مؤتمر "كلمة سواء" السنوي السابع: "الذات والآخر في الاعلام المعاصر")
(الجلسة الرابعة)
يبدو ان قدري في هذا اللقاء وربما في غيره من اللقاءات التي تُعقد حول الاعلام وان كنت اعتبر نفسي من الاعلاميين أن اقف ضد التيار فيما يتعلق بالاهمية التي تعطى للاعلام وبالتقريض الهائل الذي يحظى به الاعلام حتى يكاد ان الاعلام هو الذي يصنع كل شيء وبتصوري ان هنالك درجة عالية من المبالغة، لا شك ان الاعلام له اهميته وله دوره ولكن قطعاً ليس كما يقال فيه وعنه، ولهذا عندما نوجه بالسؤال اي اعلام نريد؟ يفترض ان نطرح سؤال آخر يرد عليه ويُجيب عنه هو اي سياسة نريد؟ لأن الاعلام كل اعلام لا ينفصل عن السياسة التي يتبناها ويريد ان يُروج لها او السياسة التي يريد ان يدحضها ويشن عليها الحملات ولكي لا اطيل في تقديري او الدفاع عن هذه النقطة، اريد ان اسأل سؤالاً بسيطاً من كسب معركة الاعلام في اجتياح مخيم جنين؟ هل كسبه الفلسطينيون والمقاتلون في مخيم جنين؟ ام اجهزة الاعلام الامريكية والصهيونية الجبارة التي تصنع كل شيء، في الحقيقة والحقيقة بسيطة هنا اقول وبأعترافهم وبأعتراف الاسرائيليين انهم خسروا المعركة الاعلامية في معركة جنين بل في مرحلة السنتين الماضيتين للانتفاضة والمقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، لم يخسروها لأن هنالك اعلام فلسطينيياً او عربياً علا عليهم وتغلب عليهم وإنما لأن هنالك سياسة ووقائع وحقائق صنعتها القضية العادلة وكفاح شعب بأسره وتضحياته وبما اظهره من وحشية العدو تلك الوحشية التي ما كانت لتظهر إلا من خلال المواجهة والمعارك هذه المُحصلة اثرت ولأول مرة ليس فقط في المجال العربي والاسلامي الذي هو الى جانبها في كل الاحوال وانما اثرت في الوعي الغربي نفسه في الرأي العام الغربي نفسه لأول مرة تشعر المنظمات الصهيونية ان الارض تهتز من تحت اقدامها حتى في نظرة الاسلام العادي واذا جئنا الى الطلائع الاكثر حيوية واهمية في الكفاح مثل الذين يعترضون على العولمة ويقومون بالتظاهرات من واشنطن، من سياتل، حتى جنوا، حتى ميلانو، والخ.. سنرى في خلال مرحلة الانتفاضة وبعد معركة جنين ان اصبح العلم الفلسطيني مرفرفاً في تلك التظاهرات التي وصلت في بعض الاحيان الى مئات الألوف حتى كاد يطغى كيف حدث هذا، هذا يريد تفسيراً اذا كان الاعلام الغربي والامريكي والصهيوني كل تلك السطو، فلماذا لم يخنق هذه النتائج وكيف وجه بها، هذا سؤال يفترض بنا ان نعيد قراءة هذه النقطة بتقدير صحيح واهميتها بالنسبة إلي او لماذا اريد ان او ان اناقشها هو اين نضع يدنا او على اي جرح نضع يدنا هل نفكر في تضخيم اعلامنا في وضع الاموال لإعلامنا لنخترق ام نتمسك بقضايانا ونرفع من مستوى روح الكفاحية لدى شعوبنا وان ندافع عن قضايانا ونقدم التضحيات حيث يمكن ان تأتي نتائج حقيقية وعندئذٍ يمكن لأعلام ان يتقدم، يمكن لأعلام ان يتطور وان يؤتي ببعض الثمار.
