الحرية – حقوق الأنسان والتجديد الأجتماعي – السياسي

calendar icon 03 كانون الأول 2004 الكاتب:هلا العريس

* مؤتمر "كلمة سواء" التاسع: موقع الحرية في الاصلاح والتجديد

الجلسة الأولى

 بداية نوجه الشكر لمركز الأمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات على اهتمامه الجدي بالتطور الأجتماعي الفكري لمجتمعنا والذي يؤكده موضوع مؤتمره الحاضر والذي جاء لتلبية حاجة ودعوة مطروحة بالحاح على مجتمعاتنا وضمن هذه المجتمعات.

والحقيقة أن رؤية التجديد والإصلاح من زاوية الحرية مهم وجدي, خاصة بالنسبة للحقوقيين وللباحثين في الدراسات الحقوقية , لذلك عندما تصديت لتحديد اطار المساهمة التي سيشرفني المشاركة فيها ارتأيت أن مفهوم الحرية الذي يعبّر عنه في القانون بحقوق الأنسان يمكن أن يكون موضوع دراسة بحيث نستطيع تحديد مدى تأثيره في حركة الأصلاح والتجديد في مجتمعاتنا اجتماعيا" سياسيا" وحتى فكريا" .

لذلك سنتناول الموضوع في محورين أساسيين أولهما تحديد مفهوم الحرية في الفلسفة والقوانين الحديثة مع أطلالة على موقف فكر الشريعة الأسلامية من هذا المفهوم, لننتقل فيما بعد الى تحديد انعكاس مفاهيم الحرية في القوانين ومقابلتها مع موقف الشريعة الأسلامية من الحقوق والمصالح الضرورية للأنسان . أما المحور الثاني فسيتناول التجديد والأصلاح من زاوية التطوير القانوني للقواعد الخاصة بحماية حقوق الأنسان والكيفية التي يتم فيها لتحقيق مقاصده .

أولا: في مفهوم الحرية وحقوق الأنسان
بداية يقتضي أن نحدد مفهوم الحرية كما تصدت له الدساتير الحديثة واعلانات حقوق الإنسان , والتي بدأت مع الفلاسفة والقانونيين المحدثين في القرن الثامن عشر ميلادي وكان على رأسهم الفيلسوف روسو الذي أسس للفكر الفردي المادي [1] وأعتبر أن حرية الأنسان هي أساس علاقته الإنسانية داخل الأسرة أولا" ثم في المجتمع وأن هذه الحرية هي الأساس الذي يجب أن تبنى عليه فكرة الإجتماع الأنساني[2] ومن ثم مفهوم السلطة والدولة , الذي اعتبر أن الإنسان يخضع فيه لسلطة الحكومة والمؤسسات بإرادته وكأحد تعبيرات حريته التي سعى فيها لتأمين أمنه الإجتماعي من هنا كان روسو المؤسس للفكر الديمقراطي الحديث . ولقد انتشرت عالميا" هذه المفاهيم الفردية والمادية للحرية مع اعلان حقوق الإنسان الخاص بالثورة الفرنسية الذي أعلنه البرلمان الفرنسي في 27/آب 1789 وقد أعتبر في مادته الرابعة أن حرية الفرد تكمن في أن يمارس حقوقه الطبيعية بحرية على أن لا يخالف القانون ويضر بالأخرين وبالمجتمع[3] .فقد اعتبرت هذه المادة من الإعلان ان الحرية تكمن في امكانية قيام الشخص بكل ما يريده شرط عدم الأضرار بالآخرين , وممارسة الأنسان لحقوقه الطبيعية ليس لها حدود الا ممارسة الآخرين لنفس الحقوق وهذه الحدود يحددها القانون . وقد حددت المادة الخامسة من نفس الإعلان أن القانون لا يمكن أن يحرّم الا ما يضر بالمجتمع , وبالتالي فان ما ليس محرما" في القانون لا يمكن منع الأنسان من ممارسته كما أنه لا يمكن الزام الفرد بالقيام بما لا يفرضه القانون .

