مؤتمر "كلمة سواء" السنوي السادس: "حوار الحضارات"
(كلمات الجلسة السادسة)
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروّا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم? [البقرة،224]
في بداية كلامي أتوجه اليكم بالتحية وأصلي وأسلم على جميع الأنبياء العظام والمصلحين والأحرار والشرفاء في التاريخ الذين مزجوا شعار السلام والصفاء والحب بشعور الفهم العميق.
وأقدم تحياتي لذلك الرجل الصالح الذي كان كالأنبياء والمرسلين في هذه المنطقة وكان الشعاع الساطع مرفرفاً بجناحه في خدمة مستضعفي هذا البلد، وأصبح من كبار المصلحين الذين تركوا السلاح جانباً واختاروا طريق الصلاح وأقدم سلامي وتحياتي لهذا المصلح الكبير الذي نشر بيديه النقيتين الكريمتين المحبة في ربوع هذا البلد.
أستأذن من العلماء والأعزاء الذين اجتمعوا هنا لإحياء ذكرى إمامنا العزيز. كلمتي هنا حول "منطق الحوار في السيرة العملية للإمام موسى الصدر" واعتذر مسبقاً من ضعف قلمي وعقدة بياني لترسيم وتبيين هذا الموضوع المهم والدقيق.
في البداية، قد مررنا في القرن الماضي بثلاث محطات رئيسية تتطلب منا التأمل والتدقيق في كل منها. وهنا أحاول باختصار أن أشرح كلاً من هذه المحطات الرئيسية.
1- شهد العالم تطورات كبيرة في مجالي العلم والتكنولوجيا بعد امتداد سلطة العقل المادي أو الصناعي وبدء عصر التنور وانفتاح آفاق العلم. وقد تحققت الغاية المنشودة من العلم أي أن يتمكن من السيطرة على الطبيعة. وكان الهدف من قدرات البشر هو التحكم بالطبيعة والسيطرة عليها.
2- فبينما كان دور الفلاسفة في العقود الماضية تفسير الطبيعة وإعطاء معنىً لها فإن العلماء في هذا العصر يريدون تغيير الطبيعة وأخذ معاني الحياة.
إن التقدم والتطور في العلم والعولمة في الصناعة قد خدم البشرية وفي كثير من الحالات أزال الجهل عنها وعرّف الانسان بحقوقه ولكن ويا للأسف قد ذاق الانسان مرارة الحروب وقد سلبت الحياة من ملايين البشر أو تحولت حياة الانسان إلى فقر وبؤس وتارة أخرى سلبت الحروب من البشر جميع معاني الحياة.
واذا أدركنا في القرون الماضية سلطة الدين على الإنسان فإن فاشية العلم اليوم سيطرت بحيث يتحكم بجميع مجريات حياة الإنسان.
3- نرى سلطة العلم والحضارة الحديثة من جهة وفقدان معنى الحياة من جهة أخرى وقد ظهرت مدارس فلسفية حيث كان كل منها يدعي بالحرية وانقاذ البشر وكانت بعض هذه المدارس تدعي أنها تستطيع أن تقدم حياة سعيدة مبنية على العلم ومتناسية الدين.
السؤال المطروح هو إلى أي مدى تمكنت هذه المدارس الفلسفية من أن تحقق أهدافها وهل تمكنت في نهاية المطاف من ايصال الانسان إلى الحقيقة. لا بد من الاجابة على هذا السؤال في مجال آخر.
وبالرغم من عدم تمكن المدارس الفلسفية من تحقيق أهدافها وبدل الاتكاء على فلسفة الأنسنة في القرن العشرين قد ظهر بعض المصلحين في القرن الماضي وفتحوا آفاقاً من الأمل أمام الانسان وكانت الأديان السماوية مصدر ايحاء لهولاء المصلحين، ومع وجود ثقل المسؤولية والمحنة والتعب رفعوا علم السلام والحرية بدل أن يعتمدوا على المدارس الفلسفية المادية، وفي قمة مصلحي هذا القرن يمكننا أن نشير إلى جمال الدين الأسد آبادي، هذا الرجل الذي طرح فكرة شعار وحدة المسلمين بعدما تلاشى وتمزق مفهوم الوحدة بين الشعوب المسلمة. ومحمد عبدة تلميذ السيد جمال الدين بسبب سعة فكره واحاطته بالمفاهيم الاسلامية كان من الشخصيات المؤثره لايقاظ الشعوب الافريقية.
وكما قلت كلمتي هنا حول منطق الحوار في السيرة العملية للإمام موسى الصدر.
باعتقادي كان الإمام الصدر من مصلحي القرن الماضي وكان حقاً مصلحاً وعالماً وكان يحمل أفكاراً نيرة وبما أن لكل هذه المصطلحات، الثلاثة معنى خاصاً فقد تمكن الإمام الصدر أن يجمع جميع أبعاد كل هذه المصطلحات، وكان أسلوبه في الحياة النهج الفكري الاسلامي. وبما أنه كان خبيراً في الاسلام كان يحمل هموم المجتمع.
أنا ومن خلال مقابلاتي الصحفية مع المراسلين في ايران والخليج قد أشرت عدة مرات وأعيده هنا، وهو: طالما لم يجر الاصلاح بين علماء الدين لا يمكن أن يتحقق في المجتمع. وعلى العلماء أن ينظروا إلى الدين في ظرفه الزمني، وكما قال الإمام الصادق (ع): "يجب أن يكون رجل الدين عالماً بزمانه". وكان الإمام الصدر على علم بمجريات الحركة الثقافية وكان يؤمن من خلال معرفته بالاسلام وبالمذهب الشيعي أنهما نظام فكر وحياة.
هنا وللدخول إلى صلب الموضوع أود في البداية أن أشرح احدى خصائص الإمام الصدر التي تميزه عن بقية المصلحين في القرن الماضي، إن المصلحين الجدد أي من عصر جمال الدين إلى يومنا هذا كان همهم وحدة المسلمين ازاء المجتمعات الغير الاسلامية أو لرأب صدع فجوة تأخر المسلمين أو القضاء على الاحباط الذي كان من تداعيات الاستعمار على المجتمعات الاسلامية في القرن العشرين.
كان الإمام الصدر مع فكرة التعايش بين الأديان والمذاهب وكانت أفكاره التجددية متقدمة على الكثير من المصلحين، كان يريد المصالحة بين جميع أبناء المجتمع وكان يعتمد في ذلك على هذا التعبير القرآني }تصلحوا بين الناس{ وليس }تصلحوا بين المسلمين{ حيث أنه في بلد مثل لبنان من الضروري وحدة الشعب بكل طوائفه ومذاهبه.
منطق وأسلوب الحوار من وجهة نظر الإمام الصدر:
إنني ومع الأسف لم أوفق بلقاء هذا المفكر والعالم الذي كان من سلالة الأنبياء، ولكني قرأت كتبه وسمعت الكثير عنه من أصدقائه ولكني مع عدم تمكني من الوصول إلى سعة فكره إلا أنني حاولت قدر المستطاع الوصول إلى مستواه الفكري الشامخ.
كانت حياة الإمام الصدر مبنية على المنطق والتعقل وكان هذا المنطق مزيجاً من العاطفة والوجدان الوثيق وأفكاره لم تكن بعيدة عن آلام الشعوب المحرومة.
اننا في بداية الألفية الثالثة وفي ظل الحديث في هذه الأيام عن حوار الحضارات وبالطبع حوار الأديان. بما لا شك فيه أن الإمام الصدر من المصلحين في القرن الماضي الذين خطوا خطوة مهمة وصعبة للغاية لوضع أسس توفيقية بين الأديان وكانت له نظرة صائبة وعميقة في هذا المجال. وكان مثالاً يحتذى به في الألفيه الثالثة على المستوى العملي. ولكي يتحقق السلام وقبل ذلك لكي نفتح باب التحاور بين الأديان لدينا التجربة الغنية في لبنان وبالتحديد الخطوات القيادية التي اتخذها الإمام الصدر في هذا المجال.
إن لبنان بلد يجمع عدة أديان ومذاهب وقد شهد هذا البلد في تاريخه الكثير من المحن والوقائع المرة والجميلة. وفي هذا المجال يمكننا أن نذكر عبارة من كلام الكاردينال فراس كونيغ كبير أساقفة النمسا التقى بالإمام الصدر سنة 1970 حيث قال: "قد سمعت كثيراً عنك وأنا أؤمن بأن تاريخ لبنان ينقسم إلى فترتين فترة ما قبل الإمام الصدر وفترة ما بعد الإمام الصدر".
