعدا بالنسبةالى الحكومة الليبية. - ثالثا: توقيع البلد معاهدة تتعلق بموضوع خاص يعترف احد بنودها بصلاحية محكمة العدل الدولية بالبت في حالات الاختلاف". ورأى"ان الرجوع الى محكمة العدل الدولية وتقديم دعوى ضد الحكومة الليبية- بغرض الاعتراف بمسؤوليتهان يعتبر ممكنا نظرا اولا, الى استعداد احدى الدولتين ايران او لبنان- باعتبارهما البلدين اللذين يحمل الامام موسى الصدر جنسيتيهما- تقديم دعوى في هذا الشأن. وثانيا ضرورة البحث في الاتفاقات المتعلقة بهذا الموضوع والتي تضم في عضويتها كلا من ليبيا وايران او لبنان, للعثور على مادة قانونية تشير الى الاعتراف بصلاحية محكمة العدل الدولية". واضاف:"اذا ما اعتبرنا ليبيا مكان ارتكاب الجريمة, فإنه ينبغي عليها, ان تكون قد اعترفت بصلاحية المحكمة. واذا اعتبرنا ايطاليا مكان ارتكاب الجريمة, فإن عليها الاعتراف بصلاحية المحكمة كي يتسنى الرجوع الى محكمة الجزاء الدولية". واعتبر"ان عملية الاختفاء القسري بمثابة جريمة ضد الانسانية استنادا الى نص ميثاق الجمعية العمومية لمنظمة الامم المتحدة, والنظام الداخلي لمحكمة الجزاء الدولية. غير ان ادراجها تحت هذا العنوان منوط بأن ارتكابها بصورة منظمة وعلى نطاق واسع". جوني وتناول استاذ مادة الحريات العامة والمنظمات الدولية في كلية الحقوق- الفرع الاول الدكتور حسن جوني قضية الامام موسى الصدر من وجهه القانون الدولي, وقال:"ليست الحالة الوحيدة في العالم التي يتم فيها خطف واخفاء اشخاص في دولة غير دولتهم، كما انها ليست الحالة الوحيدة التي يتم فيها خطف واخفاء اشخاص يمثلون بلادهم في الخارج، سواء أكانوا من الديبلوماسيين او السياسيين. انما ودون شك انها الحالة الوحيدة في العالم التي تم فيها خطف واخفاء شخص مدعو بدعوة رسمية للقاء اعلى سلطة واهم شخصية في الدولة الراعية. انها الحالة الوحيدة ايضا التي تم او يتم اخفاء شخص, بوزن الامام موسى الصدر، والذي كان يلعب دورا سياسيا اساسيا في لبنان. حصل ذلك بينما كان لبنان يعاني النزاعات العسكرية الداخلية نتيجة مؤامرة صهيونية- اميركية ارادت لهذا الوطن ان يغرق في وحل الطائفية والمذهبية". وقال:"ان هذا الخطف قد حصل في وقت كانت الاعتداءات الصهيونية في تصاعد مستمر على لبنان. وكان الوضع العربي يعاني التحضير مما يسمى او ما سمي في ما بعد السلام مع العدو الصهيوني. في هذه الاجواء، حصلت عملية الخطف والاخفاء للامام الصدر". واكد"ان خطف الديبلوماسيين والقنصليين، او اي ممثل للدولة يشكل انتهاكا لبعض المعاهدات الدولية وكذلك للقانون الدولي". وقال:"ان السؤال المطروح: هل يتمتع الامام موسى الصدر بالحماية التي تنص عليها هذه المواد؟ مع العلم ان الامام، كما نعرف، لا ينتسب الى الجسم الديبلوماسي اللبناني او القنصلي في ليبيا، الا انه يجب ان نحدد انه كان يحمل جواز سفر ديبلوماسيا. وهذه نقطة مهمة جدا, شخصية عامة في لبنان". واعتبر"ان عائلة الامام موسى الصدر تستطيع تقديم شكوى امام المحاكم اللبنانية والليبية، انما ليس هناك هيئة دولية تسمح لعائلة الصدر ان تدعي على ليبيا". ومن هنا يجب تجيير القضية الى الدولة اللبنانية, معتبرا "ان القضية لا تدخل في نطاق عمل المحكمة الجنائية الدولية". الوزير حميد وترأس وزير الطاقة والمياه الدكتور ايوب حميد الجلسة الرابعة، والقى كلمة قال فيها:"انه شرف كبير لي ، ان اشارك في هذا المؤتمر الذي ينظمه مركز الامام موسى الصدر للابحاث والدراسات سنويا. ولا شك في ان اختيار مؤتمر كلمة سواء هذا العام لعنوان" الابعاد الانسانية والوطنية والقانونية في قضية الامام الصدر"، هو في محله، لا بل انه كان مطلوبا وضروريا تناول قضية تغييب الامام من هذه الزاوية ، بما يساهم في ابراز ابعادها المختلفة، وبالتالي في الاضاءة على جوانبها لاسيما المجهول منه. ومن البديهي القول، ان الابعاد الانسانية والوطنية والقانونية لقضية الامام المغيب السيد موسى الصدر ورفيقيه الصحافي الاستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب، لها بالاضافة الى الطابع المحلي اللبناني، طابع دولي لا يمكن تجاهله او اهماله. ذلك ان ثمة محافل دولية عديدة، منها الرسمي