كذلك هنا في لبنان من كسب المعركة الاعلامية في نهاية المطاف، المقاومة الاسلامية الباسلة ام الاعلام الصهيوني الامريكي، الغربي بصورة عامة هذه من ناحية ولكن حتى ونحن نتحدث عن الاعلام وزميلي وجاري في هذه الجلسة هو اعلاميٌ كبير اقول ان الفضل في كسب المعركة الاعلامية ليس لقناة المنار وانما لسياسة حزب الله وكيفية طرحها وكيفية تقديمها وللتضحيات الكبرى التي قُدمت هنا تغذى الاعلام واخذ اهميته وقوته ويجب ان لا نعكس الصورة وبالطبع هذا لا يُقلل من قيمة الجهود واهميتها التي يقوم بها اخواننا، في الحقيقة هذه ليست شاذة في قضية فلسطين او في جنوب لبنان حتى في فيتنام من كسب المعركة الاعلامية، امريكا ام فيتنام في الثورة الفيتنامية في الجزائر من كسب المعركة الاعلامية او كسب الرأي العام في النهاية الشعب الجزائري الذي كافح سبع سنوات ام الاعلام الفرنسي، هذه قضايا يعني تجعلنا ندرك اي حجم هو الاعلام حتى لا نقع ملومين محصورين عندما نرى امكانات الغرب الاعلامية الهائلة ونحن بل قدرة على مواجهتها او الاقتراب منها، لدي سؤال ثالث هل هنالك تناسب بين قوة الاعلام الامريكي حتى بالنسبة للرأي العام الغربي الآن والرأي العام العربي والاسلامي لو تسألوا الادارة الامريكية تشعرون انهم يواجهون مأزقاً امام رأي عام ضدهم، ضد اعلامهم وبالتالي تراهم الآن خصصوا ثمانمائة مليون دولار كدفعة اولى لتوجيه اعلام للعالم الاسلامي للتأثير عليه وانا اقول لكم لو وجهوا 8 مليارات دولار واكثر من ذلك لن يؤثروا على العالم الاسلامي لأن الذي يؤثر على الرأي العام ليس الاعلام وحده ولا مهارته ولا دقته ولا بهرجته، انا طبعاً اخاف من الاعلام من جانب واحد هو ما يمكن ان يقوم به من تشويه من تدمير يعني الاعلام بالاضافة الى تأثيره على شعبه ولكن تأثيره على عدوه هو دائماً تأثير الطبور الخامس والاختراق وليس تأثير البناء وتغيير الافكار وكسب المعركة السياسية معهم.
السؤال الرابع بالنسبة للاعلام العربي طبعاً هي امنية عزيزة ان يكون هنالك خطة عربية موحدة واعلام عربي موحد ولكن لا شك ان الاعلام العربي يعكس الاختلافات في السياسات العربية ويعكس حالة التجزئة والقطرية كما قال السيد رئيس الجلسة والاخرون لذلك ارى ان ننظر الى المُحصلة من جهة، مُحصلة هذا الاعلام المتناقض والمتضارب المتعدد والذي لا مفر منه ولن نهرب من هذه الحقيقة مهما حاولنا ان نقرب، وغاية المنى ان نخفف ربما ان نزيل بعض الاضرار وليس ان نوحد الاجهزة الاعلامية وربما ليس من المفيد ان نجد هيئة تقرر للاعلام ماذا يقول انا ارى ان التعدد برغم بعض سلبياته له ايجابيات ولذلك من الافضل لنا ان نفكر كيف نُقوي اعلاماً بعينه في قلب هذا الخضم من التعدد والتناقض لنؤثر على المُحصلة وهذا بأمكاننا يعني نحن ليس بامكاننا ان نسيطر على كل الاعلام العربي ولكن يكفي ان تكون هنالك قناة او اكثر وهذا ما تفعله الجماهير في واقع الحال حيث تبدأ تُحدد انحيازها وتُحدد تأثيرها من خلال انحيازها لهذه القناة او تلك، وانا في الحقيقة عندي ثقة كبيرة بوعي الجماهير هنالك اقنية فضائية ظنت انها بفترة من الفترات من خلال الضجيج حول الرأي والرأي الآخر الى آخره انها تكسب الجمهور ولكن جمهورنا حساس جداً فعندما يراها تستضيف مثلاً دُعاة او سياسيين اسرائيليين تراه رأساً يضع علامة السؤال، هم يظنون انهم اذا فعلوا ذلك روضوا جماهيرنا، انا اظن ان الاعلام لا يستطيع بان يفعل ذلك واستطيع ان اقول ان الجماهير وان الرأي العام في بلادنا اقوى من الاعلام، والاعلام الذي يريد ان يكون ذا قوة عليه ان يمسك بنبض الجماهير ويقترب منها ولا يظن نفسه انه يصنعها ان برأيي ان قوة المنار لا تأتي وهذه مرة اخرى لا اقلل من اهمية الجهود وانما لا تأتي من قوة هذه الجهود وانما يأتي من موقف الجماهير الارض العطشى لمثل هذا الطرح ولمثل هذا الموقف ولذلك ليس الاعلام مجرد قلم يكتب على صفحة بيضاء انما القلم او الاعلام يواجه وضعاً مركباً معقداً من الوعي يجب عليه ان يعرف ان اختراقه ليس سهلاً على كل حال .