لا أريد الدخول في تفاصيل تاريخ هذا البلد لأن قلمي يعجز عن ذلك ولكن حديثي حول الموقع الفكري والأيديولوجي للإمام الصدر. إن الكلام عن هذا الرجل الكبير ليس مجرد طرح شعار سياسي لكي يستفاد منه في فترة مرحلية مؤقتة. كان هم الإمام التحاور على أساس المنطق والعقيدة الاسلامية ولم يبتعد أبداً عن مبادئه وأفكاره انما ابتعد عن الجمود والتعصب وهدّم الأطر المغلقة التي نسبت إلى الدين.
كان الإمام الصدر يرى أن الدين بعيد كل البعد عن الانغلاق وكان يرى أن غاية الدين انقاذ البشر. فأناس مثل الإمام الصدر كانوا يؤمنون بأن حل المشاكل البشرية لا يتحقق إلا عن طريق الحوار.
هنا أود أن اطرح آليات منطق الحوار في منهجية فكر الإمام المصلح.
1- التسامح
ربما نستطيع أن نجعل كلمة التحمل معادلة لكلمة التسامح ولهذه الكلمة عدة معانٍ وقد تستعمل في المفهوم السياسي والديني، وعندما نقبل التسامح علينا أن نحترم ونقر بأن هناك مصطلحات أخرى وهذا ليس بمعنى الاعتراف أو قبول الفكر الآخر ولكن لا يمكن أن نطرد ما هو غير معقول عندنا، بل علينا أن نتيح الفرصة والمجال للنقد والأخذ والعطاء وبعبارة أخرى في عالم التسامح لا يوجد فكرة الاتهام بالكفر والالحاد.
أشير هنا إلى هذه الآية القرآنية حيث يقول الباري تعالى ?لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين? [الممتحنة،8] هنا أشير إلى المادة 14 من دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية ومأخوذة من الآية الكريمة التي أشرنا اليها. "إن على الجمهورية الاسلامية الايرانية والمسلمين أن يعاملوا غير المسلمين بالأخلاق الحسنة والقسط والعدل ويراعوا حقوقهم الانسانية. هذه المادة من الدستور تقصد أشخاصاً لم يقوموا بأي مؤامرة على الجمهورية الاسلامية".
يقول الإمام الصدر حول التعاون والاتحاد بين جميع الفئات السياسية اللبنانية: "الشرط الأساسي لكي نتمكن من أن نجمع هذه الأفكار والألوان والتجارب ومنطلقات التعاون، الشرط الأساسي وجود الاحترام المتبادل بين أبناء هذه البلد، لا خوف من وجود الألوان من الأفكار والآراء في هذه البلد لكن المهم أن يكون هناك ثقة متبادلة، والثقة المتبادلة لا تحصل الا بالاحترام المتبادل. يجب أن تحترمني وانا احترمك، لا احتقر غيري وغيري يحترمني والا بطبيعة الحال لا يكون هناك ثقة متبادلة".
كلام الإمام الصدر مبني على المنطق والعقل والآية المشار إليها تؤكد انسانية الإنسان وتفرض علينا أن نحترم حقوقه.
قال الإمام علي (ع): "الانسان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق".
إن العالم الاسلامي في الوقت الراهن ابتلي بعدم التسامح، والأصولية مقرونة بالعنف والتطرف، وباعتقادي ان الأصولية أو Fondamentalisme هي ظاهرة غربية والتي ظهرت في أمريكا مقابل ما يسمى بالحداثة ولكن تطور هذا المفهوم في المجتمعات الاسلامية وحركة طالبان تجسد المثال البارز لهذا النوع من الأصولية بالتطرف. والإمام موسى الصدر من خلال تتبعه ومعرفته بالثقافات والمدارس الفكرية لم ينكر ما هو مغاير للاسلام ولم ينعته بالباطل مطلقاً لذلك كان منطق التسامح أحد أسس انقاذ الشعب اللبناني الذي تبناه الإمام الصدر.
قال الإمام الصدر: "كنت كثير الاهتمام بمطالعة الثقافات والتطورات الاجتماعية والمذاهب الفكرية الحديثة".
وحسب رؤية الإمام إن الدين في حال تجدد وتطوير وبإمكان الدين المنفتح أن يحافظ على الصلة بين الأديان.
يؤكد الإمام في هذا الخصوص: "علينا أن نكون الارتباط العاطفي بين الشباب وبين أهله ولكن أفضل من هذا كله هو الارتباط الديني المتطور والمنفتح الواعي".
مصطلح الدين المنفتح والواعي أفضل ما يمكن أن يوصف به الدين المتكامل والعالمي ومما لا شك فيه وبالرغم من مرارة الحروب التي عانت منها الشعوب. فمع وجود هكذا دين وهذه الرؤية يمكن أن نتكلم عن حوار الأديان وأن نطرح ثقافة جديدة للعالم.
2- التعددية
من المواضيع الضرورية للحوار قبول فكرة التعددية في الدين والسياسة، وإحدى مآسي التاريخ الانساني الحروب التي تقع بين الأديان، إما داخل الدين الواحد مثل النزاعات بين الفرق المسيحية، وفي الاسلام بين مذاهب أهل السنة والشيعة والتي غلب عليها الطابع الدموي، وإما بين الأديان، كالحروب الصليبية التي استمرت قرنين من الزمن والتي تعتبر من أهم النزاعات بين الأديان. وجود الفواصل بين معتنقي الأديان تبقى في إطار التعصب والجمود الفكري والالتزام بالجانب السطحي من الدين وعدم التعمق في فهم جذور الأديان.
فرق السنتي والسبعين اعذر حربها ضلّت الدرب فالأساطير دربها
إن المصلحين أمثال الإمام الصدر ما كانوا ليعتقدوا أن حقائق الدين توجد فقط في المساجد وسائر المعابد و الكنائس الفارغة والبعيدة عن جوهر ومغزى الدين.
وعندما كان الإمام الصدر يلقي الخطب في الكنائس كان يرى جوهر الحقيقة مثل قرص الشمس يدخل من أي نافذة، كما كان يرى جلال الدين الرومي أن التباين في المعتقدات هو مجرد اختلاف في وجهات النظر.
إنه باختلاف النظرة في فكر الوجود اختلاف الشيخ والقس وأحبار اليهود
إن تكن في كف كل شمعة يصبح للخلف فيهم طفرة
وفي ظل هذا التفكير يمكن أن نصل إلى التعاون والتعايش. أما إذا أصرينا على البقاء في دائرة مغلقة لن يكون هناك حوار بناء. ومثل هكذا حوار لن يعطي أي نتيجة ايجابية.
وحينما قال السيد الصدر: "التعايش الاسلامي - المسيحي ثورة حضارية يجب التمسك بها" قد اعتمد على هذه الآية القرانية }إن الذين آمنو والذين هادوا والصابئين والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً لا خوف عليهم ولا هم يحزنون{ [البقرة،62].
يريد القرآن أن يزيل الحدود، وعلامات التواصل هي العمل الصالح والايمان بالله واليوم الآخر". مع وجود هكذا نظرة يمكن أن نزيل حدود العنف والقتل في بلد مثل لبنان أو في بلاد أخرى وأن نعمل لأجل الحوار البناء.
للإمام الصدر كلام ذو مغزى مهم وقصير حيث قال: "الاعتراف بالحقيقة والاحترام المتبادل شرط أساسي لبقاء أي وطن واستمراره.
الأنسنة:
الأساس الثالث الذي لا بد أن نهتم به في الحوار هو موضوع الأنسنة من منظور ديني، وكما نعلم هناك مدارس فلسفية غير سماوية تطرح موضوع الأنسنة ولكن الموضوع الأهم هو الأنسنة من منظار سماوي وتوحيدي.
قال المرحوم الدكتور شريعتي: من أهم أسباب عدم نجاح المدارس الفكرية البشرية أنها لم تعطِ تعريفاً واضحاً وشفافاً عن الإنسان.
وفي هذا المجال يقول الإمام الصدر: "أما الانسان القلق المعاصر فهو حسب رأيي، أفرزه التحول العظيم في الصناعة والحضارة والمشاركة البشرية العامة في العالم والتكنولوجيا والتنظيم، ان الانسان هذا ظن أنه وجد إلهاً آخر غير الله".
لو أراد المصلحون انقاذ البشر عليهم أن يعطوا صورة واضحة عن تعريف الانسان كما فعل الأنبياء في بداية رسالتهم السماوية بإعطاء تعريف دقيق عن الانسان.
قال الإمام الصدر: "لا نجد في التعاليم الاسلامية تجاهلاً لواقع الانسان الذاتي اطلاقاً. بل الحاجات الانسانية مقدسة .. ومن الله نعمة، وحدودها الصحيحة تعاليم دينه".
حسب رأي الإمام الصدر إنه بامكان الحضارة الانسانية تخفيف آلام الانسان. فالصناعة والعلم والفلسفة اذاً يمكن أن تنقذ الانسان حينما يترسخ روح الايمان بالله تعالى في الكيان البشري. وإذا وجدت بعض الحضارات والثقافات نوعاً من الإلحاد فهنا يوجد حائط يمكن ازالته.
يضيف الإمام: ... إنني أعتقد أن الانسان إذا آمن إيماناً كاملاً وأعطى الله دوره الحقيقي في الكون واعتبره بديلاً عن الأسباب المادية بل آمن به خالقاً للأسباب والمسببات والسببية. ثم أعطى لمكاسبه الحضارية من علم أو تنظيم أو صناعة أو فلسفة أو فن أبعادها الحقيقية، عند ذلك يشعر بقوة واستمرار، ويتمتع بحياته ويستفيد من مكاسبه، ولا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى تكوين حضارة جديدة لا تقوم على أساس المادة فحسب، كما انه في حاجة إلى تربية الانسان من جديد".
على أساس هذا المنطق يمكن لمعتنقي الأديان اليهودية والزرادنشية أن يتحاوروا ولكن لا يوجد مكان للحوار بين المؤمنين والملحدين. في الواقع إن الانسان المسلم ينظر بعين الرضا أن يكون شخصاً ما مسيحياً أو زرادتشياً وأن يتمتع بجميع حقوقه ولكن لا يتقبل المسلم أن ينظر بنظرة واحدة إلى الانسان المؤمن والملحد.
من وجهة نظر الإمام الصدر إن معتنقي الأديان يمكن أن يعيشوا حياة سلمية وبعيدة عن أي صدام أو تنافر، أي إذا عاش انسان غير مسلم في مجتمع اسلامي على المجتمع والدولة الاسلامية أن تحترم حقوقه وأن تلتزم بمسؤوليتها تجاهه.
حينما سأل مراسل سعودي الإمام حول التضامن الاسلامي أجابه: "إن المجتمع الاسلامي ضمانة لسلامة الانسان المسلم والانسان المسلم ضمانة لسلامة الفكر الاسلامي ومن هنا نجد أن الرسول الأكرم (ص) في بداية الاسلام وضع أسساً للتضامن الاسلامي:
أولاً: التساوي بين المسلمين يعني عدم التصنيف.
ثانيا: احترام العهد والذمة، يعني كل انسان يحترم حقوق الانسان الآخر حقوقه الاجتماعية والفردية، والوطنية ... والتضامن ضد العدو وضد الخطر الذي يتحدث عنه القرآن الكريم، الخطر اليهودي الصهيوني وكل معتد طبعاً على الاسلام".
في وجهة نظر الإمام الصدر إن الحضارة التي تفقد الروح المعنوية يفقد الانسان فيها هويته وبالطبع تبدأ هذه الحضارة بالزوال.
ويؤكد الإمام في رده على سؤال المراسل السعودي: "إذاً أنا أعتقد أن اليوم هذه الحضارة المادية حكمت على نفسها بالفشل. الاسلام يصنع حضارته على أساس حقيقي معنوي أخلاقي ... إذاً الحضارة الاسلامية تعتمد على أسس إنسانية".
لو نظرنا بامعان إلى مدرسة الإمام موسى الصدر نرى فيها أساليب حوارية متعددة حيث قدمت هذه المدرسة تجربة غنية ورائعة لكل انسان يشعر بالمسؤولية.
وفي الختام وفي هذه الفرصة الصغيرة المتاحة لي لم أستطع أن أقدم إلا ثلاثة أوجه من منهجية الحوار لدى الإمام الصدر.