والحرية بهذا المعنى هي ليست خارج اطار التنظيم الأجتماعي والا انقلبت الى فوضى, فلا بد من تنظيمها في قواعد تتقيد بالحدود وتنتظم في منظومة جماعية هدفها الأساسي حماية حرية الفرد وبالتالي حقوقه . فهي الحقوق القانونية التي يمارسها الإنسان سواء كانت حقوق مدنية أو سياسية , وهي الحقوق التي نصت عليها القوانين أو الحقوق التي يمنحها نص لعدم تناقضها مع مصالح المجتمع ومع النظام العام والآداب العامة لهذا المجتمع . وقد أكدت هذا التلازم بين الحريات والحقوق نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 كانون الأول 1948 والمنضم اليه لبنان وأصبح جزءا" من قانونه الوطني لا بل هو يتقدم على القوانين الداخلية في حال التناقض كما نصت عليه المادة الثانية من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني الصادر عام 1983[4] . وقد نصت المادة الثانية من الإعلان أن " لكل انسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الأعلان دونما تمييز من أي نوع ..." . وقد أكد هذا التلازم في كثير من المواد مثل المادة الثالثة التي أكدت حق كل انسان في الحياة والحرية والآمان على شخصه , والمادة 13 الحق في حرية التنقل والمادة 17 التي أكدت أن لكل فرد حق في التملك اضافت المادة أنه لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا" " والمادة 18 التي نصت " أن لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين" [5] و الحق في بناء اسرة والزواج في المادة 16 . فالحريات الطبيعية لكل انسان التي نادى بها روسو جرى تأكيدها في النصوص بحيث تم تنظيمها بشكل يؤكد حق الفرد في ممارسة الحرية على أن لا تحد من حقوق الآخرين ولا تتناقض مع مصالح المجتمع ( النظام العام ) ولا مع القانون الذي لا يمكن أن يمنع شيئا" الا اذا كان متناقضا" مع مصالح المجتمع .

وهذه الحقوق التي كرست الحريات الأساسية للإنسان والتي عرضنا لبعضها كما قننت ونظمت في أعلى شرعة دولية لحقوق الأنسان والمعمول بها دوليا, حمت وأكدت حماية مصالح أساسية رافقت البشرية منذ بداية ممارستها للإجتماع البشري وهي مصالح الإنسان عامة في حفظ حياته وماله وحماية ملكيته وحماية علاقاته الأسرية ومعتقداته وممارسة انسانيته بالتفكّر وأعمال الفكر وبحفظ كرامته الإنسانية بحمايته من الآفات كالمخدرات والسكر والتدخين . وهذه المصالح الخمسة الأساسية هي نفس المصالح التي سعت الأنسانية أبدا" لحفظها عبر قواعد اختلفت باختلاف المجتمعات والزمان, والتي اعتبر إبن خلدون انها كانت دائما هدف كل قاعدة تشريعية وهي حفظ الحياة الإنسانية وبالتالي هدف استخلاف الإنسان على الأرض وهو عمارة هذه الأرض [6]. فمقاصد الشارع في خلقه وهنا في الشريعة الإسلامية تنحصر في حفظ خمسة أمور : الدين , النفس , العقل , النسل والمال [7]. وحفظ هذه المصالح الخمسة تؤمن فيما يتعلق بالدين حرية الإنسان في حفظ عقيدته وعدم حرمانه من ممارسة حريته الدينية , أما حفظ الإنسان في عقله فتتضمن حماية حقه في حياة كريمة لائقة تمنع عنه تعدي تجار المخدرات بنشر هذه المواد الخطيرة ومروجي الدخان الذي أصبح يعتبر على المستوى الدولي في النشرات الخاصة بالصحة الإنسانية من وسائل الأدمان كما المشروبات الكحولية المطلوب منع مضارها عن الناس , وحفظ حق الأنسان في حماية حياته تكون بمنع التعدي على نفسه وجسده وحفظ حقوق الإنسان في حياة أسرية مستقرة تجعل قواعد انتظام الأسرة من الضروريات ومن الانتظام العام , كما أن جميع الشرائع اعتبرت أن حفظ أموال الإنسان وحقه في التملك هي من الأساسيات فمنع في الشريعة التعدي على مال الآخرين واعتبرت من الضرورات وأكلا" لأموال الناس بالباطل , وهي من القواعد الوضعية من الحقوق الأساسية التي تحفظها اعلانات حقوق الأنسان والدساتير ومنها الدستور اللبناني الذي اعتبر أن ملكية الفرد هي من الحقوق الأساسية المحمية فيه .[8]

