يختتم مؤتمر "كلمة سواء" الخامس الذي انعقد تحت عنوان "المقاومة والمجتمع المقاوم.. قراءات في مسيرة الإمام الصدر" أعماله اليوم بإعلانه البيان الختامي والتوصيات في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري, الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المفتي الجعفري عبد الأمير قبلان.
وكان المؤتمر الذي أقيم في فندق "الماريوت" بتنظيم من مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات قد تابع أعماله أمس ولليوم الثاني على التوالي, حيث انعقدت جلستان تمحورت الأولى حول "ثقافة المجتمع المقاوم في رؤية الإمام الصدر" والثانية حول "آفاق المستقبل".
الجلسة الأولى
وترأس الجلسة الأولى الرئيس حسين الحسيني الذي ألقى كلمة أشار فيها إلى أسباب الإنتصار الذي حققه لبنان على العدو الإسرائيلي وهي: استبسال وفداء المقاومين, صمود واستعداد الشعب للتضحية, وقيادة عاقلة متوكلة إضافة إلى الدعم الذي نالته المقاومة من محيطها المباشر أي من سوريا ومن محيطها الأوسع أي إيران.
وأكد أن السيد موسى الصدر كان هناك في بداية ذلك الشيء– الذي كان يتجه إلى الظهور بطيئًا إلى ان سطع سطوعه الكامل في لحظة الإنتصار- كما كان في وسطه وعند ذروته, كان هناك عبر خط لم ينجح في طمسه قريب أو بعيد, وبرغم غيابه كل هذه السنوات, هذا الشيء هو شرعية المقاومة... هذه الشرعية التي ظهرت لنا فانتصرنا، هذه الشرعية التي افتقدها العدو فإنهزم.
تويني
"شروط المجتمع المقاوم عند الإمام الصدر" كان عنوان المحاضرة التي قدمها غسان تويني وقال فيها: ان البرهان على صحة شروط "المجتمع المقاوم" الثقافية بالمعنى الأعم, تبعًا لنظرة الإمام موسى الصدر, هو ان عدم اتباع هواها أدى إلى ضياع الدولة في تحمل مسؤولياتها ولا يزال يهددنا بالضياع... يهددنا بضياع الجنوب وتفككه برغم التحرير.
ورأى أن المقاومة الإسلامية نجحت برغم غياب الدولة, فهي تتحرك الآن في فراغ "دولي" نسبة إلى الدولة (أي في فراغ من مؤسسات الدولة وشرائعها) لا يعيق حرية تحركها - خصوصًا والدولة تؤيدها – غياب الدولة وفراغها, فليست هي المسؤولة عنه... إنما المفارقة هي أن الدولة ظلت غريبة عن ثقافة مجتمع المقاومة, ومع ذلك ترفع علم تأييدها... ترفعه بديلًا عن مساعدتها والتنسيق معها.
ودعا تويني المقاومة, التي تستمر تعلن أنها ليست بديلًا عن الدولة, إلى ان تلح في طلب قيام الدولة بتحمل تبعاتها وممارسة سيادتها, في الحقلين العسكري والإجتماعي.
الشلبي
ثم تحدث الدكتور حسن الشلبي عن "التسوية في ضوء فكر الإمام الصدر والقانون الدولي" فأشار إلى ان الإمام الصدر لم يكن ضد السلام الحقيقي بين الشعب والأمم بمفهومه الصحيح وبمعانيه ومقوماته وأهدافه المنشودة وإنما كان ضد السلام الذي يفتقر إلى العدل والمساواة والإستقرار والشمول والإقرار بالحق والحرية والإستقلال عندما اتخذ من المقاومة وقوة السلاح استراتيجية أساسية لمقاومة إسرائيل أو أي ظلم يحيط بأي شعب أو أمة..
النادري
وألقى الدكتور أسعد النادري عميد كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية محاضرة تناولت "خطاب المقاومة والحرمان عند الإمام الصدر وتعبيراته الإعلامية".
وأكد فيها ان الإمام موسى الصدر يعتبر بحق مؤسس الحالة الجهادية الجنوبية المعاصرة التي توجت بتحرير الجنوب في الرابع والعشرين من أيار 2000 من المحتل الإسرائيلي.
ولاحظ النادري أن الحركة السياسية التي نهض بها الإمام الصدر منذ عودته إلى أرض الوطن, أرض الآباء والأجداد قد تمحورت حول هدفين رئيسين متلازمين أحدهما مقاومة العدو الصهيوني والتصدي بالوسائل السياسية والإعلامية المتاحة لاعتداءاتها المستمرة على الأرض اللبنانية وفضح مطامعه في أرض لبنان ومياهه, والثاني تسليط الضوء على حرمان مناطق وشرائح واسعة من اللبنانيين من خدمات الدولة.
عساف
تلاه, الدكتور ساسين عساف الذي تحدث عن "المثلث الأفهومي في رؤية الإمام الصدر السياسية" والممثل بـ: الوحدة الوطنية القائمة على العدالة الإجتماعية, الوحدة الوطنية القائمة على التوازن السياسي – الطائفي والوحدة الوطنية القائمة على تفاعل المسيحية والإسلام.
