* مقابلة تلفزيونية مع الإمام الصدر في بيروت 1969 بمناسبة تأسيس مؤسسة جبل عامل، تسجيل مرئي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات.
مع صاحب السماحة الإمام السيد موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، له مآثر لا تُحصى في مجتمعنا، وبالأخص بالنسبة لمنطقة الجنوب؛ فهو فضلًا عن أنه تتمثل فيه كل معاني المحبة والإنسانية، لا يتوانى عن بذل قصارى جهده في سبيل نشر العلم بين الكثيرين من أبنائنا، ولذلك فقد وقف وراء تأسيس صرح كبير في إحدى ضواحي مدينة صور أُطلق عليه اسم مؤسسة جبل عامل المهنية، ويسرنا أن نستقبل هذه الليلة حضرة صاحب السماحة الإمام السيد موسى الصدر ليحدثنا عن هذه المؤسسة الوطنية التي توقفنا عندها ونحن نلقي الأضواء على مدينة صور.
*هل لسماحتكم أن تحدثونا عن الغاية من إنشاء هذه المؤسسة؟
- في الحقيقة أن هذه المؤسسة هي مرحلة من محاولاتنا التي كانت تنطلق من جمعية البر والإحسان في صور لأجل خدمة المتعبين والمعذبين والمحرومين. في الخطوة الأولى كافحنا التسول يعني منعنا الناس من دفع الصدقات الفردية، وبالتالي انقطع التسول ونحن حاولنا أن نعوّض على المتسولين (في بيوتهم) ما كانوا يأخذونه خلال شهر بمبلغ من المال؛ وفي نفس الوقت نأخذ أولادهم للمدارس ونؤمن لهم بعض إمكانات الحياة، وسرعان ما انتهى التسول في صور. ولكن، مكافحة التسول وحدها لا تكفي، لأن هناك أسبابًا للفقر وللتسول، كنا نقول أسباب التسول والفقر: إما كثرة الأولاد، وإما قلة الخبرة، وإما العجز الجسدي، وإما الكسل.
أما الكسول فيجب أن يُحارب ويتأدب، أما من له أولاد كثيرون فنحن بحاجة إلى تأسيس ميتم، ومن عنده نقص في الجسد يجب أن نؤمن له مؤسسة للعجزة، ومن عنده قلة خبرة يجب أن يتعرف ويتعلم المهن في المدارس المهنية. على هذا الأساس أُسست هذه المؤسسة التي نرجو أن تكون خطوة كبيرة في سبيل خدمة الفقراء في المنطقة.
*ما هي المواد التي تُعطى للتلامذة، وما هي شروط الانتساب لهذه المؤسسة؟
- الحقيقة أن مؤسسة جبل عامل مقسمة إلى عدة فروع، يوجد ميتم يعني مدرسة خاصة بتعليم الطلاب الفقراء والأيتام؛ ويوجد مدرسة مهنية يدخل فيها الطالب وهو يحمل شهادة السرتفيكا ويتخرج وهو عامل فنيّ ويحمل شهادة بريفيه مهنية، في هذا الفرع يتعلم الطالب أحد الفروع الستة: الكهرباء، النجارة الخفيفة يعني ما يساعده على صناعة الديكور، الميكانيك الزراعي الصناعات اليدوية المتنوعة، وصناعة السجاد العجمي، وصناعة الفرش بصورة عامة. ثم أيضًا بعض فروع أخرى من الصناعة، وأقصد بها صناعة الأغذية يعني تجفيف الأغذية وتطوير الأغذية وعصير وأمثال ذلك مما يفيد المنطقة، هذا فرع ثانٍ. الفرع الثالث: معهد الدراسات الإسلامية. فرع رابع ما نسميه ببيت الفتاة، خاص بتعليم البنات والفتيات الصناعات المنزلية كالخياطة والتطريز والطبخ وأمثال ذلك وهو بالفعل قسم ناجح من أقسام المؤسسة. وقسم آخر مدرسة لمساعدات ممرضات، مجموعة هذه المواد موجودة في المؤسسة.
*هل من مساعدات تتلقاها المؤسسة من جهات ما؟
- في أصل التأسيس ساهمت مصلحة الإنعاش بـ 290 ألف ليرة، والمهاجرون اللبنانيون وبعض اللبنانيين في لبنان، ساعدوا بالباقي الذي بلغت نفقات التأسيس وإدارتها في السنة الأولى حوالي مليون ومئتين ألف ليرة كلهم من الناس وما تلقينا أي مساعدة أخرى. إنما في هذه السنة، الحكومة الفرنسية إلتزمت بمساهمة بمساعدة المؤسسة بالمكائن والأدوات الفنية بمعدل سنة بـ 100 ألف فرنك إلى 200 ألف فرنك، وبالفعل حصة هذه السنة وصلت تمامًا، القسم الأخير اليوم بالذات، وبهذه المناسبة أحب أن أوجه شكرًا للحكومة الفرنسية لتقديم هذه المساعدات.
*ما هي أهمية المؤسسة بالنسبة للجنوبيين بصورة عامة؟
- في طبيعة الحال تعليم الأولاد وإعطاء الخبرة الفنية للطالب وللعامل، وإعطاء الخبرة الفنية للفتاة، إنعاش حقيقي لحياة الجنوبيين، أو في الحقيقة إعادة الاعتبار للإنسان الجنوبي، أو إمكانية الانطلاق في حياة الجنوبي. وكل ما عندي من الإمكانات الجنوبية تُصرف في سبيل خدمة الجنوب. ولا شك عندي أن أسعى بكل جهدي في سبيل إنعاش هذه المؤسسة. وحسب بعض الإحصاءات التي حضرناها على أساس إحصاءات بعثة "إرفد"، نحن نعتقد أن هذه المؤسسة إذا بلغت القمة، يعني 400 طالب أخذت واشتغلت 12 سنة يعني خرّجت 12 دورة، بإمكاننا أن نعالج مشكلة الفقر في منطقتي صور وبنت جبيل.
*نحن لا يسعنا سماحة الإمام إلا أن نشكركم على هذا اللقاء ونرجو للمؤسسة الازدهار كل الازدهار والنجاح في عهدكم وشكرًا جزيلًا.
- وأنا شاكر هذا الاهتمام بهذه المؤسسات العمرانية الإنسانية التي هي حقيقة أعمدة عمران البلاد، وكنا نتمنى دائمًا أن البحث عن هذه المؤسسات يتقدم على البحث على سائر الأمور، وشكرًا لكم.