يتضح لنا أن من المعتبر قانونا وشرعا" أن الحقوق المكرسة في القواعد والأنظمة هي في الحقيقة حقوقا" مرتكزة على حريات إنسانية , وقد تم تكريسها بموجب نظام الحقوق لكي تكون من الضروريات التي تسعى المجتمعات بما لها من قوة جماعية شرعية لحمايتها. وبالتالي فأن الشرائع جميعها سواء كانت دينية أو وضعية أكدت على حماية هذه الحريات الأساسية وبالتالي الحقوق ليتمكن الإنسان من أن يمارس إنسانيته . فكان من الضروريات في كل مجتمع أو من انتظامه العام حماية هذه الأساسيات التي ترتكز على تأمين أمن الأنسان الوجودي (بمعنى نفسه وجسده ) أو العقلي والفكري المالي او العائلي ولكن المنطلقات كانت مختلفة . . وبالتالي فاذا كانت الشريعة تحمي هذه الحقوق الفردية فهي بالتالي تؤمن للإنسان امكانية ممارسة حياته بحرية. وهذه الحرية في الشرائع الدينية وخاصة الإسلامية كان أساسها عقائدي تعبدي يرتكز حول التعبد لله[9] و مقاصدها الأنسانية , حفظ مصالح الأنسان الأساسية والضرورية على الأرض مع تقديم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد في حال التعارض وإعتماد قاعدة أساسية في ترتيب المصالح والمفاسد هي أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح مما يؤكد أولوية المصالح الجماعية . أما في الفكر الغربي فكانت منطلقات الحقوق والحريات فردية مادية في أساسها لحاجة الفرد لحماية نفسه بتجميع قواه الى قوة الآخرين كما قال روسو[10], من هنا كان اهتمامها بالجماعة التي أصبحت فيما بعد قيمة .

ولا بد هنا من التأكيد أيضا" أن بناء الحرية على الحقوق التي تسعى لحماية المصلحة الفردية ثم الجماعية لا تكون واحدة في كل الأنظمة والقواعد في مضامينها وتفاصيلها, فبناء المصلحة يختلف في مضمونه بين هذه الشرائع وفقا" للقواعد الأساسية التي يقوم عليها مجتمع ما وللزمان والمكان وأن كانت المقاصد واحدة . ألم يؤكد اعلان حقوق الفرد والمواطن الفرنسي أن حرية الفرد يحدها حقوق الآخرين وبالتالي ممارستهم لحرياتهم ومصالح الجماعة حيث كان الأضرار بالمجتمع حدا" الى جانب مخالفة القانون الذي لا يمنع الا ما يضر بالجماعة , فالتقى هنا مع القاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار وأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح عند التعارض وأن مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد .[11]

ثانيا: التجديد القانوني والتطوير في روية حقوق الإنسان
يتبين لنا مما ورد أعلاه أن القواعد المنظمة للحقوق الإنسانية كانت تعبّر عن مصالح الأفراد والجماعات وبالتالي عن تطلعاتهم الإنسانية وتتوافق مع المبادىء الأساسية التي تحكم المجتمع على المستوى العقائدي والفكري والأجتماعي والأقتصادي وبالتالي تحمي حرياتهم الأساسية ... وبالتالي فأن أي تطوير للحياة السياسية والأجتماعية يتم التعبير عنه في التطور الفكري والإجتماعي لمجتمع فيه حاجات وتطلعات انسانية اجتماعية تتبناها المجتمعات وتعبر عنها مؤسسات المجتمع الثقافية والأهلية والسياسية ليتم فيما بعد بلورتها في قواعد قانونية وأنظمة تنظم هذه الحاجات والمصالح الأنسانية والحريات عبر حقوق ووسائل ترهيب لحماية هذه الحقوق أو نواهي يتوجب على الأفراد التقيد بها .

