مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الرابع: "الهوية الثقافية"
(كلمات الجلسة الثالثة)
بسم الله الرحمن الرحيم
الثقافة العربية في مواجهة التطبيع، هي اهم موضوع في اطار العلاقات الاسرائيلية او العربية في حال تمّ السلام العادل والشامل في المنطقة وعادت الحقوق العربية الى اصحابها، المال، السلاح وسائر الامكانات كلها امور يمتلكها الانسان خارج نفسه قد يحتفظ بها وقد يخسرها، الا ان ما يملكه الانسان داخل نفسه هو ثقافته وهويته قد يحصل السلام العادل كما قلت ويتم الاعتراف المتبادل وتفتح الحدود ويتأمن انتقال الاشخاص والاموال و ستستمر اسرائيل في تقوية نفسها مادياً ومعنوياً متكلة على ابنائها الذين اعتنقوا الصهيونية وانتشروا في بلاد الغرب المؤثرة في عصرنا، وستعتمد على ما توصلت اليه من تقدم في التكنولوجيا والعلوم وستفعل كل شيء لتنتصر علينا في ميادين شتى ولكن ثقوا بان هدف اسرائيل الحقيقي سيكون معركة ومعركة قاسية ضد الثقافة العربية وضد هويتنا وانا لا اميز بين ثقافتنا وهويتنا.
مقاومتنا ستكون في هذه الساحة (الساحة التي ذكرت)، في عودة الى الوراء لا حاجة لان نكتشف وانما لنلاحظ ان مصر التي هي دولة عربية كبرى قد وقعت السلام مع اسرائيل منذ سنوات واسرائيل تحاول منذ يوم التوقيع على السلام مع مصر، تحاول ان تتغلغل ثقافياً في مصر، ولنا من هذه التجربة ما يجعلنا نطمئن الى غدنا فلم تفلح اسرائيل قط في ان تدخل عقل المصري وقلب المصري ونفسه.
ومقاومة المصري للثقافة الصهيونية بل حتى للتعامل مع الشخص الاسرائيلي كانت واضحة، لم يتمكن الاسرائيلي الذي يستطيع ان يذهب الى مصر والتجول فيها، من ان يكوّن له علاقة ولو بسيطة مع مصري. وهذا امر هام للغاية، فثقافة المصري في داخله تحول دونه ودون ان يبدأ التعامل او التفاعل مع الصهيوني أي مع هوية اخرى نحن هنا في الشرق مهد المسيحية والاسلام لا زلنا متمسكين بقيمنا الدينية اكانت مسيحية ام اسلامية وهذه القيم الدينية اراها تكون سياجاً قوياً لنا يقف في وجه امكانية تغلغل الثقافة الصهيونية في داخلنا، من هنا اذاً علينا ان نقوي هذا السياج وان نرفعه وان نتمسك بقيمنا المسيحية والاسلامية وهي مشتركة في كثير من الامور الاساسية والجوهرية، الصهيونية العالمية رسمت لها وحددت لها اهدافاً طبعاً هدفها الاخير هي ان تحكم العالم، كيف لها ان تحكم العالم وهناك قيم مسيحية واسلامية لا تزال فاعلة فينا. بدأت في الغرب، ادخلت الفلسفة المادية ووصلت بها الى الاباحية، وتمكنت بذلك من تفريغ المجتمع الغربي من القيم المسيحية، وما نشاهده الآن في الغرب هو برأيي نتيجة للتفريغ التي تمكنت الصهيونية العالمية من خلال اموالها ووسائل الاعلام الذي تملكه، المرئي وغير المرئي، تمكنت من ان تجري تغيراً في عقلية وفي مفهوم الغربي للاخلاق وللقيم وبذلك تمكنت من ان تسيطر، نلاحظ ان هذه السيطرة في الولايات المتحدة اكثر بكثير من دول اوروبا فالولايات المتحدة التي زارها العديد منكم والذي اكتشف ان الشعب الاميركي البعيد عن المدن متعطش للقيم المعنوية ويفتش عن الديانات، وصادف ان مررت في ولاية جورجيا فقيل لي ان في ولاية جورجيا ما يزيد على360 كنيسة مسيحية، كلُّ كنيسة لها ديانتها إنّ صح التعبير.
مجتمع كهذا اي المجتمع الاميركي هو سهل على الصهيونية وهي التي لا تقوم بعمل الا بعد ان تخطط له بإتقان وروية، من يقرأ بروتوكولات حكماء صهيون يستطيع ان يكتشف الدهاء الصهيوني الذي جعلهم مستمرين واقوياء في عالم لا يحمل في قلبه حباً واحتراماً لليهود قبل ان يحملها للصهيونية.
اذاً يجب علينا ان نقوي سياج القيم المسيحية والاسلام في نفوسنا وان نعممها، فهذا ما سوف يحفظنا مستقبلاً من تغلغل الثقافة الصهيونية في ثقافتنا العربية ولنا من التجارب التي نعيش سواء في فلسطين خلال حماس او خلال المقاومة الاسلامية في لبنان ما يؤكد ما ذهبت اليه.
انا لست محاضراً وانما اردت ان ادخل بمقدمة لأفسح المجال امام محاضرين من عيار كبير.