وخلص عساف في ضوء هذه الأفاهيم والرؤى السياسية الثابتة والمتحركة في فكر الإمام إلى التأكيد على ان الإمام الصدر مسلم مؤمن برسالته القرآنية, روحاني التطلع, طوباوي الآفاق, إنساني النزعة, يناصر المعذبين في الأرض ويثور على الظالمين, لبناني مؤمن بلبنان وطن رسالة عالمية, كيانيته ربطًا برسالته لا تعني الجغرافيا فقط أو الأرض بل تعني المدى, كما انه عربي سفور لا حرج في عروبته إزاء لبنانيته وإسلاميته, عربي حضاري مواجه للصهيونية والعنصريات كافة.
الأمين
وكانت مداخلة للدكتور عدنان الأمين عن "ثقافة المقاومة: الأخلاق السياسية وبناء القدرات" إعتبر فيها أن تردي الأخلاق السياسية في العمل العام ليس ثمنه خسائر الماضي فحسب, بل ثمنه خسائر المستقبل, لأنه المولد للتخلف والحاضن له. وليس لبنان بمعزل عن هذه النزعة المنتشرة في الدول التي تدعي السير في التنمية.
ولفت الأمين النظر إلى نموذج الثقافة السياسية المسؤولة الذي مارسه ودعا إليه الإمام الصدر لم يكن مقتصرًا عليه. فقد استقبلت خطابه منابر الطائفة كما استقبلته بحرارة منابر الطوائف الأخرى ومنابر الحوار بين الجماعات والثقافات والتيارات.
شماس
وتناول نقولا شماس "تباشير المقاومة الإقتصادية والإجتماعية", فأدرج الصعوبات التي يعاني منها الإقتصاد اللبناني وتقف حائلًا دون تقدمه بأنها تندرج تحت عنوانين أساسيين: ظرفي وبنيوي. الصعوبات الظرفية بمجملها هي استمرار حالة الحرب التي يعيشها لبنان على حدوده الجنوبية مع العدو الإسرائيلي, إضافة إلى ارتباط لبنان بالموضوعات الإقليمية الجارية في المنطقة. أما الصعوبات البنيوية القائمة في هيكلية الإقتصاد اللبناني فصعوبات عميقة الجذور, وهي تمتد إلى بدايات الإستقلال. فمنذ ذلك الوقت وحتى اليوم, لم يعرف لبنان رؤية أو إستراتيجية سليمة مبرمجة. فلم ترسم أي خطة هادفة من قبل القطاعين الخاص والعام.
الجلسة الثانية
وكان عنوان الجلسة الثانية للمؤتمر "آفاق المستقبل" وترأسها الوزير مروان حمادة, وتحدث فيها قاسم زادة عن "آفاق المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط" فلفت إلى ان الإمام الصدر حمل مشعل القضية الفلسطينية أينما حل وعمل على حشد الدعم والتأييد لها. وإستشهد بكتاب للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون, "الفرصة السانحة" الذي يشير في أحد فصوله إلى ثلاثة أسباب تؤيد مساندة الولايات المتحدة المفاوضات على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام وهي:
_ التأثير الباهظ الذي تتركه على ميزانية المعونات الخارجية الأميركية.
_ الصراع العربي - الإسرائيلي الذي يتسبب بتسميم العلاقات الأميركية بالعالم الإسلامي. أما السبب الثالث فهو: أن الصراع العربي – الإسرائيلي قد يؤدي دون أي صراع آخر من – أية نقطة من العالم – إلى دخول الولايات المتحدة في حروب نووية.
كيالي
وتحدث ماجد كيالي (فلسطين) عن "تجربة المجتمع المقاوم في فلسطين" فتطرق إلى الظروف والمعطيات الخاصة التي تميز التجربة الفلسطينية عن غيرها والتي تتمثل بالإختلال الفادح في موازين القوى في الصراع الدائر منذ مطلع هذا القرن بين الفلسطينيين خاصة والعرب عمومًا من جهة وبين كل من المشروع الصهيوني ودولته إسرائيل (في ما بعد) من النواحي العسكرية والمادية والإقتصادية والتكنولوجية, ومن ناحية الإدارة والعلاقات الدولية.
- إرتباط المشروع الصهيوني ودولته إسرائيل بمشاريع السيطرة الإستعمارية والإمبريالية على الوطن العربي وبخاصة على الشرق العربي, وهو ما مكّنه من استثمار الدعم الخارجي المادي والسياسي والإعلامي والتعاطف الدولي.
أبو العلا
وكانت مداخلة للدكتور أبو العلا ماضي أبو العلا تحدث فيها عن آفاق بناء مجتمع عربي – إسلامي مقاوم, ورأى أن بناء مثل هذا المجتمع يتطلب: زيادة الارتباط بالله وزيادة جرعة الإيمان في كل تكوينات المجتمع, وتنمية الإقتصاد الوطني والعربي والإسلامي وتكامله وبناؤه على أساس الإعتماد على الذات, وإشراك الجماهير في اتخاذ القرار وفي انتخاب من يمثلهم كقوة أساسية لبناء مجتمع مقاوم.