ولقد اعتبر المشرعون دائما" ورجال القانون أن القاعدة المنظمة لأي حق أو نشاط يجب أن تلبي حاجة اجتماعية وتحقق مصالح جماعية أو فردية دون أن تتعارض مع المبادىء الأساسية التي يقوم عليها المجتمع خاصة قواعد انتظامه العام والآداب العامة (وهو ما يضمنه المشرع الأسباب الموجبة عند سنّ قانون جديد) . من هنا أكد علماء الإجتماع المهتمين بالقانون أن أية قاعدة قانونية من القانون الدستوري أو المدني والعقوبات وغيرها لا يمكن أن تكون قاعدة مطبقة بشكل واسع على المستوى الإجتماعي حتى لو اعتمدت كقانون من قبل المشرع في الديمقراطيات الحديثة , الا اذا كانت مقبولة من المجتمع[12], وتعّبر عن مصالح الجماعة وتتوافق مع تطلعات أفرادها ومصالحهم فيتم احترامها ليس لأنها قاعدة تتمتع بالألتزام وبالتالي خرقها يفرض عقوبات بل لأنها لا تتناقض مع هذه التوقعات والا سعى الجميع لخرقها بشكل مستمر .

في هذا الأطار يمكن ايراد مثل واضح عن المضمون الأجتماعي للقانون الذي يؤمن له احترامه , هو القوانين الخاصة بالحفاظ على البيئة كقانون حماية الثروة الحرجية وهو قديم قدم الأستقلال ولكن لم تفعّل القوانين البيئية جميعها وتحترم وتطور الا بعد أن أصبح الأهتمام بالبيئة ومواجهة التعديات عليها في أواخر القرن العشرين مصلحة جماعية وحاجة فردية وموضع اهتمام مؤسسات المجتمع الأهلي لمواجهة الأضرار الحاصلة للبيئة[13] وقد أكد هذا القانون في مقدمته والمبادىء الأساسية التي اعتمدها أن لكل أنسان الحق في بيئة سليمة عليه بالمقابل على كل مواطن موجب المحافظة على هذه البيئة سليمة بما يؤمن حاجات هذه الأجيال من دون المساس بحقوق الأجيال القادمة. وفي هذا الاطار يمكن ايراد المفارقة الخاصة بالمحاولات الدائمة للتهرب في مجتمعاتنا من دفع الضرائب والرسوم المفروضة على المداخيل والمعاملات الادارية, وبالمقابل الدفع التلقائي من قبل الأفراد في مجتمعات أخرى للزكاة المفروضة شرعا" والتي يقوم مؤديها هو باحتسابها فيدفعها من تلقاء نفسه وفي مصارف هو يحددها.

يتبين لنا بعد هذه المقارنات أن عملية فرض قواعد قانونية , تتناقض مع مصالح الجماعة أو مع توقعات أفرادها أو تتناقض مع المبادىء الأساسية التي يقوم عليها مجتمع ما وانتظامه العام الإجتماعي الأخلاقي السياسي التربوي البيئي ... لا يمكن ان تحقق الأهداف المقصودة منها لعدم توفر شرط أساسي من شروط احترام القانون وهو تعبير هذا القانون عن مصالح المجتمع الذي سيطبق عليه وتوقعات أفراده ومعتقداتهم . وبالتالي لا بد من أن تكون روح النصوص والمقاصد التي تسعى لتحقيقها متوافقة مع القواعد الحاكمة لهذه الجماعة باعتبار أن مقاصد القواعد الشرعية والقوانين الحامية لحريات الفرد وحقوقه كما رأينا غير متناقضة في العام وأن اختلفت في منطلقات بنائها فهي تسعى لحماية هذا الأنسان . لذلك يجب أن تدعّم قواعد حماية حقوق الأنسان وحرياته ولكن من منطلقات تتوافق مع آماله ومبادئه وعقائده فيتحقق المرجو منها في عملية التجديد والتغيير والأصلاح لعدم وجود غربة بينها وبين من تطبق عليهم .

