البيان الختامي لمؤتمر كلمة سواء السادس حوار الحضارات ... اجتمعنا من اجل الإنسان صادر عن مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات

calendar icon 09 تشرين الثاني 2001


بسم الله الرحمن الرحيم

بدعوة من مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، انعقد في فندق الماريوت في بيروت مؤتمر كلمة سواء السادس تحت عنوان "حوار الحضارات" يومي الخميس والجمعة 8 و 9 تشرين الثاني 2001 بحضور ممثلي الرؤساء الثلاثة ورؤساء الطوائف الروحية أو ممثليهم ونائب رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران سماحة السيد محمد علي أبطحي وحشد غفير من الوزراء والنواب ورجال الدين والإعلاميين والباحثين وغيرهم من المهتمين ومحبّي الإمام الصدر.

استمع المؤتمرون في الجلسة الافتتاحية الى كلمات العائلات الروحية والى رسالة مبدع "عام حوار الحضارات" الرئيس الايراني إلى مؤتمر كلمة سواء السادس "حوار الحضارات" إضافة الى بيان الهيئة الوطنية لمتابعة قضية تغييب الامام الصدر ورفيقيه الموجّه إلى المؤتمر.

ثم تابع المؤتمر السادس "حوار الحضارات" في ست جلسات، مناقشة محاور الموضوع بشتى جوانبه، وهي: "من الصدام إلى الحوار" ، "الآخر في إطار حوار الحضارات"، "الحوار الاسلامي- المسيحي في إطار حوار الحضارات"، "الصراع العربي الاسرائيلي في إطار حوارالحضارات"، "سبل ومعوقات حوار الحضارات" و"آفاق ومستقبل حوار الحضارات".

يتسّـق موضوع المؤتمر مع رسالة واهتمامات مركز الامام الصدر للابحاث والدراسات والقائمة على إذكاء سيرورة حوارية متواصلة تتلاقى فيها الآراء والتوجهات المختلفة وتعالج الموضوعات الأكثر التصاقا بهموم المجتمع. فبعد الأديان والعائلة وحقوق الإنسان والهوية الثقافية والمجتمع المقاوم، تباحثت الكلمة السواء في حوار الحضارات في لحظة تاريخية حرجة يبدو معها العالم برمته في أمس الحاجة الى كلمة سواء تلجم الاندفاعات الغرائزية من هنا وهناك، وتغلّب لغة الحوار العقلاني المؤمن بمقدرة الإنسان على الانسجام مع ذاته، وعلى الاحتكام لخالقه في تعاطيه مع أخيه الإنسان ومع الطبيعة والكون.

في هذا الظرف، وفي محاولته لاستشراف وإطلاق حالة حوارية متحرّكة، نهل المؤتمر من معين الإمام الصدر الذي يعتبره الرئيس خاتمي أسوة حسنة لكل المؤمنين بالحوار "رمز الحكمة والارتفاع فوق الحساسيات والحزازات، ورمز التلاحم والتضامن والثقة بالنفس وبلبنان" لبنان الذي رأى فيه الإمام "التجربة الحضارية الوحيدة في العالم" و"نموذجا واقعيا لمستقبل نحلم به ويتضمن أفضل الصيغ لاحترام كل الحضارات والثقافات ولخلق التفاعل التام المتكافىء بينها.

ورأى المؤتمرون أن أفضل أسس الحوار هي :

1- أن يتنامى الحوار في كافة دوائره: إعادة تقييم واكتشاف الذات، رؤية الاشياء كما هي، الاستعداد للتأثر بالآخر كما التأثير فيه، إعادة اكتشاف جوهر النصوص الدينية،
2- ان يجري بين الممثلين الحقيقيين لأصحاب العلاقة حيث (ان اختلاف الرؤيا حله الوحيد هو الحوار والأخذ برأي الأكثرية. الإمام الصدر)
3- المساواة بين أطراف الحوار والاعتراف باختلافاتهم والاحترام المتبادل، (التفاوت في الأفكار سبب تجدد المجتمع والتطلّع الى الأمام والتغير نحو الافضل: الامام الصدر، 75)،
4- البناء على المساحات المشتركة لمقاربة المآسي الفعلية للانسان (انتهاك الحقوق، الأزمة المعنوية، الفقر، البيئة، المخدرات، الخ)
5- ادخال كل تجارب الحياة داخل مجال التأمل، واعمال العقل في تحليل الأسباب التي زيفت وتزيف التواصل بين الحضارات.

وفي مناقشاته لمعوّقات الحوار، استعرض المؤتمر القضايا الملّحة وتوصّل إلى الخلاصات التالية:

1- ينظر المؤتمر بعين القلق الى المجريات الراهنة وتداعياتها حيث يتم استغلال الدين لتغليف مطامح وأغراض تسلطية واستغلالية، ولتبرير جرائم بشعة بحق الإنسانية، أو لفرض نظام دولي قائم على القوة والقهر بمسوغات أخطرها نقل الصراعات الدولية من أرضية المصالح الى فضاء القيم.

2- يرى المؤتمر في الصهيونية استطالة استعمارية وهي محصلة التباسات لثقافات القسر والاخضاع والسيطرة والاستعلاء مؤسسة على قاعدة العداء للآخر. تعتمد في بنائها على انتهازية ممنهجة تشكل المرشد العام لاسرائيل، "غير القائمة على الحق"، والمرشد لمخالفاتها للشريعة الدولية ولأبسط قيم الحق والعدالة، ومنها الإمعان في احتجاز الرهائن من لبنانيين وفلسطينيين وغيرهم.

3- تتقاطع انتهازية الصهيونية مع تغليفات الجموح الاستعماري الجديد لرسم خطوطٍ لصراع عقائدي مفتعل تظهر تجليّاته بوصم كل من يحسن قول ( لا ) بالإرهاب. وهذا الخلط مرفوض من المؤتمر الذي يحيي التفاف اللبنانيين بكافة فئاتهم وطوائفهم حول مقاومتهم البطلة.
في هذا السياق فإن هذا الوطن الصغير لبنان، الذي أسقط مقولة التفوق المطلق للقوّة الصهيونية، يمكنه أن يكون بما فيه من كنوز القوى الروحية والفكرية سببا مؤثراً في اسقاط مقولة العولمة الصهيونية الأمريكية، ومسرحا حيّاً لتنامي حالة حوارية ثقافية وعالمية. " فلبنان في هذه الفترة ضرورة حضارية أكثر من ذي قبل" و"إذا سقطت تجربة لبنان سوف تُظلم الحضارة الانسانية" و " لبنان ضرورة قصوى للعالم" (من أقوال الإمام عام 1977)،
تكشف لنا هذه الأقوال كم كان الإمام الصدر عالماً بزمانه، وإذا كان تغييبه قد أفرغ الساحة اللبنانية من عَلـَمها العاقل المحاور المستشرف، فإن الاحداث تثبت ان التمادي في تمويه القضية هو ارتكاب لجريمة جديدة في حق الإنسانية جمعاء وفي حاجتها للحوار والتلاقي على كلمة سواء.
بغية تنفيذ توصيات مؤتمر "كلمة سواء" الخامس الذي انعقد قبل عام، واستناداً إلى تقرير الهيئة الوطنية لمتابعة قضية الإمام الصدر ورفيقيه واقتراحاتها، وكذلك المواضيع المطروحة في كلمات الباحثين الأفاضل ومداخلات الحضور الكرام في هذا المؤتمر، فقد تمّ اعتماد القرارات والتوصيات التالية:
1- إذ يتقدّم المشاركون في المؤتمر بالشكر على كافة الجهود المخلصة والمبذولة في كل من لبنان وإيران وسائر بلدان العالم، ويثمنون بكل اعتزاز واعتداد بالنفس دعم زعماء بعض الدول، يدعونهم لتنسيق جهودهم والضغط على السلطات الليبية للإفراج عن الإمام ورفيقيه وتحميلها كافة التبعات الأخلاقية والمادية والمدنية، كما يعلن المشاركون رفضهم لأي شكل من أشكال المفاوضات لا يؤول في النهاية إلى تحرير الإمام موسى الصدر ورفيقيه وإعادتهما؛
2- بناءاً على دعم المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي للمواقف والقضايا المدرجة في البيان الختامي للمؤتمر الخامس، فإن أي إجراء يتخذ لتحرير الإمام موسى الصدر ورفيقيه وإعادتهما يعدّ واجباً شرعياً؛
3- يطالب المؤتمر هيئة المتابعة بمضاعفة جهودها وتنفيذ وعودها كما جاءت في بيان الهيئة الموجّه إلى المؤتمر، وذلك بوضع جدول عمل واضح لكيفية تحرّك الهيئة، بما في ذلك توسيع دائرة اتصالاتها لنقل القضية إلى كافة المراجع والمحافل والمحاكم المحلية والعربية والدولية؛
4- يطالب المشاركون في المؤتمر وبقوّة المعنيين بالإسراع في البت في الدعاوى المسجّلة على النظام الليبي في المحاكم المختصة والهيئات الدولية المعتمدة؛
5- وبأخذ الظروف المستجدة بنظر الاعتبار، يتقدّم المؤتمرون بدعوة المسؤولين في لبنان وإيران وكذلك شعوبهما وسائر المهتمين بتحرير الإمام الصدر في كلّ من أفريقيا وأوروبا وأميركا، إلى الضغط على الحكومات والأوساط الدولية وملاحقة الدعاوى المطروحة على الهيئات الدولية بما فيها منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان، ودعم مسألة تدويل قضية الإمام الصدر ورفيقيه؛
6- وإذ يطالب المشاركون في المؤتمر السلطات اللبنانية بحزم أمرها وبتصنيف القضية وما يتناسب مع حجمها الفعلي محلياً وقومياً وإنسانياً والتعاطي بجديّة مع هذا التصنيف المرتجى رئيسياً في جدول أعمالها الدائم، يطالبونها بتقديم تقرير شفّاف عن الإجراءات المنجزة خلال السنة الماضية، ويعارضون أيّة موافقة على تشكيل أية لجان لإعادة النظر بحقائق وثوابت قرارات القضائين الإيطالي واللبناني، والتي أخذت بها منظمة العفو الدولية؛
7- وفي حين يؤكد المؤتمرون على المسؤولية المباشرة للنظام الليبي ومعمّر القذافي بالذات أمام المحاكم الإيطالية واللبنانية، يعتبرون اختطاف الإمام موسى الصدر ورفيقيه وتغييبهم أحد أبرز مصاديق الإجراءات الإرهابية التي تجاوزت تأثيراتها ومضاعفاتها الحدود الإقليمية إلى النطاق الإسلامي؛
يدعو المؤتمر الأمناء والقيمين بالتداعي لاقرار آلية تحرّك تطلق الطاقات الحبيسة والتواقة الى فك أسر الإمام ورفيقيه بالسبل المتناسبة مع فظاعة الجريمة.

source