مثله المطران شكرالله الحاج
صاحب المعالي ممثل فخامة رئيس الجمهورية،
دولة الرئيس بري،
صاحبة المعالي ممثلة دولة رئيس مجلس الوزراء،
صاحب السماحة وممثلي أصحاب الغبطة والسماحة والسيادة،
أصحاب الدولة والمعالي والسعادة،
السيدة الكبيرة،
الوجوه الكريمة،
السيدات والسادة،
شرفني صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الكلي الطوبى بإلقاء كلمته في هذه المناسبة المميزة وكلفني أن انقل إلى السيدة الكبيرة رباب الصدر وإلى جميع أعضاء العائلة المعطاء عميق مشاعره وخالص مودته، سائلًا الله أن تنجلي قضية الإمام المغيب في الآتي القريب، فتهدأ الخواطر وتُعتلن الحقيقة وتستقيم الأوضاع. ويهم صاحب الغبطة أيضًا أن يحيي الحاضرين فردًا فردًا وعلى رأسهم دولة الرئيس وممثلي الرؤساء خاصًا بالذكر سماحة الشيخ قبلان معربًا من خلال شخصه الكريم المحب والمحبوب عن احترامه الكبير وتقديره الخالص للطائفة الشيعية الكريمة التي تفتقد بتغييب الإمام الصدر مرجعًا كبيرًا من علمائها الدينيين وشخصية وطنية فذة، استقطبت بفكرها النير وباستشرافها المستقبل كافة المفكرين والسياسيين والعاملين على كرامة الإنسان وإعلاء شأنه!
السيدات والسادة،
أيها الأعزاء،
شئتم لمؤتمركم هذه السنه عنوانًا جذابًا وشيقًا: الإنسان في رؤية الإمام الصدر". وفي رؤية الإمام هذه الكثير الكثير عن الإنسان والإنسانية، فهذا الوجه البهي طبع بفكره الإنساني الواسع وبممارسته العملية المتصالحة مع قناعاته، أجيالًا ممن عرفوه وسمعوه وقرأوه من مختلف العائلات الروحية في لبنان والعالمين العربي والإسلامي. والمفارقه الكبرى تكمن في أن وهج هذه القامه الكبيرة من بلادنا تضاعف بفعل تغييبه المستَنكر الأثيم فيما كان الظالمون يمنون النفس بخطف هذا الوهج وخنق الصوت المدوي.
لا نطمع يا سادة، في مثل هذه العجالة إلى أكثر من رسم بعض الإشارات واللمع إسهامًا في استكشاف أبعاد هذه الشخصية المرجعية المكتنزة بالمعاني وقد اخترت التوقف على أبعاد ثلاثة: كرامة الإنسان، الإنسان في المجتمع والإنسان في لبنان.
1- كرامة الشخص البشري من خالقه ومن ذاته:
يعيد فكر الإمام الصدر إلى الإنسان، على اختلاف انتماءاته، صورة ذاته الأصيلة: أنت ذات حرة أصيلة، صاحب إرادة مستقلة، لا تُستلب، لا تُرتهن، لا تُصادر! شاءك ربك على رأس خلقه المنظور، فلا يستهينن أحد بذاتك وبحقك في التقدير والاحترام. على هذا الإيمان الأصيل يقوم الدين، وهو من أصل الإنسان. وليس الإنسان من أجل الطائفة والدين، فالدين هو بالعمق ثورة إنسانية، ثورة على الظلم والاستعباد واضطهاد الإنسان. أما فعل الإيمان فهو يحرر الإنسان ويطلق طاقاته الروحية ولا يتركه رهين المادة!
2- خير الإنسان في مجتمع يقوم على قيم الحق والعدالة والمساواة والتضامن!
لا يستطيع الإنسان أن يعيش في الوحشة والإنعزال، فهو لا يكون إنسانًا إلا مع الآخرين، ومن أجل الآخرين. فالذات الحرة الواعية مرتبطة ارتباطًا مصيريًا مشتركًا بأخوة لها في الدين أو بنظراء لها في الخلق، ولها حقوق وعليها واجبات. يحكم علاقاتها بالآخرين الحق والعدل والمساواة. وكان الإمام يسأل: كيف يكون مجتمعنا مجتمعًا إنسانيًا سليمًا وحزام الحرمان يلف بطر بعض الأحياء البيروتية الغنية؟ كيف تكون الدولة دولة الحق والقانون، ويكثر فيها المحرومون والمهمشون والمظلومون، وتقوى التفرقة البغيضة بين الرجل والمرأة، وبين الطبقات الاجتماعية؟! وكيف يمكن احترام الإنسان في إنسانيته العميقة في غياب الإنماء المتوازن؟
لقد رصد سماحة الإمام واقع لبنان بعد قراءته تقارير بعثة إرفد، وأسهم في الحركة الاجتماعية وفي مشاريع عديدة لخير المحتاج واستشعرالتصدعات المنذرة بالإنهيار الواسع في النسيج الاجتماعي والوطني والذي سرعان ما حل بالوطن الصغير!
3-الإنسان اللبناني بحاجة إلى وطن نهائي:
فكر الإمام الصدر متجذر في الاختيار اللبناني، الغني بطابعه المركب: كان الإمام يردد بأنه بقدر ما تترسخ قيم الحق والعدل والمساواة وكرامة الإنسان البشري، والنمو المتوازن، يأمن الوطن شر الخلل والتصدع، ويصمد في وجه مشاريع التفتيت والتفكك.
صلى الإمام الصدر وصام واعتصم من أجل الحفاظ على لبنان المتنوع بعائلاته الروحية وقناعاته الديمقراطية. آمن بالحوار والتواصل والإقناع سبلًا إلى حل المشاكل والنزاعات؛ ونسج علاقات أخوية مع المسؤولين الروحيين والمدنيين في سبيل خدمة الإنسان وخيره. وكان يطمح بأن يكون لبنان الواحد في تنوعه، نموذجًا حضاريًا لحل القضية الفلسطينية، ولتفعيل الحرية والديمقراطية في المجتمعات العربية.
سماحة الإمام هو أول من قال أن لبنان هو وطن نهائي لجميع أبنائه، وقد وضعت هذه العبارة في مقدمة الدستور، ولكنه كان يرفض أن يكون لبنان ملهىً أو ملعبًا أو دربًا؛ بل يريده دولة رصينة، مهيبة، ذات وقع في المنطقة. بالإضافة إلى أن يكون منيعًا في كل شيء، في السياسة والإقتصاد والتعليم... ولأنه كان يطمح بوطن قوي ومعافى ومرفوع الشأن ومقاوم، كانت حركة أمل؛ ولأنه أراد أن يتبع اللبنانيين. أراد أن يطور الزراعة والصناعة الإنتاجية والسياحة... ومؤسسات الإمام الصدر، ومنها مركزكم الكريم، مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات ما هو إلا حلم صغير من أحلامه الكبيرة عملت الشقيقة "الست رباب" على تحقيقه حبًا بالأخ الغائب، وخدمة للإنسان، كل إنسان في هذا الوطن!
السيدات والسادة،
هذا غيض من فيض الكنز المكنون، في إمام لبنان الراسخ في تراب وطنه، رسوخ الأرز والسنديان! أليس لأنه كان هذا الرمز، وهذا الإيمان، وهذا الوجه، وهذا الحضور، حاول الحاقدون تغييبه؟!
والسلام.