في هذا الأطار يمكن التساؤل , هل من المفيد على المستوى الأنساني والحضاري أن يطرح على المجتمعات الأسلامية والعربية في ظل موجة الدعوة لأطلاق الحريات على الطريقة الغربية , اعتماد الحرية الفردية بأطلاقها بما يتناقض مع المفاهيم الأخلاقية لهذه المجتمعات ؟ أم المفيد في عملية الأصلاح أن تعمد هذه المجتمعات الى تطوير قواعدها الخاصة بالحقوق والحريات بما يتناسب مع منظومتها الفكرية الأخلاقية العقائدية ولا يتناقض معها بانفتاح واصرار على تأمين مصالح الأفراد والجماعات المحقق للعمران.

أن الدارس لتاريخ التشريع يلاحظ أن التطور الإنساني على مستوى القواعد القانونية هو عملية اتصال وتواصل ساهمت فيها الحضارات جميعا" مساهمات متتابعة أمنت هذا التطور . والدارس للأنظمة القانونية بموضوعية يلاحظ أن الخط البياني لتطور القواعد الحاكمة والمنظمة للحياة الأنسانية (أمور الدنيا) كانت في خط متصاعد منذ الحضارات القديمة في مصر وبلاد ما بين النهرين حتى دولة الرومان فالحضارة الأسلامية فالحضارة الأوروبية . فعلى سبيل المثال العقد باعتباره وسيلة التبادل الأساسية للأموال كان دائما يعبر عن التطور الأنساني فقد اهتمت بتنظيمه الحضارات القديمة وعرف مفهوم الرضى أي انه نتاج الإرادة منذ عصر الرومان الذين اعتبروا في ظل مفهوم القوة الذي كان سائدا" في المجتمع ان حماية الأرادة لا تتحقق الا بفرض قالب شكلي جامد يفيد تلاقي الإيجاب مع القبول , هذا الموقف تطور في فقه الشريعة الأسلامية التي أكدت نظرية حرية التعاقد والإرادة التي يكفي فيها تلاقي الإرادتين لإبرام العقد وتحقق الإلزام دون اشتراط أي شكل لا بل أن العبرة في العقود هي للمعاني وليس للمباني أي للإرادة الحقيقية , وفي القواعد الحديثة في النظام اللاتيني الفرنسي أو الأنكلوسكسوني فأن العقد يخضع لنظرية حرية التعاقد وسلطان الإرادة المعبر عنها بتلاقي الإيجاب مع القبول والإعتبار هنا للإرادة الحقيقية وليس الظاهرة . فالمبادىء الأساسية للعقد لا تختلف في فقه الشريعة عن القوانين الحديثة , من هنا أهمية التدليل على هذا التلاقي والتكامل بين الحضارات والأنظمة التي ساهمت جميعها في التطور الحضاري عبر الانفتاح على بعضها وبناء البعض على ما علمه الآخرون والمهم دون أن يكون هناك إلغاء لخصوصيات ووجود الآخرين في ساحة الحضارة الانسانية.
--------------------------------------------------------------------------------

[1] - جان جاك روسو فيلسوف فرنسي في القرن الثامن عشر من

[2] La plus ancienne de toutes les sociétés et la seule naturelle est celle de la famille. Encore les enfants ne restent-ils liés au père qu’aussi longtemps qu’ils ont besoin de lui pour se conserver. Sitôt que ce besoin cesse, le lien naturel se dissout. Les enfants, exempts de l’obéissance qu’ils devaient au père, le père exempt des soins qu’il devait aux enfants, rentrent tous également dans l’indépendance. S’ils continuent de rester unis ce n’est plus naturellement, c’est volontairement, et la famille elle-même ne se maintient que par convention.
Cette liberté commune est une conséquence de la nature de l’homme. Sa première loi est de veiller à sa propre conservation, ses premiers soins sont ceux qu’il se doit à lui-même, et, sitôt qu’il est en âge de raison, lui seul étant juge des moyens propres à se conserver devient par là son propre maître.

[3] - لقد نصت المادتين 4و5 من أعلان حقوق الأنسان والمواطن الفرنسي وهو من نتائج الثورة الفرنسية
Article 4 - La liberté consiste à pouvoir faire tout ce qui ne nuit pas à autrui : ainsi, l'exercice des droits naturels de chaque homme n'a de bornes que celles qui assurent aux autres membres de la société la jouissance de ces mêmes droits. Ces bornes ne peuvent être déterminées que par la loi.
Article 5 - La loi n'a le droit de défendre que les actions nuisibles à la société. Tout ce qui n'est pas défendu par la loi ne peut être empêché, et nul ne peut être contraint à faire ce qu'elle n'ordonne pas.