تبقى نقطة اخيرة، كولن باول امس اراد ان يعزز وجهه نظره في المشروع الذي طرحه والذي اشار اليه الاخ حسن استند الى التقرير التنمية الانسانية كما فعل فريدمان، كما جاء بكلام الدكتور جورج جبور ماذا نفهم من وراء ذلك؟ لماذا هذا التقرير الذي رحب به كثيرون؟ واظنهم يجب ان يخجلوا الآن من انفسهم عندما صفقوا لتقرير التنمية الانسانية لأنه اصبح من الواضح، اي خدمة يريد هذا التقرير ان يقدمها ولمن؟ لم يبق صهيوني خرج الى قناة فضائية او كتب او امريكي يريد ان يعتدي على الامة العربية الا استشهد بهذا التقرير، انا برأيي ان هذا التقرير ليس فقط كما وجه اليه ونوقش بأنه ضعيف ومفكك وانه غير علمي ومبالغ ..الخ، ولكن آن الاوان بعدما استشهد به كولن باول ان ندرك ما هي الابعاد التي كانت وراء كتابة هذا التقرير بل من هم الحقيقيون الذين وراء هذا التقرير، النقطة الثانية التي اريد ان الفت الانتباه اليها وهي الانتباه الى موجة اليأس، موجة اسدال الظلام على كل ما هو في بلادنا العربية ومجتمعاتنا، الميل الدائم دعوة نقد الذات واظهار عيوبنا هنالك مبالغة في توصيف حالنا حتى لا يستبقي احد احد او لا يستبقي ايجابية واحدة تتمتع فيها هذه الامة، هل صورة مجتمعاتنا بهذه السلبية؟ صحيح هناك مثلاً مشكلة للمرأة في بلادنا، وهنالك قضية للمرأة ولكن هل هي الصورة التي يُقدمها التقرير او تقدمها يقدمها الغرب ان المرأة في بلادنا تحتاج الى إعادة صياغة كاملة وان مشكلتها يعني يجب تحتاج الى ثورة لا حدود لها طيب، ما هذه المرأة الفلسطينية، هذه المرأة الفلسطينية التي تتحدى الدبابة وتأتي بالطفل الذي يتحدى الدبابة ويقاتل وتلد هذا الاستشهادي وتلك الاستشهادية، هل هذه المرأة بالرداءة التي يُوصفها أولئك عندما يتحدثون عن النساء في بلادنا وعن وعيهن، وعن دورهن، هل ابناءنا ونساءنا هم ابناء المجتمع الابوي كما يوصفه بعض علماء السوسيولوجيا بأنهم مقموعون وبأنهم خاضعون وتافهون ولا يفعلون شيئاً طيب كيف يتحدون هذه الدبابات، هذا المقموع هذا الذي ليس له كلمة، هذه المرأة يعني اقول هذه الوقائع تكذب الكثير من المسلمات التي تُروج بيننا وشكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله .