"كلمة سواء" يجمع ممثلين للطوائف وباحثين رؤية الإمام موسى الصدر للإنسان

calendar icon 14 كانون الأول 2009

افتتح "مركز الامام موسى الصدر للابحاث والدراسات" مؤتمر "كلمة سواء" الحادي عشر بعنوان "اجتمعنا من اجل الانسان – الانسان في رؤية الامام الصدر"، في قصر الاونيسكو في حضور الوزير علي عبد الله ممثلا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والوزيرة منى عفيش ممثلة رئيس مجلس الوزراء، والرئيس حسين الحسيني، والشيخ عبد الامير قبلان، وشخصيات.
قدم الافتتاح الشاعر حسين نجيب حمادة، وبعد القرآن والنشيد الوطني، كلمة الترحيب كانت للسيدة رباب الصدر، دعت فيها الانسان الى "استلهام النظام الكوني وحركته، والى توخي العدالة في حركته مع ذاته وضمن عائلته ومجتمعه وبيئته". كما استذكرت تعريف الامام الصدر للانسان بأبعاده الاربعة: "كونه شخصا له ارادة حرة، وعضوا في مجتمع، وجزءا من الكون، وهو خليفة الله على الارض".
كلمة الكاردينال البطريرك نصرالله بطرس صفير ألقاها المطران شكرالله الحاج واستهلها متمنيا ان تنجلي قضية الامام الصدر حتى تستقيم الاوضاع، ومعربا عن تقديره الشديد للطائفة الشيعية التي تفتقد بتغييب الامام الصدر مرجعا كبيرا وشخصية وطنية استقطبت باستشرافها المستقبل كل المفكرين والسياسيين والساعين الى حفظ كرامة الانسان، هذا الامام الذي تضاعف وهج قامته مع التغييب بعكس ما توخى الفاعلون".
وتابع بأن في رؤية الامام الصدر "الكثير عن الانسان والانسانية اذ ان فكره انساني، وممارساته عملية صنعت اجيالا من القارئين والمحبين من مختلف الاديان". ثم تناول ابعادا ثلاثة في رؤية الامام الصدر لمحورية الانسان هي: "كرامة الانسان، من خالقه ومن ذاته بصفتها ذاتا حرة واصيلة. وقيام خير الانسان في مجتمعه ضمن قيم الحق والعدالة والمساواة والتضامن. ولبنان الوطن النهائي لجميع ابنائه بحسب فكر الامام الصدر".
كلمة مفتي الجمهورية الشيخ محمد قباني ألقاها الشيخ هشام خليفة وجاء فيها ان عنوان المؤتمر يختزن الكثير من المعاني. "فكرامة الانسان موهوبة له منذ الازل "اني جاعل في الارض خليفة"، وتأكدت هذه الكرامة في كل الشرائع السموية. من هنا كانت رؤية الامام مطابقة لرؤية الاسلام للانسان وهي ترتكز على اسس ثلاث: 1 – الاصل في الانتماء الآدمي واحد، "كلكم لآدم وآدم من تراب". 2 – ولا تمايز بين بني البشر بسبب الاعتبارات الخلقية والتكوينية والجنسية. 3 – والمساواة الكاملة لناحية الحقوق والواجبات”.
كلمة بطريرك الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم ألقاها الاب ابرهيم سعد وجاء فيها ان الامام الصدر "هو مصدر اشراقات صادرة عن قلبه وعقله، مضيئة للانسان بغض النظر عن عقيدته وانتمائه. صرخ صرخة الفقراء، من اراد النجاح عليه ان يهاجر عن ذاته نحو الآخر، يتحسس الحق حيث يلقاه. انطلق من الاسلام، وغدا مفكرا انسانيا وهاجسه دائما الانسان. طالما كانت القيم الانسانية الكبرى تتصل بالمواطنية. عندها يتسع الوطن لكل الناس، اذ لا يبرر قيام بلد الا ان يحمل رسالة، وغاية اي رسالة هي الانسان. من هنا اهمية التحول من امتهان الاخذ الى امتحان العطاء".
وألقى الشيخ غسان الحلبي كلمة شيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن ومما قاله ان الامام الصدر "ليس صوتا او تراثا او حكاية، ليس غيابا او اثرا وليس كلمات ألقيت ذات يوم... هو "ليس حلم ملكوت السموات، بل حقل التحقق الانساني للمستضعفين" بما فيه من كرامة وحرية وعدالة. كان الامام شديد الافصاح في حديثه عن الانسان وانسانيته، والنسيج الاساس لمشروعه وحركته هو الانسان. وهذا واضح في كل حاله وحركته وفكره وهي حالة لم يحاصرها ولع سلطة ولم يضعفها وله بمجد باطل، ولم يفتنها حب الانا، بل هو مثل الغيث مادة لكل الفصول".
