كلمة مفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الشيخ محمد رشيد قباني في مؤتمر "كلمة سواء"11 تحت عنوان "اجتمعنا من اجل الانسان" الإنسان في رؤية الإمام الصدر

calendar icon 12 كانون الأول 2009 الكاتب:محمد رشيد قباني



مثله فضيلة الشيخ هشام خليفة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق الإنسان من ماء وطين ثم كرّمه فجعله في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين.
أما بعد،
أيها السادة الحضور الكرام، أيتها السيدات الفاضلات،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إنها مقولة كبيرة تلك التي اجتمعنا تحت ظلالها اليوم، فهي عظيمة بعظمة هذا الإنسان، كريمة بكرامته، فكرامة الإنسان وإنسانيته موهوبة له من الأزل في مشيئة الله تعالى التي أعلنها للملائكة في قوله تعالى: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾ فجعل الخلافة ومستلزماتها من عقل وعلم ومعرفة وحكم من أهم مقامات الإكرام والتكريم.
ولقد ظهرت هذه المشيئة الإلهية وتأكدت هذه الحقيقة في كافة الشرائع الإلهية، فالإنسان مكرم في شريعة سيدنا موسى عليه السلام، وهو مكرم ومحبوب في شريعة سيدنا عيسى عليه السلام، وهو مكرم ومحبوب ومصان في شريعة سيدنا محمد عليه وعليهم جميعًا الصلاة والسلام.
ومن هنا كانت رؤية الإمام موسى الصدر للإنسان هي ذاتها رؤية الإسلام للإنسان، رؤية مبنية على أسس ثلاث تشترك فيها كافة الأنواع الإنسانية وجميع أعضاء الجنس البشري.
أما الأساس الأول:
فهو أن الأصل في النشأة الإنسانية والانتماء الآدمي واحد، قال رسولنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: "كلكم لآدم وآدم من تراب".
والأساس الثاني:
أنه لا تمايز بين البشر ولا تفاضل بسبب الاعتبارات الخلقية والتكوينية والجنسية، قال رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:" لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى".
أما الأساس الثالث:
فهو المساواة الكاملة المتوازية الأطراف لناحية الحقوق والواجبات أمام التكاليف والتعليمات أو أمام النظم والمسؤوليات. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: "الناس سواسية كأسنان المشط"... الناس.
أيها الحضور الكرام،
إن مفاهيم رؤية الإمام الصدر لا شك هي مستقاة من أصل وجوهر الرؤية الإسلامية للإنسان، هي في ضرورة أن نجتمع من أجل الإنسان... أي من أجل حقوقه الإنسانية وكرامته البشرية وصيانة هذه الحقوق وحفظ هذه الكرامة، وهذا يا سادتي لا يتأتى ولا يكون إلا بحفظ الثوابت الخمسة التي من أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الشرائع وخاصة الشريعة الإسلامية التي عملت على حفظ هذه الأسس الخمسة والثوابت الخمسة وصانتها، وهذه الثوابت باختصار هي:
1- حفظ العقل، ولذلك حرمت الشريعة الإسلامية كل ما يُذهب العقل، وحرمت الاعتداء عليه.
2- حفظ النفس، ولذلك حرمت الشريعة الإسلامية كل أنواع القتل والانتحار والإجهاض، وحرمت الاعتداء عليها.
3- حفظ المال والملكية، ولذلك حرمت الشريعة الإسلامية السرقة والربا وأكل مال الغير بوجه حق شرعي وقانوني وحرمت الاعتداء عليه.
4- حفظ النسب، ولذلك شرعت الزواج وحرمت الزنا واللواط، وكل ما يوصل إليهما.
5- وأخيرًا، حفظ الفكر والعقيدة، لذلك أمرت بالتدّين والإيمان ، وحرّمت الإكراه الفكري والعقائدي.
أيها السادة الكرام،
لذلك ونحن نجتمع اليوم من أجل الإنسان، ولنبرز فكر ورؤية الإمام موسى الصّدر علينا أن نتمسك بهذه الثوابت وأن نعمل على تعميمها ونشرها في مجتمعاتنا عبر المراكز مراكز الأبحاث كهذا المركز الذي نجتمع في ظلاله، عبر وسائل الإعلام، عبر الفكر السياسي والاجتماعي بكل أنواعه وتنوعه وأن نجعلها كما أرادها الإمام الصدر، محور جمع واستقطاب نلتقي عليها جميعًا، فإنها قواسم مشتركة جامعة تعني كل الإنسانية، وفيها ما يكفينا ويغنينا عن التناحر والتصادم الفكري أو العصبي أو المذهبي أو الطائفي... والذي لم يكن يومًا أبدًا لصالح الإنسان ولا من أجله.
وأخيراً... أحييكم باسم صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الدكتور الشيخ محمد رشيد قباني متمنيًا للقائكم هذا التوفيق والنجاح، ولسماحة الإمام السيد موسى الصدر ولرفيقيه العودة سالمين آمنين إلى وطنهم وأهليهم وأحبابهم، لنعمل معه جميعًا من أجل الإنسانية والإنسان ومن أجل وطننا الحبيب لبنان.
شكرًا.
والسلام عيلكم ورحمة الله وبركاته.

source