ومنها غير الرسمي، تتعاطى او تعنى بشؤون العدالة الدولية، وهناك مؤسسات الامم المتحدة المعنية، لاسيما لجنة حقوق الانسان فيها، والتي سنستمع الى انارات حولها من الزميلين الدكتور مروان فارس والمحامي الاستاذ غسان مخيبر. وهناك ايضا محكمة العدل الدولية ومحكمة الجزاء الدولية، ويثار التساؤل في هذا المجال عن مدى امكان اللجوء الى تلك المؤسسات القضائية الدولية، وفق الانظمة التي ترعى عملها وتحدد اختصاصاتها وشروط رفع الدعاوى امامها. وهذا ما سيتحدث عنه المحامي الاستاذ جورج اصاف الضليع في قضايا حقوق الانسان والعلم الجنائي الدولي. ومن المفيد التنويه ، كما سبق الذكر، بان ثمة مؤسسات ومنظمات دولية، انما غير رسمية او غير حكومية، ولها ادوار فاعلة ونشاطت متميزة لا يخفي تأثيرها، ومنها منظمة العفو الدولية التي لا يمكن انكار حجم تأثيرها المعنوي في اشاراتها الدائمة والسنوية الى الانتهاكات الحاصلة لحق اي انسان في اي بقعة من الارض . ويسعدنا ان تتمثل في هذا المؤتمر عبر مديرها الاقليمي الاستاذ احمد كرعود. وانه لمن دواعي الارتياح ان تتعامل هذه المنظمة بالجرأة والدقة والموضوعية المعتادة منها، مع قضية تغييب الامام الصدر، عل ذلك في ايقاظ ضمير حاكم ليبيا او سواه من المعنيين على مختلف الصعد. اذا كنا سنترك الحديث عن النواحي التفصيلية القانونية الدولية، للمشاركين في هذه الجلسة، فانه لا يسعنا الا التأكيد او التنويه ببعض النقاط: اولا: ان الامام القائد السيد موسى الصدر، كان ولا يزال يمثل قيمة وطنية وفكرية ودينية، وشكل رمزا للوحدة اللبنانية والعيش المشترك. والاهم، انه كان مؤسس وراعي البذور الاولى للمقاومة" الوطنية" في وجه العدو الاسرائيلي، وبالتالي فان تغييبه لا يمكن الا ان يخدم عكس هذه الاهداف. وهذا ما ينبغي ان يساعد، من جهة، في كشف هوية الفاعلين، المستفيدين من التغييب، وفي الوقت نفسه، يبين حجم الخسارة للوطن ولنا جميعا بارتكاب هذه الجريمة. ثانيا: ان الوقائع والتحقيقات وكل المعطيات اثبتت بما لا يدع مجالا للشك، ان الامام الصدر ورفيقيه لم يغادروا الاراضي الليبية على متن الطائرة اليطاليا في الرحلة(881) في تاريخ 31/8/1978. ومجرد الاطلاع على تحقيقات البعثة الامنية اللبنانية والقضاء الايطالي وملاحظة التناقضات والغموض في المواقف الليبية، منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، تثبت ان الحقيقة دامغة وراسخة ولا يبقى الا تكريسها من الهيئات والمؤسسات القضائية والحقوقية المعنية. ثالثا: ان بقاء هذه القضية بدون جلاء لغزها، وبالتالي ابقاء مصير الامام ورفيقيه رهنا بذلك، طيلة اعوام تناهز الربع قرن، لهو امر غير مقبول وغير معقول. كما ان التلاعب بالاعصاب عبر بعض الاضاليل كمثال القاء تهمة الارتكاب على "ابي نضال" او غيره (ممن قد يتوفاهم الله) لا ينفع ولا يساهم في حل القضية. ان المطلوب ممن يدعي الحرص على الحل، ان يقلع عن هذه الترهات ، وان يبادر الى ما يكشف جوانبها، بدل الاغراء باثمان التفاح والبطاطا. رابعا: ان القضاء اللبناني الذي لا شك في نزاهته والمؤسسات الدولية الرسمية وغيرها، التي اعتادت ان تكون نصيرة لكل مظلوم ، وجميع المعنيين مدعوون الى بذل كل الجهود واتخاذ جميع الخطوات وايلاء اقصى العناية، بما يؤدي في النهاية الى انصاف قضية الامام ورفيقيه. خامسا: ان لجنة المتابعة لقضية الامام الصدر ورفيقيه ، التي يرأسها سماحة الشيخ عبد الامير قبلان، ولنا شرف العضوية فيها، تتابع مهماتها باستمرار ودقة. وهي بتمثيلها لمختلف فئات شعبنا اللبناني، تجسد الوحدة الوطنية حول هذه القضية. في محاضرة له في قصر العدل في بيروت عام 1973، وامام جمع كبير من القضاة والمحامين واهل الفكر، تحدث الامام الصدر عن العدالة ، نافيا ان تكون عمياء كما كان يقال، مؤكدا انها اصبحت "باصرة وبصيرة" لا لسبب سوى لانها "عدالة". وما هو عادل لا يمكن الا ان يبصر. وبعد، هل تتحقق امنية الامام بعدالة تشمل قضيته، ولو بعد ربع قرن؟ او ان الظلم سيطول لاكثر من ذلك؟ وبعدما صدأت قضيان السجن، متى يرف جفن السجان او يضحو ضميره؟ الا يؤمن بعدالة السماء الالهية التي لن تتأخر كعدالة الارض؟".