ومثّل بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام الاب غابي هاشم الذي استهل كلمته بتأكيد ان "تعاليم المسيحية تقول بأن الانسان هو موضوع حب الله". "خرج الانسان من قلب الله والى هذا القلب يعود". وتابع بعدما استذكر مقاطع من خطبة الامام الصدر في كنيسة الكبوشيين قائلا بأن الامام الصدر "فقه سر الله والاديان والانسان على افضل وجه".
وخاطب قائلا: “سيدي ابا صدري، جئناك لنسلم عليك، ونقرأك من خلال مقالاتك وخطاباتك وتوجهاتك. اخي! فقدناك في احلك الظروف، ولكنك ستبقى في حنايانا، في قلوبنا، في فكرنا، في حياتنا.
تغيرت البلاد ومن عليها بغيابك. ولكنك يا اخي حاضر موجود مستمر. نذكرك في الحفلات في البيوت وفي الندوات. ولا يذكر انسان الا بتاريخه المضيء. وانت مضيء ونير. لذلك نقول لك، يا من نحب ونحترم ونقدر، كنت واضحا في سلوكك، محبا للناس، قريبا منهم. شاهدناك في صور، تنتقل لتدخل السرور الى قلوب الجميع. نظرت الى الانسان من خلال انسانيته وليس عبادته. نقول لك: تغيرت البلاد. الجميع يطالبون بالمعتقلين والمغيبين، مجلس الامن تعطل. هيئة الامم لا تسمع بالمظلومين. نحن معك في حلك وترحالك، في وجودك وغيابك".
كما بثت مقتطفات من خطبة الصدر في كنيسة الكبوشيين في 18 شباط 1975، وخصوصا الفقرات المتعلقة بكرامة الانسان وما انزل الله من اديان في سبيله.
بعد الجلسة الافتتاحية، جلستان استندتا الى مفردات المشروع الذي اطلقه الصدر، قولا وممارسة. وتناولت مداخلات الحاضرين الابعاد المختلفة لازمة الانسان المعاصر في محاولاته صياغة الحلول المناسبة للارتقاء بنوعية حياة الانسان ولحفظ حقوقه في الوجود والاطمئنان، وحقوقه في صيانة هويته وكرامته، سيما ان احساس الانسان بالكرامة هو المنطلق لعملية النهوض والبناء.
وترأس الجلسة الاولى الشيخ سامي ابو المنى، وقال ان الانسان "لا ينفصل عن المجتمع والوطن. حركة الـ70 توجهت الى كل اللبنانيين، وكان لديها رؤية متقدمة للوطن والانسان. وليس صدفة غياب الامام الصدر بعد مقتل كمال جنبلاط كأنما بذلك تم افساح المجال للتطرف والطائفية. فالطائفية غير التدين، اذ التدين هو الانفتاح على الاديان الاخرى".
واعتبر ان اللقاء "هو لتكريم اولئك القادة المعتدلين". ثم انتقل الى موضوع الجلسة واستذكر مقتطفات من كلام الامام الصدر ومنها ان الانسان محور الوجود وسره(...) الانسان مخير في اعماله، مسير في كونه جزءا في نظام الكون. والدين يرفع الانسان من مستوى العلم الى مستوى الحكمة، لهذا كان الدين والانسان في تناغم وتحقق مستمرين".
وعرضت الدكتورة سعاد الحكيم، موقع الانسان ومسؤولياته تبعا لما رآه الامام الصدر وعمل به. فوجدت ان "مسؤولية الانسان الاخلاقية والدينية مبنية عند الامام الصدر على فكرة الخلافة ويترتب على ذلك نتائج اهمها استقلال الانسان وحرية التصرف والمحاسبة في الثواب والعقاب”.
وبعنوان "لبنان والانسان في رؤية سماحة موسى الصدر"، تحدث رشاد بولس سلامة، فرأى "انه خير من ان يكتب المرء في الامام موسى الصدر ان يقرأ ما كتبه الامام، اذ ان احدا لا يستطيع ان يرقى الى المستوى الذي بلغه بخاصة موضوع الانسان او "قضية الانسان"، او "الانسان القضية".
وفي الجلسة الثانية التي ادارها لؤي شرف الدين نيابة عن الاب الدكتور جورج مسوح، تحدث الدكتور محمد منير سعد الدين عن "انسانية الطفولة والشباب في الفكر التربوي للامام الصدر"، وقال ان الامام "ينزع للتغيير والاجتهاد، فكان في حالة كفاح مستمر ضد الجهل والفقر والمرض والمحتل الغاصب، وجعل الناس الذين كانوا خارج وعي حقوقهم يتكلمون".
وعن "المسؤولية الاجتماعية في فكر الامام الصدر"، تحدث الدكتور طلال عتريسي، مستهلا بتعدد المدارس الفلسفية عن المسؤولية الاجتماعية، ومبينا ما تميز به الامام الصدر لجهة تفسيره المسؤولية الاجتماعية تبعا للواقع الذي يعيشه المسلمون في لبنان. فقد رأى الامام تلك المسؤولية من خلال: الخلفية الدينية والاخلاقية، وشمولية المنظور (الابعاد الروحية والجسدية ومسؤولية الانسان تجاه ذاته والآخرين)؛ ثم الربط بين المسؤولية الاجتماعية والعمل على بناء المجتمع؛ واخيرا عدم التمييز بين المرأة والرجل في تحمل المسؤولية الاجتماعية".

source