[4] - المادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية الصادر عام 1983 نصت : على المحاكم أن تتقيد بمبدأ تسلسل القواعد : عند تعارض أحكام المعاهدات الدولية مع احكام القانون العادي , تتقدم في مجال التطبيق الأولى على الثانية".

[5] - نصت المادة 19 – أن لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ......."

[6] - " أن البشر متعاونون في وجودهم فيحتاجون فيه الى الحاكم والوازع مثل ما يذكر في أصول الفقه .. ان الناس محتاجون الى العبادة عن المقاصد بطبيعة التعاون والأجتماع وتبيان العبادات أخف ومثل ما يذكره الفقهاء في تعليل الأحكام الشرعية بالمقاصد في أن الزنا مخلط للأنساب مفسد للنوع وأن القتل أيضا" مفسد للنوع وأن الظلم مؤذن بخراب العمران المفضي لفساد النوع وغير ذلك من سائر المقاصد الشرعية في الأحكام فأنها كلها مبنية على المحافظة على العمران .

أبن خلدون : المقدمة من كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر ,داراحياء التراث العربي – بيروت – ص 39

[7] - د. محمد سعيد رمضان البوطي : ضوابط المصلحة في الشريعة الأسلامية , ص 110

[8] - لقد تضمنت مقدمة الدستور التي أضيفت بموجب القانون رقم 18 تاريخ 21/9/1990 والتي اعتبرت أن من القواعد الأساسية التي يقوم عليها المجتمع اللبناني هي " أن النظام الأقتصادي حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة ".

[9] - الشيخ راشد الغنوشي : الحريات العامة في الدولة الأسلامية – مركز دراسات الوحدة العربية –1993-ص 38

[10] Or comme les hommes ne peuvent engendrer de nouvelles forces, mais seulement unir et diriger celles qui existent, ils n’ont plus d’autre moyen pour se conserver que de former par agrégation une somme de forces qui puisse l’emporter sur la résistance, de les mettre en jeu par un seul mobile et de les faire agir de concert.
Cette somme de forces ne peut naître que du concours de plusieurs : mais la force et la liberté de chaque homme étant les premiers instruments de sa conservation, comment les engagera-t-il sans se nuire, et sans négliger les soins qu’il se doit ? Cette difficulté ramenée à mon sujet peut s’énoncer en ces termes :
«Trouver une forme d’association qui défende et protège de toute la force commune la personne et les biens de chaque associé, et par laquelle chacun s’unissant à tous n’obéisse pourtant qu’à lui-même et reste aussi libre qu’auparavant.» Tel est le problème fondamental dont le contrat social donne la solution.

[11] - هذه القواعد الكلية المعتمدة في فقه الشريعة الأسلامية كرست في مقدمة مجلة الأحكام العدلية التي قننت قواعدالمعاملات على الراجح في مذهب أبي حنيفة والتي عمل بها منذ عام 1293 هجرية- 1874 ملادية . علما" أن مجلة الأحكام العدلية لا يزال معمولا" بها في لبنان بعد صدور قانون الموجبات والعقود الصادر عام 1932 في كل ما لا يتناقض مع نص هذا القانون وذلك بموجب المادة 1106 من القانون التي ألغت جميع أحكام المجلة التي تخالف قانون الموجبات والعقود أو لا تتفق مع أحكامه .

[12] - نلاحظ هنا أهمية المناقشات التي تتم في الدول الحديثة والمتطورة خصوصا" قبل اعتماد القوانين خاصة الأساسية بحيث تشارك فيها كل هيئات المجتمع الأهلي والأعلام والمتخصصون بحيث يأتي القانون قدر الأمكان متناسب مع تطلعات الشريحة الأكبر من المجتمع .

[13] - صدر قانون حماية البيئة في لبنان رقم 444 تاريخ 29/7/ 2002 .

source